وجدت نفسي في مكان مظلم، حيث لا توجد أضواء ولا أصوات، فقط ظلال تتلوى في الأفق. كانت الأجواء محملة بالضباب الكثيف، وكأنني أسبح في بحر من العدم. كل خطوة أخطوها كانت تجعلني أشعر بأن الأرض تتلاشى تحت قدمي، وكأنني أعود إلى الوراء في الزمن، أو ربما أُسحب إلى أعماق لا يمكن تصورها. كانت العتمة تشعرني بالضياع، وكأنني في متاهة بلا مخرج.
في تلك اللحظة، أحسست بشيء غريب يتسلل إلى أعماقي، شعور بالخوف يلتف حول قلبي كعنكبوت ينسج شباكه. كان هذا الخوف متجذرًا في ذاكرتي، يذكّرني بكل الأشياء المخيفة التي واجهتها في حياتي. لكن هذا المكان كان مختلفًا. هنا، لم يكن هناك مفر، ولا أي أمل في الإنقاذ. كان كل شيء يبدو وكأنه محاصر في دوامة من الظلام.
بدأت أسمع همسات غير واضحة، كأنها صرخات خفية تتردد في زوايا المكان. كانت الأصوات تتقلب في الهواء، ترتفع وتنخفض، وكأنها تتلاعب بي. حاولت أن أركز، لكن كل محاولة للتركيز كانت تبوء بالفشل. كانت تلك الأصوات تتداخل مع أفكاري، تعكر صفو ذهني، وكأنها تخبرني بأنني لست وحدي. شعرت بأن هناك شيئًا آخر يراقبني، يتربص بي في الظلام.
فجأة، انبثق ضوء خافت من بعيد، كان يلوح لي كطيف بعيد. لكن عندما اقتربت، أدركت أنه ليس ضوءًا حقيقيًا، بل مجرد خدعة. كان هناك وحش يقف في ظلام المكان، وجهه مشوه، وعيناه تلمعان كنجوم في سماء حالكة. فمه المليء بالأسنان الحادة يفتح ببطء، كأنه يستعد لابتلاعي. لم يكن هناك مفر. كل ما شعرت به كان الخوف يتصاعد في داخلي، وكأنني أواجه أسوأ كوابيسي.
"مرحبًا بك في عالمي"، همس الوحش بصوت عميق، يتردد صداه في أذني. "لقد انتظرت طويلاً هذه اللحظة." كانت كلماته تتردد في ذهني، وكأنها تعكس كل مشاعري المظلمة. شعرت بأنني ضحية لمصيري المحتوم، وأن كل شيء قد انتهى قبل أن يبدأ.
كل حركة من الوحش كانت مدروسة، وكأنها تستمتع برؤية ردة فعلي. بدأ يقترب مني، وكل خطوة يخطوها تترك أثرًا عميقًا في فضاء الكابوس. حاولت الهروب، لكن الأرض تحت قدمي كانت تتقلص، وكأنها تسحبني إلى الأسفل. كل محاولة للفرار كانت تبوء بالفشل، وكأنني عالق في فخ لا يمكن الخروج منه.
بدأ الوحش بتعذيبي بطريقة مروعة، كل لمسة منه كانت كالصقيع تخترقني. كان يشدني نحو الظلام، وكأنني أُغرق في بحر من الخوف. أخذت أتخيل كيف سيكون شعوري لو كنت في عالم آخر، عالم بعيد عن هذا الكابوس. لكنني أدركت أن تلك الأفكار كانت مجرد أوهام، لأنني هنا، في هذا الجحيم، لا أستطيع الهروب.
"أنت هنا لتبقى"، قال الوحش بضحكة مشؤومة. "لا مفر لك من هذا الكابوس. سأجعلك تعيش في عذابي للأبد." كانت كلماته تتردد في داخلي، وكأنها تعكس كل مخاوفي وأحزاني. شعرت بأنني محاصر في دائرة من العذاب، لا نهاية لها.
في كل مرة يقترب مني، كانت الظلال تتكاثر حولي، وكأنها تحتفل بمعاناتي. لم يكن هناك أي مكان للاختباء، كل زاوية من هذا المكان كانت مليئة بالظلام، وكأنها تعيد تشكيل نفسي. بدأت أصوات الهمسات تتعالى، وكأنها تشجع الوحش على استمراره في تعذيبي. كانت تلك الأصوات تتداخل مع أفكاري، تجعلني أشعر بأنني أغرق في بحر من العزلة واليأس.
كلما استمر العذاب، شعرت أنني أُفقد شيئًا من نفسي. الألوان تتلاشى، والأصوات تموت، وكل ما تبقى هو هذا الظلام الذي يلتهمني ببطء. لم أعد أستطيع تمييز بين الوقت، وكأن الزمن قد توقف هنا. كل لحظة كانت تزداد سوادًا، وأفكاري تتلاشى كما يتلاشى ضوء شمس الغروب.
أحسست بأنني في دوامة لا نهائية، لا نهاية لها ولا مخرج. كلما حاولت أن أجد طريقًا للهروب، كانت الأبواب تغلق في وجهي، وكأن هذا المكان قد خُلق ليكون مقبرتي. استسلمت لليأس، واختفى كل بصيص من الأمل في أعماقي. لم يكن هناك مفر من هذا العذاب، وكأنني أُسلمت إلى مصيري.
بينما كنت أُعذب، بدأت تتشكل في ذهني ذكريات من الماضي. لمحات من حياتي، أصدقائي، عائلتي، كل تلك اللحظات السعيدة التي كنت أعيشها. لكن تلك الذكريات كانت تزداد بُعدًا، وكأنها تُسحب بعيدًا عني، كأنها تمثل شيئًا غير قابل للتحقيق. شعرت بأنني أفتقد جزءًا كبيرًا من نفسي، وكأنني أُحرم من الحياة نفسها.
تواصل العذاب، وكل لحظة كانت تزداد سوءًا. شعرت بأنني أُغمر في بحر من الظلام، وكأنني أُسحب نحو قاع لا يمكن الوصول إليه. كنت أريد أن أصرخ، أن أطلب المساعدة، لكن أصواتي كانت تُخنق في حلقي. كل ما شعرت به كان الخوف يتصاعد في داخلي، وكأنني أواجه أسوأ كوابيسي.
مع مرور الوقت، بدأت أرى ظلالًا تتراقص حولي. كانت تلك الظلال تمثل كل مخاوفي، كل الأشياء التي لطالما خشيتها. بدأت أرى أصدقائي الذين فقدتهم، وأخي الذي فقدته أمام عيني٬ والذكريات التي لم أُحققها. كانت تلك الرؤى تتداخل مع الواقع، وكأنني أعيش في حالة من الفوضى.
أحسست بأنني أُسحب إلى أعماق نفسي، حيث يختبئ كل ما أخاف منه. كانت تلك المخاوف تتجسد أمام عيني، وكأنها تأخذ شكل الوحش الذي يعذبني. كان ذلك كابوسًا لا ينتهي، كلما حاولت الهروب منه، كلما زادت قسوته.
"لا يمكنك الهروب من نفسك"، همس الوحش. "أنا جزء منك، وأنا هنا لأبقى." كانت كلماته تجعلني أشعر بالعجز. كنت أُدرك أن هذا الكابوس لم يكن خارجيًا فحسب، بل كان صراعًا داخليًا أيضًا. كنت أواجه نفسي، كل ما كنت أخفيه، كل ما كنت أخشاه.
في تلك اللحظة، شعرت بأنني أُغلق على نفسي. لم يكن هناك مفر من مواجهة تلك المخاوف، لكنني لم أكن مستعدًا لذلك. كانت كل محاولة للهروب تبوء بالفشل، وكأنني أُجبر على العودة إلى تلك الزاوية المظلمة من نفسي.
في النهاية، أدركت أنني محاصر في هذا الكابوس، وأن الوحش قد تمكن من زرع اليأس في روحي. لم يكن هناك مخرج، لم يكن هناك إنقاذ. كل ما يمكنني فعله هو الانتظار، منتظرًا أن يأخذني هذا العذاب إلى نهايتي، في عالم لا يوجد فيه سوى الألم والظلام.
بدأت أستسلم تمامًا لهذا الكابوس. لم أعد أريد الهروب، لأنني أدركت أنني كنت أعيش في حالة من الفوضى. مشاعري كانت تتداخل، وأفكاري تتلاشى، وكأنني أُغرق في عتمة لا نهاية لها. لم يكن هناك مفر، ولا أي أمل في الإنقاذ.
مع مرور الوقت، بدأت أتقبل هذا المصير. كنت محاصرًا في هذا الكابوس، لكنني لم أعد أخشى الوحش. بل شعرت بأنني أعيش في عالمه، وكأنه جزء مني. أصبح العذاب جزءًا من حياتي، وكأنني أدركت أنني لن أكون قادرًا على الهروب.
في النهاية، أدركت أنني أعيش في دوامة من الظلام، بلا نهاية. لكنني لم أعد أبحث عن مخرج. لقد تعلمت أن أعيش مع هذا الكابوس، ومع هذا الوحش الذي يعذبني. أصبح جزءًا من وجودي، وكأنني أُسلمت إلى مصيري.
وهكذا، في عمق هذا الكابوس، وجدت نفسي. لم يكن هناك مفر، ولكنني تعلمت أن أعيش مع الظلام. كلما زاد العذاب، كلما أصبحت أقوى. وفي تلك اللحظات، بينما كنت محاصرًا في هذا الكابوس.
تذكرت؛ مهلا ماذا عن ذلك الشيطان؟ "هل كل شيء يحدث هنا من صنيعه "!