~رحلة نحو المجهول ~

---

كانت الأرض القاحلة تمتد إلى ما لا نهاية، حيث كانت الرمال تتلألأ تحت أشعة الشمس الحارقة. كانت هناك تلال صغيرة تتناثر في كل بضع كيلومترات، تضفي على المكان طابعًا قاسيًا وموحشًا. الصخور المتكسرة كانت تبرز كأنها أشباح من زمن ماضٍ، تتحدر من المنحدرات التي تحمل علامات المعارك القديمة.

"هل الشيطان الذي رأيته في كابوسي هو الذي جلبني إلى هنا؟" تساءلت، بينما كانت تلك الأفكار تتلاشى في ضباب من الخوف. "أيضًا، لقد قال إنه كان بجانبي طوال الوقت. هل هذا يعني..." شعرت برعشة تسري في جسدي، وكأن حقيقة مرعبة تقترب مني.

نظرت إلى السيف الأسود الذي كان ملقى بجانبي. "هل هذا هو السبب الذي جعل الرجل العجوز بياتريس يعتقد أنني شيطان؟" كانت تلك الفكرة تتردد في ذهني، مثل صدى بعيد. "لقد أخبرني أن هذا السيف يمتلك قوة شيطان حقيقي، ولهذا عندما لم أستطع الحراك، تمكن السيف من التحكم بجسدي وبدأ يقاتل."

"اللعنة!" صرخت، بينما كانت الصورة تتضح أمامي. "هل يعني ذلك أنه يمتلك قوة مشابه لأدرياس، الشيطان الذي قاتل بياتريس؟" كانت تلك الأفكار تتسرب إلى ذهني، وكأنها تحمل عبءًا لا يُحتمل.

"سحقًا!" كانت الكلمات تتفجر من شفتي، بينما كنت أشعر بأنني محاصر بين قوتين. الأرض القاحلة من حولي كانت تذكرني بمدى عزلتي، وكأنها تتحدى كل محاولة للنجاة. "

***

***

بينما كنت أستعد لمواجهة ما ينتظرني، أخذت نفسًا عميقًا وقررت استكشاف هذه الأرض القاحلة. كانت الرمال تمتد بلا نهاية، ولم يكن هناك أي أثر للحياة، سوى تلك المنحدرات الصخرية التي كانت تلوح في الأفق. "يجب أن أجد شيئًا يساعدني على فهم ما يحدث هنا."

خطوت برفق، وتحت قدمي، كانت الرمال تسحبني قليلاً، كما لو كانت تحاول إبطائي. كلما تقدمت، شعرت بتوتر يزداد في الهواء، وكأن شيئًا ما يراقبني من بعيد. لم يكن هناك صوت سوى همسات الرياح، التي كانت تتراقص حولي كأنها تعبر عن قلقها.

بعد مسافة قصيرة، رأيت شيئًا يلمع في الشمس، فتوجهت نحوه. عندما اقتربت، اتضح أنه هيكل عظمي بشري، متفسخ وممدد على الأرض. "ما الذي حدث هنا؟" تساءلت، بينما كنت أشعر بالرهبة تتسلل إلى عظامي. كان الهيكل في وضع غير طبيعي، وكأن صاحبه قد سقط في معركة، لكن لم يكن هناك أي دليل على ما حدث.

بينما كنت أستعرض المكان، رأيت هياكل عظمية أخرى، بعضها بشري، وبعضها يعود لمخلوقات غريبة لم أراها من قبل. كانت هذه الوحوش ضخمة، بأنياب بارزة وأطراف مشوهة، وكأنها تعكس رعبًا لم يُنسى. "ما الذي كان يجري هنا؟" كان السؤال يتردد في ذهني، وكأنني أستعرض تاريخًا من الألم والمعاناة.

تقدمت ببطء، وعيني تتنقل بين الهياكل العظمية، حتى لاحظت شيئًا أكبر في الأفق. كان هناك صخرة عملاقة، تبرز من الأرض كجبل صغير، وكانت تحتوي على تفاصيل دقيقة. "ما هذا؟" همست، وأنا أقترب منها.

عندما وصلت إلى الصخرة، شعرت بهالة من الغموض تحيط بها. كانت منقوشة بصورة لفارس مدرع بالكامل، يغطي درعه جسده بالكامل، بحيث لا يمكن رؤية أي جزء من جسمه. كانت هناك ثلاثة أحرف مكتوبة على الصخرة، "موت"، وكأنها تحذر كل من يقترب.

تملكني شعور بالرهبة، وارتجفت من الخوف. "هل كان هذا الفارس هنا لحماية شيء ما؟" تساءلت، بينما كنت أستعرض النقوش بعناية. كان وجهه مغطى بالكامل، مما أضفى على المشهد شعورًا بالضياع.

بينما كنت أستعرض المشهد من حولي، شعرت بأن شيئًا آخر يجذب انتباهي بعيدًا عن الفارس المقنع. تحركت قدماي نحو صخرة أخرى، كانت أكبر وأكثر هيبة. وعندما اقتربت، تجلّت أمامي صورة فارسة، جسدها مغطى بالكامل بدروع لامعة تعكس أشعة الشمس، مما جعلها تبدو ككائن أسطوري. كان تصميم درعها معقدًا، وكل تفصيلة فيه تروي قصة بطولية.

لكن ما لفت انتباهي حقًا كان النقوش التي كانت تزين الصخرة. "هاوية." كانت تلك الكلمة منقوشة بخط عريض، وكأنها تخبر كل من يراها بأن هذه الفارسة كانت حارسة لمكان مظلم، مكان يبتلع الأمل.

تملكني شعور بالقلق. "ما الذي يحدث هنا؟" تساءلت، بينما كنت أبتعد عن الفارسة المنقوشة. كانت الهياكل العظمية حولي، تلك المخلوقات العظيمة، تجسد عصورًا من الرعب، كأنها شهود على معارك لم تُنسَ.

بينما كنت أتجول في المكان، بدأت أرى المزيد من الهياكل العظمية. كانت هناك مخلوقات ضخمة، بأطراف مشوهة وأنياب بارزة، تحمل في طياتها علامات معركة وحشية. "هل كانوا جزءًا من جيش؟" تساءلت، شعور من الرهبة يجتاحني. "ماذا حدث لهم؟"

كلما تعمقت في المكان، كانت أصوات همسات الرايح تتزايد، وكأنها تحذرني من الاقتراب أكثر. "لا أستطيع أن أكون هنا!" كانت تلك الكلمات تتردد في ذهني، لكن قدمي كانت تأخذني بلا إرادة نحو الهياكل.

شعرت بشيء يتسلل إلى أعماقي، كأنني أواجه ماضيًا مظلمًا. "هذه الهياكل، وهذا الموت... كل شيء يبدو كأنه جزء من كابوس." كان الصدى يتردد في ذهني، بينما كنت أستعيد صور الفارس والفارسة، وكلمتي "موت" و"هاوية".

***

بينما كنت أستعرض المكان، شعرت بشيء يلمع في الرمال بالقرب من أحد الهياكل. اقتربت بحذر، ووجدت شيئًا يشبه درعًا. كان لونه أسود كظلام الليل، يلمع تحت أشعة الشمس بشكل غريب، وكأن له تأثيرًا غامضًا يجذبني نحوه.

"ما هذا؟" همست لنفسي، بينما كنت أمد يدي لألتقطه. عندما لمسته، شعرت ببرودة غريبة، لكنني لم أستشعر أي قوة أو طاقة تتدفق في جسدي. كان الدرع خفيفًا بشكل مدهش، وكأنني أرفع قطعة من الريش. "كيف يمكن أن يكون بهذا الوزن الخفيف؟"

تقدمت خطوة إلى الأمام، وعزمت على ارتداء الدرع. بينما كنت أضعه على جسدي، شعرت وكأنني أستقبل شيئًا غريبًا. لم يكن هناك أي ضغط أو ثقل، بل كان كأنني أرتدي غلافًا رقيقًا لا يُرى.

عندما ارتديت الدرع، لم أشعر بأي شيء. لم يكن هناك شعور بالقوة أو الحماية، بل كان الأمر كما لو أنني لم أغير شيئًا في وضعي. "هل هو مجرد درع عادي؟" تساءلت في حيرة. كان التصميم معقدًا، زُوّد بأقواس دقيقة ونقوش غامضة، لكنه لم يقدم لي أي شعور بالأمان.

"لماذا لا أشعر بشيء؟" كانت تلك الفكرة تتردد في ذهني، بينما كنت أستعرض تحركاتي. كانت حركتي سلسة، وكأنني أستطيع الانطلاق بسرعة أكبر، ولكن دون أي شعور بالتحول أو القوة.

يتبع...

2025/02/05 · 5 مشاهدة · 906 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025