خرج من البوابة السوداء شيطان ذو قرون مدببة وسوداء، وأجنحته السوداء العملاقة تمتد خلفه كظلال مرعبة. "إنه هو!" تكرر هذا الصوت في عقلي، وتمنيت لو كنت قد مت بدلاً من أن أراه مجددًا. كان يثير في نفسي شعورًا عميقًا من الخوف والاشمئزاز.

لكن ما إن خرج من البوابة حتى تبعته شخصية أخرى. كانت ملامحها دقيقة وهادئة، تعكس سحرًا غامضًا. عيناها الداكنتان تراقبان العالم من حولها، تحملان في عمقهما شيئًا لا يُفسَّر. بشرتها الفاتحة كانت متألقة، وشعرها الرمادي الطويل يتدفق بانسيابية حول وجهها، مُعززًا هالة القوة والثقة التي تحيط بها. وقرونها السوداء الطويلة، التي كانت تبرز منها، بدت وكأنها متساوية في الارتفاع مع الشيطان الذي بجانبها، وكان طولها حوالي 170 سنتيمتراً تقريبًا.

"خادم شيطاني يتجرأ على اللعب بدميتي!" تكلم الشيطان بصوت مرعب، كصوت عاصفة تتجمع في السماء.

سقط الشيطان الذي كان على الأرض على ركبتيه، وكأنه يحتضر. "أنا أعتذر، لم أكن أعلم..." لكن قبل أن ينهي كلامه، تبخر وكأنه لم يكن موجودًا من قبل.

نظرت إلى الشيطان الذي كان ينظر حول الغابة، ثم تكلم: "لم تتدمر هذه الغابة؟ كنت أعرف أن الرجل العجوز غبي، لكن ليس لهذه الدرجة!"

كل شيء كان ضبابيًا بالنسبة لي، شعرت وكأنني على بعد خطوة واحدة من الموت. كنت أراقب المشهد من بعيد، غير قادر على التحرك، وكأنني عالق في فخ.

ثم نظر إلي الشيطان بنظرة احتقار. "مهمتك التالية هي مغادرة هذه الغابة، إلا إذا كنت مستعدًا للعقاب الذي سيحل عليك."

كان شكله ضبابيًا، ولم أكن أراه سوى بصورة مشوشة. بدأ يعود إلى البوابة السوداء، وقبل أن يدخلها، تحدث مرة أخرى: "العجوز اللعين قد أخبرك بشأن الختم، يا للعار." ثم دخل البوابة، بينما كانت الفتاة التي بجانبه تغادر هي الأخرى، تترك لي نظرة أخيرة لم أفهم مغزاها.

تلاشت الأشكال في ظلال البوابة، وتركوا وراءهم فراغًا صارخًا. شعرت بالخوف يتسلل إلى قلبي، بينما كانت الأسئلة تتزايد. "ماذا يعني هذا؟ وما الذي ينتظرني الآن؟" كأنني كنت عالقًا بين عالمين، بين الأمل واليأس، بينما كان الغموض يحيط بي من كل جانب.

سقطت على الأرض، وأغشي عليّ. كنت أعلم أنني بحاجة إلى الراحة، حتى لو كانت لحظة واحدة من السلام، وغطس عقلي في ظلامٍ عميق.

***

استيقظت بعد فترة، وفتحت عيني ببطء. كان الضوء يتسلل من بين أوراق الشجر الكثيفة، وكنت أشعر بأنني مستلقٍ على شيء ناعم. حاولت التحرك، وشيئًا فشيئًا، أدركت أنني بجانب شجرة عملاقة، تمتد جذورها عميقًا في الأرض، وفروعها تتعانق مع السماء. لم أستطع رؤية رأسها، فقد كانت تخترق السحاب، كأنها عمود من القوة.

نظرت إلى جسدي، ولدهشتي، بدا متعافيًا تقريبًا. كانت هناك بعض الإصابات الطفيفة، لكن الألم الذي كان يعتصرني سابقًا بدأ يتلاشى. "كيف يمكن أن يحدث هذا؟" تساءلت بذهول.

حاولت النهوض، لكنني شعرت بدوار خفيف. "أين أنا؟" همست لنفسي، بينما كنت أستعيد أنفاسي. كانت الأشجار من حولي تهمس بهدوء، وكأنها تراقبني، بينما كانت أشعة الشمس تتسلل بين الأغصان، ترسم لوحات من الضوء والظل.

استندت إلى جذع الشجرة العملاقة، محاولًا التغلب على الدوار الذي لا يزال يسيطر على عقلي. كنت أشعر بالجوع يعتصر معدتي، وكأنني بحاجة إلى شيء يمدني بالطاقة. "قد تكون هناك ثمار على هذه الشجرة العملاقة," فكرت، متسائلًا عن إمكانية العثور على غذاء ينعشني.

بدأت في تسلق الشجرة، مضطرًا لاستخدام كل قوتي. كانت الفروع كثيفة، وأوراقها تتشابك، لكنني كنت مصممًا على الوصول إلى أعلى نقطة. كانت كل خطوة تتطلب جهدًا، لكنني كنت أشعر بالإصرار يدفعني. "إذا كانت هناك ثمار، فبالتأكيد ستكون هناك طاقة جديدة."

مع كل خطوة، كانت يدي تلامس اللحاء الخشن، وكانت قدمي تتشبث بالفروع. كنت أستعيد شيئًا من قوتي مع كل ارتفاع، ومع ذلك، كانت التعب يزحف إلى جسدي. بينما كنت أواصل تسلقي، بدأت أرى بعض الفواكه تتدلى من بين الأغصان، تتلألأ في ضوء الشمس كما لو كانت تضيء الطريق لي.

تقدمت بحذر نحو الفروع التي تحمل الثمار. كانت هناك فواكه بألوان زاهية، بعضها أحمر كالدم، وبعضها أصفر كالشمس. "هذه تبدو لذيذة!" همست لنفسي، بينما أمددت يدي لقطف واحدة من الثمار الحمراء.

أمسكت بها، وكانت دافئة وطازجة. وضعتها في فمي، وبدأت أستمتع بمذاقها الحلو والمليء بالعصارة. كان طعمها منعشًا، كأنها تعيد لي الحياة. بينما كنت أتناول الثمرة، شعرت بالطاقة تتدفق في جسدي.

"يبدو أنني وجدت ما أحتاجه!" صرخت بفرحة، وبدأت في قطف المزيد من الفواكه، آملًا أن تكون كافية لتجديد قوتي.

بعد أن امتلأت معدتي بالفواكه اللذيذة، جلست على أحد الأفرع العريضة للشجرة العملاقة، مستندًا إلى جذعها الضخم. كان الهواء منعشًا، ونسيمًا خفيفًا ينساب بين أوراق الشجرة، مما جعلني أشعر بالهدوء في هذا المكان المليء بالغموض.

من الأعلى، كان المنظر رائعًا. كانت الغابة تمتد بلا نهاية، تغمرها أشعة الشمس التي تتخلل بين الأغصان، وكأنها ترسم مشاهد سحرية أمام عيني. كان كل شيء يبدو بعيدًا وصامتًا، وكأن العالم من حولي قد توقف للحظة.

"كيف يمكن أن تكون الحياة هنا؟" تساءلت في نفسي. تأملت في الألوان الزاهية للأشجار والزهور التي تنمو في كل مكان، كما لو كانت لوحة فنية حية. شعرت وكأنني أعيش في عالم مختلف، عالم بعيد عن الصراعات التي كنت أواجهها.

بينما كنت أستعرض المنظر، بدأت أفكر في كل ما مررت به. الصراع مع الشيطان، والألم الذي عانيته، والأسئلة التي لا تزال تدور في ذهني. "هل سأتمكن من العودة؟" لكنني أدركت أنني في هذه اللحظة، يجب أن أركز على اللحظة الحالية.

شعرت بشيء من القوة يتدفق في عروقي، كما لو كانت الشجرة نفسها تمنحني دعمها. "إذا كانت هذه الشجرة قادرة على النمو بهذا الشكل، فإنني أيضًا أستطيع النهوض بعد كل ما مررت به." كانت تلك الفكرة تعطي لي الأمل.

أخذت نفسًا عميقًا، واستنشقت رائحة الأرض الطازجة والأوراق الخضراء. كان كل شيء هنا مليئًا بالحياة، وكأن الطبيعة تتحدث إليّ، تذكرني بأن هناك دائمًا فرصة للتجديد والنمو.

"سأكون قويًا كما هذه الشجرة." همست لنفسي، بينما بدأت أفكر في الخطوات المقبلة. "سأستكشف المزيد من هذه الغابة، وأبحث عن إجابات، لأواجه ما ينتظرني."

مع تلك الأفكار، بدأت أشعر بالهدوء يتسلل إلى قلبي. كنت هنا، في أعلى الشجرة العملاقة، محاطًا بالجمال والطبيعة.... يتبع

2025/01/29 · 16 مشاهدة · 915 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025