بعد أسابيع من تواجده في البعد الجديد، بدأ إلياس يلاحظ أن هناك شيئًا غير طبيعي يحدث. رغم أنه كان قد تكيف نوعًا ما مع هذا العالم الغريب، إلا أن الغموض الذي يلفه لم يتلاشى، بل تزايد مع كل خطوة يخطيها. كلما حاول فهم قوانين هذا البُعد، كان يجد نفسه أمام ألغاز جديدة لا يمكنه تفسيرها بسهولة.

في أحد الأيام، وبينما كان يتجول في الفضاء المتشابك لهذا العالم، لاحظ إشارات ضوئية ضعيفة تنبثق من الأفق البعيد. كانت مشابهة للإشارة التي تلقاها في مختبره أول مرة، لكنها هنا بدت أكثر وضوحًا وأقوى. كان الضوء ينبعث من مكان بعيد يشبه برجًا قديمًا أو هيكلًا حجريًا متهالكًا. شعر بشيء غامض يجذبه نحو هذا المكان، وكأن هناك شيئًا أو شخصًا ينتظره.

الرحلة نحو البرج

توجه إلياس إلى الموقع بحذر، وكان كلما اقترب، تزداد الإشارات الضوئية قوة وتتعقد. كان يشعر بأن هذا المكان يحمل مفتاحًا لفهم كل ما يحدث. وصل أخيرًا إلى البرج الحجري، الذي بدا وكأنه بقايا لحضارة قديمة اندثرت منذ زمن طويل. كان البرج مليئًا بالنقوش القديمة والرموز الغريبة التي لم يكن إلياس قادرًا على تفسيرها بشكل كامل.

داخل البرج، كان الجو باردًا ومشحونًا بشيء غامض، وكأن الزمن نفسه قد توقف. في مركز الغرفة الدائرية الصغيرة، كان هناك جهاز معدني قديم يشبه إلى حد كبير الجهاز الذي اكتشفه في الوادي. اقترب إلياس منه ببطء، محاولًا تحليل تفاصيله. وبينما كان يتفحص الجهاز، بدأ يشعر بإحساس غريب، وكأن هناك شيئًا ما يراقبه.

اللقاء الغامض

فجأة، سمع صوتًا هادئًا يأتي من الزاوية المظلمة للغرفة. لم يكن صوتًا بشريًا، بل كان أشبه بتموجات صوتية داخل عقله. "أنت لست هنا بالصدفة، إلياس."

التفت بسرعة ليجد كائنًا غامضًا يقف في الظل. لم يكن هذا الكائن يشبه أي شيء رآه من قبل، كان عبارة عن طيف يتغير شكله باستمرار، وكأن الزمن ذاته يتلاعب به. "من أنت؟" سأل إلياس بصوت مرتعش.

أجاب الكائن بصوت عميق، "أنا الحارس، أراقب التوازن بين الأبعاد. وجودك هنا يزعج هذا التوازن."

شعر إلياس بالارتباك. "أنا هنا بسبب الإشارة. لقد قادتني إلى هذا المكان."

ابتسم الحارس، أو هكذا بدا، وقال: "الإشارة لم تكن دعوة، بل كانت تحذيرًا. هذا البُعد ليس مكانًا للاستكشاف، بل هو نقطة تفصل بين العوالم. تداخل الأبعاد هنا خطير، وقد تكون قد فتحت بوابة لا يجب فتحها."

التحذير الأخير

شعر إلياس بالتوتر. "ماذا يجب أن أفعل الآن؟ كيف أغلق هذه البوابة؟"

أشار الحارس إلى الجهاز المعدني في منتصف الغرفة. "هذا الجهاز هو المفتاح. عليك أن تعيده إلى حالته الأصلية. لكن احذر، إذا فشلت، فإن العواقب ستكون وخيمة ليس فقط على هذا البعد، بل على جميع الأبعاد."

كان الخيار أمام إلياس واضحًا لكنه محفوف بالمخاطر. بدأ بالعمل على الجهاز، محاولًا إعادة ترتيب الأزرار والمفاتيح وفقًا لما فهمه من نصوص قديمة ونظرياته العلمية. كان الوقت يمر ببطء، وشعر أن كل حركة يقوم بها قد تكون الخطوة الأخيرة.

النهاية الغامضة

عندما انتهى أخيرًا، أصدر الجهاز صوتًا غريبًا وبدأ في التوهج بشكل خافت. شعر إلياس بتغير في الجو من حوله، وكأن شيئًا غير مرئي قد بدأ يتراجع. كان كل شيء هادئًا بشكل غريب، وكأن العالم نفسه كان يترقب.

التفت نحو الحارس، لكن الكائن كان قد اختفى. لم يعد هناك سوى البرج والجهاز المتوهج. شعر إلياس بأنه قد نجح في مهمته، لكن كان هناك شعور غامض بأن هذه ليست النهاية. ربما كان قد أغلق البوابة، لكن الألغاز التي يخبئها هذا البعد لا تزال تلاحقه، تنتظر لحظة جديدة لتكشف عن نفسها.

2024/11/12 · 6 مشاهدة · 530 كلمة
Rize
نادي الروايات - 2025