تحذير* يحتوى هذا الفصل على مشاهد دموية قد لاتناسب البعض

بدأت خطواته تقترب ببطء، وكأن صدى كل خطوة كان يزرع الرعب في أعماقي. أمسكت بمقبض سيفي الأسود، دون وعي مني، وكأن غريزة البقاء قد استيقظت فجأة. لم أكن أدرك من أين تأتي أصوات هذه الأقدام، لكني شعرت بشيء غير طبيعي يقترب. ألقيت نظرة إلى الوراء، وقلبي ينبض كالمطرقة.

رأيت شيئًا مرعبًا.

"هذا.. ماذا يكون هذا الكائن؟!" تساءلت في رعب، بينما كانت عيوني تتسع في ذهول. كان يرتدي غلافًا داكنًا من السواد، ينسدل بكثافة حول جسده، وكأنه يُخفي أسرارًا مظلمة. وجهه، الذي بدا كهيكل عظمى، يترك انطباعًا مروعًا، حيث تتكون ملامحه من عظام بيضاء بارزة تعكس ضوء الشمس الذي يتسرب من بين الأشجار، بلمعان شاحب.

عينا هذا الكائن، التي تبرز من تحت القناع العظمي، تشع بتوهج غير عادي، وكأنها تحمل أسرارًا عميقة وعذابات لا تنتهي. لكن، رغم هيبته، شعرت بشيء آخر؛ كان هناك فرق شاسع بين قوته وقوة أدرياس أو الشيطان الآخر. هذا الكائن، رغم مظهره المرعب، بدا ضعيفًا مقارنة بقدراتهم المرعبة، كأنما كان مجرد بقايا من قوى أضعف.

شعره الطويل، الذي ينسدل كخيوط الليل، يحيط برأسه كإطار يعزز من مظهره الكئيب. كان يتداخل مع حجاب شفاف يلتف حوله، ليضيف لمسة من الغموض، وكأنه قادم من عالم آخر. لكنني كنت واثقًا أن هذا الهدوء ليس سوى غطاء لضعفه.

"يبدو أن حظي كان جيدًا. لقد كنت جائعًا، والآن الفريسة موجودة أمامي." تكلم هذا الكائن، وصوته كان يخرج من أعماق الظلام، لكنه لم يكن يحمل القوة التي كانت تتجسد في كلمات أدرياس.

"م... من أنت؟" همست، بينما كنت أستعد لما هو قادم، مشدودًا إلى فكرة المواجهة.

"أطبق فمك واجعلني أقتلك بهدوء. فأنا جائع جدًا، لذلك سأنهي الأمر سريعًا." كانت كلماته تحمل تهديدًا، لكنها كانت مجرد صرخات فارغة أمام ما رأيته من زعماء الشياطين.

وجهت سيفي نحوه، مستعدًا للتصدي لأي هجوم. كانت هالته مرعبة، لكنني شعرت في أعماقي أنه لا يقارن بقوة أدرياس أو ذلك الشيطان الآخر. لم يكن لديه القدرة على إلحاق الأذى بي، رغم أنني كنت أدرك أنني يجب أن أكون حذرًا.

"أوو.. يبدو أن هذا البشري الوضيع يريد الوقوف بوجهي. جيد." قال الكائن، لكنني لم أشعر بالقلق، بل بالثقة. هذه المخلوقات، رغم قوتها الظاهرة، كانت لا تزال أقل بكثير من مستوى أدرياس.

فجأة، انطلق الكائن نحوي بسرعة لا تُصدق، كالسهم الذي يُطلق من قوس. لم أتمكن من التراجع في الوقت المناسب، وشعرت بقبضته القاسية تضغط على صدري. "آخ!" صرخت، لكنني كنت مصممًا على عدم الاستسلام.

حركت سيفي بسرعة، مستعينًا بكل ما تعلمته، وصدت هجمته. تصادمت قبضته مع نصل السيف، مما أدى إلى اهتزاز يدي بعنف. لكنني كنت أستغل تلك اللحظة، فاندفعت نحو الكائن، محاولًا توجيه ضربة قوية نحو جانبه.

"تظن أنك قوي؟" صرخ، بينما تفادى ضربي بحركة سريعة، ووجه إلي ضربة قوية أخرى. شعرت بضغط يده على ذراعي، وكأنها تعصرني.

"لن أتركك تنجو!" قلت، بينما كنت أستعيد توازني وأعيد توجيه ضربتي. لكن الكائن، بمهارة غير عادية، قام بحركة مفاجئة، وسدد لي ضربة سريعة على جانبي.

شعرت بألم ينفجر في جسدي. لم أكن أستطيع التراجع. "آخ!" صرخت، بينما كانت الدماء تتدفق من جراحي. كانت المعركة تتصاعد، والألم يتزايد، لكنني كنت مصممًا على الاستمرار.

"أنت ضعيف، ضعيف جدا!" قال الكائن، بينما أطلق موجة من الطاقة المظلمة، تجتاحني كالعاصفة. لكنني جمعت قوتي، وحاولت التصدي لها، مستخدمًا كل ما أملك من طاقة.

في تلك اللحظة، شعرت بشيء مختلف. كانت هناك قوة في داخلي، شيئًا لم أشعر به من قبل. "لن أسمح لك بالسيطرة!" صرخت، واندفعت نحو الكائن مرة أخرى، محاولًا توجيه ضربة قوية.

لكن قبل أن أتمكن من ضربه، كان قد أطلق هجمة أخرى. شعرت بشيء حاد يخترق ذراعي، وكأنما كان يقطعني. "آخخ!" صرخت، بينما كنت أراقب يدي تتناثر على الأرض.

"يبدو أن هذا البشري الوضيع لا يتحمل الألم." قال الكائن بسخرية، وهو يتقدم نحوي، بينما كنت أشعر بالدوار.

كنت أنوي قتلك بسرعة كي لا تشعر بالألم، ولكن بسبب مقاومتك، سأتلذذ قليلاً بتعذيبك." قال الشيطان بصوت يفيض بالشر، بينما كانت ابتسامته تعكس قسوة لا حدود لها. "هل جربت ألم أن تؤكل حيًا؟"

"هاه!" كانت كلماته تتردد في ذهني، وكأن صدى تلك الكلمات كان يطاردني. كان الألم يشوش تفكيري، بينما كانت الدوائر السوداء تتراقص في مجال رؤيتي. "مالذي يريده بالضبط؟ هل سيأكلني حيًا؟" تساءلت، بينما بدأ الخوف يتسلل إلى أعماقي.

تمنيت في أعماق قلبي أنني سمعت الأمر خطأ. كانت تلك الفكرة، فكرة أن أكون فريسة، تؤدي إلى شعور بالذعر. "أرجوك، لا!" همست لنفسي، بينما كانت أفكاري تتنقل بين الخوف والأمل.

مد يده باتجاهي، وكانت جروح يدي تتناثر منها قطرات من الدم، تتلألأ كنجوم في ظلام حالك. "سأرى كيف سيكون طعم يديك،" تمتم بصوتٍ خافت، كأنه يتحدث لنفسه أو لعالمٍ آخر.

أخذ قضمة من أصابعي، وكان صوته يختلط بصوت مضغته، يشبه صوت حيوان مفترس يلتهم فريسته. "أيها البشري، طعمك رائع!" كانت الكلمات تتدفق من فمه كأنها نغمة جنونية، بينما كنت أشعر بدموعي تنحدر من عيني، ممزوجة بمرارة الألم.

ثم اقترب أكثر، وكأنه يستمتع بمشاهدتي وأنا أتعذب. كانت ابتسامته تتسع، كأنها قناع قاتم يغطي وجهه. قرب رأسه من رأسي، وشعرت بألمٍ حاد يخترق عيني اليمنى، وكأنها شظايا زجاجية تتناثر في أعماق رأسي. "لا، لا، لا!" كانت صرخاتي تتردد في أذني، لكن لا أحد كان يسمع.

في تلك اللحظة، أدركت ما كان ينوي فعله. ببطء، بدأ ينتزع عيني من مكانها، وكأنها ثمرة ناضجة. كانت الألم يتصاعد، وكأنني أعيش في جحيمٍ لا يرحم. "آخخخخ... اللعنة!" صرخت، لكن صراخي كان مجرد همسات في عالم الجنون.

وبينما كانت يده تتلاعب بعيني، أحسست بشيء يتدحرج في حلقي. ابتلع الشيطان عيني بكل تسلية، وكأنه يستمتع بأشهى الوجبات. كان طعم الألم لذيذاً بالنسبة له، بينما كنت أصرخ من أعماق قلبي، "لماذا يحدث لي كل هذا؟"

بينما كان الشيطان المختل يتلذذ بعذابي، شعرت بأن كل شيء حولي يتلاشى، كأن العالم الذي كنت أعرفه قد انزلق من بين أصابعي. كانت صورة أحلامي تتبدد، وحياتي الطبيعية تتحول إلى مجرد شبح عابر في ذاكرة متمزقة.

"لماذا يحدث لي كل هذا؟" كانت الكلمات تتردد في ذهني، كأنها صدى مأساوي. كنت أتذكر ضحكات أصدقائي وأشعة الشمس التي كانت تتسلل عبر النوافذ، وحرارة العناق الحميم. كل تلك اللحظات الجميلة أصبحت مجرد ذكريات مؤلمة، كأنها أشواك تنخر في قلبي.

كلما شعرت بألمٍ جديد، كان يزداد حزني. كنت أرى صورتي المنعكسة في عينيه، صورة إنسانٍ مكسور، فقد كل شيء، حتى عيني التي كانت ترى الجمال. في تلك اللحظة، أدركت أنني لم أفقد فقط عيني، بل فقدت جزءاً من روحي، جزءاً من إنسانيتي.

دموعي كانت تتساقط بغزارة، ولكنها لم تكن دموع الخوف أو الألم فقط، بل كانت دموع الفقد. فقدت كل شيء كنت أحبه، كل شيء كان يمنحني الأمل. "كيف يمكن أن يتحول الإنسان إلى وحش؟" تساءلت في نفسي، بينما كنت أستغيث في صمتي.

بينما كنت أعيش تلك اللحظات المروعة، شعرت بأنني أتحول إلى ذكرى، مجرد ظلٍ في عالمٍ مظلم. ضاعت ضحكاتي وأحلامي في براثن الحزن، في حين كان الجاني يستمتع بكل لحظة من عذابي. آلامي كانت تنبض في كل جزء من كياني، وكأنني أعيش في دوامة من اليأس لا تنتهي.

في تلك اللحظة، أدركت أنني لن أعود أبداً إلى الحياة التي كنت أعرفها. لقد غمرتني الحزن حتى الأعماق، وشعرت أنني أختنق بين دمعي وصرخاتي، بينما أتحول إلى مجرد ذكرى، ضحية لعالمٍ قاسٍ لا يرحم.

2025/01/22 · 22 مشاهدة · 1120 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025