5 - المستشفى المهجور (الجزء الأول)

الفصل الخامس: المستشفى المهجور (الجزء الأول)

دخل فِنغ بوجوي إلى الكبسولة مجددًا وسجّل دخوله إلى اللعبة، هذه المرة باستخدام وضع اليقظة. (وضعا النوم واليقظة يعملان على خوادم مختلفة، ولا يمكن التفاعل بينهما).

في واجهة تسجيل الدخول، لم تظهر له أية إشعارات منبثقة. اقتصر الأمر على عرض القائمة وخياراتها، كقائمة الأصدقاء والمستخدمين المحظورين، إلى جانب مجموعة من الشروحات حول اللعبة. وإن لم يكن لدى اللاعب وقت لتصفح الموقع الرسمي، فيمكنه الاطلاع على المعلومات هنا، ما يوفر عليه نصف الوقت تقريبًا بفضل فارق الزمن داخل اللعبة.

بحث فِنغ بوجوي عن اسم وانغ تان تشي داخل اللعبة، وأرسل له طلب صداقة، ثم دعاه إلى الانضمام إلى فريق.

وبمجرد انضمام وانغ تان تشي إلى الفريق، ظهرت على شاشة فِنغ بوجوي قائمة تحتوي على أسماء الشخصيات ومستوياتهم:

> [فِنغ بوجوي، المستوى 2]

[وانغ تان تشي، المستوى 1]

[يرجى اختيار وضع اللعب للفريق]

ظهرت أمامهم عدة خيارات، مثل: "وضع التدريب الفردي"، "وضع التدريب الجماعي"، و"وضع البقاء الفردي (عادي)". وبما أنهما في فريق، فقد تم تعطيل الخيارين الفرديين، وظهرا باللون الرمادي.

قال وانغ تان تشي عبر الشاشة:

"جِيه-غي، لا يمكننا سوى اختيار وضع التدريب الجماعي."

كان يرى نفس المعلومات من جهة تسجيل دخوله، لكن وحده قائد الفريق يستطيع تحديد الخيارات.

رد فِنغ بوجوي:

"أجل... لندخل فقط."

ثم اختار الوضع.

> [لقد اخترت "وضع التدريب الجماعي". يرجى التأكيد.]

[تم التأكيد... يجري تعديل الاتصال العصبي... جارٍ إنشاء السيناريو...]

[يُحمّل... الرجاء الانتظار.]

بدأت الكبسولة التي يستقلها فِنغ بوجوي بالهبوط تدريجيًا.

ثم ظهرت أمامه رسالة ونبذة تعريفية من النظام:

> "أنت على وشك دخول سيناريو جماعي لأول مرة. يرجى قراءة الإرشادات التالية بعناية."

[أ] باستثناء "وضع القتال"، يتم تقييد جميع الهجمات الموجهة إلى لاعبين آخرين في الأوضاع الأخرى. لن تُترجم نية اللاعب إلى أفعال داخل اللعبة. كذلك، في جميع السيناريوهات، تُمنع الهجمات على أعضاء الفريق.

[ب] أي كلمة يعتبرها النظام حساسة سيتم حذفها، مثل: أسماء السياسيين، الشتائم، أو استخدام أسماء الحيوانات والنباتات في سياقات خاصة.

[ج] السلوكيات المزعجة مثل التلفظ البذيء، الإشارات اليدوية، الكلمات أو الرسومات المسيئة، سيتم تقييدها. نية اللاعب لن تُترجم إلى أفعال.

[د] تجاه جميع الأجناس، تُمنع التصرفات التي يعتبرها النظام تحرشًا جنسيًا، وتشمل جميع الأفعال والنوايا المذكورة في البندين [ب] و[ج]. من يكرر هذا السلوك سيُجبر على الخروج، ويُضاف إلى القائمة السوداء للمراقبة القصوى.

[هـ] التمييز بجميع أشكاله سيُعامل بنفس صرامة البند [د]. اللاعبون الذين يكررون هذه الانتهاكات سيتم حذف حساباتهم نهائيًا، ويُمنعون من استخدام أي من منتجات الشركة مستقبلًا. وفي الحالات الخطيرة، تُسجل البيانات وتُحال إلى الجهات الأمنية.

في هذا العالم الموازي من عام 2055، حيث يعيش فِنغ بوجوي، تُعامل قضايا التحرش والتمييز بصرامة شديدة. صحيح أنها لا تصل إلى حكم الإعدام، لكن هوية المخالف تُدرج في القوائم السوداء للمؤسسات الاجتماعية، ويُعاقب بالشكل المناسب.

وقد خاض فِنغ بوجوي تجارب كثيرة في ألعاب تتصل بالنظام العصبي من قبل، وكانت كلها تفرض قواعد مماثلة. ومع تطوّر تقنية الحوسبة البصرية، أصبح خرق هذه القوانين شبه مستحيل؛ بل يمكن القول إن نوايا المخالف تُجهض قبل أن تتشكل.

> [تم التحميل. أنت الآن في وضع التدريب الجماعي.]

[في هذا الوضع، لن يقدم النظام أي شرح عن القصة أو العالم أو المهام.]

[المكافآت هنا تقتصر على الخبرة فقط، دون مهارات أو نقود داخل اللعبة.]

[لا توجد مكافآت إضافية أو تقييم على قيمة الخوف.]

[بدأت اللعبة.]

وفور انتهاء الإشعار، انفتحت أبواب المصعد، وتزامن ذلك مع سماع فِنغ بوجوي لصوت خفيض مرعب. هذه المرة، كان صراخًا رجوليًا أجشّ:

> "مرحبًا بكم في جنة الإثارة."

تبعته ضحكة شريرة كفيلة بإرعاب اللاعبين.

كان هناك ممر واسع، يغطي أرضيته بلاط خزفي، وجدرانه مطلية باللون الأبيض. واصطفّت على اليمين ثلاثة أبواب مغلقة، فيما عملت مصابيح السقف بشكل ممتاز، مما أنار المكان جيدًا. ساد المكان عبير المطهّرات، وكانت الأجواء تشي بأنها... مستشفى.

خرج فِنغ بوجوي من كشك المصعد، وما إن فعل ذلك حتى أُغلقت الأبواب خلفه، ثم تلاشى كشك المصعد وكأنّه لم يكن، وظهر بدلاً منه جدار أبيض. وعندما التفت، رأى مصعدًا آخر يشبه تمامًا ذاك الذي خرج منه.

اقترب من ذلك المصعد وألقى نظرة بداخله، فإذا بصوت صراخ مفاجئ يتردد:

> "آآآآآآه!!"

قال فِنغ بوجوي بلا مبالاة:

"هل أنت مريض؟"

رد وانغ تان تشي وهو يلهث:

"كنت على وشك الخروج، وإذا بك تطل فجأة! أفزعتني!"

سأله فِنغ بوجوي بفضول:

"بما أنك فزعت الآن... كم بلغت قيمة الخوف عندك؟"

نظر وانغ تان تشي إلى قائمته. بدا كما لو أنه يحدق في نقطة وهمية، ثم عاد بنظره بعد لحظات:

"هدأت الآن... لقد وصلت نسبة الخوف إلى 3%، لكن لا أعلم كم بلغت في ذروتها."

تمتم فِنغ بوجوي:

"آه... لعلها ارتفعت ثم انخفضت مباشرة. ما لون شريط الخوف عندك؟"

"أحمر فاقع."

"هذا ما ظننته."

قال وانغ:

"أخي جويه... مرضك... هل نسبة خوفك دومًا صفر؟"

كان وانغ يعلم بأن صديقه مريض، لكنه حديث التخرّج، وليس بوسعه فعل شيء. وكان يدرك، كونه طبيبًا، أن مرض فِنغ بوجوي لا علاج له سوى الحظ. فقد يعيش سنوات... أو يموت خلال ثلاث دقائق.

أجاب فِنغ بوجوي بخفة دم:

"نعم."

قال وانغ ضاحكًا بنبرة رجاء:

"إذن اعتمد عليك! إن حدث شيء، عليك حمايتي."

رد فِنغ ببرود:

"أمامنا ثلاث دقائق قبل بدء السيناريو، إن لم تخرج من المصعد الآن، سيطردك النظام تلقائيًا."

سارع وانغ إلى الخروج من الكشك.

وقبل أن يختفي المصعد، أخرج فِنغ بوجوي حجرًا من حقيبته وأعطاه له:

"خذه وكن في المقدمة."

تفحص وانغ خصائص الحجر، ثم انكمش فمه في سخرية:

"أخي جويه... حتى لو حصلت عليه من التدريب، ما الداعي للاحتفاظ به؟"

رد فِنغ بوجوي بكل وقاحة:

"أنت فقط تغار مني."

صمت وانغ ثم ألقى الحجر أرضًا، وأخرج من حقيبته سكينًا صغيرًا بطول خمسة إنشات:

"هذا أفضل."

صاح فِنغ بدهشة:

"من أين حصلت على عتاد؟ ألم تخبرني أنك حصلت على تقييم (مرعوب) بعد التدريب؟ والموقع يقول إن هذا التقييم لا يمنح مكافآت!"

"لقد التقطته أثناء المهمة."

قال فِنغ:

"دعني أراه."

ناوله وانغ السكين.

> [الاسم: سكين فواكه]

[النوع: سلاح]

[الجودة: رديء]

[القوة الهجومية: ضعيف]

[السمات: لا شيء]

[التأثيرات: لا شيء]

[قابل للحمل خارج السيناريو: نعم]

[ملاحظة: على الأقل له نصل.]

أعاد فِنغ السكين إلى وانغ وتنهد:

"هذا قدري... كل ما حصلت عليه لا يمكن حمله خارج المهمة."

"إذن حجرك هو..."

"مكافأة بعد احتساب النقاط... مخيف، أليس كذلك؟"

"بلى..."

"إذاً، تقدَّم!"

لم يكن أمام وانغ خيار، فتقدّم بالسلاح في يده.

رغم أنه كان خائفًا بعض الشيء، إلا أن ذلك كان طبيعيًا؛ فهو مجرد "إنسان عادي"، والخوف رد فعل فطري لا يمكن إنكاره، خصوصًا في لعبة تتصل بالأعصاب وتجعل الأحاسيس واقعية إلى حد مذهل.

بعد عشرين مترًا تقريبًا، كان هناك منعطف، وعلى امتداد هذا الممر، كانت الأبواب الثلاثة تقع على اليمين، بينما الجدار الأيسر كان أبيض ناصعًا، خاليًا من أي ملصقات مألوفة كتعليمات الأطباء أو مخططات المبنى أو نصائح طبية.

وبعد خمس خطوات فقط، وقبل أن يصلا حتى إلى الباب الأول... انطلقت ضحكة طفلة صغيرة.

ثم ظهرت فجأة على الجدار الأبيض المقابل عشرات من بصمات الأيدي الملطخة بالدم، تنتشر على امتداد الجدار حتى نهايته.

ثم... لمحت أعينهما ظلًّا يمرّ بسرعة، ينسلّ نحو الزاوية البعيدة.

2025/07/07 · 2 مشاهدة · 1087 كلمة
Adam
نادي الروايات - 2025