منظور فراي ستارلايت
...
نيران التهمت كل شيء بطريقها بما في ذلك غافيد ليندمان و غفارديول ايضا
ضربة V النارية إجتاحت مساحة شاسعة جدا من ساحة المعركة ، و كل ذلك لكي يضمن الا إتفادها
هجومه أضر بحلفائه ايضا ، لكن غافيد ليندمان إمتلك هيأة الشبح التي جعلت جسده يصبح غير مادي تماما ، اما غفارديول فجسده قد تحمل تلك النار ببساطة
كلاهما لم يتأثر من الهجوم على عكسي أنا الذي إحترقت بشكل كامل من النار السوداء المرعبة
إحترقت لدرجة أن معظم جسدي قد تفحم جراء الهجوم ، ما جعل رائحة الجلد و اللحم المحروق تملؤ انفي
منظري الحال قد كان مرعبا حقا ، و هذا ما إستنتجته عندما لاحظت إنعكاس وجهي بسيفي .. فقد احترقت بشكل كامل
لكن و على الرغم من انني تحولت لقطعة فحم متنقلة ، إلا أنني إستمررت بالقتال
متفاديا هجماتهما ، و معيدا الضرر إليهما بكل مرة
ثلاثتنا قد تحركوا بسرعة هائلة لا يمكن متابعتها بالعين ، و صوت صدام السيوف كان كل ما سمع داخل ساحة المعركة
زوبعة من السيوف ، جحيم معدني ناري إبتلع كل شيء من حوله
"لا يزال قادرا على القتال بهذه الطريقة رغم كل الضرر الذي تعرض له ؟!"
متفاجئا من صمودي العجيب ، لم يفهم غافيد ليندمان
كيف كنت قادرا على الرد حتى بوضعي ذاك
"آسف ، لكن الالم لا يعني الكثير لي"
مواصلا القتال ضدهما بينما تحملت نيران V المستعرة
كانت حواسي المعززة قد رصدت معظم ما كان يحدث بالحرب من حولي
إدراكي توسع بشكل كامل ليشمل كل شيء .. بما في ذلك الوضع الصعب الذي وقف به جانب الإمبراطورية المتمركزين من خلفي
بعدما تعرضوا لضرر هائل من مخلوقات الكابوس ، سارعت سفن الالتراس للهجوم على الفور ، محاصرة اياهم من كل كل جانب
هم تجنبوا عن عمد المنطقة التي قاتلت بها غفارديول و الاخرين ، مركزين قوتهم على الاسطول الخاص بالامبراطورية
افترض أن هذه هذه كانت أوامر غافيد ليندمان التي مررها بوقت ما عندما كنت مشغولاً بقتال غفارديول سابقا
لابد وأن هذه كانت خطتهم.. أول إستنزاف اسطول الإمبراطورية بواسطة مخلوقات الكابوس و تدمير معظم سفنهم ، ثم الفضاء على ما يتبقى بهجوم واحد كاسح بواسطة اسطول الالتراس الرئيسي
لقد حزروا بالفعل أن الإمبراطورية لن ترسل قوتها الكاملة و ستكتفي بطلعة اقل عددا بالبداية ، لذلك ارسلوا 35 الف رجل ، و هو عدد هائل مقارنة بما إمتلكناه
أما أنا ، فرغم أنني شكلت بعض الخطر ، إلا إنهم إجزموا أنني لن أستطيع الخروج حيا من معركة حتى الموت ضد ثلاثتهم
و ما كان يحدث الان لهو خير دليل ، فقد تحولت لمجرد
قطعة لحم محروق ، مصابا بعشرات الاصابات المرعبة
غافيد ليندمان و غفارديول ابرحاني ضربا ، بينما حرقني V بكل مرة منسقا معهم
و على الرغم من مقاومتي حتى النهاية ، إلا أن معالم المعركة قد اتضحت اخيرا
هذا ما عناه القتال ضد 3 محاربين جميعهم تجاوزت قوتهم الفئة SS+
حتى لو إستطعت ابراز قوة من الفئة SS+ بنفسي ، فلا يزال من الصعب الصمود امام 3 ضد 1
'سيسقط قريبا'
هذا ما فكر به غافيد ليندمان على الارجح
أمر صمودي لحد الان كان معجزة بحد ذاتها من الأساس
"في النهاية ، أنتهى الامر بشكل ممل .. يبدو أن هذا كل ما لديك لتقدمه "
قال غفارديول ، بعدما بدأ يفقد الاهتمام بي
لقد ظن أنه سيقاتل نوعا ما من الوحوش الهائلة ، لكنه تفاجأ أن خصمه قد سقط اسرع مما كان يظن
ما حدث جعله يدرك أنه تسرع كثيرا عندما اخرجه احد اوراقه الرابحة لأجل التعامل مع مجرد شاب واحد
المعركة قد انتهت بالفعل
أبراهام ستارلايت قد كان حالة خاصة ، و لم يكن من المناسب مقارنة إبنه فراي به
المعجزات تظهر مرة واحدة فقط ، و قد إستنفذت عائلة ستارلايت كل معجزاتها
لقد تعرض فراي ستارلايت للهزيمة بشكل كامل
الشاب الذي جعل إسمه الرعب يتملك قلوب الالتراس بمجرد ذكره قد كان على وشك السقوط
"موتك سيكون بمثابة النهاية للإمبراطورية و كل ما فيها "
بينما مزق كلاهما جسده .. واصل غافيد و غفارديول نفث سمومهما بداخل اذن فراي
"لو كان ابراهام ستارلايت ، لكان تعامل مع وضع كهذا بسهولة ، لكن الإبن لم يشابه أباه "
منذ البداية ، كانت مقارنته مع نجم عائلة ستارلايت مبالغة
الموت الأسود ؟ مجرد لقب تافه حصل عليه لمجرد قتله حفنة من الضعفاء
فراي ستارلايت بنى سمعته على كذبة ، و تلك الكذبة كانت على وشك الانهيار اخيرا
بعدما حرقت النيران حتى اختفت ملامحه ، اصبح اللورد ستارلايت بحالة مثيرة للشفقة أكثر من أي وقت مضى
'حان وقت انهاء الامر'
مجهزا سيفه مرة اخرى ، إستعد V المقنع لشن هجوم اخير مراقبا فراي ستارلايت من بعيد
هذا الأخير بدا بحالة مزرية ، هذا كان واضحا
لكن لسبب ما ، V لم يستطع منع نفسه من التحديق
بتلك الاعين الخاصة به
الخاصة باللورد ستارلايت
أعينه التي أضاءت بضوء بنفسجي كانت الشيء الساطع الوحيد بجسده المتفحم ذاك
أعين عميقة ، هادئة ، و متزنة
أعين جعلت V يتساءل .. مالذي كان فراي ستارلايت يراه بالضبط ؟
هل كان معهم بالمقام الاول ؟
لقد صمد بشكل جيد و لوقت اطول مما كان متوقعا ، لكن هذا كل شيء
في النهاية هو سقط مثلما فعل غيره
لكن V لم يستطع التخلص من ذلك الشعور مهما حاول
شعور غريب بعدم الارتياح
و كأن شيئا ما خاطئا قد حدث بدون وعي منهم
تزامنا مع افكار V المشؤومة
فراي المتفحم قد زم شفتيه ، مشكلا ابتسامة مثيرة للشفقة مرة اخيرة بينما فتح فمه متحدثا بصعوبة
"أبراهام ستارلايت هو ابراهام ستارلايت ، أما أنا ، فأنا هو فراي ستارلايت ببساطة
لست نسخة من والدي ، ولا المجيء الثاني له .. أنا هو أنا .. هذا كل شيء "
قال فراي كلماته ، قبل ان ينتقل آنيا بشكل سحري من بين كل من غافيد ليندمان و غفارديول
الانتقال الاني قد كان سلسا و سريعا جدا لدرجة أنه لم يكن هنالك من طريقة لرصده في المقام الأول
محدقا به ، تجهّم وجه غافيد ليندمان و هو يستكشف المزيد من قدرات خصمه
'قدرات الفضاء الخاصة به بنفس مستوى ميرغو .'
إنتقال آني متقن كذلك لم يكن ليكتسب بسهولة
لكن فراي نفذه و كأنه لا شيء
رافعا سيوفه تجاههم
اجتاحت شعلة بنفسجية جسد فراي ، مجددة اياه بسرعة مرعبة ، ليظهر وجه اللورد ستارلايت بشكل نظيف لهم مرة أخرى
"أعتذر منكم أيها السادة ، فقد اخذ مني الامر بعض الوقت للاتيان بخطة مناسبة "
مطلقا العنان لتلك الاورا المشؤومة مرة أخرى ، هز فراي كل شيء من حوله مرة أخرى
"خطة للتعامل معكم ، رفقة ذلك الاسطول الماثل خلفكم "
الضغط الذي اخرجه فراي حاليا يمكن القول انه اقصى ما لديه
منذ إتقانه للمرحلة الثالثة من تأقلم الظلال ، أصبح قادرا على إستعمال هالته بحرية
نتيجة لذلك ، أصبحت ضرباته اشد فتكا بكثير
لكن ما إستعد فراي لإطلاقه الان قد كان على مستوى مختلف تماما
مستوى مرعب جعل الرعب يدب داخل قلوب اعدائه ، و هذا ما دفعهم لمهاجمته على الفور
لكن الاوان كان قد فات
واقفا بتلك النقطة بالذات عن عمد ، إستهدف فراي خصومه بهجومه القادم .. رفقة كل ما تواجد خلفهم
'لأكون صادقا ، كان بإمكاني مواصلة القتال بطرق افضل بكثير'
كان هنالك المزيد مما كان مستعدا لتقديمه ، لكن فراي اخذ بعض الوقت محاولا الاتيان بالخطة الافضل
مدركا لوضع حلفائه الحالي ، هو لم يملك الرفاهية لاطالة القتال لما هو أكثر من ذلك
كما انه اراد أن يعرف بالضبط ، كم تبلغ قوته الحالية مقارنة بأشد اعدائه
من داخل فراي ، إنفجرت اورا الظلام المدموجة بالظل بشكل مستمر ، مندمجتين معا مكونين قوة غريبة مشؤومة اتخذت حلة سوداء
تلك القوة التفتت بشدة حول سيوف فراي مثل افاعي غاضبة ارادت الهجوم على الفور
الضغط الذي سلطته تلك القوة قد كان بدون ادنى شك
في الفئة SSS
'لقد جاءتني الفكرة لأول مرة بشهر تدريبي الخامس'
بينما توهج جسده أكثر و أكثر ، مغرقا العالم بالظلمات يتذكر فراي ايامه بارض الكابوس الشرقية
'لطالما كان الإشتعال هو هجومي الاقوى ، لكنه لم يكن اسلوبا فعالا ، بل مجرد انفجار كبير المدى يدمر كل ما حوله بدون تمييز '
الإشتعال كان هائلا ، لكنه كان يصلح للمواجهات التي يجد فيها فراي نفسه ضد عدد كبير من الاعداء الاقل قوة ، و ليس المواجهات الفردية
لذلك سخر فراي معظم وقته ، من أجل الاتيان بهذه الهجمة
'إنها تملك نفس فكرة الإشتعال '
هجمة تسخر كل قوته داخل هجوم واحد
لكن بدل تفجيرها بشكل عشوائي ، هي تضعها داخل سيوفه
مجرد تلويحة واحدة بالسيف
قطع واحد فقط بدا تافها للحظة ، لكن الفراغ نفسه قد مزق أمام ذلك الهجوم التافه
في الماضي
فراي ستارلايت قضى اشهرا طويلة يلوح بالسيف فقط
لوح به مرارا و تكرارا ، الى أن تشققت ذراعه ، و نزفت اصابعه و ماتت تماما بعدما تدمرت كل خلايا يده جراء الممارسة الجنونية
لكن فراي كان يجددها فحسب مكرارا العملية
مرارا و تكرارا ، دمر نفسه ، ثم اعاد بناءها أقوى بكل
مرة
تدريب جنوني لم يكن ليتحمله عاقل .. لكن فراي فعل
ثم عندما انتهت شهور تدريبه الثمان
فراي كان قد تحول لشيء آخر تماما بالفعل
فسيفه قطع الجبال ، و عصف بالغابات
مزق السماء ، و فرق السحاب
كل ذلك لمجرد تلويحة واحدة لم تستعمل اورا حتى
تلويحة مثالية
الان .. فراي كان على وشك صب اورا من الفئة SSS داخل تلك التلويحة الواحدة
و النتيجة كانت مدمرة
"كارثة"
كارثة طبيعية جعلت الأرض تصرخ رعبا مما كانت على وشك أن تشهده
تلك التلويحة الواحدة كانت جيدة بما فيه الكفاية ، لتصبح هي المرحلة الاخيرة التي اضافها فراي بنفسه
"10 آلاف خطوة من الظل : اسلوب فراي ستارلايت: حكم عديم الإسم "
"(Nameless judgment)"
...
كانت هجمة عديمة الاسم حقا
هجمة وضعت اسم فراي ستارلايت بسجلات التاريخ
تلك التلويحة الواحدة ، كانت بمثابة النهاية للكثيرين
القطع المظلم الهائل الذي ارسله فراي قد دمر كل شيء امامه
الضربة إبتلعت على الفور غفارديول و غافيد رفقة V
بينما شقت البحر نصفين ، واصل القطع المظلم طريقه مدمرا اسطول الالتراس الذي هاجم قوات الإمبراطورية
ما رآه جنود الالتراس بلحظاتهم الاخيرة ، لم يكن سوى ظلام اسود حالك ، ظلام ارسلهم إلى قبورهم على الفور منهيا حياتهم
مستوى الضرر قد بلغ مقاييس كارثية
الحكم عديم الإسم لم يرحم أحدا ، و هدد بالاستمرار بتدمير كل ما تواجد امامه الى المالانهاية
لكن و بشكل سحري
تلك الكارثة المظلمة قد تبددت تماما بمجرد اقترابها من قوات الإمبراطورية ، ما أظهر تحكم فراي الكامل بقواه الجديدة
كل ذلك قد حدث ببضع ثواني
بضع ثواني اعادت تعريف معنى كلمة القوة الجبارة للكثيرين ، و غيرت من خريطة العالم بعدما تم شق بحر شيزكلار لنصفين
من بين 35 الف رجل للالتراس ، فقد الاف حياتهم لمجرد تعرضهم لذلك الظلام الذي جاءهم من العدم
أما بساحة المعركة الرئيسية .. فغافيد كان المحظوظ الوحيد الذي استطاع تفادي ذلك الهجوم الوحشي بفضل قدرته الخاصة التي حولته لشبح
محدقا بمخلفات الكارثة ، وجه غافيد ليندمان تحول إلى قبر ، بعدما لمح غفارديول الذي قطع لنصفين بشكل نظيف رغم دفاعه الجبار
أما V ، فقد نجا باعجوبة بعدما إستعمل درع الهائج الخاص به باللحظة الاخيرة ، لكن حتى بإستعمال درعه من الفئة SS .. إلى أن V تعرض لضرر مرعب جعله يفقد الوعي مباشرة و يخرج من القتال
من اصل 3 ... اطاح ب 2
و من اصل 35 الف رجل ، اطاح ب 15 الف دفعة واحدة
بإبتسامة واسعة ، رافعا راسه نحو السماء .. حدق فراي بما تواجد هناك بالاعلى
"هذه هي ذروتي حاليا"
ضربته تلك هي اقصى ما استطاع فراي الحالي تقديمه
لربما كانت لا تزال تافهة جدا مقارنة بأولئك الذين تواجدوا بالاعلى
لكنها كانت الخطوة الاولى التي ارادها فراي
"هل تشاهدون ؟ أنا اتساءل "
هل كانوا لا يزالون يراقبونه يا ترى ؟
"إذا كانت الاجابة هي نعم ، فواصلوا المشاهدة من المقاعد الامامية .. شاهدوني و انا أبلغها .. "أبلغ القوة لكسر كل حدود هذا العالم "
بذلك اليوم ، فراي ستارلايت أعلن وجوده للعالم اجمع.
...
" ما هو رعب الحرب ؟
مالذي يجعل الحرب تبدو مخيفة للكثيرين ؟
يقال أن الموت يكون اقرب ما يكون من البشر في اللحظة التي تطأ فيها أقدامهم ساحة المعركة.
فبأي لحظة ، لن يعرف المرأ كيف سقط رأسه من فوق جسده.
كان هنالك الكثير من وجهات النظر التي يمكن الاخذ بها عندما يحاول شخص ما وصف أهوال الحرب.
و الحقيقة تكمن فيما إنعكس داخل اعين أولئك الجنود.
الجنود العاديين الذين لم يمكلوا من القوة الكثير ، و لم يكونوا مميزين بأي شكل من الاشكال عن غيرهم.
أولئك المقاتلين الغير محظوظين هم مادة دسمة لدراسة ذلك النوع من المآسي التي تتجلى بشكل واضح وقت الحرب.
.. من بين جنود الإمبراطورية.
.. بعدما تم تدمير سفينتهم من قبل العدو ، زحفت فتاة من تحت الانقاض ، محاولة النجاة قبل أن تغلف سفينتها التي لم تكن محظوظة بما فيه الكافية للنجاة.
شعر الفتاة قد كان ازرق سماويا أشعثا ، و بشرتها البيضاء قد تلطخت بالدم.
الفتاة تألمت بشدة بعدما سقطت انقاض السفينة عليها بدون رحمة ، مهددة بدفنها حية.
.. هي كانت متلاعبة بالموجات ، لذلك جسدها لم يكن يملك اي قوة جسدية تذكر لكي تنجو بدون اضرار.
عندما سحبت الفتاة النصف العلوي من جسدها بالكاد ، هي شعرت بألم حارق لم تشعر بمثيله من قبل.
ثم عندما أمعنت النظر بمصدر ذلك الالم المبرح ، هي اكتشفت أن اقدامها قد تعرضت للطحن بشكل مرعب تحت انقاض السفينة المدمرة.
رؤية النصف السفلي من جسدها مدعوكا بالكامل ، رفقة بركة الدم التي تسربت باستمرار من ذلك المكان جعلت قلبها يغرق داخل صدرها أكثر و اكثر بعدما بدأت تدرك أنها قد تكون وبنسبة كبيرة قد أصبحت معاقة.
بموقفها ذاك ، هي لم تستطع ايقاف نوبة الهلع التي إجتاحتها ، ما جعلها تصرخ باعلى صوتها.
صراخ غطى عليه ضجيج الحرب من حولها ، ما جعل معاناتها تلك غير مرئية للعالم اجمع.
بعد الصراخ لوقت طويل ، محاولة إزاحة تلك الحمولة الهائلة من فوق اقدامها.
أصبحت رؤية القتل مشوشة بعدما خسرت إتزانها و وقعت ضحيةً للهلع ، كل ذلك بالإضافة إلى الخسارة الشديدة للدم.
لوهلة بدا وكأن عالمها قد تدمر تماما أمام عينيها ، فمنذ وقت ليس بطويل كانت قد تألقت بين صفوف السنة الاولى للمعبد ، لكن بطريقة ما ، انتهى الامر بفتاة مثلها لم تتجاوز 16 حتى داخل ساحة الحرب.
لقد كان القدر قاسيا معها حقا ، واضعا اياها بموقف الحياة و الموت ذاك.
ثم بعد مرور الدقائق الواحدة تلوى الأخرى ، دقائق بدت و كأنها ساعات لها.
بدأت الفتاة تستعيد رباطة جأشها.
".. الألم" هي همست بصوت خافت ، لم يكن له أي وزن داخل الجحيم المشتعل المحيط بها.
لازلت اشعر بالألم ...
.. رغم مرور وقت طويل ، الا انها كانت لا تزال تشعر بالألم من أقدامها.
رغم ان الالم قد كان مبرحا ، بالغا مقياسا لم تشعر بمثيله من قبل ، إلا أن بعض الصراحة قد تشكلت بداخل قلب الفتاة مادمت لا أزال قادرة على الشعور بالألم منهم، فهذا يعني أنني لم اصبح عاجزة بعد !" حقيقة قدرتها على الاحساس بسيقانها قد كانت دليلا كافيا انها لم تصبح معاقة ، ذلك كان الخبر الوحيد الجيد بين كل ما عانت منه الفتاة.
لكنها فقدت الكثير من الدم ، ما جعل وضعها يسوء.
نعم الوقت.
مستجمعة انفاسها ، ركزت الفتاة مرة أخرى ، مشكلة اجراما سماوية اتخذت هيأة زوابع من الرياح العاتية.
متلاعبة بالموجات ، هي حشدت آخر ما تبقى لها من قوة لقصف الانقاض من فوق جسدها.
و بالفعل ، تمكنت رياحها من حمل الانقاض عاصفة بها بعيدا ، ما كشف اخيرا عن النصف السفلي من جسدها.
عندما رأت حالتها تلك ، هي لم تستطع سوى تصر على اسنانها ، بعدما رأت الحالة المزرية التي أصبحت عليها.
فعظام ساقها اليمنى قد تحطمت بشكل كامل لدرجة انها كسرت بزاوية مرعبة.
.. أما اليسرى ، فقد ثقبت بواسطة أحد القضبان الحديدية التي اخترقتها دون رحمة.
الدم من تحتها لم يتوقف قط ، و الفتاة كانت على وشك أن تفقد وعيها بعيدا.
مدركة لوضعها ، و الانفجارات الهائلة التي استمرت بتدمير المكان من حولها علمت الفتاة انها بحاجة للتحرك باي وسيلة ممكنة إذا ما ارادت النجاة ، فالسفينة التي حملتها قد كانت مهددة بالغرق باي لحظة.
لكنها سيقانها لم تعد قادرة على حملها بعد الان ، لذلك لم يكن لها خيار سوى الزحف.
الزحف فوق سطح السفينة التي غمرها الدم و جثث رفاقها الموتى.
مواصلة سحب جسدها على طول الطريق ، تاركة خطين من الدم الاحمر القرمزي ، الشيء الوحيد الذي أبقاها واعيا كان غريزة النجاة التي جعلتها تواصل الحراك ولا شيء سواها.
مخلوقات الكابوس البحرية قد كانت كوارث حقيقية.
وحوش هائلة سفكت بأرواح الكثيرين ، و قد أغرقت عدد كبيرا من سفن الإمبراطورية بالفعل.
.. بعدما سحبت جسدها لمسافة مذهلة دون أن تفقد الوعي ، الفتاة تعلقت بطرف السفينة ، محاولة رفع نفسها لالقاء نظرية افضل على ساحة المعركة ، و لعل و عسى تجد طريقة من اجل النجاة.
لكن المنظر الذي تكشف من حولها لم يزدها سوى يأسا و رعبا.
سفن تعلقت بها مخلوقات امتلكت مجسات هائلة بدت و كأنها خرجت من الجحيم ، ساحبة السفن و من فيها نحو الاعماق.
نيران مستعرة إشتعلت فوق اسطح البعض الآخر نتيجة القصف المستمر الذي اطلقه الالتراس.
النار كانت شديدة لدرجة أن بعض جنود الإمبراطورية قد كانوا يترامون الواحد تلوا الاخر داخل مياه البحر الشيطاني ، محاولين اطفاء ذلك اللهيب.
لكن القفز داخل البحر الان قد كان بمثابة الانتحار لهم ، فمخلوقات الكابوس قد إلتهمت ايا من لامس تلك المياه الشيطانية على الفور.
... الذين نجو من النار لم يكونوا افضل حالا ، فكثير منهم اما تعرض لاصابات قاتلة أودت بحياتهم ، و آخرون عاشوا ، لكن مثلها.
بضرر هائل جعل أوجههم تتلوى من ، الألم.
أطراف مبتورة ، أمعاء مسكوبة ، اعضاء بشرية مترامية بكل مكان.
و صراخ مستمر ، و صوت قصف مرعب رفض التوقف.
الفتاة التي عاشت حياتها حتى الان بشكل مسالم.
قد تساءلت .. هل هذه هي الحرب ؟" هل هذا ما جاؤوا من اجله ؟
أهذه هي الجولة الاولى ؟
الجولة الاولى فقط من حرب قدر لها أن تستمر لوقت طويل ؟
إذا كانت تلك هي الاجابة ، فاي نوع من انواع الجحيم هو ذاك الذي رمت بنفسها نحوه ؟
.. للحظة.
.. هي فقدت الامل بشكل كامل.
.. ثم باللحظة الموالية ، ظهر صوت ثالث .. صوت ثالث غير الموت و القصف.
صوت شاب صرخ باسم واحد.
.. "!! سيلين" لقد كان شابا بدا بمثل عمرها بشعر أسود قصير و وجه وسيم ميزته اعينه القرمزية.
الفتى بدا قلقا حقا ، متمسكا بسيفه قافزا من سفينة لاخرى ، هو بدا وكأنه كان يبحث عن شخص ما.
.. رؤيته اعادت بعض الامل لقلب الفتاة ، التي كانت هي صاحبة الإسم الذي واصل الفتى الصراخ به.
.. "ماكس !" بأعلى صوت استطاعت حشده بحالتها ، هي نادته باسمه.
بالوقت الحالي ، ذلك الفتى كان بمثابة شعلة الامل لها وسط ظلمات الجحيم الذي وجدت نفسها فيه.
و على ما يبدو ، صرختها الخافتة تلك قد بلغت مسامعه ، و هذا ما جعله يدرك مكانها على الفور.
عندما رآها الشاب ماكس حية ، إنهارت تعابير وجهه اخيرا مظهرا راحة عميقة.
و كأن عبئا كبيرا قد ازيل على قلبه اخيرا.
لقد عرف الاثنان بعضهما البعض منذ وقت طويل جدا ، و كثيرا ما كان الشاب ماكس يحوم حول سيلين ، فهو واقع بحبها بجنون.
و على الرغم من أنها لم تبادله تلك المشاعر ، إلا أن ذلك لم يغير من حقيقة أن ذلك الشاب قد كان قريبا جدا منها بما يكفي.
ليصبح بمثابة منارة الضوء الاخيرة بحياتها.
"أصمدي هناك! انا قادم !" محيطا نفسه بوهج اورا الضوء الساطع ، إندفع الشاب ماكس باقصى سرعته ناحيتها.
هو الاخر من طلاب السنة الاولى للمعبد ، و قد امتلك قوة كافية أهلته لدخول فصل النخبة.
لقد كان مقاتلا قادرا بكل تأكيد بمستقبل زاهر و امكانيات جيدة.
سيلين تنفست الصعداء اخيرا شاكرة حظها الجيد الذي جعل ماكس هو أول شخص جاء من اجلها وسط بؤرة الجحيم تلك.
لكن سعادتها ، و الراحة البادية على وجهها ، قد تحولت لصدمة في اللحظة التي نزلت بها صاعقة من السماء.
لا .. هي لم تكن صاعقة.
بل قذيفة سحرية اطلقها أحد مدافع الالتراس.
مجرد طلقة عشوائية لم تعرف حتى من أطلقها ، لكن تلك الطلقة العشوائية قد سقطت بلا رحمة ، فوق ماكس الذي لم يعرف ما أصابه حتى اللحظة الاخيرة.
فالضربة قد دمرته بالكامل ، قاذفة بجسده المتألق ذاك لاعماق المحيط.
"ماكس !!!" صرخت سيلين ، محاولة استجماع رياحها لكي تنقذه.
لكن بدون جدوى ، ففي اللحظة التي لمس فيها جسده المياه الشيطانية ، انقضت عليه مخلوقات الكابوس ملتهمة إياه على الفور.
آخر ما اظهرة وجه ذلك الشاب بهذه الحياة ، كان إبتسامة اخيرة.
إبتسامة أظهرت مدى سعادته برؤيته لها لا تزال على قيد الحياة.