[منظور أكومارو الحالي]

"أسمك أكومارو، صحيح؟" قال العجوز، وقد كانت نبرته تحمل شيئًا من الحكمة القديمة. نظر إلي بعمق، كأنه يحاول اختراق حواجز قلبي.

"ا.. أجل." أجبت بصوت متلعثم، بينما كان الخوف يتسلل إلى أعماقي كالدخان. "كنت خائفًا. كيف يمكن لهذا العجوز أن يمتلك كل هذه القوة؟"

ثم، وبشكل مفاجئ، تحدث العجوز بجدية: "السيف الذي تمتلكه قد يسيطر عليك في أي وقت، لذلك يجب أن تحصل على بعض القوة حتى لا تصبح ضحية له. في الحقيقة، الشيطان الذي بداخل السيف أقوى بكثير من أدرياس، على الرغم من أنهم من نفس المستوى."

"من هذا العجوز؟ كيف يمكنه معرفة كل هذا؟" تساءلت في داخلي، مشدودًا إلى حيرتي.

"وكيف سأحصل على القوة؟ هل ستدربني، مثلاً؟" سألت، وعيني تتطلع إلى وجهه، أبحث عن بصيص من الأمل.

نظر إلي بعمق، وفتح فمه للرد، لكن فجأة، أرتعش جسده كأنما أصابته قشعريرة. كانت تعابير وجهه تتغير، وتحولت عينيه إلى نظرات مليئة بالحزن والقلق. "أجل، كنت أخطط لتدريبك حتى تصبح أقوى، لكن للأسف لن أستطيع."

بدأ في الاقتراب مني، وببطء وضع يده على جبهتي. كانت يده دافئة، لكن شعرت بطاقته تسري عبر جسدي، كأنها تمر عبر عواصف من المشاعر. "ليس عليك الالتقاء به مجددًا، على الأقل في هذا الوقت."

شعرت بدوار مفاجئ، وكأنني أُغرقت في بحرٍ من الغيوم. بدأ كل شيء يتلاشى من أمامي، وكأنني أرى العالم من خلال ضباب كثيف. كانت الدوائر السوداء تتسرب إلى رؤيتي، تتداخل مع الأضواء الخافتة، مما جعلني أشعر بأنني أعيش كابوسًا.

"ليس عليك الالتقاء به مجددًا." كانت كلماته تتردد في ذهني، مثل صدى بعيد في وادٍ عميق.

[منظور بياتريس]

انطلقت طاقة مرعبة نحو الغابة، وشعرت بقشعريرة تسري في جسدي. لم يكن هناك شك في أن زارثوس هو من يقف خلف هذه الظلمة. كانت هالته ثقيلة، مشبعة بالشر، وكأن الهواء نفسه قد تجمد من شدة الخوف.

بدأت السماء تتصدع، وكأنها تتألم تحت وطأة قوى زارثوس المتزايدة. ومع كل ومضة من البرق، كان الشيطان يظهر ببطء، متجسدًا في ظلامه المرعب. كان عظمته مرعبة، وقوته لا تقارن بأدرياس. رغم أن زارثوس يفوق أدرياس بمستوى واحد، إلا أن قوة زارثوس كانت تتجاوز كل الحدود، كأنها تجسد كل الكوابيس في العالم.

"كما توقعت، فأنت لم تترك عاداتك، يا تلميذ جارديان." صرخ زارثوس، صوته كالرعد الذي يهز الأرض. "لقد نقلت الفتى إلى مكان آخر. يالك من غبي! هل تظن أنني لن أستطيع إيجاده؟"

"ما الذي يهمك؟ هل أتيت هنا للتحدث فقط؟" رددت، محاولًا الحفاظ على شجاعتي رغم التوتر الذي يملأ الفضاء.

"أنت على حق، التحدث معك لن يفيد بأي شيء." فجأة، أخرج حديدة شديدة السواد من ظلامه، وأطلقها نحوي كرصاصة. كانت الحديدة تتجه نحوي بسرعة البرق، وكأنها تجسد كل الشرور التي تحملها.

شعرت بقلبي يتسارع، وبدون أن أتمكن من التصدي، اخترقت الحديدة جسدي. "آخ!" صرخت، بينما انفجر الألم في كتفي الأيمن. كان شعورًا كأن شيئًا حادًا يمزقني من الداخل. اندلعت شرارات من الألم، وتحطمت العظام تحت وطأة الضربة، وكأنني أتعرض للتمزق في كل جزء من جسدي. سيفي، الذي كان رمز قوتي، تبخر في لحظة، تاركًا إياي عارياً أمام قوى الظلام.

"كما هو متوقع من تلميذ جارديان، أنت لم تمت بضربة واحدة." قال زارثوس، صوته يمتلئ بالسخرية.

ابتسمت، رغم الألم الذي كان ينتشر في جسدي. "ماذا؟ لماذا تضحك بينما أنت تحتضر الآن؟" سأل زارثوس، وكأن دهشته تعكس ضعف إدراكه.

"إن كنت سأموت، فسأموت بطريقة تليق بي. لقد عشت طويلًا، فلماذا لا أضحك؟ أخيرًا سأتحرر من هذا الجحيم. سألتني لماذا أضحك؟. يضحكوا الرجال عندما يفقدون كل شيء، أليس كذلك، زارثوس؟"

"يالك من رجل مزعج!" همس زارثوس، في تلك اللحظة، أخرج حديدة سوداء مرة أخرى من الظلام. كانت الحديدة تتلألأ بوميض شرير، وكأنها تعكس أسوأ ما في نفسي.

أدركت أن هذه هي النهاية. نظرت إلى زارثوس، وابتسمت له بابتسامة تحمل كل ما عانيته. "معلمي جارديان هو الرجل الوحيد الذي لن تنساه طوال عمرك."

نظر إلي زارثوس بنظرة أشمئزاز، ثم وجه الحديدة نحو صدري. شعرت بالضغط المتزايد، لكنني لم أشعر بالخوف. في تلك اللحظة، كانت كل المخاوف والآلام تتلاشى. كان كل شيء يتلاشى في ضباب كثيف، وكأنني أستعد للرحيل.

عندما اخترقت الحديدة جسدي، لم يكن هناك ألم. شعرت وكأنني أطفو في بحر من الظلام، وكأن كل شيء حولي يتحلل إلى رماد. لم يكن هناك صراخ، فقط سكون مروّع. تلاشت الرؤية من حولي، بينما كانت الكلمات تتردد في ذهني.

"أخيرًا سأتحرر." كان شعورًا غريبًا، كأنني أخرج من قيد ثقيل، وكان زارثوس هو آخر ما رأيته قبل أن أغوص في ظلام أبدي.

بينما كان الظلام يحتويني، أدركت أنني كنت أختفي، لكنني لم أشعر بالذعر. كانت النهاية قد حانت، وتحول كل شيء إلى سكون مرعب. كأنني كنت أعود إلى رحم الظلام، حيث لا يوجد ألم، ولا خوف، ولا زارثوس ليحاصرني، فقط الفراغ الذي لا ينتهي.

[منظور أكومارو الحالي]

استيقظت، لكن هذه المرة لم أشعر بأي ألم في رأسي. كانت تلك تجربة غريبة، كأنني كنت محاطًا بكبسولة من السكون. نظرت حولي، وأدركت أنني لازلت في الغابة، لكنني كنت في مكان بعيد جدًا عن موقع المعركة. كانت الأشجار الكثيفة تحيط بي، أوراقها تتراقص برفق بفعل نسمات الرياح، وكأنها تخبرني بأنني بعيد عن الخطر.

"مالذي كان يقصده بكلامه عندما قال ليس عليك الالتقاء به مجددًا؟" تساءلت في نفسي، بينما كنت أشعر بالارتباك يعتصرني. كانت تلك الكلمات تهاجم ذهني كالأشباح، تذكّرني بالظلام الذي واجهته.

"اللعنة! هنالك أشياء كثيرة لا أفهمها." نظرت إلى يدي، حيث كان السيف الأسود متجذرًا هناك، وكأنما هو جزء مني. "لماذا هو مصر على أن يكون معي؟" تساءلت، بينما كنت أشعر بشيء غريب يجذبني إليه. كانت تلك الأداة تحمل في طياتها قوى هائلة، لكن الخوف من الشيطان الذي بداخلها كان يسيطر عليّ.

بينما كنت غارقًا في أفكاري، خيمت أجواء من الهدوء حولي. لكن خلف هذا السكون، سمعت خطوات لشخص ما قادم. كانت الخطوات تتقرب ببطء، وكأنها تخترق صمت الغابة، تتردد في أذني كنبضات قلب محتدمة.

توجّهت نظرتي نحو مصدر الصوت، وبدأت أشعر بتوتر يتصاعد في داخلي. "من يكون؟" تساءلت، بينما كان قلبي ينبض بسرعة أكبر. كانت الأشجار تتراقص من حولي، وكأنها تخفي أسرارها عني، بينما كنت أترقب بقلق ما سيظهر من خلفها.

2025/01/20 · 26 مشاهدة · 936 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025