[نهاية آرك التجسد وبداية آرك جديد]
~رحلة نحو المجهول~
بينما كنت مسترخياً أمام غصن الشجرة العملاقة، شعرت بالخوف يتسلل إلى قلبي قليلاً. "كيف أتيت إلى هنا؟" تساءلت في حيرة. لكن سرعان ما نسيت هذا السؤال المحير، وجذبت انتباهي أحد الفواكه الطازجة المتدلية من الغصن. كانت لونها زاهية، وبريقها يثير الشغف. أخذتها بين يدي وبدأت في أكلها، طعمها كان مدهشًا، يجدد حيويتي.
ومع كل قضمة، بدأت أفكر في كيفية وصولي إلى هنا. "لماذا لا أتذكر ما حدث؟" كانت الذكريات تتلاشى كالسحاب، وكأنما محيت من ذاكرتي. لكنني لم أهتم كثيرًا، فالجوع كان أكبر من أي شيء آخر.
بعد أن شعرت ببعض الانتعاش، قررت النزول إلى الأرض حيث كان سيفي الأسود موجودًا. كان جزءًا مني، شعرت بأنني بحاجة إليه لأستعيد قوتي. "سأعود إلى الشجرة العملاقة بعد استعادته." كنت أفكر.
لكن عندما وصلت إلى المكان الذي تركته فيه، شعرت بالدهشة. حاولت سحب السيف، لكن لم يتزحزح من مكانه. "لم أستطع أخذه!" ارتبكت. "السيف الخفيف الذي كنت أستطيع أخذه بيد واحدة، لماذا لا أستطيع الآن؟"
بدأت أشعر بالقلق يتزايد في صدري. "ما خطبه؟" تساءلت، محاولًا فهم ما يحدث. كانت كل محاولة لي لسحبه تبوء بالفشل، وكأن قوة خفية تمنعني من الوصول إليه. "هل هناك شيء ما يمنعني من أخذه؟"
تجولت بنظري حول السيف، محاولًا التفكير في السبب وراء هذا. كان الأمر محيرًا ومخيفًا في آن واحد.
بينما كنت أجرّب سحب السيف، شعرت بشيء غريب يتسلل إلى أعماقي. كانت الشجرة العملاقة من حولي تشع بطاقة غامضة، وكأنها تناديني بصوت خفي. "كيف يمكن أن يكون هذا؟" تساءلت في حيرة بينما جذور الشجرة تمتد تحت الأرض، وكأنها تحاكي نبض كوني.
فجأة، شعرت بتيار من القوة يجذبني نحو الجذع. كانت الطاقة تتدفق في أوصالي، وكأن الشجرة تتبنى وجودي، تشدني نحوها برفق. "هذه الشجرة... إنها كل شيء!" أدركت في تلك اللحظة، بينما كانت همسات الشجرة تتغلغل في أعماق قلبي. "لم أعد أريد مغادرتها أبدًا."
بينما كنت أستند إلى الجذع، بدأت أستكشف تفاصيل الشجرة، كأنها عالمٌ بحد ذاته. الأوراق الخضراء تتلألأ تحت أشعة الشمس، واللحاء الخشن يحمل علامات الزمن، كل جزء منها يروي قصة. شعور من السلام غمرني، وكأنني وجدت ملاذي في هذا المكان.
تسارعت نبضات قلبي، لكنني شعرت بشيء من الهدوء يملأ كياني. "كل ما أحتاجه هو هذه الشجرة." تلاشت الأفكار الأخرى من ذهني، وبدأت أنسى كيف أتيت إلى هنا، أو حتى لماذا كنت في حاجة إلى مغادرة هذه الغابة. كانت الذكريات تتلاشى كأنها ضباب يتبدد تحت أشعة الشمس.
"لماذا أحتاج إلى سيفي؟" تساءلت في سذاجة، بينما كنت أشعر بالارتباط العميق بالشجرة. "كل شيء هنا يعطيني القوة." كانت الأفكار تتدفق في ذهني، وكأنني كنت أعيش في لحظة خالدة، حيث لا يوجد شيء سوى الهدوء والسكون.
أغمضت عيني، وسمحت لنفسي بالاستسلام لهذا الشعور. كنت محاطًا بالقوة، وبالسكينة، وكأن الشجرة قد حلت لي كل مشاكلي. "هذه هي الحياة التي أريدها." همست لنفسي، بينما كنت أغرق في عالم جديد، بعيد عن الصراع والألم، عالم حيث كانت الشجرة هي كل شيء.
تسللت نسائم الليل الباردة إلى المكان، بينما كنت أستقر في حضن الشجرة العملاقة. شعور من التعب الشديد غمرني، ورأسي بدأ يميل ببطء نحو الجذع. "لا بأس، سأغمض عيني قليلاً." همست لنفسي، قبل أن أغفو في عالم من الأحلام.
***
استيقظت بعد فترة، وأشعة الشمس تتسلل عبر الأوراق، مما جعلني أفتح عيني ببطء. كانت هناك لحظات من الارتباك، لكن سرعان ما تذكرت حلمي. "ماذا كان ذلك؟" تساءلت، بينما بدأت أسترجع تفاصيله.
كان هناك شخص غامض، لا أستطيع تمييز شكله أو جنسه، وكأن ظلاله تتلاشى في الهواء. "عليك مغادرة هذه الشجرة!" كان يقول، بصوت عميق يحمل نبرة من الحزن.
"لماذا؟" كنت أريد أن أصرخ في وجهه، لكن الكلمات لم تخرج. "لا أريد مغادرة هذا المكان. إنه ملاذي."
شعرت بقلق يتسلل إلى قلبي في الحلم، بينما كان الشخص يصر على مغادرتي. "ليس لك أن تبقى هنا إلى الأبد." كانت كلماته تتردد في ذهني، تثير فيّ مشاعر مختلطة من الخوف والارتباك.
استعدت تلك اللحظة، بينما كنت أقفز بين الوعي واللاوعي، محاولاً فهم ما يعنيه. "ما هي تلك الأمور؟" لكن الشخص ظل غامضًا، وكأن ضبابه يتلاشى ببطء، تاركًا لي شعورًا بالفراغ.
"تذكر، لا يمكنك البقاء هنا إلى الأبد." كانت كلماته تنبض في ذهني كصدى بعيد، بينما استشعرت أنني أبتعد عن الشجرة.
أخذت نفسًا عميقًا، مغمضًا عيني لبرهة. "ما الذي يعنيه هذا؟" كنت أقول لنفسي، بينما بدأت أستعيد ذاك الشعور بالسلام الذي كانت تمنحني إياه الشجرة. لكنها كانت تذكرني أيضًا بأن هناك شيئًا آخر ينتظرني.
لكن فجأة، شعرت بشيء يتغير. "لا!" صرخت في داخلي. "لا أريد مغادرة الشجرة، لا أريد مغادرة هذا المكان!" كانت الكلمات تتدفق من أعماق قلبي، بينما كنت أتمسك بشعور الأمان الذي قدمته لي.
تلاشت الصور من حلمي، وبدأت أنسى كل التفاصيل الأخرى، سوى أنني يجب أن أبتعد. "لكن لماذا؟" كنت أكرر السؤال في نفسي، بينما كنت أرفض فكرة المغادرة بكل ما أملك.
"لن أغادر!" كانت تلك العبارة تتردد في ذهني، كتعويذة تحصنني من أي قلق. "هذه الشجرة هي ملاذي، وهي كل ما أحتاجه."
***
***
مر أسبوع كامل منذ أن استقررت تحت ظلال الشجرة العملاقة. في البداية، كان الأمر مجرد ملاذ هربت إليه، لكن مع مرور الأيام، بدأت أشعر بأنني أعيش في عالم مختلف تمامًا. كل صباح، كانت أشعة الشمس تتسلل عبر الأوراق، ترسم أنماطًا من الضوء على الأرض، وكأنها تدعوني للاستمرار في البقاء.
كلما قضيت وقتًا أطول تحت تلك الشجرة، زاد ارتباطي بها. كنت أشعر وكأنني أستمد قوتي منها، وكأن جذورها تمتد إلى أعماق روحي. "هذه الشجرة هي كل شيء بالنسبة لي," كنت أقول لنفسي، بينما كنت أستند إلى جذعها، متأملًا في تفاصيلها الرائعة.
لكن في كل مرة حاولت النزول لاستعادة سيفي الأسود، كانت المحاولات تتكرر بالفشل. "لماذا لا أستطيع أخذه؟" كنت أسأل نفسي، بينما أُحاول سحب السيف من مكانه، لكن كل مرة يعود إلى وضعه كما لو كان مرتبطًا بسلسلة خفية. كانت الجذور تتشابك حوله بشكل غريب، وكأن الشجرة تحاول إخفاءه عني.
بدأت أشعر بشيء غريب يتسلل إلى ذهني. كانت الأشجار المحيطة تنظر إليّ بأعين خفية، وكأنها تراقب كل حركة لي. في بعض الليالي، كنت أستيقظ على أصوات خافتة، همسات غير مفهومة تتسرب من بين الأغصان. "هل أنا وحدي هنا؟" كنت أتساءل، لكن الإجابة كانت دائمًا ضبابية.
كلما قضيت وقتًا أطول هنا، أصبحت أكثر غموضًا. كنت أراقب الحياة من حولي، كيف تتفاعل الكائنات الحية مع بعضها، كما لو كانت ترقص تحت إشراف الشجرة. لكن في بعض الأحيان، كان يبدو أن تلك الرقصة تتحول إلى شيء مظلم. كنت أرى ظلالًا تتحرك في زوايا عيني، وكأن هناك شيئًا يختبئ بين الأغصان.
ومع ذلك، كان هناك شعور خفي يتسلل إليّ، كأنني أعيش في فقاعة من الأمان، بينما كنت أبتعد عن الواقع. "لكن ماذا عن سيفي؟" كنت أكرر السؤال في داخلي، بينما كنت أسمح لنفسي بتجاهل تلك الأفكار المقلقة.
كلما تعمقت في الحب الذي شعرت به تجاه الشجرة، زادت شكوكي. "هل يمكن أن تكون هذه الشجرة سجني؟" لكنني كنت أستدير وأتأمل الجذع الضخم مرة أخرى، وأحس أنني في حضنها، وكأنني أجد السلام هناك. لكن ذلك السلام كان يحمل طابعًا غريبًا، وكأن هناك شيئًا غير طبيعي يتربص في الظلام.
يتبع...