الفصل الخامس: الانهيار الأول
لم يكن الضوء الذي سقط من السماء مجرد طاقة، ولم يكن مجرد رد فعل طبيعي من هذا العالم. كان شيئًا أعمق، شيئًا يمثل إرادة الوجود نفسه.
لكن حتى إرادة الوجود لم تكن كافية.
لم يتحرك المنكر. لم يصرخ. لم يحاول الهروب. وقف هناك، وسط العاصفة المتلاشية، يشاهد كيف أن الضوء كان يحاول أن يلتهمه، كيف أن الفراغ كان يسعى إلى إعادته إلى حيث أتى.
لكنه لم يكن ينتمي إلى العدم بعد الآن.
هو لم يكن حتى متأكدًا من أين أتى.
لكنه كان متأكدًا من شيء واحد.
"لن أختفي."
لم يكن ذلك مجرد تفكير داخلي. بل كان حقيقة.
حقيقة ترددت عبر الفضاء، عبر الأكوان، عبر كل شيء كان يراقب، كل شيء كان يترقب.
وفجأة، توقف الضوء.
لم يختفِ، لم يتلاشى، لكنه توقف.
كأن الوجود نفسه تردد للحظة، كأنه لم يعد متأكدًا مما إذا كان يستطيع محوه.
ثم، كما لو أن شيئًا لم يحدث، انكمش الضوء ببطء، وتراجع إلى الأعلى، إلى الشقوق التي كانت في السماء.
نظر المنكر إلى الأعلى، إلى الطريقة التي عاد بها كل شيء إلى طبيعته، لكنه لم يكن مخدوعًا.
هذه لم تكن نهاية القصة.
لقد جرب العالم طريقة واحدة للتخلص منه، لكنه كان يعرف أن هناك المزيد، أن هذا لم يكن سوى الاختبار الأول.
لكن شيئًا آخر حدث، شيء لم يتوقعه.
مع تراجع الضوء، بدأت الأرض من حوله… تتغير.
الفراغ المطلق لم يكن فارغًا تمامًا بعد الآن. لم يكن مجرد فضاء لا نهائي بلا معنى.
الآن، كان هناك شيء جديد.
كان هناك عالم.
كان بدائيًا، غير مكتمل، كما لو أن وجوده لم يكن حقيقيًا تمامًا بعد، لكنه كان هناك.
أرض سوداء بلا ملامح، سماء بلا لون، ريح باردة لا تحمل معنى.
لكن مع ذلك، كان عالمًا.
وكان هذا وحده كافيًا ليجعل المنكر يبتسم.
للمرة الأولى، شيء جديد وُجد بسببه.
لكن لم يكن لديه الوقت للتأمل في ذلك.
لأن هناك شيئًا آخر قد تغير.
—
اللقاء الأول
لم يكن وحده.
كان هناك شخص آخر.
أو بالأحرى، شيء آخر.
لم يكن كيانًا من النوع الذي رآه سابقًا، لم يكن مثل الذين وقفوا في مواجهته عند ولادته.
كان… أكثر بشرية.
لكن ليس تمامًا.
وقف المنكر بصمت، يراقب ذلك الوجود الجديد، الذي ظهر وكأنه كان ينتظر منذ الأزل ليكون هنا.
لم يكن يعرف كيف يوصفه. لم يكن يعرف ما إذا كان لديه شكل محدد أم أن كل من ينظر إليه يراه بشكل مختلف.
لكن الشيء الوحيد الذي كان مؤكدًا هو أن ذلك الكيان… كان يراقبه أيضًا.
ثم تحدث ذلك الشيء، بصوت لم يكن صوتًا، بل كان انعكاسًا لرغبة ما.
"لقد نجوت."
لم يجب المنكر.
"كان يجب أن تُمحى. لكنك لم تفعل."
ظل صامتًا.
"هذا يعني أنك مختلف."
تحدث المنكر أخيرًا، بنبرة هادئة، كأن الأمر لم يكن يعنيه كثيرًا.
"كنت أعلم ذلك منذ البداية."
لم يكن هناك رد، لكن الكيان لم يكن بحاجة إلى الرد.
كان الاثنان يعرفان الحقيقة.
المنكر لم يكن مثل البقية.
والآن، كان العالم بأكمله يعرف ذلك أيضًا.
ثم، بطريقة لم يكن يتوقعها، تحرك الكيان الغامض، وظهر أمامه مباشرة.
"ما اسمك؟"
توقف المنكر.
كان هذا سؤالًا لم يفكر فيه من قبل.
لأنه لم يكن بحاجة إليه.
لكن الآن، بدا أن العالم يطالبه بشيء لم يكن قد فكر فيه من قبل.
لكن لم يكن هذا وقته بعد.
نظر إلى الكيان، ثم ابتسم قليلًا.
"لا اسم لي."
لم يكن جوابًا، بل كان تحديًا.
لكن الكيان لم يبدُ متفاجئًا.
بل، للمرة الأولى، ابتسم أيضًا.
"هذا يعني أنك لم تجد نفسك بعد."
—
أول انعكاس
كان هذا صحيحًا بطريقة ما.
كان يعرف ما يريد. كان يعرف أنه لا ينتمي لهذا النظام، أنه ليس جزءًا من القوانين.
لكنه لم يكن يعرف تمامًا من هو.
لكن لم يكن ذلك يهم الآن.
لأن هناك شيء آخر كان أكثر أهمية.
العالم قد بدأ في التحول
لم يكن وحده هنا، لم يعد الفراغ كما كان.
كان هناك الآن بداية… لبنية ما.
كان هناك شيء يشبه الأرض، شيء يشبه الزمن، شيء يشبه الواقع.
وكان هناك آخرون.
لم يكونوا بعد واضحين، لكن المنكر كان يستطيع أن يشعر بهم.
كانوا في مكان ما، يراقبون، ينتظرون.
وربما… يستعدون أيضًا.
لكن ذلك لم يكن مهمًا الآن.
لأن أول شيء كان عليه
فعله، هو أن يقرر خطوته التالية.
لم يكن يعرف إلى أين سيقوده هذا الطريق.
لكنه كان يعرف شيئًا واحدًا.
لقد بدأ أخيرًا.
ولن يكون هناك رجوع.
—
نهاية الفصل الخامس