~رحلة نحو المجهول~
مر أسبوع آخر بينما كنت لا أزال نائمًا وأتناول الطعام تحت ظل هذه الشجرة العملاقة. كانت الأوراق تتراقص برفق في النسيم، وتظلل المكان بأجواء من السكون والسكينة. لكنني شعرت بشيء غريب يتسلل إلى أعماقي. "لا أعلم لماذا، لكنني أشعر بشيء سيء." تكررت تلك الفكرة في ذهني، كهمسات خافتة تتسلل من بين الأغصان.
"لكن هذه الشجرة هي كل شيء بالنسبة لي." استعرضت ما تقدمه لي: الراحة، الطعام... ثم تذكرت فجأة، "مهلاً، شراب؟" ارتعشت كلماتي في فكري. "لم أشرب أي شيء منذ أن تواجدت هنا. لقد نسيت أنه يجب علي أن أشرب!"
استمررت في الاستمتاع بالفاكهة، لكنني بدأت أشعر بشيء غريب يتسرب إلى جسدي. كانت الشجرة من حولي تنبض بالطاقة، وكأنها تتفاعل مع كل نبضة من قلبي. وفجأة، شعرت بصداع قوي يضرب رأسي، وكأن الشجرة نفسها كانت تفرض شيئًا على وعيي.
"آه!" همست، بينما شعرت بشيء دافئ يتسرب من أنفي. نظرت بصدمة، ورأيت الدم ينزف. "ماذا يحدث لي؟" تساءلت، لكنني لم أستطع التوقف. كنت أشعر بجاذبية لا تقاوم نحو الشجرة، وكأنها تأسرني.
أحسست بدموع تتجمع في عيني، لكنني تجاهلتها. "لا يهم، سأبقى هنا." كانت الشجرة تحتضنني، وكأنها تحاول التواصل معي، لكنني لم أفهم الرسالة.
مع كل لحظة تمر، كان الألم يزداد. شعرت بشيء آخر يتسرب من عيني، وكأن الجذور تحت الأرض تتفاعل مع مشاعري. "هذا غريب!" همست، لكنني لم أستطع التوقف عن النظر إلى الشجرة، وكأنها كانت مركز عالمي.
"يجب أن أكون مستعدًا." كانت تلك الأفكار تتلاشى في خضم الاضطراب. كلما نظرت إلى الشجرة، شعرت بالقلق يتصاعد، لكنني لم أستطع مقاومة السحر الذي كانت تنشره من حولي.
"لا أريد التفكير في أي شيء آخر." كنت أقول لنفسي، بينما أدركت أن ما يحدث لي ليس مجرد تأثير للفاكهة. كان هناك شيء أعمق، شيء ينشأ من الشجرة نفسها، يربطني بها بشكل لا يمكن تفسيره.
بينما كنت أستعيد وعيي تحت ظل الشجرة العملاقة، رأيت وحشًا أو ربما شيطانًا. كان هو نفس الكائن الذي رأيته في كابوسي سابقًا. وجهه مشوه، وأسنان حادة كالخناجر، وعيناه اللامعتان تتألقان كالنيران.
"أكومارو، أنت غبي جدًا! حتى بعد مرور أسبوعين، لم تدرك ما تفعله الشجرة بنا!" كانت كلماته تتردد في أذني، تحمل معها شعورًا بالفزع.
"ماذا؟ من أنت ولماذا أنت هنا؟" سألت، محاولًا الحفاظ على هدوئي، لكن الخوف كان يتسلل إلى قلبي، مما جعلني أشعر بأنني محاصر في كابوس لا نهاية له.
"من أنا؟ أنا بجانبك طوال الوقت." كانت نبرة صوته تحمل سخرية، كأنه يعرف شيئًا لا أستطيع فهمه، وكأنني أواجه كائنًا يعرف أسراري.
"حسنا، عليك أن تغادر آكلة الأرواح هذه بسرعة، لأنني لن أستطيع المقاومة أكثر." كانت كلماته تتردد في ذهني، كأنها جرس إنذار، تحذرني من الخطر المحدق.
"هاه؟ آكلة الأرواح؟ ما الذي تقوله؟ أتقصد هذه الشجرة؟ لا! من المستحيل علي مغادرتها!" صرخت، بينما كان شعوري بالارتباط بالشجرة يتضارب مع الخوف الذي بدأ يتسلل إلى أعماقي.
"هههههه، تلك الشجرة اللعينة لا تكتفي بتغذيتها على روحك، بل تجعلك جريئًا بما فيه الكفاية لترد عليّ!" كانت كلمات الشيطان تتردد في ذهني، تحمل في طياتها تهديدًا واضحًا. كلما اقترب مني، شعرت وكأنني بعوضة محاصرة في يد إنسان، عاجزًا عن الهروب.
"سأنتقل إلى أي مكان؛ لا أمتلك الوقت أو القوة لأنتقل لمكان معين." كان هذا ما قاله الشيطان، وكأن الانتقال إلى مكان عشوائي هو الخيار الوحيد أمامه، مما زاد شعوري بالقلق.
***
فتحت عيني ببطء، وعيني تتجول في المكان من حولي. كنت أشعر بصداع حاد، وكأن أفكاري تتصارع في رأسي. "أين أنا؟" تساءلت، بينما بدأت تتلاشى الذاكرة عن تلك الشجرة العملاقة. "لماذا أشعر وكأن ستارًا قد انكسر أمامي؟"
"اللعنة!" بدأت أتذكر كيف وصلت إلى تلك الشجرة. كان كل شيء يبدو ضبابيًا، لكنني شعرت بألمي يتجدد. "لقد كنت أتقدم بكل قوة، بينما كانت أحشائي ممزقة نحوها، وكأنني جذبت كخيط رفيع في عاصفة." كل خطوة كنت أقطعها كانت تؤلم جسدي، وكأن الأرض كانت تشدني إلى الوراء، تذكّرني بمدى ضعفي.
تقدمت عبر كثبان الغابة، وكانت كل حركة تسبب لي ألمًا لا يُحتمل. شعرت بالدم يتسرب من جراحي، وكأن كل نقطة دم كانت تضعفني أكثر. "عليّ أن أتحمل." همست لنفسي، بينما كنت أرى الشجرة تتلألأ في الأفق، وكأنها تجسد الأمل في هذا الكابوس.
ثم تذكرت الشيطان. "لماذا لم يأتِ منذ أسبوعين؟" كانت كلماته تتردد في ذهني: "هذه مهمة." هل يعني ذلك أنني لم أفشل بعد؟
لكني لم أتجاهل تلك الأصوات التي كنت أسمعها. "لا بد أنها أوهام بسبب تلك الشجرة اللعينة، آكلة الأرواح." تملكني شعور بالفزع، وكأنني كنت محاصرًا في كابوس.
اتسعت عيناي بقوة بينما بدأت أستوعب الموقف. "هذا الشيطان... كيف يمكنني النجاة؟" قبل أن أكمل تفكيري، شعرت بصداع رهيب يعتصر رأسي.
"اللعنة! لا يجب علي أن أفكر أكثر من هذا. يجب أن أرتاح قليلاً." ألقيت نظرة حولي، وصدمني ما رأيته.
هذا... لقد كانت أرض قاحلة، منحدرة، تتناثر فيها الصخور وكأنها علامات على معركة قديمة. الرمال كانت تتشكل حول قدمي، بينما كانت أشعة الشمس تلهب الأجواء، تزيد من قسوة هذه البيئة. "كيف أستطيع النجاة هنا؟" تساءلت، بينما كنت أستشعر أنني محاصر بين خيارين مستحيلين.