أعتذر إن كان هناك خطئ في تدقيق هذا الفصل

...

العاصمة الإمبراطورية - بلغراد

بالجانب الاخر ، هناك بعيدا عن ساحة الحرب

..

عاش مواطنوا الإمبراطورية حياتهم بشكل طبيعي بعيدا عن اهوال الحرب

كانت تلك نعمة لم يحصلوا عليها بالحرب الاخيرة التي جرت فوق ارضهم

فالناس العاديون من أمثالهم أفضل و أسهل الضحايا التي يمكن أن يظفر بها العدو

صحيح أن البشر أجمعين قد اكتسبوا القدرة على التلاعب بالاورا قبل عدة قرون ، لكن النسبة الاكبر منهم لم تحصل على تلك القفزة الكبيرة بالقوة ، فملايين الناس يبقون عالقين بالرتب الدنيا طيلة حياتهم

فقط قلة مختارة هي تلك التي قدر لها السطوع و بلوغ القمة

..

بعد أن تم إعفاء اولئك الناس العاديين من اهوال الحرب ، يمكن القول أن هذا لوحده ازاح عبئا كبيرا من على اكتافهم "

..

لكن التوتر لم يختفي بشكل كامل ، فما هذه سوى راحة مؤقتة ، فنتيجة الحرب هي ما ستحدد ما ستؤول اليه الأمور.

باسوء الاحوال ، لو خسر جيش الإمبراطورية ، فذلك سيعني النهاية للكثير منهم

الامير ايفون فاليريون كان متفطنا لهذا الجانب ، مدركا أن رعاياه لن يناموا الليالي لو تركهم على حالهم .

لذلك قام ببث مجريات الحرب بشكل مستمر لهم ، مع الابقاء على تأخير كافي جعله قادرا على التلاعب بالحقائق دوما .

هو عرض لهم الانتصارات فحسب ، و ذكر بعض الهزائم

لكي يجعل عرضه واقعيا أكثر لاوئك الذين شغلو عقولهم "

بدمج مهاراته و موهبته الفظيعة للتلاعب بالاخرين ، خطته نجحت بشكل مثالي بحيث جعل قارة كاملة لا ترى ولا تسمع شيئا سوى ما ارادهم هو أن يسمعوه

منذ الانتصار الشاق بخليج شيزكلار ، بعدما قلب فراي ستارلايت لوحده مد المعركة ، الحرب انتقلت لمرحلة مختلفة تماما ، أفضل وصف لها هو " الهدوء ما قبل العاصفة "

قوى الجانبين كثيرا ما كانت تتصادم فوق ساحة المعركة كل يوم ، وسيموت المئات كل يوم بطبيعة الحال

الالتراس بداوا باستعمال مخلوقات الكابوس ، و الإمبراطورية ردت عن طريق وضع مصنف قوي واحد على الاقل بكل فرقة ، ما جعلهم قادرين على النجاة حتى الان ضد وحوش الكابوس و قوات الالتراس.

لكن وعلى الرغم من موت الكثيرين ، الا ان تلك لم تكن سوى البداية

الحرب ستبدأ بشكل فعلي عندما يرمي كلا الجانبين بكل ما لديهما ، سواء قادة الإمبراطورية او الالتراس ، جميعهم يعلمون ذلك بالفعل.

و هذا السبب وراء تحفظهم حتى الان ، ما جلعهم يخوضون الحرب بحذر و دون أخذ المخاطر .

طبعا الجميع ، باستثناء فرقة انتحارية واصلت اخراق قارة الالتراس دون توقف

..

العلامة الفارقة أن قائد تلك الفرقة لم يكن سوى فراي ستارلايت الذي ذاع صيته كثيرا مؤخرا .

كان بمثابة ملهم للكثيرين ، و صداع حقيقي لأمثال ایریس صنلایت الذين لم يعرفوا كيف يسيطرون عليه

العجيب بالامر أنه حتى بوضع كهذا ، تمكن الامير ايفون فاليريون من استغلال فراي مستعملا اسمه للتلاعب

بقلوب رعايا الإمبراطورية

فمهما نظرت للامر ، ذلك الشاب سيئ السمعة ، فراي ستارلایت كان يكتب اسطورته الخاصة أمام أعينهم الان

بأوقات الحرب ، الانجازات و الاساطير التي تروى بساحة المعركة هي أكثر ما يؤثر بالناس ، و هذا ما راهن عليه ايغون فاليريون

..

هذا الأخير تواجد حاليا بالقصر الإمبراطوري لعائلته وحيدا يتجول بين الممرات الكثيرة لذلك المكان المهيب

متفقدا آخر مستجدات الحرب باهتمام ، كانت المزيد و المزيد من التقارير تذكر فراي ستارلایت

مثل الاب ، مثل الابن .. اليس كذلك ؟" قال ايغون ضاحكا .

من توقع أن فراي ستارلايت سينمو كثيرا بما فيه الكفاية ليصبح وحشا شبيها بوالده .. آبراهام ستارلایت

..

..

بل لربما افضل حتى .. فبحرب الضوء ، آبراهام ستارلايت كان قد تجاوز ال 30 من عمره بالفعل ، على عکس فراي ستارلايت الذي خاض الحرب وعمره لا يزال 19 عاما فحسب .

لو تم منحه المزيد من الوقت ، لربما سيتخطاه ."

فراي شابه أباه حقا ... باكثر من طريقة

مثلما تم إستعمال الاب بحرب الضوء ، خضع الابن لنفس المصير بحرب الظلمات

سلاح فتاك داخل ساحة المعركة ، و ملهم و بطل ، للاخرين خارجها

..

"عائلة ستارلايت وفرت موادا رائعة حقا طيلة هذه السنين "

قال ايغون ، متوقفا أمام باب معين

" ثم بدون سابق انذار ، هو مد يده محاولا فتحه ، فإذا ، بصاعقة هوجاء تتشكل من العدم مستهدفة رأسه "

..

هجوم كاسح حمل قدرا مرعبا من القوة ، لكن ايغون قام بحرفه بسهولة بواسطة ظهر يده

..

ثم قبل أن يصطدم الهجوم بالارض و يقوم بتدميرها ..

..

ايغون مد يده على الفور بسرعة عجيبة ، مشكلا دوامة

سوداء امتصت الصاعقة بالكامل مبددة اياها

"والدي الغبي حقا أخذ وقته باخفاء هذا المكان و تحصينه "

المكان كان مخفيا بسحر رفيع المستوى ، عشرات ، الدفاعات والفخاخ

..

الصاعقة الاخيرة كانت آخر ما اصطدم به الامير حتى الان

هذا الأخير بدا منزعجا بعدما اضطر ليس فقط لتخطي

تلك الفخاخ ، بل صدها بشكل كامل دون ترك اثر .

ليس ذلك فحسب ، بل قام بنسخها مرة أخرى لكي يبدو المكان و كأنه تم اختراقه

لتحقيق ذلك ، الامير اظهر قدرا معتبرا من القوة ، التلاعب بالموجات ، و السحر حتى ، لو رأى شخص آخر ما فعله ، سيصاب بالصدمة بلا ريب ، فقدرات الامير كانت مبهمة حقا .

ايغون دفع الباب بلا مبالاة ، ليدخل تلك الغرفة الجليدية ، غرفة لم يعلم أحد عن وجودها من الأساس

غرفة لم تحتوي سوى على الجليد ، و ثابوت واحد زجاجي بمركزها ، ايغون وضع قدمه بالداخل ، بينما تمشى بهدوء

والدي لم يكن يغادر هذه الغرفة مطلقا بشكل مزعج ، ما جعلني عاجزا عن القدوم .. و كأنه يخفي أغلى كنز ، عرفه العالم بهذا المكان "

.

ملقيا بنظرة على الرجل داخل الثابوت ، توهجت اعين إيغون لوهلة ، مظهرا عبوسا غير مفهوم .. لكنه سرعانما تحول لابتسامة

" آبراهام ستارلايت .. تنام بمكان مظلم هكذا ، أنت الذي ، يفترض بك أن تكون النجم الألمع لجنس البشر كافة , لهو امر مثير للسخرية , ضحك ايغون بخفة ، مواصلا استكشاف المكان "

..

لكن هوس ذلك الرجل بك فاق الحدود حقا ، ان يتمادى لدرجة إحتفاظه بجثتك طيلة هذه السنين .. بدأت اشك , حقا بميوله "

..

مايكار فاليريون كان مهووسا حقيقيا بآبراهام ستارلایت ، هوس جعله ينظر اليه بطريقة تختلف عن الآخرين

آبراهام كان بمثابة السيف الذي حمى ما كان عليه الإمبراطور السابق مايكار .

الرجل الذي عندما تواجد بالجوار ، لم يجرؤ أحد على اختراق اسوار الإمبراطورية ، الرجل الذي فاز بالحروب و المعارك من اجله

كانت علاقة قائمة على المصلحة بشكل كامل ، فمایکار استعمل ابراهام أكثر من مرة

و نجم عائلة ستارلايت كان ينجز المهام على اكمل وجه

كان مثاليا ، ولربما هذا هو سبب هوسه به

"لم تخيب أملي أبدا يا ابي ، لا .. بل علي القول يا مايكار فاليريون ، جعلك تستعيد هذه الجثة كان القرار الصحيح بعد كل شيء !"

ايغون لم يستطع منع نفسه من الضحك .. ضحك كثيرا من سهولة التلاعب بأولئك الناس الذين عاش بينهم

"البشر" مخلوقات مثيرة للاهتمام حقا ، تقودهم دوافع و مشاعر تافهة ، سواءا هوس جنوني بشخص ما ، أو ايمان اعمى لاه زائف ، أو رغبات سخيفة ، اشياء تجعلهم مثل الحيوانات .. يفعلون أي شيء من أجلها . "

الحرب الحالية كانت خير مثال .

"إمبراطورية تقاتل بكل ضراوة ، معتقدين انهم هم الاحق و الاصح ، بشر يتبعون الشياطين يحاربون هم الآخرون محاولين اثبات انهم هم البشر الحقيقيون .. "

توقف ايفون للحظة بينما تعمقت ابتسامته .

"كنيسة تنتظر اللحظة المناسبة ، للضرب و تحقيق طلبات إلاههم المزعوم .. و غيرهم الكثير ممن يتحركون بالخفاء بينما تقودهم اهداف و دوافع مختلفة "

تعددت الجوانب ، و هناك الكثير من المتغيرات ما جعل ايغون مستمتعا بحق بما كان يشاهده.

"هذه الحرب ستتحول للوحة الفوضى الافضل! تحفة فنية تستحق أن يحكى عنها لوقت طويل!"

واضعا يده فوق الثابوت ، محدقا بالرجل النائم بالداخل . ضحك ايغون .

"اللوحة الفنية لن تكتمل بدون ابرز نجومها ، اليس كذلك؟"

تزامنا مع كلماته ، توهجت يد ايغون باورا مظلمة غريبة بدأت تزحف فوق الثابوت الزجاجي ببطء ..

"أتساءل كيف يبلي فراي بالجانب الاخر .."

ذلك الشاب الذي خاض الكثير ، جاهلا بما كان يحدث بالخلفية.

المستقبل حمل الكثير من الأحداث لذلك المحارب الذي واصل المضي قدما حتى الان ..

...

...

قارة الالتراس - هناك بشرق القارة .

بمكان ما بعيدا بمئات الكيلومترات عن ضفاف البحر .

كانت فرقة معينة تخوض معركتها ضد الاعداء .

هذا هو اليوم الرابع عشر منذ بدأ الجولة الثانية من الحرب .

فراي ستارلايت و رفاقه تقدموا كثيرا ، و مع تقدمه المرعب ذاك .

فرقته تقلصت كثيرا .

من ألف رجل ، الا العشرات لا غير .

نتيجة تهور قائدهم ، و قراراته الغريبة ..

ادى ذلك الى فرار الكثيرين ، و مات العدد الاكبر بالصدامات السابقة .

أصبح فراي و رفاقه الان بقلب قوات العدو .

هم اصبحوا يتعرضون للهجوم باستمرار و بلا توقف .

من الأمام ، من الخلف ، من اليمين .. من اليسار .

سيتعرضون لعدوان و بطش الالتراس دوما و بكل الاوقات .

فراي ستارلايت كان وحشا حقيقيا .

رغم الوضع الغير مؤاتي ، إلا أنه ذبحهم جميعا بالنهاية مهما كانت اعدادهم .

عندما تنتهي المعركة ، لن ينجو و لو فرد واحد من الالتراس ... هذه كانت حقيقة مسلما بها .

لكن و رغم قوته البالغة ، إلا انه لم يكن سوى مجرد رجل واحد .

يستحيل أن يتصدى لكل شيء وحده .

فكثيرا ما كان العديد من الجنود يموتون بالفعل قبل أن يصل سيف فراي اليهم .

و حتى الافراد الاشد قوة الاخرون من فرقتهم لم يستطيعوا اعانتهم .

بنهاية كل معركة ، كان فراي يأمر بدفن كل الجثث المتبقية من رفاقهم .

العملية كانت تأخذ وقتا طويلا احيانا نظرا لإختلاط الجثث مع تلك الخاصة بالاعداء ، و هذا ما جعل المهمة بحد ذاتها شاقة و غير مرغوبة للكثيرين .

لكن فراي بنفسه كان يفعلها ، لذلك لم يكن للكثيرين سوى اتباعه .

بمجرد انتهائهم ، هم يستريحون لليلة واحدة فقط بكل مرة .. قبل أن يتحركوا مرة أخرى بأمر من قائدهم .

تكرر الامر كثيرا ، لدرجة ان البعض بدأ يخسر نفسه تدريجيا محاولا اتباع ذلك الزخم الجنوني .

'الكثير من الدم ..'

هذا ما فكرت به مرشحة القديسة ، اوريل بلاتيني و هي تشهد كل تلك الوقائع بأعينها الزرقاء الصافية ..

بنهاية معركة طاحنة أخرى اودت بحياة الكثيرين ، تجولت اوريل بين جثث الموتى بعدما تولت علاج كل من بقي على قيد الحياة.

بساحة الموت و الدم هذه .. كثيرا ما كتمت اوريل ذلك الغثيان المتصاعد داخل صدرها .

هي لم تكن مألوفة مع مشاهد كهذه .. رغم انها توقعت الامر لحدد ما .. إلا أن الواقع و الخيال لم يكونا متشابهين مطلقا .

اوريل كانت تتجول بين الجثث بنهاية كل معركة ، جاعلة من نفسها شاهدة على كل ما حدث .

كانت هذه هي طريقتها لتعتا و تصبح قادرة على المضي قدما ، المضي و كأن شيئا لم يحدث ..

مثل فراي .. مثل سانسا.. و مثل الاخرين من فرقة المجانين التي اتبعتهم ..

كانوا قادرين على القتل دون أن ترمش أعينهم ، ثم المواصلة دون أن تهتز قلوبهم .

لكن و مهما حاولت .. اوريل لم تستطع فعلها ..

إدراكها أن هذه ما هي سوى البداية لم يزد الامر سوءا!

"فقط مالذي تحاول إثباته هنا .. فراي ؟"

إلى أين سيقودهم بالضبط ؟

اوريل بلاتيني ، هي الفتاة التي تم اختيارها لتكون القديسة التالية .

جاءت للحرب متبعة خطى سابقتها .. القديسة الحالية يوراشا .

ثم عندما حانت الفرصة المناسبة ، هربت اوريل متبعة فراي .

كانت تعلم بالفعل بشكل مبهم أنه سيقدم على حركة كهذه ..

لذلك جاءت معه .

"معك ... شعرت و كأني سأتمكن من الهرب .. الهرب منهم "

لكن الان ، هي وجدت نفسها عالقة برقعة الدم و الموت هذه ..

بدا الامر و كأنها هربت من مصير مظلم ، لينتهي بها الامر لومواجهة مصير اشد ظلاما .

هنا بين الجثث ، اوريل غرقت داخل افكارها .. بينما تمسكت باكمامها بشدة لمقاومة ذلك الالم الشديد الذي أصبح اسوء و اسوء مؤخرا ..

بينما انعزلت بشكل كامل داخل عالمها الخاص ، ثم اعادة اوريل الى الواقع مرة أخرى .. عندما سمعت صوت شخص معين بالقرب منها ..

"أيها الجوف الذي سبق الخلق ،

هبني السكون ، واغمرني بالنسيان ،

دع ظلي يبتلعني ، ودع عيوني لا ترى سوى النهاية."

أحدهم كان يرتل نوعا معينا من الصلوات ..

اوريل كانت مألوفة مع هذا النوع منها ، فهي كانت

صلوات لا يرددها سوى اتباع الكنيسة ..

هي وجدت نفسها تقترب من مصدرها دون وعي منها ، بعدما حملتها ارجلها اليه دون وعي منها ..

صاحب الصلوات كان رجلا رأته كثيرا بالايام الاخيرة ..

رجل بملامح مخيفة جعلته يبدو مختلفا كثيرا عن سائر البشر .

هي لم ترى بحياتها قط رجلا بتلك الكمية الغير منطقية من العضلات...

طوله تجاوز المترين ، كاشفا عن الجزء العلوي من جسده المليئ بالندوب .. هو جلس بهدوء يتلوا صلواته أمام جثث حلفائه و اعدائه على حد سواء ..

اوريل تعرفت عليه على انه أحد الثمانية الغرباء الذين اتبعوا فراي .. المرتد غريم .

هذا الأخير انتبه لوجود اوريل ما جعله يوقف صلواته

مرحبا بها .

"آه .. القديسة بلاتيني ، إنه لشرف "

هو قال بابتسامة مقرفة ارسلت القشعريرة لعودها .

"ستغرب الشمس قريبا ، و معها ستغرب ارواح هؤلاء المساكين .. منهم من سيرى النعيم ، و منهم من سيعاني بالجحيم .. القديسة بلاتيني ، لنصلي معا على ارواحهم "

دعاها غريم بابتسامة .. بينما لم تقل اوريل أي شيء ، فلسانها عجز عن التعبير ..

لكن لسبب ما ، هي لم ترتح مطلقا للرجل الماثل امامها .

المرتد غريم .. تابع سابق للكنيسة .. تحديدا قسم الجلادين منها .

طرد منذ وقت بعيد ، و حرم عليه دخول الجزيرة المقدسة بعدما تسبب ذات يوم بمجزرة راح ضحيتها العشرات .

من بين ضحاياه ، ذكر وجود اطفال لم يبلغوا العاشرة حتى...

اطفال .. رجال ، نساء ، جميعهم قتلوا بطريقة وحشية .

عندما تم سؤاله عن دوافعه لاحقا ، ذكر أنه لم يقم سوى بما املاه عليه إلهه المزعوم .. لورد الضوء .

صنف على انه مجنون .. حكم عليهم بالإعدام أكثر من مرة .. لكنه كان يهرب دوما .

و بطريقة ما .. ها هو الان يظهر بطليعة الحرب .

"مالامر ؟ قديسة بلاتيني ؟ "

سأل غريم ، لتجيب اوريل بابتسامة .

"إعذرني ، لقد شرد ذهني للحظة "

جالسة بجانبه ، بدأت اوريل تتلوا صلواتها هي الأخرى ،

ما جعل غريم يبتسم بشكل أوسع بينما شاركها الصلاة.

الامر لم يأخذ منهم الكثير من الوقت ، لكن الليل كان قد حل بمجرد انتهائهم ..

بينما التقطت اوريل انفاسها ، وجدت نفسها تدحرج أعينها ناحية غريم الذي واصل شبك يديه متضرعا ...

لوهلة .. بدا لها مثل مؤمن تقي ..

لكنها لم تستطع سوى أن تتذكر حقيقته .. حقيقة الوحش الذي رأته يهشم رؤوس اعدائه بأياديه العارية طيلة الايام الماضية .

المرتد غريم ، معروف بقوته الجسدية و قوة قبضته القادرة على دعك الحديد .

الابتسامة لا تفارق وجهه قط ، حتى عندما يفجر رؤوس خصومه .

من حيث عدد القتلى .. غريم هو أكثر من قتل الاعداء

باستثناء فراي ستارلايت .

لكن ما ميز ضحاياه هو الحالة المزرية التي كان يتركهم عليها ..

بدا مثل وحش يستمتع حقا بالدم و القتل .. ذلك الوحش يجلس الان يصلي على ارواح ضحاياه بجانبها ..

ذلك الرجل لم يكن طبيعيا بكل تأكيد .

بمجرد انتهائه مما كان يفعله ، نهض هو الاخر .

"شكرا لك ، قديسة بلاتيني .. لنواصل تطهير هذا العالم من الشرور و نتبع خطى البطل فراي ستارلايت معا"

"آه .. بالطبع " ابتسمت اوريل معطية اياه ايماءة بسيطة ، لكنها لم تستطع تجاهل أمر معين .

"لربما أخطأت الفهم ، لكن هل قلت البطل فراي ستارلايت ؟"

يمكن فهم كلمة "بطل" و استعمالها بطرق مختلفة ، و اي شخص بهذا العالم يمكن ان يوصف بها .

ما قاله غريم لم يكن شيئا غريبا .

لكن .. و لأتباع الكنيسة بشكل خاص .. هذه الكلمة كانت مميزة .

فهي لا تستخدم سوى لوصف شخص واحد ، و هو البطل الموعود الذي يختاره لورد الضوء .

استعماله اياها مع فراي لم يكن شيئا سيقدم عليه تابع مخلص للكنيسة ..

غريم و بتلك الاعين المغمضة ، و الابتسامة المشؤومة .. استدار ناحية اوريل مرة أخرى .

"و اليس فراي ستارلايت بطلا من أبطال هذا العالم ؟"

"المعذرة ؟" قالت اوريل ، بينما واصل غريم .

"لورد الضوء هو من يمنح البركات و النعم لنا نحن البشر ، هو من يقودنا و هو من يعطينا القوة للاستمرار .. فراي ستارلايت ولد بمواهب هائلة جعلته يملك من القوة الكثير .. قوة لم يمنحه اياها سوى لورد الضوء نفسه "

"الابطال لا يكونون مبهرجين دوما .. فهم يولدون بالجانب المظلم احيانا "

بدا غريم مقتنعا تماما بما كان يقوله .. و مفتونا بقائده .

"هو الجلاد الذي وضعه الرب فوق هذه الأرض ليضرب رقاب كل المرتدين ، حتى لو أنكر الامر ، ففراي ستارلايت هو أحد أبطال اللورد .. بطل حقيقي يحقق العدالة بالدم و النار "

غريم كان مفتونا تماما بلوحة الدم التي رسمها فراي ستارلايت .

كان مقتنعا ان تلك القوة الجبارة لم تأتي من فراغ ، بل هبة جاءت من إلهه المزعوم .

لهذا السبب .. غريم قرر اتباع فراي ، لانه هو الجلاد الحقيقي .

اوريل استمعت إلى هذا الجنون ، ما جعلها تتأكد أكثر من غرابة تلك الفرقة التي اتبعت فراي .

هذا الأخير لم يؤمن يوما بلورد الضوء ، لكن غريم اصر انه احد ابطاله ..

غريم لم يكن مؤمنا تقيا ، بل مجرد مجنون يستمتع بالقتل و سفك الدم .

وحش يبرر جرائمه باسم الإله الذي اتبعه .

متواجدة بجانب حالة كهذا ، و متذكرة الرؤيا التي عاشتها بالماضي ..

اوريل لم تستطع سوى ان تتساءل .. أي مستقبل ينتظرهم يا ترى ، و مالذي يحاول فراي ستارلايت بلوغه بالضبط ؟

هذا الأخير كان يبتعد تدريجيا .. سالكا طريقا حوله ببطء لنوع آخر من الوحوش ..

منظور فراي ستارلایت

كيف يفترض بالمحارب أن يخوض الحرب ؟

سؤال راودني بالأيام الاخيرة

..

مر نصف شهر ، منذ إندفاعي الى اراضي العدو بكل تهور

..

لقد توغلت كثيرا لدرجة أن الاعداء احاطوا بي من كل حدب و صوب

منذ الليلة العاشرة ، نحن لم نستطع التقدم أكثر ، لان الاعداء هاجمونا باستمرار و بدون توقف

لقد مات الكثيرون بالفعل ، و لم يتبقى سوى العشرات من الفرقة الخاصة بي

خضنا 13 معركة حتى الان ، و فزنا بها جميعا

على الرغم من ذلك ، نحن دفعنا ثمنا غاليا بالمقابل ،

ثمن دفعناه بارواح الرجال

لورد" ستارلایت .. أنا أترجاك .. دعنا نتراجع ، لقد أنجزنا

..

مهمتنا بالفعل ! لا .. بل أنجزنا ما هو أكثر من ذلك ! لن يشتكي أحد لو تراجعنا الان ."

باليلة الخامسة عشرة .. تشبث بي جندي لم أعرف إسمه حتى ، بينما ناشدني بكل جوارحه

..

لقد كان ضعيفا جدا لدرجة أنه لن يستطيع الانسحاب بمفرده بما اننا كنا محاطين بالاعداء

..

بالتالي لم يتبقى له الخيار سوى الالتصاق بي و الاخرين .. لكنه بدأ يصل حدوده بالفعل

..

بدا خائفا و فاقدا للامل

..

..

..

لقد مات الكثيرون .. نحن نموت كل يوم ، و لم أعد أفهم المعنى مما نفعله .. أنت ترفض اخبارنا .. لورد ستارلایت ، نحن رجال و نساء قررنا إتبعاك لاننا آمننا بك و بقوتك العظيمة .. لكنك لا تفعل شيئا سوى الجزر

بالاعداء ، غير مبالي بأي شيء آخر"

كلماته هذه كانت واقعية ، و صحيحة تماما

الناجون من الجنود وافقوه الرأي ، و هذا كان جليا من عيونهم

"أرجوك .. دعنا ننسحب و ننضم للأخرين .. إذا واصلنا بهذه الطريقة ، فلن يتبقى أحد سواك .. سنموت جميعا !"

..

بينما إرتعش ذلك الجندي عديم الاسم بين ذراعي ،

وصرخ خائفا .. مناشدا اياي لكي انقذ حياته

..

وجدت نفسي التزم الصمت لبعض الوقت

..

..

الجنود الاخرون شاركوه نفس المشاعر ، و الوحيدون الذي لم يتأثروا هم أولئك المجرمون الذين اخترت وضعهم بفرقتي عن عمد

من بينهم ، رأيت المرتد غريم يتقدم ، الطريقة التي تحرك بها أثبتت انه أراد فعل شيء ما للجندي الجاثي امامي "

لا شك بذلك .. هو أراد قتله

..

لذلك لم يكن لي سوى أن أوقفه مكاني باشارة من يدي

لحسن الحظ ، غريم كان يتبع أوامري بشكل كامل ، ما جعله يتوقف مكانه وتلك الابتسامة المريضة مرسومة على وجهه .

هي فرقة مثيرة للمتاعب حقا ، تلك التي صنعتها بنفسي

و الان بالعودة للجندي المسكين

وضعت يدي برفق على كتفه ، بينما مررت اوامري

"نحن سنبقى هنا ، إذا هاجم العدو ، فسنواجهه ، إذا لم يفعلوا .. فسنذهب اليهم ببساطة ، لا شيء تغير ."

بمجرد اعطائي لأوامري المتطرفة هذه ، رأيت أوجه

الكثيرين تظلم تماما .. و كأن حكم الاعدام قد نزل عليهم للتو

الجندي الماثل امامي حاول فعل شيء ما ، لكنه تجمد عندما سقطت عليه نية القتل المشتركة لعدة اشخاص يقفون من خلفي"

..

هو لم يستطع تجاوز حدوده أكثر من ذلك

الكثيرون لم يستطيعوا تقبل ما كنت أفعله الان

و قلائل هم المرضى الذين أحبوا الوضع

رأيت التردد بشكل واضح بسلوك اوريل ، و غوست ايضا

حتى سانسا فاليريون لم تستطع فهم ما كنت أحاول تحقيقه

لكن كل واحد منهم إمتلك أسبابه للمواصلة معي

..

غوست ، شريكي بالجريمة الذي قرر منذ زمن بعيد

تحمل ذنوبي و آثامي معي

..

سانسا التي قررت دعمي مهما كان الجرم الذي قد تقترفه يداي "

..

أما اوريل .. فلم أعلم بصدق سبب إتباعها لي حتى الان

شخصيتها من المفترض أن تجعلها تقف ضدي ، لكنها لم تفعل .. بل واصلت المشاركة بصمت

..

حتى عندما قرأت افكارها ، أنا لم أستطع معرفة ما يجري بداخل قلبها

..

لكن بما أنها لم تعترض طريقي ، فلم يكن لي سوى أن أشكرها ، أعتذر لها باستمرار بالليل "

..

كنت أختلي بنفسي بعيدا

أحيانا تأتي سانسا ، و تكون بمثابة أنيسي بوحدتي

و أحيانا أقضيها وحدي ، أتأمل تلك التغييرات التي كانت تطرؤ على جسدي

جالسا فوق رمال الأرض القاحلة لقارة الالتراس شعرت بكل خلية مني ترتجف

..

..

تحت ستار الليل ، تنفست بصعوبة و أنا أراقب تلك المسارات الدموية تضيء بشدة من تحت جلدي الابيض الهش

..

مثلما طلب مني ذلك الكتاب الغريب ، لقد سفكت الكثير من الدم

قتلت الآلاف ، و سيفي كان بمثابة الموت داخل ساحة المعركة

لقد زاد تعطشي للدم ، ومنه سفكت الكثير

بالمقابل ، بدأ أشعر وكأنني اخسر شيئا مهما من نفسي

لكن و في نفس الوقت ، كنت أكتسبها بالتدريج

"القوة .."

القوة التي سعيت لها

..

..

مسار الدم كان عجيبا ، كلما قتلت اكثر ، كلما زادت حدة سيفي "

..

جسدي أصبح يتطور ويستوعب الاورا من حوله بشكل اسرع ، عضلاتي اصبحت اقوى .. و مستواي إرتفع شيئا فشيئا

شعرت وكأنني أمتص ارواح من قتلتهم ، سالبا إياهم ليس حياتهم فحسب ، بل أيا كان ما ينتظرهم بعدها

هذا التطور العجيب كان مصحوبا بألم مبرح يشلني أحيانا .

..

لكنني إعتدت الالم منذ زمن بعيد ، و هذا ما جعلني

أتحمله ، و أواصل المضي غير آبه به

مادمت أكتسب القوة ، فلا شيء آخر يهم

بهذه الطريقة ، أمضيت تلك الليلة أتخبط داخل وحدتي .. بينما طاردتني اشباح تحمل وجوها لم اتعرف عليها

..

مطلقا

...

...

اليوم السادس عشر -

كما كان متوقعا

..

الالتراس هاجمونا مرة أخرى ، هجوم مبكر قبل أن تشرق الشمس حتى...

كان هجوما ممنهجا إستعملوا به مخلوقات الكابوس

رفقة عدد معتبر من الفرسان الذين سيطروا على تلك الوحوش باتقان

أعدادهم كانت كبيرة جدا ، ما جعل اليأس يتملك

الناجين من الجنود المتواجدين بيننا

أما بالنسبة لي

..

فعندما سحبت سيوفي راميا بنفسي بينهم

..

بينما خفق قلبي بشدة ، و ارتعشت عضلاتي بكثرة

..

وجدت نفسي أمزق العشرات منهم بسرعة شديدة

..

بلا رحمة ، سلبيتهم الضوء من أعينهم .. سواءا كانوا بشرا او وحوشا

..

لم يكن هنالك أي فرق ..

أمام سيفي ، مصيرهم الوحيد هو الموت

هم واصلوا القدوم ، فارضين الحصار علينا ..

لقد كان عددهم مرعبا .. الآلاف ، ضد العشرات ..

بموقف كهذا .. ما شعرت به لم يكن الخوف ، ولا اليأس

مات الكثيرون ، لكنني لم احزن ، و لم اغضب ..

بل كنت سعيدا

سعيدا لانهم ارسلوا كل تلك الاعداد

"آه ... هكذا سيتسنى لي قتل الكثير اليوم ايضا "

كانت معركة صعبة

لقد استهدفت أقواهم عن عمد ، و تركت الاضعف

لرفاقي

بهذه الطريقة لن يكون هناك خطر على حياة غوست و اوريل ، فهم اقوياء بما فيه الكفاية للتعامل معهم

أما سانسا ، فهي كانت وحشا من نفس الفئة التي إنتميت اليها ، لذلك لم أخشى عليها شيئاً

مجهزا الساحة ، كنت أستطيع القتال مرتاح البال ، متجاهلا كل الجنود الاخرين عن عمد

أيا كانت المشاعر الاخرى التي هددت بأن تطفوا للسطح بسبهم ، كنت أقمعها عن طريق الانهماك بالقتل

سيفي كان سريعا جدا ، و ضرباتي كانت ثقيلة و مدمرة لاعدائي

مهما حاولوا حصاري ، هم لم يستطيعوا إيقافي

أحيانا ، كانت تصيبني سيوفهم و رماحهم

أنا لست منيعا ، تلقي بعض الضرر أمر حتمي ، حتى لو كان خصومي اضعف مني بكثير

لكن الاصابات التي خلفوها علي بعد كل تلك الجهود المضنية ، ستتعافى من تلقاء نفسها و بلمح البصر

ما يجعل كل جهودهم تذهب سدى

رأيت الكثير منهم ينالهم اليأس إزاء ذلك

لكنني سرعانما انسى وجوههم بسرعة بمجرد تجاوز جثثهم ..

منقوعا بالدم ، كثيرا ما كنت اشعر ببعض الغثيان ..

و كأنني على وشك فقدان الوعي ..

احيانا ، أشعر و كأنني اعيش حلما من نوع ما

ثم عندما أستيقظ من ذلك الحلم ، أجد المعركة قد إنتهت بالفعل

منظفا القذارة و الدم من على وجهي ، عندما استدير متفقدا رفاقي ، أجد الشمس قد غربت بالافق ، و خلف ظهري لم تتبقى سوى الجثث و الاشلاء المتناثرة

اليوم ايضا .. فقدنا الكثير من الجنود ..

عملية الدفن أصبحت مزعجة بما أن عددنا أصبح صغيرا جدا ، لكن بنفس الوقت .. لم يتبقى الكثير منا لذلك لن نضطر لدفن العديد من الان فصاعدا

فالموت نال من الاغلبية بالفعل

"فالستستريحوا الليلة ، لكن لا تخفضوا من حذركم .. فالمعركة التالية ستبدأ بأي لحظة الان"

بعد أن أعطي أمري الفارغ هذا ، كنت أغادر تاركا للجميع خلفي

..

ثم يتكرر ما حدث سابقا ، و يبدأ جسدي باستيعاب تلك القوة العجيبة التي زحفت تحت جلدي

سانسا كانت تأتي كثيرا ، و قد لاحظت ما مررت به

لكنها لم تكن تقول شيئاً ..

أحيانا تعانقني من الخلف ، متمسكة بي لساعات طويلة

و تارة أخرى لا تفعل شيئا سوى الجلوس بجانبي منتظرة إنتهاء معاناتي

لازلت غير قادر على قتل مشاعري بشكل كامل ، ما جعلني أعاني لإيجاد الارادة لكي استمر

لكن الامر لم يكن يتعلق بما أحببت ، أو كرهت

بل بما توجب علي القيام به

الساعات تمر بسرعة كبيرة ، معلنة قدوم يوم آخر

...

...

اليوم السابع عشر -

مرة أخرى ، هاجمنا الالتراس

من التقارير التي وصلتنا حتى الان ، سمعت أن العديد من الصدامات كانت تنشب بين قوات الجانبين

و هذا ما جعلني اتساءل كيف استطاع الالتراس الإتيان بكل هذه الاعداد من الجنود و تركيزها على مكان تواجدي

..

الحملة التي شنوها علينا اليوم بشكل خاص كانت الاكبر حتى الان

واقفاً بالمقدمة ، أراقب ذلك المد المرعب من الاعداء ،

أعداء هزت صرخة الحرب الخاصة بهم السماوات

أمام جحافل الجيوش الخاصة بهم ، سحبت سيوفي بينما خطوت الخطوة الاولى كما فعلت دوما

"فالتبقوا بالقرب مني ."

مررت أوامري ، بينما اخرجت ذلك القناع الاسود من داخل ملابسي

مرتديا اياه ، مخفيا وجهي خلف سطحه البارد

ضربت قدمي الارض مفجرة اياها ، قاذفا بنفسي ناحيتهم

..

كنت أجد نفسي أنغمس بمسلسل الموت و الدم ذاك مرة أخرى

..

من فجوات أعين قناع النايملس ، أحسست و كأنني ارى العالم من منظور آخر

..

خلف قطعة المعدن الاسود تلك ، شعرت براحة بال غريبة .. كل الافكار الغير ضرورية تختفي بمجرد أن أضعه

..

لذلك أصبحت أفضل القتال مرتديا اياه

..

كان مريحا لي ، و مرعبا لخصومي الذين ماتوا على يد وحش لم يستطيعوا رؤية وجهه حتى

..

المعركة استمرت لساعات ، و كما هو متوقع .. لقد كانت صعبة حقا

عندما قتلت آخر جندي ، وجدت نفسي ارفع رأسي نحو السماء ، لاجدها قد إبتلعت كل شيء بظلماتها

لقد حل الليل

شعرت بحرارة غير معهودة من كل عضلة إمتلكها جسدي ... نار و إرهاق نشأ من القتال المستمر ، و القطع دون توقف بسيوفي

مزيلا القناع من على وجهي .. اخرجت سحابة حارة من البخار ، متنفسا الصعداء و مستديرا متفقدا ما تواجد خلف ظهري

..

عدد الجثث ، و الموتى كان أكبر هذه المرة

..

أما الناجون منا .. فوجدت انهم أقل مما ظننت

سانسا بجانبي هي من أعادني للواقع

"فراي .. لقد مات كل الجنود ، و لم يتبقى سوى اولئك الثمانية .. بالإضافة لي انا و انت .. و غوست و اوريل "

آه .. هكذا إذا ، لقد ماتوا جميعا

"لندفن الموتى ، و نتجهز للمعركة القادمة ."

مررت الاوامر مرة أخرى ، بينما ساعدت الجميع على دفن رفاقنا الموتى

رفاقنا عديموا الحظ الذي علقوا بمسار الموت هذا الي

خضته

بمجرد انتهائي من عملية الدفن المرهقة ... التي اجبرتني على أن أشهد تلك الوجوه الفارغة لجنود موتى

..

بعضهم خسر رأسه .. البعض الآخر مزقت اطرافه

البعض مات محترقا جراء التعرض لهجوم ناري عشوائي

..

كلهم ماتوا ، و الخوف و اليأس يتملكهم

لابد انهم حاولوا ملاحقتي داخل ساحة المعركة ، آملين أن أنقذهم

لكن وعيي كان منصبا على الخصوم أمامي ، ما جعلني اتناسئ بشكل كامل ما تواجد خلف ظهري

بعد كل شيء ، الالتراس ارسلوا العديد من محاربيهم الاشداء .. التعامل مع اولئك الوحوش كان عملي

نتيجة لذلك ، لم يكن لدي الوقت لانقاذ أي أحد

هؤلاء الرجال ماتوا بسببي

هذا أمر مسلم به

واقفاً امام شواهد قبورهم ، لم يكن لدي الكثير لاقوله

لذلك غادرت ببساطة المكان

..

بطريقي ، إنتبهت لتلك الاسوار و الجبال الغريبة التي صنعت من جثث اعدائنا

مورقال و غريم كانا يجمعانها و يصنعان بها شتى الامور

لقد اصبحا صديقين مقربين دون أن ادرك

بفضلهم ، اصبح مكان اقامتنا مكانا يدب الرعب بقلوب ايا كان من يقترب منه

..

اسوار من أطراف الموتى ، و جبال من جثث قدرت اعدادها بالالاف

ذلك لم يكن مشهدا يسر العين بكل تأكيد

لكنني لم امانع الامر ، بهذه الطريقة .. لربما سيبدأ الالتراس بارسال الاقوياء منهم

حينها ستبدأ المعركة الحقيقية

2025/08/11 · 343 مشاهدة · 4835 كلمة
Song
نادي الروايات - 2025