الفصل الثاني: الجثة الدموية

لم تكن الثواني القليلة التي شهدت هذا التغير المفاجئ سوى تحية أولية قبل بدء تدريب اللاعبين الجدد.

لو كان شخصاً عادياً، لأصابته القشعريرة فور انقطاع النور دون سابق إنذار، ثم تلاه صوت مرعب. إحساس السقوط الحر لم يدم طويلاً، لكنه كان كفيلاً بجعل قلوب اللاعبين تخفق بجنون من شدة الفزع.

لكن فنغ بوجوي بقي هادئاً، بل إنه لم يرمش حتى.

وبعد الارتجاج القصير، بدأ المصعد بالهبوط بسرعة منتظمة. وعندها، ظهرت نافذة أمام عيني فنغ بوجوي.

كانت قائمة اللعبة تظهر فقط في مجال رؤية اللاعب، لذا لم تكن تنير ما حوله. وكانت قراءتها مسألة شخصية تماماً. فحتى لو وقف لاعب آخر بجانبه، فلن يعرف إن كان زميله يتفحص الخيارات أم شارد الذهن.

لم يستخدم النظام إشعارات صوتية، بل ظهرت ملاحظة على القائمة:

> [يمكنك فتح هذه القائمة في أي وقت. يمكنك من خلالها الاطلاع على صفاتك، حالتك، معداتك وعناصرك.]

في تلك اللحظة، لاحظ فنغ بوجوي أن معظم القائمة مغطاة بلون رمادي، مما يعني أنها مغلقة. وعندما اختفت الملاحظة، ظهر في الزاوية العليا اليمنى ثلاثة أشرطة متساوية الحجم، تشبه مؤشرات الطاقة.

ظهر سهم يشير إلى الشريط الأول، وهو شريط أخضر ممتلئ بالكامل، تلاه وصف:

> [هذا هو "قيمة النجاة" لديك، وتُعرض كنسبة مئوية. القيمة الرقمية غير مرئية. عندما تصل قيمة النجاة إلى 0%، يُعتبر شخصيتك ميتة.

القيمة الحالية: 100% الحالة غير الطبيعية: لا توجد.]

انتقل السهم إلى الشريط الثاني، وكان أيضًا أخضر، لكن مؤشره كان رقمياً:

> [هذه "قيمة اللياقة". يمكن رؤيتها بشكل رقمي. الأنشطة مثل الجري، التسلق، حمل الأشياء الثقيلة، القتال، واستخدام المهارات تستهلك هذه القيمة. يمكنك استرجاعها بالراحة أو عبر عناصر خاصة.

القيمة الحالية: 100/100]

ثم انتقل السهم إلى الشريط الثالث، والذي جذب انتباه فنغ بوجوي أكثر من غيره، وكان فارغاً:

> [هذا هو "مؤشر الخوف"، ويُعرض كنسبة مئوية. عندما يتجاوز مؤشر الخوف 100% لمدة تزيد عن ثلاث ثوانٍ، يتم طردك قسرياً من اللعبة وتُعتبر ميتاً.

القيمة الحالية: 0%]

وبما أن فنغ بوجوي كان قد قرأ الأساسيات في الموقع مسبقاً، فقد اكتفى بنظرة سريعة على المعلومات. ثم انتظر فتح باقي أجزاء القائمة، لكنها أغلقت تلقائياً بعد عشر ثوانٍ، واضطر إلى فتحها مجددًا. ومع ذلك، بقيت الأجزاء الرمادية على حالها.

من الواضح أن تدريب اللاعبين الجدد لم يكن مجرد قراءة الشرح والتعرف على الواجهة في ظلمة المصعد، وإلا لما أشار النظام إلى أن "التدريب سيتوقف إذا ارتفع مؤشر الخوف."

توقف المصعد، لكن الظلام ظل يلفه. فجأة، بدأ فنغ بوجوي يسمع صوت أنفاسه.

ومض النور داخل المصعد للحظة ثم اختفى مجددًا.

ولكن خلال تلك الومضة الوجيزة، انطبعت على شبكية عيني فنغ بوجوي صورة كفيلة بأن تُصيب كثيرين بالفزع والذعر.

«أراهن أنك لا زلت تذكر أن أحد جدران المصعد كان مرآة بطول الجدار» — في تلك اللحظة الخاطفة، رأى فنغ بوجوي في المرآة شخصين.

أحدهما كان هو بلا شك، أما الآخر... فقد كان مخلوقًا واقفًا بجانبه، تغطيه الدماء من رأسه إلى أخمص قدميه.

«يا للهول، كان من الأفضل لو بقيت الأنوار مطفأة... فلنتظاهر أنني لم أره.»

لو كان لاعباً آخر في مكانه، لأطلق صرخة، أو انهار أرضًا، أو تزحف إلى زاوية المصعد، أو ربما هاجم ذلك الكائن المروع بجنون.

لكن فنغ بوجوي لم يتغير تعبير وجهه. تمتم قائلاً:

«أوه... بما أنه تدريب، فلن يضع اللاعبين في خطر حقيقي من البداية. ربما يخسر المرء بعض النقاط من الطاقة أو يُخيف قليلاً... ثم يحدث شيء ما ليتابع اللعب.»

وبينما كان يفكر بذلك، سطع ضوء من خارج المصعد ليتسرب إلى داخله. وعندما انفتحت الأبواب، اجتاحه عطر العفن والرطوبة.

كان الممر خارج المصعد مغطى بسقف خشبي، وجدرانه مغطاة بورق حائط غريب، عليه نقوش تشبه العيون البشرية. الأرضية مفروشة بسجاد أخضر، ولا توجد أبواب أو نوافذ على الجانبين، فقط مصابيح حائطية باهتة تتباعد عن بعضها.

كان الممر طويلاً للغاية، لدرجة أن المصابيح البعيدة بدت صغيرة كحبّات الأرز. ومع ذلك، لم يتجاوز مدى رؤيته عشرين مترًا، والباقي مغمور في الظلام. كان عليه أن يقترب أكثر ليرى بوضوح.

أي لاعب عادي كان ليتدافع خارج المصعد قبل أن تكتمل فتحته، أما فنغ بوجوي، فلم يتعجل. فذلك الممر الكئيب لم يكن أكثر أمانًا من المصعد نفسه. ولو كان المكان أكثر إضاءة، لكان التفت ليرى ما يقف بجانبه.

وحين أدار رأسه، فوجئ بعشرة أصابع دامية تهوي على وجهه. فانحنى، ثم قفز خارج المصعد متدحرجًا. وما إن استدار، حتى رأى هيئة ذلك المخلوق.

كان جثة بلا جلد، وعضلاته مكشوفة كما في نماذج التشريح البشري، لكنه حيّ... وينزف.

أغلق باب المصعد ببطء، بينما ذلك الكائن يبتسم له بابتسامة مشوهة، وعيونه مثبتة عليه. ومع اقتراب انغلاق الأبواب، مد يده خارجًا وتمايل نحو الخارج.

قال فنغ بوجوي: «منطقيًا، عليّ أن أهرب الآن... لكن هذا الشيء لا يبدو قوياً جداً، ربما أجرب ضربه؟»

لكن فور خروجه من المصعد، أطلق ذلك الكائن زئيرًا مدوّيًا واندفع ليضرب الجدار الخشبي بقوة، محطّماً إياه. وانطلقت من الشقّ جحافل من الصراصير.

صرخ فنغ بوجوي: «لا، شكرًا!» واستدار وركض بكل سرعته.

كان هذا تدريبًا، لذا الهدف الرئيسي منه هو دفع اللاعبين للاستمرار، وليس قتلهم فورًا. في الحقيقة، تصرفات الجثة الدموية كانت تهدف إلى إعطاء اللاعب فرصة قصيرة للهرب.

توقّع النظام عدة احتمالات: فربما يظل اللاعب جامدًا في مكانه من شدة الرعب، أو ربما يحاول مهاجمة الجثة إن رآها بوضوح تحت الضوء. وفي كلتا الحالتين، كانت حركة الجثة قادرة على دفع اللاعب المذعور للهروب، أو ردع المتهورين من التفكير في القتال.

طبعًا، لو خاف اللاعب إلى درجة تجعله عاجزًا عن الحركة، أو قرر التضحية بنفسه، فستنتهي اللعبة. وسيقوم النظام بتوليد تدريب جديد له.

قال فنغ بوجوي لنفسه وهو يحلل الموقف:

«أولاً، احتمال أنني أستطيع تحطيم الجدار لا يتجاوز 20%. ثانيًا، حتى لو حطمته، لا أظن أن هناك مهرباً خلفه. ثالثًا، إن حاولت قتال هذا الوحش، فسأموت مبكرًا. ممتاز.»

بدت خيارات هذا التدريب محدودة للغاية.

وبعد أن ركض مسافة لا بأس بها، رأى فنغ بوجوي بابًا خشبيًا سميكًا في نهاية الممر. جرب مقبض الباب، فوجده مفتوحًا. لم يكن الوقت مناسبًا للتفكير في المخاطر التي قد تكون خلفه، فالجثة كانت تلاحقه، ولا مجال لتضييع الوقت.

فور دخوله، أغلق الباب خلفه، ووجد مسمارًا حديديًا يستخدم كمزلاج، فأحكم إغلاق الباب به. وما إن فعل ذلك، حتى بدأ ذلك الشيء بالخبط على الباب من الخارج.

لم يهتم فنغ بوجوي بذلك، بل استدار ليتفحص المكان.

كانت الغرفة مربعة الشكل، تبلغ مساحتها قرابة 16 مترًا مربعًا، خالية من الأثاث تقريبًا، عدا مصباح معلق على الحائط، وبابين؛ أحدهما خلفه حيث كانت الجثة تحاول اقتحامه، والآخر في الجدار المقابل.

توجه فنغ بوجوي نحو الباب الآخر. جرب فتحه، لكنه كان مقفلاً. حاول كسره بركلة، دون جدوى. على ما يبدو، لم يستخدم ما يكفي من القوة. خمّن أنه ربما يحتاج لمحاولات عدة.

وفي تلك اللحظة، ظهرت القائمة مجددًا أمام عينيه، وانفتح جزء جديد منها، عُرض فيه رقم: صفر.

> [هذه "قيمة المهارة"، وتُعرض على شكل رقم. تُستخدم كعملة، وتُجمع حسب أفعال اللاعب. إن ساهمت أفعالك في تقدم اللعبة، تُمنح نقاط مهارة.

قيمة المهارة الحالية: 0]

تمتم فنغ بوجوي قائلاً:

«تفعيل التنبيه الخاص بقيمة المهارة الآن قد يكون تلميحًا إلى وجود طريق مختصر ما...»

ثم نظر إلى مؤشر الخوف... لا يزال على 0%.

تنهد، ثم نظر إلى الباب المهتز من قوة ضربات الجثة. بدأ المزلاج بالتشوه، وبدا أنه لن يصمد طويلاً. ضغط كهذا من وحش قد يقتحم الغرفة في أي لحظة كان كفيلاً بجعل أي مشاهد يرتعب، لكن بطلنا ظلّ ثابتًا كالجليد.

أعاد تفحص الغرفة بدقة.

بدا أن هذه الغرفة الخالية تخفي شيئًا. في أحد الزوايا العليا، كان جزء صغير من ورق الجدران مقشورًا. لم يكن واضحًا عند النظرة الأولى، لكنه بان عند التركيز.

وقف فنغ بوجوي على أطراف أصابعه، ومزّق الورق. وجد خلفه رمزًا مرسومًا بالدم: دائرة تتصل بفرع شجرة على شكل مفتاح.

وفي هذه اللحظة، دوى زئير من خلفه، تلاه صوت خشب يتحطم. التفت بسرعة، ليرى مخلب الجثة يخترق ثقبًا بحجم طبق في الباب.

لم يكن يعلم إن كان هذا الكائن يملك ذكاءً كافيًا لفتح المزلاج.

بكل الأحوال، بدا أن الكائن على وشك اقتحام الغرفة. لم يكن أمامه الكثير من الوقت!

أسرع فنغ بوجوي بضغط اللوح الخشبي الذي يحمل الرمز الدموي، وأحس بألم حقيقي في يده. كان اللوح هشًا، فتكسر بضربة واحدة. لم تنبعث منه حشرات كما ظن، بل فقط سحابة غبار... وداخل التجويف، وجد مفتاحًا صغيرًا.

عندما أمسك بالمفتاح، ظهرت القائمة مرة أخرى، وتحرر جزء جديد.

> [لقد وجدت عنصرًا. نظرًا لعدم فتح حقيبتك بعد، يمكنك إما حمله بيدك أو رميه.]

[الاسم: مفتاح صدئ] [النوع: عنصر قابل للاستهلاك] [الجودة: عادي] [الوظيفة: يفتح بابًا] [لا يمكن أخذه خارج السيناريو] [ملاحظة: أظنك تعرف كيف تستخدمه.]

رأى فنغ بوجوي أن الملاحظة ساخرة نوعًا ما، لكنه لم يكن يملك رفاهية التفكير. أغلق القائمة، واتجه نحو الباب. بمجرد استخدامه للمفتاح، اختفى الأخير.

وعندها، سُمع صوت النظام أخيرًا:

> «لقد حصلت على 30 نقطة مهارة. هذا الإشعار يُعرض مرة واحدة فقط. يمكنك مراجعة النقاط من القائمة الرئيسية لاحقًا.»

لم يكن لديه وقت للبحث في تفاصيل لا يمكنه استخدامها الآن. واصل التقدم. خلف الباب، وجد درجًا حجريًا يصعد للأعلى. كانت الجدران من حجر، ولا يوجد سقف. السماء الليلية بدت واضحة، والضوء القمري كان يضيء الدرج، كأنما فرشه بالثلج.

للأسف، لم يكن بإمكانه الهروب عبر الجدران، فقد كانت عالية وناعمة، والمسافة بين الجدران تجاوزت المترين، وكأنها صُممت خصيصًا لمنع التسلق.

بينما كان يخطو على الدرج، ألقى نظرة على مؤشر اللياقة... انخفض إلى 24/100.

بدأ يحسب:

«منذ خروجي من المصعد، ركضت مئات الأمتار، ثم ركلت الباب، حطمت الجدار، والآن أتسلق الدرج... لا عجب أنني استهلكت ثلاثة أرباع اللياقة. هذه الوتيرة أسرع مما توقعت.»

كما لاحظ أن "قيمة النجاة" انخفضت إلى 98%. على ما يبدو، احتُسبت الإصابة من كسره للخشب.

بعد خمس ثوانٍ فقط من فتحه الباب، كانت الجثة قد حطمت الباب ولحقت به، وها هي الآن تضحك ضحكة شيطانية. كانت ضحكتها تقشعر لها الأبدان، لكنها لم تحرك فيه ساكنًا.

عند نهاية الدرج، كان هناك جرف، وفيه سيف عملاق مغروس في الحائط. تحت ضوء القمر، كان نصله يعكس ضوءًا باردًا قاتمًا.

عندما حدق فنغ بوجوي بالسيف، بدا أن الجثة أدركت شيئًا، فاندفعت نحوه بسرعة جنونية، وقصرت المسافة في لمح البصر.

ركض فنغ بوجوي كالأرنب، لا يريد أن يُفترس عند خط النهاية. وحين وصل إلى السيف، أ

مسكه بكلتا يديه وسحبه.

ولدهشته، كان السيف أخف بكثير مما توقع.

استدار، ليرى الجثة تقترب، وقد أطلقت عواءً مفزعًا اخترق أذنيه، بينما كانت مخالبها الدموية تنقضّ نحوه...

2025/07/07 · 7 مشاهدة · 1603 كلمة
Adam
نادي الروايات - 2025