"أعتذر عن التأخير، لنواصل من حيث توقفنا."

..

قال فراي ذلك لزينييث، جالسًا بجانبها بعدما أطاح بـ 6 مقاتلين من خيرة محاربي الإمبراطورية، كل ذلك بثوانٍ معدودة وبأياديه العارية.

..

زينييث أعجبت بالعرض، لكنها لم تكن متفاجئة من النتيجة، فهي رأت ما يقدر عليه فراي.

..

فوز فراي السهل كان متوقعًا، لكن العجوزة زينييث لم تتوقع ما كان على وشك الحدوث.

..

بمجرد إطاحته بالمقاتلين الـ 6، فإذا بفراي يتفاجأ بالطريقة التي تمت إحاطتهم بها.

..

من العدم، جاء عشرات الفرسان، سواءً الذكور أو الإناث مصدرين هالات مهددة أبانت عن رغبتهم بالقتال.

..

"ما معنى هذا؟" سأل فراي وهو يحدق بالحشد الكبير الذي جاء مزعجًا إياه، فإذا بهم الواحد تلو الآخر يطلبون:

..

"لورد ستارلايت! اسمح لي بمبارزتك."

"أنا أيضًا!"

"مهلًا! لقد جئت أولًا فلتنتظر دورك!"

"واجهني، فراي ستارلايت."

واحدًا تلو الآخر، بدأت طلبات النزال تسقط على فراي بغزارة لدرجة أنه لم يفهم ما كان يحدث.

زينييث الجالسة بجانبه لم تستطع فعل شيء سوى الضحك على موقفه هذا.

"يبدو أن الجميع قد كانوا فضوليين بشأنك، لورد فراي وهذا ما جعلهم ينقضون عليك بمجرد رؤية نزالك ضد أولئك الـ 6."

منذ انتشار الشائعات الغريبة عنه وإنجازاته لدرجة مقارنته بإبراهام ستارلايت.

كانت الكثير من الأعين مركزة على فراي، لكن لم يجرؤ أي منهم على أخذ الخطوة الأولى نحوه.

لكن وبمجرد أن كسر أولئك الـ 6 الذين أطاح بهم فراي سابقًا ذلك الحاجز، استغل الكثيرون الفرصة للقدوم بسرعة واختبار ذلك السيف الذي وصفه الكثيرون بالجبار.

مدركًا لذلك، تنهد فراي منزعجًا.

"يفترض بي أنا أن أكون من يشاهدك تقاتلين لكي أقيم قوتك يا زينييث، وليس العكس."

بسماع ذلك، أبعدت زينييث نفسها ببطء ساحبة سيجارة فاخرة أخرى بصدد تدخينها.

"للأسف، سنؤجل العرض الأول لما أنا قادرة عليه إلى أن تبدأ المعركة القادمة، أما الآن فهم كلهم لك، لورد فراي."

برؤية كيف ابتعدت عنه عمدًا خشية أن يطلب منها القتال، نهض فراي مجددًا منزعجًا.

"يا لك من تابعة لا يعتمد عليها." مستديرًا نحو الجنود الذين جاؤوا من أجله، تساءل فراي ما هي الطريقة المثلى للتعامل معهم.

هل يفجر هالته فحسب رفقة نية القتل الخاصة به لكي يبعدهم جميعًا دفعة واحدة؟ هو كان واقفًا من أن ذلك سينجح.

لكنه سرعانما ألغى الفكرة، فقد امتلك خططًا أخرى من أجل جنود الإمبراطورية وفي حال ما أخافهم أكثر من اللازم، فذلك قد ينعكس عليه مستقبلًا.

لذلك، خاضعًا للموقف.

وقف فراي بمنتصف الجنود، معلنًا أن المساحة الخالية من حوله ستكون بمثابة ساحةٍ للمعركة.

"أيها السادة الكرام، جئتم طالبين النزال، وهو ما ستحصلون عليه.. هلموا إلي الواحد تلو الآخر ولا تدخروا جهدًا، قاتلوني بنية قتلي، لا مبارزتي." أعلن فراي، بينما وقف وقفةً مليئة بالثغرات والفتحات دون أن يستدعي سيوفه التي اشتهر بسببها، ما جعل الجنود يتساءلون ما إذا كان جادًا حتى..

بكل وضوح، هو كان يستخف بهم، وهذا ما أثار حنق الكثير منهم.

أول من تقدم كان جنديًا ضخم الجثة، حاملًا سيفًا عظيمًا واضعًا إياه فوق كتفه.

هو امتلك شعرًا أسود طويلًا، وجسدًا عضليًا رفقة ندبة عملاقة شقت صدره ورقبتيه.

بدا مثل مقاتل مخضرم حقيقي.

"فراي ستارلايت، اعلم أنه لا يوجد دخان بدون نار بهذا العالم، إذا قالت الشائعات بأنك قوي، فأنت بالفعل تمتلك من القوة ما يكفي لدعم ما قيل عنك." هو لم يكن بطل الفيكتورياد من فراغ فقد رأى الكثيرون ما يقدر عليه بالفعل.

ممسكًا بسيفه العظيم، استعد المحارب المخضرم للمعركة.

"اسمي دافوس من منزل صنلايت، اسمح لي باختبار هذه القوة التي تجعلك تتراخى بهذا الشكل أمامي!"

بمجرد إعلانه الجريء ذاك، اندفع دافوس للأمام بسرعة مذهلة لم يتوقعها البعض نظرًا لجسده الضخم.

ملوحًا بسيفه العظيم بشكل عمودي، استهدف دافوس رأس فراي عازمًا على قطعه لنصفين..

الضربة كانت شديدة السرعة، وأورا النار قد اشتعلت من العدم فوق سيفه ما جعله يبدو أشبه بكارثة نارية أوشك على محو فراي من الوجود.

لكن هذا الأخير لم يحتج للكثير من المجهود ليرى ذلك الهجوم قادمًا.

ففي اللحظة الأخيرة، هو تفادى الهجوم على بعد شعرة مبعدًا جسده لليمين ببضع سنتيمترات سامحًا للسيف بتفجير الأرض التي كان يقف عليها قبل قليل. برؤية أن سيفه لم يلمس خصمه، استجمع دافوس قوته محاولًا الهجوم مرة أخرى، فإذا به يتفاجأ من أن سيفه لم يتزحزح من مكانه.

فمجرد محاولته لسحبه من الأرض، فإذا بقدم فراي تدوس على السيف، جاعلًا إياه يتوقف مكانه.

دافوس وبكل قوته قد حاول تحريكه لدرجة أن العروق قد تلوت فوق عضلات سواعده الضخمة.

لكن ومهما حاول، إلا أنه لم يستطع سحب سيفه..

لقد خسر بنزال قوة ضد شاب هزيل لم يستخدم سوى قدمه التي اتكأ عليها بملل.

أكثر ما أثار غضب دافوس، هو حقيقة أن فراي لم يحاول حتى.

"دافوس من منزل صنلايت، أنت تثق بقوتك الجسدية كثيرًا ما يجعلك بموقف لا تحسد عليه عندما يفوقك خصمك قوة."

قال فراي تلك الكلمات، بينما تحرك للأمام لأول مرة منذ بداية النزال.

ثم بمجرد قيامه بذلك، فإذا بدايفوس يجد العالم ينقلب رأسًا على عقب بينما تم دفنه أرضًا بضربة واحدة.

"حاول أن تجد سلاحك الخاص بعيدًا عن قوتك الجسدية، فهذا العالم يعج بالأقوياء الذين لن تستطيع إدراكهم بها وحدها."

اختتم فراي النزال، بينما بقي دافوس مستلقيًا أرضًا. هو لم يستطع رؤية الهجوم الأخير قادمًا حتى..

ذلك لم يكن نزالًا، بل مجرد استعراض للقوة من جانب واحد..

واضعًا ذراعه فوق وجهه مخفيًا إياه، نهض دافوس ببطء بينما جر سيفه مبتعدًا..

"شكرًا على النزال، لورد ستارلايت."

هو قال بصوت خافت بينما غادر، لكنه كان مسموعًا للجميع الذين التزموا الهدوء بعد رؤية العرض السابق.

فراي من جهة أخرى أومأ بلا مبالاة قبل أن يعلن.

"التالي!"

وبالفعل، تقدم المقاتل الثاني الذي كان مغتالًا مختصًا بالقتال والضرب السريع.

لكن فراي أطاح به بسهولة وبضربة واحدة هو الآخر.

"مهارة التسلل الخاصة بك عديمة الفائدة عندما أكون مدركًا لوجودك بالفعل، إخفاء حضورك يمتد إلى تنفسك، نبضك، كل صوت يصدره جسدك، وليس إخفاء هالتك لوحدها."

فراي اختتم النزال الثاني بنصيحة أخرى قبل أن يعلن مرة أخرى.

"التالي!" وبالفعل، استمرت النزالات الواحدة تلو الأخرى.

تقدم عشرات وعشرات الجنود الواحد تلو الآخر لقتال الشاب المعجزة الذي أثار فضولهم.

فراي واجه كل أنواع المقاتلين، لكن لم ينجح أي منهم بالصمود لأكثر من 10 ثوانٍ أمامه.

فراي كان مرعبًا، فنانًا قتاليًا من الدرجة الأولى.

بدا وكأنه يستطيع القتال ضد جميع أنواع الأعداء ومهما كان الموقف الذي يضعونه به.

جاهلين بوجود قدرة تأقلم الظلال الخاصة به، أصبحوا جميعًا يرون ذلك الشاب من منظور آخر.

ثم ببطء، بدأت أصوات الهتاف تعلو المكان، بينما امتلأت الساحة ليس بعشرات، بل مئات المقاتلين الذين استمتعوا بما كانوا يشاهدونه. شيئًا فشيئًا، لم يعد الجنود يتحدون فراي بنية تحطيم معجزته، أو اختبار قوته.

بل قاتلوه فقط لأنهم أرادوا الحصول على فرصة الوقوف ضد مقاتل عظيم ورؤية ما يمكنهم فعله ضده.

فراي أنهى كل نزال بنصيحة، بدت وكأنها هي الترس الناقص بأسلوب قتال الكثيرين..

الشاب ذو الـ 19 عامًا بدا مثل فنان قتالي عجوز يبلغ من العمر عتيًا، ما يجعله على دراية بكامل الأساليب القتالية.

الأمر لم يكن منطقيًا، لكن فراي وصف بالمعجزة.

والمعجزات لم تكن منطقية بالمقام الأول.

فمعرفة فراي الكبيرة تلك قد جاءت من تجارب الحياة والموت التي خاضها، بالإضافة إلى ما حصل عليه من قناع النايملس.

اللورد ستارلايت تجاوز توقعاتهم بكثير، وهذا ما جعل الساحة تمتلئ أكثر وأكثر..

الساعات مرت الواحدة تلو الأخرى، لدرجة أن زينييث قد غادرت المكان بالفعل تاركة فراي يقاتل تلك الحشود بمفرده.

لكن وعلى عكس ما بدا عليه الأمر، فأصوات الضحك قد علت المكان، بينما استمتع الجنود برؤيته يطرح شخصًا آخر أرضًا.

ثم بدون وعي منه، وجد فراي نفسه قد أطاح بالرجل رقم 1000 بالفعل.

الساعة الآن كانت تشير للرابعة صباحًا، وقد مضت 4 ساعات منذ بدأ نزاله الودي..

ولأول مرة، شعر فراي ببعض الغليان والألم الخفيف داخل عضلات ذراعيه.

'يبدو أنني بدأت أصبح واهنًا.'

تنهد فراي بينما استدار نحو حشد الجنود الذي أحاط به..

رغم مرور كل تلك الساعات، إلا أن عددهم لم يتراجع قط..

ذلك كان أمرًا منطقيًا، فعدد الجنود المتواجد داخل المخيم قد تجاوز الـ 70 ألفًا بالفعل..

لكن فراي لم ير ضرورة لمواصلة الأمر أكثر من ذلك.

"هذا كل شيء لليوم أيها السادة، النزال القادم سيكون الأخير."

أعلن فراي بحزم ما جعل الحشد من حوله يبدأ التذمر على الفور.

"هيه؟ لماذا؟"

"مهلًا! دوري لا يزال بعيدًا! لقد انتظرت لوقت طويل!"

"أرجوك، لورد ستارلايت، نريد معرفة النواقص بمهاراتنا."

ناشده الجنود الواحد تلو الآخر ما جعله يعبس تلقائيًا.

'هل هم حقًا أقوى جنود الإمبراطورية؟ لم أشعر أنني أجالس مجموعة أطفال؟'

الوضع لم يكن مفهومًا له، لكن فراي لم يدرك أنه قد حصل على إعجاب الكثير منهم بالفعل. فهو لم ير نفسه يقاتل، ولم يعلم أن طريقة قتاله الغريبة تلك، قد كانت ممتعة للعين.

بفضل تأقلم الظلال، فراي أصبح مضادًا لمعظم الأساليب القتالية بهذا العالم، خصوصًا بعدما أتقن المرحلة الأولى بشكل شبه كامل. قد يعاني قليلًا لصد الأساليب القتالية الأكثر تعقيدًا، لكن الجنود أمامه بسطاء لدرجة أن التعامل معهم قد كان بغاية السهولة.

رغم إلحاحهم عليه، إلا أن فراي قد حسم قراره بالفعل.

"نزال واحد."

نزال واحد بعد وسينهي الأمر، لأنه لو لبى لهم ما أرادوا، فسينتهي به الأمر هناك إلى غاية اليوم الموالي.

أمام موقفه الحازم، لم يكن أمام الجنود سوى الرضوخ.

بقي نزال واحد، والمتحدي المحظوظ كان على وشك أخذ الخطوة الأولى داخل الساحة.

لكن وفي اللحظة الأخيرة، تدخل شخص لم يكن بالحسبان معلنًا بصوت عالٍ.

"هلا سمحت لي بهذا الشرف؟ لورد ستارلايت."

لقد كان صوتًا لم يسمعه الكثيرون من قبل، لكن لفراي. هو بدا مألوفًا.

الجنود في البداية استداروا بسخط، متسائلين من هذا الوقح الذي تجرأ على سرقة الدور منهم.

في تلك اللحظة، هم تمكنوا من رؤيته..

حضوره رفقة الحشد المرافق له قد تسبب بانخفاض درجة الحرارة من حوله، لقد كان شابًا شديد الوسامة بشعر أزرق سماوي طويل.. بلحية خفيفة أبانت على بعض النضج، وجسد أطلق ضغطًا مذهلًا من القوة..

هو ظهر أمامه..

الكثيرون قد تعرفوا عليه، فهو كان أحد القادة الذين تم اختيارهم لقيادة جيشهم الضخم.

الأعين كلها كانت مركزة عليه الآن، وعلى الحشد المرافق له، فهو قد جلب الكثير من الفاتنات معه.

فراي لم يبدِ أي رد فعل يذكر، لكنه لم يكن سعيدًا برؤية ذلك الرجل بكل تأكيد.

"فروست مونلايت.."

ذلك لم يكن سوى اللورد الحالي لعائلة المونلايت الذي رافقه العديد من أبناء وبنات عائلته..

بجانبه، جاءت سيرس مونلايت أيضًا.

على ما يبدو، فالكنيسة قد أعادت إليها يدها المقطوعة بالفعل، على عكس فروست الذي رفض الأمر وبقي بيد واحدة منذ حادثة عائلة مونلايت منذ سنتين.

سيرس بدت أجمل بكثير مما كانت عليه سابقًا، خصوصًا وأنها بدأت تظهر علامات النضج..

"مر بعض الوقت، فراي.. أرى أنك لا تزال متألقًا كعادتك." هي قالت مبادرة الحديث مع فراي، وذلك لم يكن شيئًا معهودًا منها.

أما هذا الأخير فأومأ بابتسامة.

"أنا فاتر جدًا مقارنة بك، فجمالك قد سرق الأضواء مني بالفعل."

مُشيرًا للجنود الذين حدقوا بها بأفواه مفتوحة، هو أدرك أنه لم يعد نجم العرض الأول بعد الآن..

الجنود على الفور أدركوا أنه كان يقصدهم ما جعل الكثير منهم يعدل موقفه بحزم، ما جعل الموقف مضحكًا.. لدرجة أن فروست وسيرس أنفسهم قد ضحكوا عليه بمشهد غير معهود منهم.

بدا وكأن عائلة مونلايت الباردة قد أصبحت أكثر.. دفئًا.

وهذا ما فاجأ فراي بشكل خاص.

معيدًا انتباهه لفروست، الذي كان يحدق به منذ البداية... أعطى فراي إجابته أخيرًا.

"لا أمانع نزالك، لورد فروست، لكن القرار ليس بقراري بل قرار الجندي هناك الذي ستسرق الدور منه."

أشار فراي نحو رجل بمنتصف العمر، بدون خلفية.. رجل من العامة كان على وشك خوض النزال الذي وقف بالطابور منتظرًا إياه بفارغ الصبر.

لقاتل فراي، فروست كان مضطرًا لطلب الإذن من ذلك الرجل.

إذا رفض، فراي لم ينوِ التنازل للورد عائلة المونلايت.

هو بدا وقحًا تجاه لورد عائلة كبرى، لكن فراي لم يهتم كثيرًا بالألقاب والمنازل.

لكن وبشكل مفاجئ، كلماته لم تتسبب بأي رد سلبي من اللورد فروست مونلايت.

فهذا الأخير قد أومأ بابتسامة، بينما ذهب للرجل الذي كان من المفترض أن يواجه فراي.

مخفضًا رأسه له.

اعتذر فروست.

"اعذرني أيها المقاتل الشجاع، لكن هلا سمحت لي بأخذ هذا النزال منك؟ أسدِ لي هذه الخدمة ولن أنسى صنيعك ما حييت."

كلمات فروست، نبرته، طريقة تعامله مع الجندي البسيط.. كلها كانت أمورًا جعلت الحشود تنظر إليه والمفاجأة بادية عليهم. وحتى فراي قد أظهر تغييرًا طفيفًا على تعابير وجهه..

اللورد المتعجرف، ذو النسب الرفيع.. فروست مونلايت يحني رأسه لمجرد عامي دون قيمة.. هو لم يتخيل يومًا بحياته أن يرى شيئًا كهذا..

الوحيدون الذين لم يتفاجأوا بتصرف فروست كانوا أفراد عائلته، فهم علموا بالفعل منذ وقت طويل عن التغيير الذي طرأ بشخصيته.

مغمضة عينيها، أومأت سيرس بابتسامة راضية عن موقف ابن عمها.

أما الجندي، فلم يستطع سوى أن يومئ مرارًا وتكرارًا موافقًا على طلب فروست ومرتبكًا من الموقف برمته.

"شكرًا لك."

شكر فروست نظيره بابتسامة بينما استدار نحو فراي.

"ألا بأس بهذا القدر؟ فراي ستارلايت؟" سائلًا إياه..

أومأ فراي، بينما أشار لفروست لكي يتقدم.

"لنبدأ النزال إذًا، لورد فروست مونلايت."

فروست أعطى إيماءة ثقيلة، بينما خطا خطوته الأولى داخل الساحة.

"أنت لن تستطيع هزيمته."

عندما مر بجانب سيرس، كانت هذه هي الكلمات التي قالتها له.

فروست لم ينكرها، بل فقط واصل المشي بابتسامة لطيفة على وجهه.

"أنا أعلم."

هذا ما قاله.

هو يعلم أن الفراي الواقف أمامه، وذلك الشاب الضعيف الذي واجهه ذات يوم قبل سنتين ليسا بالشخص نفسه.

قبل سنتين، الذي واجهه كان مجرد شاب طائش غر لا يملك أي وزن..

لكن الآن.. وعندما حدق به، وبتلك الأعين السوداء التي بدت مثل الهاوية..

فروست علم أن الماثل أمامه هو وحش... وحش كاسر يملك من القوة الجبارة ما يكفي لهز العالم.

"تعال إلي، يا رمح الجليد.. ريمشارد."

مستدعيًا رمحه المتألق، أشرق جسد فروست بهالة مرعبة من الصقيع شديد البرودة، لدرجة أن المكان من حوله بدأ يتجمد ببطء.

اللورد الخاص بعائلة مونلايت قد أصبح أقوى بكثير. فراي كان مدركًا لهذا القدر بالفعل، فقوة خصمه كانت بقمة الفئة S+ الآن.

لقد قفز رتبتين منذ لقائهم السابق.

أمام خصمه الذي قرر قتاله بقوته الكاملة، فراي مد يده هو الآخر.

"تعال إلي يا ذابح الشياطين.. دارك سيستر."

ممسكًا بتلك الكاتانا السوداء بيده اليمنى، رد فراي على هالة فروست بينما أشار إليه.

"لنبدأ" قال فراي باختصار ، مستدعیا ذابح الشیاطین الدارك سیستر متخذا وضعیة متراخیة ملیئة بالثغرات كعادته .

لكن و على الرغم من أنع قد أعلن بدایة النزال بالفعل ، إلا أن فروست لم یتحرك ، بل بدا و كأنه إنتظر حدوث شيء ما ..

"ألن تستعمل سیفك الاخر ؟ إذا لم یخب ظني فأنت تقاتل بسیفین "

سأل فروست ، بعدما لم یرى خصمه یستدعي سیفه الاساسي الذي إستعمله ضده بالماضي ..

"آه .. أتقصد بالیریون .."

فراي حك شعره بواسطة یده الحرة ، قبل أن یتكئ على سیفه .

"المعذرة ، فروست .. لیس و كأنني أستخف بك أو أقلل منك ، كل ما في الامر هو أنني لم أرى حاجة لاستخدامه ضدك "

سكت فراي لثانیة ، بینما حدق عو و فروست ببعضهما البعض بینما انتشر جلید غریب بینهما .

"الدارك سیستر سیكون كافیا ."

أنهى فراي كلامه ، بینما عم التوتر الجو المحیط به هو و خصمه .

الجنود حدقوا بهما مستشعرین تلك الهالة الغریبة التي إنتشرت بالساحة ..

فروست لم یبدي أي رد فعل ، هو فقط أومأ برأسه .

"فهمت "

ذلك ما قاله ، لكن التصمیم بعینیه قد روى حكایة أخرى تماما ..

رغم أن فراي انكر الامر ، إلا أنه و بكل وضوح قد إستنقص منه قبل قلیل .

فإستعماله لسیف واحد أشبه بقوله أنه یستطیع هزیمة فروست ب 50% من قوته فحسب .

لیس ذلك فحسب ، فوقفته المتراخیة تلك قد بدت و كأنه لا یأخذ الامر بجدیة من الأساس ..

لقد كان ملیئا بالثغرات ، و كأنه یصرخ على فروست لكي یهاجمه.

لكن لورد عائلة مونلایت لم یكن غبیا ، هو علم بالفعل أن ما ذاك سوى فخ ، و المظاهر قد تكون خادعة أحیانا .

'أریدك أن أعرف ، ما هي المسافة بیني و بینه .'

هذه كانت افكار فروست الحالیة .

لقد نجا باعجوبة منذ أن أحتجز رفقة مایكار فالیریون بمكعب السجن بالماضي ، ما جعله یخسر أزید من سنتین من حیاته بذلك المكان .

قبلها هو كان قد افنى وقته بالتدریب ، خصوصا منذ حادثة والده بایلور ..

فروست حاول تحسین نفسه باستمرار منذ ذلك الیوم ، یمكن القول أنه قد تدرب لیل نهار ، أكثر من اي شخص آخر .. و هذا ما جعله یخترق رتبتین بوقت وجیز نسبیا .

هو كان موهوبا حقا .

لكن الواقف امامه لم یكن مجرد موهوب .. لقد كان وحشا حقیقیا .

عبقریا خارق ، معجزة لا تظهر سوى مرة واحدة كل قرن .

فروست أراد أن یقیس المسافة ..

المسافة بینه ، و بین الرجل المسمى فراي ستارلایت .

لذلك و بدون سابق انذار ، قدم فروست فجرت الارض من تحته عندما إندفع نحو فراي بسرعة تجاوزت الصوت ..

حركته العنیفة تلك ارسلت موجة صوتیة بدت مثل الانفجار ، لیظهر أمام فراي باقل من ثانیة..

ممسكا بالرمح العظیم الریمشارد ، هو طعن بسرعة خیالیة مستهدفا وجه فراي ، لكن هذا الاخیر ثنى جسده باللحظة الأخیرة ..

متجنبا الهجوم على بعد شعرة .

فروست على الفور اختفى تماما من أمام فراي لیظهر خلفه ، هذه المرة هو لم یطعن مرة ، بل شن وابلا من الهجمات السریعة ..

سریعة جدا لدرجة أنه بدا من بعید و كأنه یمسك عشرات الرماح ، و لیس مجرد رمح واحد .

من جهة أخرى ، فراي تفادى كل شيء بمهارة مرعبة ، بینما توهج جسده بضوء بنفسجي قاتم .

"أراك لا تفعل شیئا سوى الهروب من رمحي "

قال فروست ، بینما عزز رمحه بالاورا الخاصة به ، ما جعل الهواء من حوله یتجمد ..

"قاتلني بجدیة !"

طعن فروست مرة أخرى ، لكن هذه المرة ... رمحه اطلق انفجارا مذهلا من الصقیع ، هجوم هائل هدد بابتلاع فراي .

هذا الاخیر حدق بالهجوم القادم نحوه ، ثم نحو الجنود الواقفین خلفه ..

هم أحاطوا بالساحة من أجل المشاهدة ، ما جعلهم عرضة لذلك الهجوم في حال تفاداه ..

'استطیع تجنب هذا الهجوم ، لكن لو فعلت ذلك فهم سیصابون به '

بابتسامة ساخرة ، فراي ادرك ما كان یحدث .

'فعلها عن عمد إذا '

مدركا لذلك ، توهج سیف فراي عندما احاطت به اورا الظلام ، ثم بدون سابق انذار ..

تحركت ید فراي و كأنها مخلوق حي بذكاء منفصل ، قاطعا عشرات .. لا بل مئات المرات باقل من ثانیة ..

لیصد بسهولة انفجار الصقیع الخاص بفروست ، محولا ایاه لقطع صغیرة من الجلید ..

لكن و بمجرد صده لذلك الهجوم ، فروست ظهر امامه على الفور مستغلا غطاء هجومه السابق .

رمحه المعزز باورا الجلید قد تضخم بشدة ما جعله یبدو و كأن فروست یهاجم بواسطة صاروخ جلیدي عملاق و لیس مجرد رمح عادي..

فراي صد الهجوم بواسطة الدارك سیستر ، ما جعل المعدن یصطدم بالمعدن ..

صدام ارسل انفجارا صوتیا حادا جعل الجنود من حول الساحة یمسكون بآذانهم بقوة..

فروست واصل الهجوم بلا هوادة ، بینما صد خصمه كل شيء مكتفیا بالدفاع .

ترك كلاهما الصور اللاحقة بینما ركضا داخل الساحة بجنون ، صدامهما كان سریعا جدا و عنیفا لدرجة أن الشرر الناري قد إشتعل أكثر و اكثر مع كل تقاطع لاسلحتهما .

فروست أخرج كل ما عنده ، یمكن القول أنه قاتل بقوته الكاملة ، من جهة أخرى..

فراي واصل الدفاع ، بینما تلقى رماح فروست الهادرة الواحدة تلوا الاخرى .

لثواني وجیزة ، وجه فراي أبدا بعض المفاجأة .

داخل أعین اللورد ستارلایت التي بدت مثل الهاویة ، كل شيء كان یحدث بالصورة البطیئة .

ما لم یستطع الجنود رؤیته أو الشعور به حتى ، هو رآه بوضوح ..

حواس فراي المعززة تستطیع التقاط كل صغیرة و كبیرة ، و هذا هو الحال منذ أن صقلها لتتجاوز حدودها ..

مراقبا رمح فروست ، فراي واصل الصد بسیفه .

'ثقیل'

هذا ما فكر به فراي ، عندما تلقى القوة الكاملة للورد الحالي لعائلة مونلایت.

رمح فروست كان ثقیلا ،و قویا .

لقد أتقن السید الشاب لعائلة مونلایت اسلوبه بشكل شبه كامل ، لم یكن هنالك أي حركات ضروریة ، و تحكمه كان مثالیا .

رغم أنه صد كل شيء رماه علیه ، إلا أن فراي شعر بثقله بكل وضوح ..

بینما لهث فروست ، و بدأ التعب یسیطر علیه ، فراي واصل مراقبة خصمه لوقت أطول بعد .. قبل أن یتراجع بخفة .

محدقا بسیفه ، ثم خصمه الواقف بالجانب الآخر من الساحة .. أعلن فراي بجدیة.

"فروست مونلایت .. سأعترف لك بهذا ، خلال فترة معینة من حیاتك .. لقد بذلت مجهودا معتبرا ، أكثر من أي شخص آخر ، لا أستطیع تخیل مقدار الوقت الذي أفنیته من أجل صقل رمحك ."

مستوى المهارة الذي بلغه فروست الحالي هو مستوى سیضحي بعض المحاربین بحیاتهم بأكملها لیبلغوه .

أما فروست ، فلم یحتج سوى لسنتین بالكاد ..

موهبته لا غبار علیها .

إعتراف فراي الصادق جعل أعین فروست تتوسع للحظة ، قبل أن یشد قبضته على رمحه و العبوس بادي على وجهه ..

"هل تمدحني الان ؟ لورد ستارلایت ؟ أم تهینني .. انا أتساءل "

قال فروست بحنق بینما اجاب فراي على الفور .

"انها الاولى ، أنا معجب بصدق بالمدى الذي قطعته و المستوى الذي بلغته "

فراي كان صادقا ، لكن فروست لم یعجب بما سمعه ..

"لا أرید سماع هذا منك ، فراي ستارلایت .. فأنت بالذات هو الوحش الذي یجعل هذا المجهود الذي بذلته ، و المستوى الذي بلغته أشیاء تافهة بلا معنى .."

على من كان یكذب بالضبط ؟

فبعد كل شيء ، و رغم بذله لكل ذلك الجهد ، هو لم یستطع لمس خصمه حتى .

بینما لهث فروست بشدة ، فراي لم یظهر أي تغییر منذ بدایة النزال .

لقد صد كل شيء رماه علیه ، جاعلا من كل ما مر به فروست حتى الان مجرد لعب اطفال .

ثم هاهو يمدحه بنهایة المطاف .

على ماذا یمدحه بالضبط؟ مالذي یثني علیه من اجله ؟

"هذا هو المستوى الذي بلغته بعدما لم افعل أي شيء سوى التدریب منذ لقائنا الاخیر .. أنا الذي وصفني الكثیرون بالموهبة العظیمة

.. لكن مقارنة بك ، بدأت أتساءل بجدیة ما إذا كنت مؤهلا لهذا الوصف "

لقد تدرب بافضل بیئة ممكنة ، حصل على افضل موارد ممكنة ، و تم ارشاده من خیرة المقاتلین من كل انحاء الإمبراطوریة.

هو لورد عائلة مونلایت ، بكل ألقابه و إمتیازاته .. لم یدخر شیئا من اجل تدریبه.

لكن الماثل امامه قد تخطاه بالفعل .. و بفارق مهول .

إذا كان فروست موهوبا ، فماذا یكون فراي ستارلایت بالضبط ؟

بینما سخر فروست من نفسه ، أظلم وجه فراي تلقائیا .

ثم لأول مرة منذ بدایة النزال ، أخذ فراي ستارلایت بخطوته الاولى نحو خصمه ، بعدما لم یفعل شیئا سوى الدفاع حتى الان .

"لقد أسأت الفهم ، فروست مونلایت ."

بمجرد أخذه لتلك الخطوة ، أطلق فراي ضغطا مشؤوما ..

الوزن الكامل لاورا الفئة SSS التي إمتلكها بداخله ..

ضغط جبار جعل الكثیر من الجنود المحیطین یسقطون ارضا راكعین بالقوة ، و حتى فروست نفسه .. بالكاد استطاع البقاء واقفا بینما حدق ناحیة فراي و الرعب مرسوم على وجهه .

فراي ستارلایت بدا مثل شخص آخر تماما حالیا ..

"هذه القوة التي تراها أمامك الان لیست شیئا حصلت علیه بالتدریب وحده "

یمكن للمرئ أن یسخر حیاته بأكملها للتدرب لو أراد ، لكن هناك بعض المستویات العلیا لن یستطیع أحد بلوغها بالتدریب لوحده .

و الا لكان الجمیع قادرین على أن یصبحوا عظماء زمانهم.

"قوتي هذه .. هي نتیجة كل ما قاسیته بحیاتي ، كل معارك الحیاة و الموت التي خضتها ، كل الصدامات التي تحملتها ، المعاناة التي تلقیتها ، و العذاب الذي مررت به "

الحیاة التي عاشها فراي ستارلایت لم تكن بالهینة ، المصیر الذي اجبر على تحمله .

المآسي التي أجبر على خوضها حتى الان .. كل تلك التجارب هي ما صنعت فراي ستارلایت الحالي .

تلك الاعین شدیدة السواد الخاصة به قد شهدت الكثیر .. الكثیر جدا ..

هو لم یعش سوى ل 3 سنوات بوعیه داخل جسده الحالي .

لكن و بتلك السنوات 3 ، هو خاض ما لن یخوضه أي شخص آخر طیلة حیاته .

"هذا لیس بالمستوى الذي یمكنك بلوغه بالتدریب وحده .. فروست مونلایت"

أعلن فراي ، دافنا خصمه بهالته لوحدها ..

فروست لم یستطع التحمل ، ما جعله یندفع نحو فراي محاولا مهاجمته بعدما فقد السیطرة على نفسه .

"لكن فراي قد ظهر خلفه بأقل من لحظة واحدة "

..

ثم و بدون سابق انذار ، ظهرت عشرات الجروح المرعبة فوق ید فروست الممسكة بالرمح ..

..

جروح كانت لتكون اعمق لولا تراجع فراي المتعمد .

..

هو قطع بما فیه الكفایة ، لیسقط فروست رمحه و یعجز عن حمله ..

..

"و هو ما كان بالفعل ، فالجمیع سمع صوت ذلك الرمح و هو یسقط ارضا بعنف ، و ما هي الا ثواني معدودة لیسقط صاحبه هو الآخر بالمثل ."

..

جاثیا على ركتبھ أمام فراي ، وضع هذا الاخیر سیفه بجانب وجه فروست .

"شكرا على النزال "

هذا ما قاله فراي ، قبل أن یسحب هالته ، و یتراجع بعیدا معلنا نهایة الحفلة .

الجمیع افسح المجال له على الفور عندما حاول المرور ، مرتعبین من تلك القوة الجبارة التي جعلهم یختبرونها قبل قلیل..

برؤیة نتائج ما قام به ، فراي تنهد منزعجا..

ثم و بینما كان على وشك المغادرة ، هو رأى سیرس مونلایت امامه ..

كان الامر مثیرا للسخریة ، فالاتجاه الذي اختار المغادرة منه صودف بأن یكون نفسه الناحیة التي شاهدت سیرس المعركة منها ..

بینما مر بزمیلته السابقة من المعبد ، فراي اعتذر بصوت خافت .

"آسف ، أظنني بالغت كثیرا "

رغم أنه كان نزالا ، إلا أن فروست لا یزال لورد عائلة كبرى .. لم یكن هناك داعي لاذلاله ، لكن سیرس هزت رأسها .

"لا بأس ، هذا كان ضروریا"

سیرس رأت الامر من ضوء آخر ، كتجربة ضروریة لتطور فروست ، لیكون مؤهلا كلورد العائلة المستقبلي .

بابتسامة غیر معنودة منها ، تطلعت سیرس للمستقبل .

"مستواك الحالي مذهل حقا ، بدوت مثل محارب عظیم ، و كأنك اسطورة حیة لا یزال یكتب تاریخها أمام أعیننا ، إذا لم یكن لدیك مانع ، فالتمنحني شرف نزالك بالمرة القادمة "

أمام مدیح و طلب سیرس المفاجئ ، وجد فراي نفسه محتارا ..

امیرة الجلید ، الفتاة الباردة التي كثیرا ما وصفت بالدمیة .. قد اظهرت وجها بشریا حیویا ینبض بالحیاة أمام عینیه .

بدا و كأن سیرس قد بدأت أخیرا تظهر مشاعرها الحقیقیة على السطح بلا قیود ..

عندما فعلت ذلك ، فراي وجدها فاتنة بشكل لا یصدق .

ثم عندما دقق النظر ، سقطت أعین فراي على ذراع سیرس التي أعیدت الیها ..

سیرس كانت ترتدي ملابس عسكریة سوداء اللون مع شعار عائلة مونلایت علیها ، رغم اكمامها الطویلة ، إلا أن جزءا مثل تلك الوشوم الغریبة على یدها الیمنى قد ظهر بوضوح ..

"وشم جلیدي ، لأزهار شائكة زحفت فوق جلدھا."

..

برؤیة ذلك الشكل الفرید ، تعمقت إبتسامة فراي بینما مر من جانب سیرس .

"إنه لشرف لي أن ارى المستوى الذي بلغته بأم عیني ، سیرس .. لكن على نفس الجانب من ساحة للمعركة بینما ندمر أعداءنا ، و لیس ضد بعضنا البعض ."

فراي رفض بأدب بینما مر من جانب سیرس .

هذه الأخیرة أومأت غیر منزعجة .

"أراك بساحة المعركة إذا ، فراي ستارلایت "

بعد تبادلهما المختصر ، أومأ كلاهما بینما مرا بجانب بعضهما البعض.

بعد كل تلك السنین ، لم یعد هنالك أي أثر للمشاعر السلبیة بینهما ، فكلاهما قد تجاوزا الماضي ، و تطلعا للمستقبل ما جعل امكانیة قتالهما معا امرا ممكنا أخیرا .

على الاقل لسیرس ، هي لم تمانع اعطاء ظهرها له .

فقد تغیر فراي ستارلایت كثیرا ، لقد تحول من ذلك اللورد الشاب القذر ، لشخص غامض لا تعلم عنه الكثیر ، ثم بطل الفیكتوریاد المشؤوم ، و الان .. البطل الذي جلب المعجزات .

كان من الطبیعي أن یتغیر رأیها عنه بعد كل تلك الاحداث ..

بینما فكر عقل سیرس بتلك الافكار ، مر كلاهما بجانب الاخر ، كتفا لكتف بینما سار الاثنان باتجاهات مختلفة ..

لكن .. و في اللحظة التي اقتربا فیها ، فإذا بظاهرة عجیبة تضرب من العدم ..

من كتف فراي ، ضربت شرارة بنفسجیة.. شرارة كھربائیة عجیبة زحفت مثل الافعى ، مغادرة فراي ، و مخترقةً جسد سیرس مونلایت .

ھذه الأخیرة تجمدت مكانها عندما احست بكیانها باكمله یرتعش ، ثم ما هي سوى لحظات معدودة لینقلب العالم رأسها على عقب من حولھا ..

أحست و كأن شخصا ما قد إخطتفها من عالمها ، ثم رماها داخل واقع مختلف تماما ..

واقع مظلم ، واقع جلب القشعریرة لعمودها الفقري ..

هي لم تعد محاطة بالجنود ، ولا المعسكر الذي تواجدت به منذ لحظات .

بل كانت تقف داخل ساحة معركة ..

ساحة معركة رأت فیها من الدمار و الموت ما لم تراه بحیاتها من قبل ..

النیران اجتاحت المكان ، كانت نیرانا قرمزیة حمراء اللون من شدة الدم الذي احاط بها ، و كأن النار نفسها تأثرت من شدة الدم الذي سفك .

ثم عندما استدارت سیرس ، هي وجدت الجاني خلف تلك المجازر یقف خلفها .

لقد كان رجلا مقنعا بقناع أسود غریب ، محاطا بمجموعة عجیبة من الناس ..

بدو مثل أتباعه الذي تطلعوا له ..

جماعة مشؤومة ، بقیادة رجل واحد جعل كیانها نفسه یرتعش ..

ثم عندما أمعنت النظر ، هي وجدته مألوفا ..

شعره الابیض ذاك ، و معالمه تلك .. لا شك بذلك .

لقد كان فراي .. الرجل نفسه الذي حادثته قبل قلیل ..

..

لكن مالذي حدث ؟

..

ما الذي كانت تراه الان ؟

..

أي هي الان ؟

..

حاولت سیرس الحراك .. فعل اي شيء .

..

لكن جسدها خانها ، فراي المقنع لم یكن الرجل نفسه ..

..

هي لم تملك اي علاقة وثیقة به ، لكنها كانت تعلم أنه لم یكن الرجل نفسه الذي عرفته ..

..

لكن لسبب ما ، هي لم تستطع أن تشیح بنظرھا عنه ، ثم بدون سابق انذار ، هو استدار ناحیتها ..

..

"تقابلت اعینهم للحظة ، قبل أن یمد یده نحوها"

..

"ید ملطخة بالدماء ، ید تسببت بكل تلك المجازر لكن و على نحو عجیب"

..

سیرس وجدت نفسها تمسك بتلك الید دون تردد ..

في تلك اللحظة ، سیرس ادركت أنها هي الأخرى لم تكن نفس الشخص ..

و ما هي إلا ثواني معدودة ، ینقلب العالم مرة أخرى ، و تعود سیرس للواقع ، بینما مر فراي بجانبها مغادرا ..

في تلك اللحظة هي استدارت ناحیته على الفور و الصدمة بادیة على وجهها من هول ما رأته ..

هي مدت یدها الیه ، محاولة ایقافه ، لكن و قبل أن تقدم على الخطوة الأولى نحوه ..

صدى صوت حاد داخل عقلها .

'توقفي مكانك ولا تقدمي على أي خطوة أخرى '

لقد كان صوت امرأة ، صوت قدیم و لطیف ، لكن بارد و حازم .

سیرس إمتثلت على الفور ، و لم تجرؤ على مخالفتها .

"سیدتي .. مالذي حدث قبل قلیل ؟ مالذي رأیته بالضبط ؟ و ما علاقته بفراي ؟!"

سألت سیرس ، لیعم الصمت لبعض الوقت بینما توھجت تلك الوشوم الشائكة حول ذراعیها ..

'لا علم لي بما حدث .. لكن قوة غریبة قد إجتاحت جسدك .. قوة نابعة من ذلك الشاب ..'

تحدث الصوت مشیرا لفراي ..

'تلك القوة .. لقد كانت شیئا لم أرى له مثیلا من قبل '

اورا مشؤومة .. و غامضة ..

"شيء حتى شخص من مستواك لم یستطع التعرف علیه.."

تفاجأت سیرس بما سمعته .. فحتى سیدتها لم تستطع النظر من خلال فراي .

'فالتبقي بعیدة عن ذلك الشاب ، سیرس .. ما یقبع بداخله لهو شيء لا یحمد عقباه '

..

"قال الصوت بحزم ناهیا ، ما جعل سیرس تومئ ببطء ، بینما اخذت بنظرة أخیرة على ظهر فراي

..

هي لم تستطع سوى العودة لتلك اللحظة التي رأته بها بتلك الرؤیة ..

..

فقط .. مالذي عناه ذلك بالضبط ؟

..

سیرس لم تملك الاجابة ..

..

لكن المستقبل كان كفیلا باعطائها واحدة ..

...

2025/08/08 · 346 مشاهدة · 5021 كلمة
Song
نادي الروايات - 2025