[منظور إميلي]

استيقظت في صباح يوم جديد، ولكن قلبي كان مثقلاً بقلق لا ينتهي. مر أسبوع كامل على اختفاء أخي أكومارو، وأربعة أيام على اختفاء إيثان، ولم أستطع إلا أن أشعر بالخوف يتسلل إلى داخلي. كنت أنتظر بفارغ الصبر أن يعودا، لكن كل يوم كان يمر دون أي خبر عنهما كان يزيد من شعوري باليأس. كانت تلك الأيام كالأبدية، كل لحظة فيها كانت كالعمر، ومع كل تفكير، كانت تتزايد ضغوطات القلق في صدري.

تجولت في أرجاء المنزل، كل زاوية كانت تذكرني بأكومارو وإيثان. كنت أرى ألعاب إيثان مبعثرة في الغرفة، وكأنها تشير إلى غيابه. تلك الألعاب التي كانت تملأ المكان بالضحك، أصبحت الآن علامات على الحزن والفراغ. "أين يمكن أن يكونا؟" تساءلت في نفسي، بينما حاولت أن أكون قوية.

توجهت نحو المطبخ، حيث كانت أمي تجلس، ملامح القلق واضحة على وجهها. كانت عيناها محمرتين وكأنها لم تنم منذ أيام. "صباح الخير، أمي," همست، لكن الإجابة كانت صمتًا ثقيلًا. كانت تنظر إلى الفضاء وكأنها تبحث عن إجابات لا تأتي. شعرت بأن كل شيء حولنا كان مظلمًا، وكأن شبح القلق قد استقر علينا.

"إميلي،" قالت أخيرًا، صوتها ضعيفًا وكأن الكلمات كانت تتعثر في حلقها. "لقد اتصلنا بالشرطة. لقد بحثوا في كل مكان، لكنهم لم يجدوا أي أثر لأخيك." كان حديثها مثل طعنة في قلبي، وكأن الخوف قد تجسد في كلماتها.

"لكنهم سيعودون، أليس كذلك؟" سألت، أمل متبقي في صوتي. "أكومارو قوي، وإيثان يحب المغامرات. ربما هم فقط في مكان ما." كنت أريد أن أصدق ما أقوله، حتى وإن كان ذلك يبدو كالكلمات التي لا تعني شيئًا.

"أعلم، عزيزتي. لكن علينا أن نكون واقعيين." كانت عينيها تلمعان بالدموع، ولكنها كانت تحاول أن تكون قوية من أجلي. "علينا أن ننتظر ونرى." كان صوتها يحمل شعورًا بالعجز، وكأنها تدرك أننا نواجه شيئًا أكبر من قدرتنا على الفهم.

شعرت بشيء ثقيل في صدري وأنا أستمع إلى كلماتها. كان هناك شعور بالفقدان يملأ أجواء المنزل، كأن الهواء قد أُخرج منه. "لماذا لا يمكنني مساعدتهم؟" تساءلت بصوت منخفض، "أنا أفتقدهم كثيرًا." لم أستطع منع نفسي من التفكير في كل اللحظات الجميلة التي قضيناها معًا، وكل الضحكات التي كانت تملأ البيت.

"كل ما يمكننا فعله الآن هو الانتظار. سنبقى على اتصال بالشرطة، وسنبحث في كل مكان." قالت أمي، لكن صوتها كان يحمل قلقًا لا يمكن إخفاؤه. كان هناك شعور بالعجز يخيّم علينا، كأننا محاصرون في فخ لا مفر منه.

مرت الساعات، جاء الليل، كان الظلام يزداد كثافة، وكأنه يلتهم الأمل المتبقي فينا. لم يكن هناك أي خبر عن أكومارو أو حتى إيثان. بينما كنت جالسة على الأريكة مع أمي، كانت عيناها تغلقان ببطء من شدة التعب. لم تكن تنام جيدًا في الفترة الماضية، فقد سبب لها فقدان أكومارو وإيثان صدمة لم تتخطها بعد. كنت أشعر بثقل الوضع، وعقلي مشغول بكل ما يحدث.

في تلك اللحظة، بدأ كل شيء من حولي يتلاشى، وكأنني أرى ثقبًا أسود صغيرًا يتشكل في الفضاء. شيئًا فشيئًا، بدأ يظهر منه كائن غامض. كان ذلك شعورًا غير مريح، كأنني كنت أراقب شيئًا لا ينبغي لي أن أراه.

ظهر الشيطان ببطء، وملامحه تتجلى في الضوء الخافت. كان وجهه أبيض كالصقيع، ناعمًا لكنه يحمل شبحًا من القسوة. عيونه الحمراء المتقدة كانت تتقد بحماسة قاتمة، وكأنها تعكس عمق الشر الذي يختبئ في قلبه. لم يكن هناك أي تعبير على وجهه، بل كانت نظرة ثابتة تثير الرهبة، كأنها تحذر من الاقتراب.

شعره الأسود كان يتناثر حول رأسه كتموجات من الليل، وكأنه يتراقص مع كل حركة من حركاته. القرون التي كانت تبرز من قمته، تتجه نحو الأعلى كالأشواك التي تحذر من الخطر، كانت تضفي عليه مظهرًا خطيرًا ومرعبًا. كان جسده النحيل يتلألأ في الظلام، مغطى بقشور داكنة تعكس الضوء ببطء، وكأنها تحكي قصصًا عن الحروب القديمة.

كنت أشعر بقشعريرة تسري في جسدي، بينما كان الشيطان يقترب ببطء. كان يحمل في عينيه شعلة من القوة الشريرة، وكأن كل خطوة يخطوها كانت تحمل وعدًا بالخراب. "ما هذا؟ من أين أتى؟" تساءلت في داخلي، بينما كان قلبي يدق بشدة. لم أكن قادرة على التفكير، كل ما كنت أشعر به هو الرعب الذي يتسرب إلى أعماقي.

في تلك اللحظة، أدركت أن هذا الشيطان ليس مجرد تجسيد لمخاوفي، بل هو رمز لكل ما كان يحدث لعائلتي. كان يظهر لي أن العالم ليس آمنًا، وأنني في حاجة ماسة إلى القوة لمواجهة ما يجري.

فجأة، انحسرت الظلال حولي، وبدأ الشيطان يتقدم بخطوات بطيئة. عيونه الحمراء تتألق في الظلام، تتلألأ كالنار المشتعلة. شعرت بشيء من الرعب يتسرب إلى أعماقي، بينما كانت أمي تجلس على الأريكة، عيناها تغلقان ببطء من شدة التعب. لم أستطع أن أتحرك، وكأن الزمن قد توقف حولي. كانت أمي تعاني من صدمة فقدان أكومارو وإيثان، ولم تكن تدرك الخطر الذي يقترب منها.

"أمي! انظري!" صرخت، لكن الصوت لم يكن كافيًا. كان الشيطان يقترب منها، خطواته الثقيلة تعكس قوة لا تُحتمل. كنت أريد أن أتحرك، لكنني شعرت وكأنني مُقيدة بجذور الخوف. كل ما كنت أستطيع فعله هو مشاهدة هذا المشهد الرهيب.

بينما كانت أمي ترفع رأسها، كان الشيطان قد وصل إليها، عيونه الملتهبة تحمل نظرة شريرة. شعرت بقلبي يتسارع، ودموعي بدأت تتجمع في عيني. "ابتعد عنها!" صرخت، محاولةً أن أتحرك، لكن قدميَّ كانت مغروسة في الأرض، وكأنها تشدني إلى الأسفل. كان الصراع بين الخوف والرغبة في حماية أمي يسحبني إلى جوانب متناقضة من نفسي.

ثم، في لحظة مروعة، انقض الشيطان على أمي. كانت عيونه تتقد بحماسة قاتمة،

بينما كان الشيطان ينقض على والدتي، كان لحظة الانقضاض تتخللها صرخات الرعب التي اهتزت في أركان الغرفة. في تلك اللحظة، شعرت بأن الزمن قد توقف، وكأن العالم من حولي قد تجمد. عندما انتزع رأسها، كانت الحركة سريعة ومرعبة، وكأنما كانت مشهدًا من كابوس لا يمكن تصديقه.

خرج الدم من رأس والدتي كالنهر المتدفق، يتساقط على الأريكة وعلى الأرض. كانت قطرات الدم حمراء زاهية، تتلألأ في الضوء الخافت، وكأنها تتراقص في الهواء قبل أن تسقط. كانت تتناثر بشكل عشوائي، تاركة وراءها بقعًا عميقة ومروعة على القماش، وكأنها كانت تشهد على الفاجعة التي حدثت.

تدفق الدم كان يحمل معه رائحة معدنية قوية، تتداخل مع رائحة الغرفة التي كانت تحمل أثر القلق والألم. كل قطرة كانت كأنها تروي قصة من الألم والفقدان، كأنها تصرخ بصمت عن المعاناة التي عشناها.

بينما كنت أشاهد العمل المرعب، كان قلبي ينبض بشدة، وكأن كل نبضة كانت تذكرني بالواقع القاسي الذي أواجهه. كنت أشعر بالقشعريرة تسري في جسدي، وكأنني أرى كل شيء بوضوح، ولكن لا أستطيع أن أصدقه. الدم، الذي كان يُعتبر رمزًا للحياة، أصبح الآن علامة على الفقدان والخراب.

بينما كان الشيطان يحمل الرأس في يده، عابسًا وكأنه حقق انتصارًا عظيمًا، أدركت أنني كنت أعيش أسوأ كابوس يمكن تصوره. لم أستطع فهم كيف يمكن أن يحدث هذا، ولماذا. شعرت بقلبي ينفطر، وكأن جزءًا مني قد تم انتزاعه مع أمي. "لا يمكن أن يكون هذا حقيقيًا!" همست لنفسي، بينما كانت الدموع تتساقط على خدّاي، وكأنها نهر من الحزن الذي لا ينتهي.

مع كل لحظة تمر، كنت أشعر بأنني أغرق في كابوس لا نهاية له. كان الشيطان يدير ظهره لي، ويختفي في الظلال، تاركًا وراءه الفوضى والألم الذي لا يمكن تصوره. في تلك اللحظة، أدركت أنني وحيدة.

"أمي!" صرخت، وكان صوتي مختنقًا بالبكاء. انحنيت على الجثة، ووضعت يدي على جسدها البارد. كانت ملامحها قد اختفت، لكنني كنت أستطيع أن أرى بوضوح تلك الصورة التي كانت دائمًا في ذهني، صورة الأم التي أحببتها والتي احتضنتني في أصعب لحظاتي. "لماذا؟ لماذا هذا يحدث لنا؟" كانت الكلمات تتسرب من شفتي مثل صرخات القلب المكسور.

كنت أقبل جبينها، وأشعر بالدموع تتساقط على وجهها، وكأنني أريد أن أعيد إليها الحياة من خلال تلك القطرات. "أرجوك، عودي إلي. لا أستطيع تخيل الحياة بدونك." كان بكائي يعبر عن كل شيء، عن الخوف، عن الضعف، عن الفقدان الذي لا يمكن تعويضه.

كلما زادت مشاعري حدة، كلما زادت نوبات البكاء. كانت أنفاسي تتعثر، وكأنني أستشعر الفراق الذي لا يمكن تصوره. "أحبك، أمي، أحبك!" كانت الكلمات تتردد في داخلي، وكأنني أحتاج إلى تكرارها لكي أصدق أنني فقدتها حقًا.

كنت أشعر وكأن قلبي قد تمزق إلى أشلاء، وكأن كل جزء مني قد انتزع معها. كانت لحظة من الألم الخالص، وكأن الزمن قد توقف، وترك لي فقط هذا الحزن الذي لا يمكن تحمله. "

يتبع...

2025/01/08 · 18 مشاهدة · 1264 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025