"فراي قابلها بابتسامة."
...
"أوريل، لهي مفاجأة مرافقتك لي، ألا يفترض بالقديسة أن تلاحق البطل الموعود؟" سأل فراي بينما أومأت أوريل له.
"لست بمخطئ، القديسة تتبع البطل بالفعل، وهذا ما تفعله يوراشا.. لا حاجة لتواجد قديستين اثنتين لذلك اخترت هذا الجانب" "فهمت" أومأ فراي، بينما سار رفقة أوريل نحو طليعة الجيش.
"وجودك سيكون دعما كبيرا للجنود، فالتبقي خلفي وحاولي مواكبتي"
تحدث فراي، بينما وجدت أوريل نفسها لا تستطيع سوى أن تتعجب من سلوكه العجيب.
"فراي، هل أنا أتوهم الأمر أم أنك تبدو.. متحمسا؟"
تلك الابتسامة التي شقت وجه فراي لم تكن طبيعية مطلقا، وعلى ما يبدو هو لم يكن مدركا لها.
محاولا التلاعب بتعابير وجهه، هو اعتذر.
"آسف، أريتك مظهرا غير لائق"
أمام اعتذاره، وجدت أوريل نفسها تلوح بيديها..
"أبدا.. لا داعي للاعتذار فمن الطبيعي أن يرغب المحاربون بالقتال من أجل أحبائهم" حاولت أوريل التماس العذر لفراي على الفور، ما جعله يضحك ساخرا.
"كلامك صحيح، لكنني لم أرد إبداء هذا النوع من المشاعر أمامك، لقد كنت تتجنبينني مؤخرا لهذا السبب أليس كذلك؟"
كلمات فراي جعلت معالم التفاجئ تظهر بشكل جلي على وجهها، قبل أن تتحول إلى شيء آخر، مرتبكة مما قاله فراي.
'هل كنت الوحيدة التي رأت ذلك؟'
أوريل اعتقدت بصدق أن فراي شاركها تلك الرؤيا الغريبة، وكانت تنتظر اللحظة المناسبة لتحدثه عنها..
لقد أخذ منها الأمر بعض الوقت لتتخطى الخوف الذي نشأ بقلبها، فهي رأت نفسها تموت بيديه..
لكن على ما يبدو، هو لم يكن مدركا للأمر، ما جعلها تتساءل عن ماهية تلك القوة بالضبط.
هي لم تطل التفكير، لأن تصحيح سوء الفهم كان أولوية لها حاليا.
"لم أتجنبك لهذا السبب.."
هي قالت، بينما رفع فراي حاجبيه.
لقد اعتقد بصدق أن أوريل كرهت تعطشه الغريب للدماء..
"إذا لم يكن هذا هو السبب.. إذا لماذا؟"
سأل بفضول حقيقي، لكن أوريل هزت رأسها..
"لا أستطيع الحديث عن الأمر هنا، إذا كان الأمر مناسبا لك فالتخصص لي بعض الوقت بمجرد أن نخوض معركتنا القادمة.. حينها سأخبرك بكل شيء"
أوريل قررت بالفعل أن تصارحه بكل شيء، هي لم تر فائدة من إخفاء الأمر.
لكنها لم تستطع الحديث عن الأمر هنا بين الجنود، هم كانوا على وشك التحرك داخل أرض العدو وفراي كان قائدا لهم، هي لم تستطع سحبه بعيدا لذلك لم يكن لهما سوى الانتظار.
"بعد المعركة إذا"
تعمقت ابتسامة فراي.
"سيكون على كلينا النجاة إذا، أهذه طريقتك لطلب الحماية مني؟ أوريل؟"
فراي أساء الفهم مرة أخرى ما جعل أوريل تفتح فمها محاولة قول شيء ما، لكن فراي بدأ بالضحك بدون سابق إنذار موقفا إياها.
"لا داعي لإبداء هذا الوجه فأنا أمزح فحسب، بجانب ذلك.. لقد كنت أنوي فعل ذلك على أي حال"
لم يكن هناك حاجة لها لتطلب، فهو بطبيعة الحال لن يسمح بموتها.
فراي كان مباشرا جدا، لذلك لم تجد أوريل الكثير لتقوله له.. لقد بدا هو الأكبر سنا بأوقات كهذه، وليس العكس..
مرشحة القديسة أنزلت رأسها غارقة على ما يبدو داخل أفكارها، محدقة بتلك الظلال التي زحفت من تحت أقدامها..
ذلك السواد ذكرها بشيء معين.
"هل سترافقنا تلك الشيطانة؟"
فراي استدار إليها آخذا بنظرة على الظلال من تحتهم.
"تعنين سانسا؟ نعم هي موجودة بيننا الآن بينما نتحدث" لم يكن من السهل رصد وجود سانسا، لكن فراي لم يجد صعوبة بذلك.
برؤية عبوس أوريل، فراي تنهد مدركا لكرهها الشديد للشياطين.
"سانسا حليفة لنا، وشخص عزيز علي.. أوريل، أريدك أن تثقي بها" لقد كان طلبا نادرا من فراي، لكن أوريل لم تعط أي إجابة، وهو لم يحاول إجبارها، فقد كان مدركا لماضيها بالفعل.
لكنه أراد أن يزرع البذرة، لعل وعسى أن يأتي يوم تتقبل به أوريل الشيطانة التي عاشت بينهم.
فراي وأوريل لم يستطيعا الحديث لوقت أطول، فأصوات الجنود، وقرع الطبول، والأرض التي اهتزت من تحت أقدامهم قد طغت على كل شيء آخر.
بينما أشعل إيريس صنلايت الأجواء ملقيا خطابا ملحميا، صاح الجنود مهللين، بينما استعدوا للانطلاق وبدأ الحرب بشكل فعلي.
لسوء الحظ، فراي لم يعط الكثير من الاهتمام لخطاب ذلك العجوز ما جعله يفوته بشكل كامل..
يمكن القول أن تركيزه بأكمله قد كان منصبا لما تواجد أمامه..
بينما تطلع لما هو قادم، تفاجأ فراي من رجل ضخم الجثة يقترب منه من الميمنة.
رجل طويل القامة، مشوه تماما بشعر بني محمر أخاه تحت خدوده المنبعجة.
ظهره حمل سيفا عظيما، وأعينها كانت مخيفة لا تعرف الرحمة..
"أنت.." قال فراي متعرفا عليه..
لقد كان هو أحد الثمانية الذين اختاروا مرافقة فراي حتى النهاية..
"أرى أنك لا تزال تتذكرني، وهذا يشرفني.. لورد ستارلايت"
مشيرا لنفسه بصوت خشن مرعب جعل الكثير يتحاشاه، هو أعلن.
"اسمي مورفال نوكس، مرتزق منفرد قضيت حياتي أتجول بساحة المعركة"
عرف مورفال عن نفسه، مظهرا ابتسامة مشؤومة بدت شبيهة بتلك التي أبرزها فراي. "مورفال إذا؟ لهو تعطش مرعب للدم هذا الذي يصدره جسدك الآن.."
بسماع ذلك، ضحك مورفال بصوت عال.
"أليس هذا واضحا؟ لورد ستارلايت، فلهذا السبب بالضبط قررت اتباعك"
"وهو؟ وكيف هذا بالضبط؟" سأل فراي عما هو واضح، لكن مورفال تماشى معه.
"لن أكذب عليك، لورد ستارلايت..
أنا هنا من أجل القتل، أريد أن أمزق وأسفك دماء أكبر عدد ممكن من البشر، لقد كنت أعيش حياتي أتنقل بين ساحات المعارك والحروب طيلة حياتي لهذا السبب وحده"
بدا مورفال منتشيا، وبكل وضوح هو لم يكن إنسانا طبيعيا سويا، لقد كان شاذا بطريقة عجيبة جعلته يعشق تقطيع اللحم البشري.
"بجانبك، لورد ستارلايت أشعر أنني سأتمكن من إرضاء هذا الجوع أخيرا.. الجوع للقتل"
ضحك مورفال بصوت عال جعل الجنود من حوله يبتعدون عنه أكثر وأكثر.
لقد كان مشهورا بالفعل، فهو ليس بالمحارب الذي يقاتل من أجل بني جنسه وبلده، بل مجرد سفاح مجنون وجد ضالته بساحات الموت والدمار.
هناك، هو يستطيع أن يكون على طبيعته.
شخص كهذا لربما كان أشد شرا وبغضا من الالتراس بكثير..
فهو له تاريخه المظلم.
فراي كان مدركا لكل ذلك، لكنه لم يبد أي رد فعل يذكر، بل بدا مرحبا.
"جيد جدا، مورفال نوكس فلتستعد إذا لتلطيخ يديك بالدم، فنحن لن نرحم أحدا"
هو أعلن، بينما سار بمقدمة الجنود قبل أن يندفع للأمام..
ثم ما هي إلا لحظات معدودة لتخترق الفرقة الأولى قارة الأعداء، بقيادته هو ولا أحد غيره.
لقد عاد المغتالون والمستطلعون بالفعل، وبات فراي الآن على دراية بموقع العديد من أعدائه.
هو كان عازما، على قتلهم جميعا حتى آخر واحد منهم.
العالم يمر بتقلبات عديدة ، فقريبا سيتصادم الملوك ،
وسيتم كشف الاوراق جميعها.
الحرب الذي جمعت بين البشر و البشر ، قد جذبت بشكل مثير للسخرية كل تلك الانظار ، و الان و بهذه اللحظة بالذات..
أصبح من المستحيل توقع ما قد يحدث بتلك الحرب التي لم تبدأ بشكل فعلي حتى الان .. حرب الظلمات.
...
...
الجزيرة المقدسة - صقلية -
جنة أتباع الكنيسة الذين أعماهم إيمانهم لوقت طويل هي كانت حقا جنة فوق الأرض ، بمعجزة عجيبة جعلت ذلك الشلال ينزل من السماء ، مغديا ارضها و سكانها بنعمه.
منذ عودة السير آلون ، و هجومه المفاجئ على الكاتدرائية الرئيسية ، قل نشاط الكنيسة بشكل كبير لدرجة انها بدت الان تابعة للامبراطورية بشكل كامل.
..
علوق كل من الاسقف الاعلى ميخائيل بلاتيني و راميئيل كاليستيس بمكعب السجن الخاص ببياتريس لم يزد الوضع سوى سوءا.
أتباع الكنيسة كانوا موجودين بكل مكان ، سواءا بالعوائل أو النقابات الكبرى.
هم كيان غرس جذوره بشكل عميق جدا لدرجة أنهم إعتبروا لوقت طويل جدا حجر الأساس داخل اسوار الإمبراطورية.
إدعانهم الكامل لأوامر الإمبراطور العائد من قبره السير ألون كان شيئا لم يتوقعه الكثيرون.
و الان ها قد بدأت حرب الظلمات ، و الكنيسة ارسلت فردها الاقوى .. القديسة يوراشا للحرب رفقة البطل المختار الخاص بهم.
يمكن القول أن جانب اتباع لورد الضوء قد اظهر ولاءا حقيقيا للامبراطورية التي إنتموا لها.
خصوصا ضد عدوهم الأوحد .. الالتراس.
الكنيسة أرادت القضاء على أتباع الشياطين القذرين أكثر من أي شيء آخر ، و تخليص هذا العالم من مآربهم.
هذا القدر كان صحيحا بالفعل ، و لكن.
..
هل حقا كان الالتراس ، هم العدو الوحيد يا ترى ؟
الحقيقة كانت ابعد من ذلك بكثير....
بالجزيرة المقدسة صقلية.
..
شقت مجموعة من الرجال طريقها فوق تلك الأرض المقدسة ، متجهين إلى مكان معين لم يفكر الكثيرون بالاقتراب منه من قبل.
..
بقيادة الاسقف الثلاثة الاعلى ، هم تقدموا بسرعة كبيرة بينهما رافقتهم مجموعة صغيرة من الرتب العليا داخل جدران الكنيسة.
هدفهم كان قاعدة ذلك الشلال الهائل الذي نزل من السماء.
بمقدمة المجموعة ، تواجد الاسقف الاعلى بلاتير ، العجوز الذي قضى سنين طويلة يقود الكنيسة من الاعلى.
"ما أخبار الحرب ؟"
هو سأل بوجه خالي من التعابير ، ليتولى الشخص على يمينه الإجابة.
لقد كان راميئيل كاليستيس ، الاسقف الاعلى الوحيد الذي لم يشب شعره ، و الاصغر بين الثلاثة.
"مما سمعته من التقارير ، فقد حدث الصدام الأول بين القوات اليوم ، رغم أن الجيوش الرئيسية لم تتحرك بعد إلا أن الطليعة خاضت معركة صعبة ، يمكن القول أن الوضع لصالح الإمبراطورية حتى الان.
بسماع ذلك ، بلاتير أومأ برأسه.
.
"البطل موجود بالطليعة ، لذلك لا مجال لهم للخسارة ، فلورد الضوء لن يسمح أبدا بموت رسوله فوق هذه الأرض.
"
بجانب ذلك ، القديسة يوراشا بجانبه ، و لا يوجد العديد بهذا العالم الذين يستطيعون قتلها.
"لقد ارسلنا الكثير من القوات بجانب البطل و القديسة ، لذلك الوضع هادئ حتى الان و العائلة الملكية لم تطلب المزيد ، لكن احتمال طلبنا شخصيا مستقبلا واعد جدا.
"..
تدخل هذه المرة الرجل على اليسار ، الاسقف الاعلى الاخر .. ميخائيل بلاتيني و المعروف بجلاد الكنيسة.
التعابير الخشنة على وجهه و تلك النظرة القاسية هي أشياء جعلته الاقل شعبية بين الاسقف دوما.
محدقا ببلاتير ، هو أشار لنقطة مهمة.
"العائلة الملكية يعتقدون انهم أحكموا قبضتهم علينا ، ولا مانع من ذلك ، فالوضع هكذا يصب لصالحنا ."
بمجرد قوله لذلك ، توقف الاسقف الاعلى بلاتير عن التقدم ، بعدما وصل وجهته اخيرا.
..
قاعدة الشلال العجيب الذي شق السماء.
..
"الإمبراطور الحديدي خطير جدا ، فأنا لم أتوقع أن يهاجمنا بمفرده بمجرد عودته ، ذلك العجوز يملك ثقة ، عمياء بقوته حقا ...
السير آلون كان مجرد رجل واحد ، لكنه يملك من الخبرة و القوة الكثير ما جعل بلاتير لا يقاومه كثيرا.
..
لكن حتى هو .. لم يستطع اكتشاف هذا المكان رغم أنه كان قريبا جدا"
بابتسامة خبيثة لم تناسب هالته النبيلة ، تقدم بلاتير و فريقه للامام ، مخترقين الشلال امامهم.
بينما ساروا بثقة ، توهجت اجسادهم بضوء القوة المقدسة ، ضوء شديد اللمعان لدرجة انه انار الطريق أمامهم.
..
ثم بدون سابق انذار ، حدثت ظاهرة عجيبة لم يكن لها تفسير.
..
فبلاتير ومن معه قد دخلوا الشلال من ناحية ، لكنهم لم يظهروا من الناحية الاخرى أبدا.
..
و كأن الشلال قد إبتلعهم تماما.
..
لكن الحقيقة كانت مختلفة جدا ، فالارض التي وطأتها اقدام بلاتير ومن معه ، كانت و بدون ادنى شك لا تزال جزءا من الجزيرة المقدسة صقلية ، لكن في نفس الوقت.
..
هي لم تكن.
بالجانب الآخر من الشلال ، الجزيرة بدت نفسها من حيث تضاريسها ، لكن اجواءها كانت مختلفة جدا ...
فالسماء بذلك المكان كانت مظلمة تماما ، مرصعة بالنجوم التي بدت مثل المصابيح في السماء.
رغم أنه كان نهارا قبل لحظة بالجانب الآخر..
..
المكان بذلك الجانب كان مباركا أكثر بكثير ، فالخضرة و الطبيعة قد فرضت نفسها بحمالها.
..
الأرض كانت مشبعة بالاورا ، و الهواء نفسه جعل كل من وطأت اقدامه ذلك الجانب المخفي يشعر وكأنه ولد من جديد.
بهذا الجانب المفقود ، لم يكن هنالك الكثير ليحكى عنه.
..
فقط الطبيعة الخضراء ، و بعض المباني القليلة المتفرقة ، التي كانت بمثابة معابد بجلت بها الآلهة المزعومة التي اتبعها افراد الكنيسة.
أمام بلاتير و جماعته ، ظهرت فرقة أخرى ، ارتدى الجميع منها الابيض من الرأس للقدمين.
..
عجزة ، و رجال و نساء ، حملت أعينهم من الايمان الكثير.
..
هم جميعا انحنوا باحترام لبلاتير ومن معه.
نرحب بالاسقف الاعلى ، هنا بأرض الليل الأبدي.
"Noctherra.. "
الأرض المختومة التي لم يسمح سوى للقليل بدخولها و السر الذي أخفته الكنيسة طيلة تلك السنين.
بلاتير أوماً ، بينما تفقدت أعينه العميقة المكان."
..
هل الملاك جاهز ؟"
..
هو سأل السؤال الاهم ، و السبب الذي جعله بغامر بدخول المكان.
..
العجوز بمقدمة الحشد المرحب بابتسامة عميقة و اعين مغمضة ، أومأ بالايجاب.
"أعطي الامر ، سيدي بلاتير .. و سيتحرك سلاحنا الاعظم من اجلك."
جيد جدا "
..
قال بلاتير ، بينما تعمق رفقة اولئك الغرباء عميقا داخل أرض الليل الابدي.
"حرب الظلمات بدأت ، و سيدمر الالتراس و الإمبراطورية بعضهما البعض ."
بحرب كهذه ، لن يتردد كلا الجانبين بإخراج كل اوراقهما ، بالتالي لن يبقي أي جانب على اوراقه الرابحة.
سيتطاحنان بقوتهما الكاملة ، و سيكون هنالك فائز بكل تأكيد ، لكن ذلك لن يهم كثيرا.
"عائلة ستارلايت ارسلت اهم قواتها للحرب ، على رأسهم ذلك الوحش فراي ستارلايت ، و العائلة الإمبراطورية تتدخر قوتها من أجل التعامل من سادة الالتراس .. عاجلا أم آجلا ، سيتكبد الاثنان الكثير من الاضرار ."
بينما تتوجه الانظار كلها نحو قارة الالتراس ، و تصل الحرب نقطتها الحرجة . لن يتوقع احد ما سيحدث على الجانب الاخر من العالم.
"لقد حان الوقت ."