الفصل الثامن: المستشفى المهجور (4)
> [10 يناير]
لو لم أرَ ذلك بعيني، لما صدقت ما يستطيع هذا الطفل فعله. كانت الملعقة تحوم في الهواء، وقد ثناها كما يشاء.
[13 يناير]
قال إن هناك من يراقبه... الكثيرون... كان خائفًا حدّ الذعر.
[16 يناير]
بدا وكأنه لم يعد يشعر بالخوف. أحيانًا يبتسم، وأحيانًا يلتزم الصمت...
[17 يناير]
أظهرت جميع الفحوصات أنه طبيعي. نحن ستة أطباء، ولا أحد منا استطاع تفسير ما يحدث لهذا الطفل...
[19 يناير]
بدأ بالرسم. قال والداه إنه لم يُبدِ أي موهبة فنية من قبل، لكنه فجأة صار قادرًا على رسم وجوه واقعية.
[22 يناير]
ظل يطلب أوراقًا وأقلامًا بلا توقف. كان يرسم بلا انقطاع، دون طعام أو نوم. لم يرسم إلا الوجوه. وفيما بعد، تحولت الوجوه العادية إلى ملامح بشعة وغريبة...
[25 يناير]
ظهرت وجوه دامية على الجدران. وجدنا جثة عصفور فوق سريره، لكن يديه كانتا نظيفتين تمامًا. بدأ القلق يتسلل إلى قلبي، وتذكرت الملعقة...
[26 يناير]
اختفت كل النوافذ، ولم يتبقَ سوى جدران معزولة. الليلة الماضية، التقطت الكاميرا الأمنية ظلًا غريبًا. لا أعلم من ألجأ إليه للمساعدة... الشرطة؟ سيظنون أنني مجنون ويزجون بي في السجن...
[30 يناير]
ريتشارد اختفى. بقينا خمسة، والخوف ينهشنا. ظهرت وجوه جديدة على الجدران... هذه المرة لم نجد... لا أدري... جثة ريتشارد؟
[31 يناير]
يجب أن أغادر هذا المكان! ينبغي أن أقدم طلبًا بالنقل! لا... الأفضل أن أستقيل!
[1 فبراير]
لا أظن أنني أستطيع الهرب. لم أعد أجد مخرجًا من هذا المبنى... من يعثر على هذه المفكرة، تذكّر كلماتي: إنه يخاف من... (السطر مغطى ببقعة دماء)! إن سنحت لك الفرصة، اقتله دون تردد! وإلا، ستكون أنت القتيل!*
...
استدار فنغ بوجوي ووانغ تان تشي عند الزاوية. بدا الممر الواسع أمامهم بلا أبواب، فقط جدران بيضاء ناصعة على الجانبين. بعد أن مشيا لعشرات الأمتار، وصلا إلى تقاطع طرق.
كانا يتحركان بحذر بالغ، وبينما كان فنغ بوجوي يفكر في محتويات المفكرة، أعاد سرد القصة بصوت خافت، محاولًا تلطيف وقعها. ومع ذلك، ظل وجه تان الصغير شاحبًا، وقشعريرة تسري في جسده.
قال فنغ بوجوي:
"الذي سنواجهه ليس شبحًا، بل مجرد طفل تعرض لتلوث نفسي واكتسب قوى خارقة بعد إصابته بمرض خطير... على الأقل، هذا ما تخبرنا به الحبكة."
"وما الفائدة من هذه المعلومات؟" سأل وانغ تان تشي، وصوته يتهدج تحت وطأة الضغط.
"أولًا، من الناحية النفسية، معرفتك بأن الخصم بشر يُخفف من رعبك. ثانيًا، نعلم الآن أن له جسدًا ماديًا، ويمكن القضاء عليه."
صرخ تان مذعورًا:
"وهل تظن أن الذين كتبوا اليوميات أو الضحايا لم يحاولوا ذلك؟ كانوا أكثر منّا، أليس كذلك؟"
ردّ فنغ بوجوي ببرود:
"هل كان معهم مهارة ‘قبضة الإله المتفجرة’؟"
قال تان بحيرة:
"لكن... أخي جوي، لو لم نعثر على تلك المهارة، أو لم تُفعّل لدينا مهارة القتال، ولم نختر حلّ الأحجية... كيف كنا سنتصرف؟"
أجاب فنغ بوجوي بتفكير:
"وقتها كنا سنضطر للاختيار عند المواجهة: الهرب أم القتال؟"
توقف قليلًا ثم أضاف:
"لو لم نحل الأحجية، لكان علينا التصرف حسب الموقف، حسب مقدار الخسائر، وحجم الخوف. أما الآن، بعدما عرفنا القصة، يمكننا أن نقرر الهروب قبل المواجهة، لأن قدراتنا القتالية لا تؤهلنا."
قال تان:
"لكن وضعنا الآن ما زال خطيرًا! أليس كما لو أننا لم نحل الأحجية؟"
"لا، مختلف. على الأقل حصلتَ على مهارة في الغرفة الثانية. وفي الغرفة الثالثة عرفنا نقطة ضعفه. سواء قررنا قتله أو الهرب، فرصتنا أفضل بكثير."
"لكنك قلت إن نقطة ضعفه مغطاة ببقعة دم!"
ابتسم فنغ بوجوي:
"صحيح، ولكن النظام صمم تسلسلًا منطقيًا بسيطًا. من خلال تحليل سلوكه والملاحظات المدونة، نستنتج أن نقطة ضعفه هي الضوء الطبيعي، الشمس."
بينما كانا يتحدثان، ظهرت أمامهما صالة واسعة. كان سقفها أعلى من الممر، مضاءة جيدًا، ولكن، كغيرها، بلا أبواب أو نوافذ.
تابع فنغ بوجوي تحليله ببرودة:
"في 16 يناير: التحريك العقلي.
19 يناير: استيقاظ القوى الخارقة.
25 يناير: التأثير على الكائنات الحية.
30 يناير: التأثير على البشر.
1 فبراير: مجزرة شيطانية."
"لكن الضوء هنا..." حاول تان التعليق.
قاطعه فنغ بوجوي:
"إنه ليس ضوء الشمس، بل إضاءة صناعية. هل لاحظت؟ لا توجد نوافذ. هذا لا يناسب تصميم مستشفى طبيعي. والضوء... مجرد إشارة. إنه يخاف الشمس... لكنه لا يتحرك في الظلام لأنه أيضًا يخاف الظلام، لأن هناك شيئًا يراقبه هناك..."
فجأة، ضحكة الطفل تجلّت مجددًا، قريبة هذه المرة...
الآن، عرفا أن مصدر الصوت هو الطفل... ليس شبحًا، بل طفل يحب الرسم... بدماء الآخرين.
رغم الاستعداد، دقّ قلب تان بعنف، وضاق تنفسه، وتشبّث بالسكين التي بيده، يتصبب عرقًا.
قال فنغ بوجوي:
"ضع السكين جانبًا. لن ينفعنا."
"أ... أخي جوي... أنت... هل...؟"
"نعم. لدي خطة." أشار إلى منتصف الصالة. "استخدم مهارتك لضرب الجدار هناك."
قبل أن يُنهي كلامه، ظهر الطفل فجأة، على بُعد خطوات قليلة، مرتديًا زي المرضى. كان الضوء يغمره، ومع ذلك كان جسده مغطى بظل غامض. وما إن ظهر، حتى تحوّلت الأرضية، والجدران، وحتى السقف، إلى وجوه دموية. الضوء نفسه انقلب إلى لون أحمر قاتم.
كان هذا مشهدًا يُجمد الدم، لكن فنغ بوجوي لم يتردد، وانقض على الطفل دون خوف.
"اضرب الجدار!" صرخ بأعلى صوته.
ركض تان بتوتر نحو المكان. على الرغم من الخوف، ركّز كل طاقته في قبضته. تحولت يده اليمنى إلى هالة برتقالية، وصفع الجدار.
رغم أن نسبة النجاح 20٪ فقط، فإن الحظ حالفه. انفجر الجدار، وكوّن فتحة بعرض متر، دخل منها ضوء الشمس الحقيقي... ضوء ساطع، لا يشبه أي ضوء اصطناعي.
بمجرد أن اخترق ضوء الشمس الغرفة، اختفت الوجوه الدامية. الطفل تراجع، مذعورًا، يحاول الابتعاد.
لكن فنغ بوجوي كان قد أمسكه من كاحله...
قال وهو يجر الطفل:
"ضربة واحدة خسّرتني 84٪ من قيمة البقاء... حان دوري الآن."
سحبه نحو الضوء، رغم أن الطفل كان يتلوّى، عاجزًا عن المقاومة.
قال تان:
"أليس هذا قاسيًا بعض الشيء؟"
ردّ فنغ بابتسامة باهتة:
"بلى، لكنه ضروري."
ثم أضاف:
"كان بإمكاني تركه والهرب من الفتحة، وإنهاء السيناريو. لكن قتله سيمنحنا خبرة أكثر."
"منذ متى تهتم بالخبرة؟" سأل تان.
ردّ فنغ، مبتسمًا ابتسامة غامضة:
"الآن لدي ثلاثة أسباب:
1. أريد تعويض ثمن كابينة اللعبة التي اشتريتها.
2. السيناريوهات عشوائية وثرية، ويمكنني جمع مواد لرواياتي.
3. والأهم... لأستمر في البحث عن ‘خوفي’!"
ثم لوّح لتان، ففهم الأخير إشارته، وأ
عطاه السكين.
قال فنغ بابتسامة:
"لِنَرَ الآن، كم من الخبرة سنحصل عليها بعد قتل هذا الزعيم..."
ثم بدأ بطعن الطفل...
*ــــــ*