ماذا؟ مالذي تتحدث عنه؟" سألت، وقد شعرت بصدمة تتسلل إلى أعماق قلبي. "هل ستجعلني أكرر سؤالي مرتين؟ قلت لك: هل أنت شيطان؟ أريد الإجابة سريعًا!" كان صوت العجوز يختلط فيه الحدة والفضول، لكنني كنت مشغولاً بأفكاري.
"شيطان؟ أنا شيطان! لماذا تعتقد ذلك؟" أجبت، على الرغم من أنني لم أكن متأكدًا من نفسي.
"هذا السيف الذي كان معك يحمل بداخله قوة شيطان حقيقي. من المستحيل أن يمتلك أي شخص سيفاً كهذا، إلا إذا كان شيطانًا حقيقيًا أو سيد شيطان." كانت كلماته كالصاعقة التي تضربني، تثير تساؤلات لم أكن مستعدًا للإجابة عليها.
"شيطان حقيقي أو سيد شيطان؟ ماذا تعني بذلك؟" تساءلت، محاولاً فك شفرة المعاني التي تتلاعب في ذهني.
نظر لي العجوز بنظرة غامضة، وكأنما كان يحاول قراءة ما يدور في أعماقي. "هل تقول أنك لا تعرف؟ هل تدعي الحماقة أم أنك حقًا لا تعلم؟"
"أنا حقًا لا أعرف شيئًا مما تقوله." كان صوتي ضعيفًا، وكأنني أواجه ظلالًا من الماضي لا أستطيع الهروب منها.
نظر إلي العجوز بعينين حادتين، ثم سأل: "إذاً، كيف أمتلكت هذا السيف؟" كانت نبرته تحمل نوعًا من التحدي، وكأنما كان يحاول أن يفهم من أكون حقًا.
ترددت، لا أعلم ماذا أقول. هل أكذب عليه أم أقول الحقيقة؟ "قبل أن أجيبك، أيها العجوز، أريد منك أن تخبرني بماذا كنت تقصد بشيطان حقيقي وسيد شيطان."
لم يظهر على وجهه أي تعبير، واستمر الصمت بيننا كما لو كانت الساعات تتلاشى. ثم نطق أخيرًا: "يبدو أنك حقًا لا تعلم شيئًا."
"هناك خمسة مستويات للشياطين. أضعفها هو خادم شيطاني، ويليه شبه شيطان. ثم يأتي شيطان حقيقي، وسيد شيطان، وأعلى مرحلة يصل إليها أي شيطان هي حاكم شيطاني." كانت كلماته تتردد في ذهني، كأنها تفتح أبوابًا لم أكن أعلم بوجودها.
"الآن، أجبني، كيف حصلت على هذا السيف؟" سأل العجوز، وكانت نبرته تتسم بصرامة لا تقبل الجدل. ترددت قليلاً، وبدأت أفكر في الكلمات التي ستخرج من فمي، مدركاً أن كل كلمة قد تكون مصيرية.
"عندما كنت نائماً فوق سريري، فجأة فتحت عيني لأجد نفسي فوق قمة جبل أسود عملاق. كان السيف بجانبي، لكنني لا أعرف كيف أتى هذا السيف. مهما حاولت التخلص منه، يظل يلاحقني كأنه ظلي." كانت كلماتي تتدفق ببطء، وكأنني أستعيد ذكريات غامضة.
نظر إلي العجوز بتعجب، ثم قال بغضب: "هل تعتقد أن هذه إجابة؟ تقول لي عندما فتحت عينيك وجدت نفسك في قمة جبل وكان السيف بجانبك. هل تعتقد أن هذا الهراء إجابة كافية؟ أيها الفتى، ألا تريد أن تخبرني الحقيقة؟"
شعرت برغبة في الانسحاب، لكنني كنت أدرك أنه لم يكن لدي أي فرصة للكذب أو الصمت. كان العجوز يقرأ في عيني ما يدور في داخلي، وعلى الرغم من كبر عمره، شعرت أنه قادر على قتلي في أي لحظة إذا لم أكن صادقاً.
"أوه... حسناً، سأخبرك بكل شيء. عندما استيقظت، لم يكن السيف هو الشيء الوحيد الذي كان موجوداً. حيث ظهر من بين الظلام الكثيف..." توقفت، وكأن الكلمات عالقة في حلقي.
فجأة، شعرت بضغط شديد في صدري. بدأت أبسق من فمي دمًا كثيفًا، وكأنه يمنعني من الكلام. كانت عيناي تدمعان، لكن ليست بدموع عادية؛ بل كانت دموعًا من الدماء الحمراء. "لقد كان هذا مؤلماً، مؤلماً جداً!"
كان الألم يشتد، وكلما حاولت الكلام، كانت تلك الدماء تتدفق أكثر. شعرت وكأنني أواجه شيئاً أكبر من طاقتي، شيئاً يعلق في أعماق روحي. "هناك شيء... هناك شيء يطاردني!" كنت أصرخ في داخلي، لكن الكلمات كانت تُخنق قبل أن تخرج.
"توقف!" قال العجوز، وعبر صوته شعرت بشيء من الإلحاح. "يبدو وكأن هناك شيئاً يمنعك من إخباري بكل شيء. على الرغم من أنك ضعيف، إلا أنك تمتلك سيفًا كهذا." كانت كلماته تسلّط الضوء على حقيقة مؤلمة لم أكن أريد مواجهتها.
صَمت للحظة، ثم أكمل العجوز: "حسناً، سأطرح عليك بعض الأسئلة، وأريدك أن تجيب بهز رأسك. إذا كانت الإجابة لا، هز رأسك يميناً ويساراً. وإذا كانت الإجابة نعم، هز رأسك للأعلى وللأسفل."
على الرغم من كل الألم الذي شعرت به، لم يكن لدي خيار سوى الاستجابة. كنت خائفًا، خائفًا من أن يعلم الشيطان بشأن هذا، وكأنني كنت أعيش في كابوس لا ينتهي.
"هل الذي قابلته في الجبل كان شيطانًا؟" سأل العجوز، وكانت نبرته جدية.
أردت أن أجيب بهز رأسي للأعلى، لكن في اللحظة نفسها، بدأت أشعر بألم شديد في رأسي. كانت ضربات الألم تتزايد، وبدأت أرى كل شيء ضبابيًا. لم أستطع أن أصرخ، ولم أستطع حتى أن أحرك رأسي. شعرت وكأن رأسي سينفجر، ولما حاولت أن أتحكم في دموعي، لم تكن سوى دموع حارقة من الدماء.
كان الدفء يتسرب من عيني، وكنت أشعر بأنني محاصر بين جدران من الظلام، بينما كان العجوز يراقبني بقلق.
فجأة، انفجر الألم بصورة غير محتملة، وكأنما كان يجرني إلى أعماق لا نهاية لها. في تلك اللحظة، لم يكن هناك شيء أستطيع فعله سوى أن أستسلم لظلامي.
كنت أتمنى أن أموت، أفضل من أن أشعر بهذا الألم. تلك الفكرة تكررت في ذهني كأصداء صاخبة، بينما كنت أقاوم الألم الذي كان يجتاحني. كل نبضة من قلبي كانت تجلب معها شعورًا متزايدًا باليأس.
تحدث العجوز بعد لحظة من الصمت: "حسناً، هذا يكفي . لن أسألك أسئلة أكثر من هذا." كانت نبرته تحمل نوعاً من الحزم، كأنه يعرف أنني عانيت بما فيه الكفاية. "من خلال ما حصل لك..."
فجأة، نظر الرجل العجوز إلى السماء، ثم نهض بشكل مفاجئ. كان طوله يقارب مئة وتسعين سنتيمتراً، وهيبته تعكس قوة غير عادية. ثم أخرج هالة سوداء من حوله، وكأنما استدعى شيئًا من العدم. في تلك اللحظة، تجمعت كل مشاعري في لحظة واحدة من الرهبة.
ظهر سيف أحمر زاهٍ من تلك الهالة، كان يلمع بشكل غريب في ضوء الشمس، وكأنه يحمل أسرارًا عميقة. السيف كان مميزًا في تصميمه؛ نصل طويل ومتدرج، محاط بنقوش غامضة تعكس ثقافات قديمة. هذه النقوش كانت تتلألأ وكأنها تتفاعل مع قوة السيف، مما جعلني أشعر برعشة في جسدي. المقبض كان مزينًا بحجر أسود، يبدو وكأنه يحتوي على طاقة لا تنضب. شعرت بطاقة هائلة تنبض من هذا السيف، وكأنها تدفعني نحوها، تجذبني بخيوط غير مرئية.
قبل أن أكمل تفكيري، شعرت بطاقة مرعبة تتسلل خلفي، كأنها كائن حي يزحف في الظلام، مما جعل جسدي يقشعر وكأن شعيرات قلبي تعزف نغمة خوف متصاعد.
نظرت إلى الخلف بدهشة، وفجأة، ظهرت طاقة سوداء عملاقة، بدا وكأنها ثقب أسود قادر على ابتلاع كل شيء. كانت القوة المنبعثة منها مرعبة، وكانت تتغلغل في أعماقي، مما جعلني أشعر بأنني محاط بظلام لا نهاية له.
ببطء، بدأ يخرج منها شخص ما. ظهرت قدمه أولاً، تلتها ساقه، ثم جسده كاملاً. كان الشيطان أدرياس، تجسيد الشر والخطر، وقفت أمامه كمن يواجه أسطورة حية.
ملامحه كانت حادة، وعيناه تتلألأان مثل الجمر المشتعل، تحملان في طياتهما عواصف من القوة والنوايا المظلمة.
يتبع....