خرجت من الغابة بعد معاناة طويلة، كأنني كنت أتحرر من كابوس مرعب. كنت أشعر بالارتباك، لا أعلم هل هنالك مهمات أخرى بانتظاري أم أنني سأجد لنفسي بعض الهدوء أخيرًا.

أسئلة عديدة تدور في رأسي مثل عواصف لا تهدأ: من أين أمتلكت كل تلك القوة لمواجهة وقتل الوحوش؟ لماذا تبدو الأمور غير منطقية؟ "سحقًا!" همست لنفسي، غير قادر على إيجاد إجابات شافية.

بدأت أمشي في طريقي، بلا وجهة واضحة، فقط أستمر في التقدم نحو الأمام. كنت مرهقًا، وكل نفس أتنفسه كان يبدو كأنه يستنزف ما تبقى من قوتي. شعرت وكأن في كل مكان في جسمي هنالك كسور، وكأن الألم يصرخ لي أن أستسلم. ومع ذلك، تابعت السير، متمسكًا بالأمل كأنني أتحرك في حلم.

استمرت خطواتي لما يقارب الساعة، حتى وصلت إلى مدينة تبدو مألوفة. كانت الأبراج الشاهقة ترتفع نحو السماء، تلامس الغيوم وكأنها تحرس أسرارًا قديمة. على الرغم من أنني انتقلت إلى عالم آخر، إلا أن الزمن هنا كان يشبه الزمن في عالمي. شعرت بتلك الومضات من الذكريات، لكنها لم تكن كافية لتثنيني عن المضي قدمًا.

أخذت نفسًا عميقًا، لكن معدتي بدأت تصدر أصواتًا غريبة، تنبهني إلى حقيقة مؤلمة: لم أتناول أي شيء منذ فترة طويلة. شعرت بالجوع يتسلل إلى أعماقي، كأنني بحاجة إلى طاقة تعيد لي قوتي.

تقدمت بخطوات بطيئة نحو وسط المدينة، آملًا أن أجد شيئًا يسد جوعي. كانت الشوارع مزدحمة بالحياة، لكنني شعرت وكأنني غريب في هذا المكان، لا ينتمي إلى أي من هذه الوجوه. رغم كل ذلك، كنت مصممًا على الاستمرار.

تقدمت بخطوات بطيئة نحو وسط المدينة، آملاً أن أجد شيئًا يسد جوعي. كانت الشوارع مزدحمة بالحياة، وأصوات الناس تتداخل كأنها لحن معقد. رائحة الطعام الطازج كانت تعصف في الهواء، تغمرني كالنسمات الدافئة، وكلما اقتربت من المحلات، كانت معدتي تصرخ أكثر.

مررت بجانب بائع متجول، كان يعرض شطائر محشوة بالخضار واللحوم. نظرت إليهم بشغف، لكنني شعرت بالخجل من أن أطلب شيئًا. "لا أملك المال"، تذكرت. كان جوعي يعصف بي، لكنني لم أستطع تحمل فكرة الجوع بعد الآن.

الجوع كان يتغلغل في أعماقي، وفكرت في أنني لا أملك خيار آخر. نظرت حولي، وقلبي يتسارع من الخوف والإثارة. كان هناك عدد من الفطائر الطازجة موضوعة على طاولة قرب البائع، يبدو أن أحدهم تركها دون مراقبة.

"هل يمكنني فعل ذلك؟" تساءلت في داخلي، لكن الجوع كان أقوى من أي شعور بالذنب. اتخذت قرارًا سريعًا.

تسللت في اتجاه الطاولة، محاولًا أن أكون غير ملحوظ. كان البائع مشغولاً بالتحدث مع زبون آخر، مما منحني الفرصة. نظرت حولي، وتأكدت من عدم وجود أحد يراقبني.

بسرعة، وضعت يدي على إحدى الفطائر، وشعرت بدفء العجين الطازج. كانت هذه اللحظة كضربة قلب، مليئة بالتوتر والإثارة. لكن قبل أن أستطيع التحرك، شعرت بشيء ما يتغير في محيطي.

شعرت بعيون تراقبني، لكنني لم أستطع التردد. أمسكت بالفطيرة، وركضت بعيدًا قبل أن يكتشفني أحد. كان قلبي ينبض بشدة وأنا أبتعد عن المكان، الفطيرة في يدي ككنز ثمين.

عدت إلى ركن هادئ، بعيدًا عن الأنظار. فتحت الفطيرة وأخذت قضمة كبيرة. كانت دافئة ولذيذة، والطعم كان كفيلًا بإعطائي شعورًا بالراحة.

بينما كنت أستمتع بالطعام، شعرت بمزيج من السعادة والذنب. "هل كان عليّ أن أفعل ذلك؟" تساءلت، لكن الجوع كان أقوى من أي شعور بالندم. في تلك اللحظة، أدركت أن البقاء على قيد الحياة في هذا العالم الجديد يتطلب اتخاذ قرارات صعبة.

بينما كنت ألتهم الفطيرة، أدركت أنني لم أعد في موطني. كنت في عالم مختلف، حيث كل شيء غير مؤكد، لكنني كنت مصمماً على الاستمرار. كانت هذه الفطيرة مجرد بداية، وكان علي أن أجد طريقة للبقاء، حتى لو كان ذلك يعني اتخاذ خيارات غير تقليدية.

بينما كنت أستمتع بوجبة الفطائر، فجأة اختفت الشمس، وتحولت الأجواء من الدفء إلى ظلام دامس. شعرت بأن شيئًا غير طبيعي يحدث، وبدأت أنظر حولي في قلق. "إنه... إنه ذلك الكهف مجددًا!" ارتجف قلبي بشدة، وكأنما كان يتنبأ بما هو قادم.

شعرت بالخوف يتسرب إلى أعماقي، وتمنيت لو أنني لا أرى أي شخص آخر يواجه نفس مصير أخي إيثان، سواء كانت أختي أم أمي.

صوت مألوف قطع صمتي، "يبدو أنك تستمتع بوجبتك، أكومارو." كان الوحش جالسًا في الظلام، يراقبني بنظراته المتأملة.

لم أستطع أن أنظر إلى الخلف. كانت خيوط الخوف تشدني نحو الأرض، وأنا أخشى أن أرى أختي أو أمي مقتولين. "لا تخف يا أكومارو، فأنت هذه المرة قد نجحت في النجاة من الغابة."

"لكن هل أنت مستعد للمهمة التالية؟ لأنها ستكون أصعب، وأنت تعرف ماذا سيحدث لو مت في أي مهمة." كانت كلماته تتردد في ذهني كصوت رعدٍ في عاصفة.

أخذت نفسًا عميقًا، وشعرت بشيء من الطمأنينة يتسلل إلى قلبي. بعد أن تأكدت أن لا عقبات أمامي، نظرت إلى الوراء. كان الوحش جالسًا على عرشه، عينيه تتلألأان في الظلام.

"ما... ما هي المهمة؟" تكلمت بتردد، صدى صوتي يتردد في الفضاء حولي.

"عليك أن تقتل أكبر قدر من الأبطال الخارقين من الفئة C." كانت كلماته باردة، كأنها رصاصة في قلب.

"هاه؟!" صرخت، غير مصدق لما سمعته. "تريدني أن أقتل أبطالًا؟"

"نعم، ذلك هو المطلوب. لا توجد رحمة في هذه المهمة. إنهم يقفون في طريقك، ويجب عليك أن تزيحهم." كان صوته يجسد بوضوح عدم الاكتراث بما سيحدث.

"لكن لماذا؟" تساءلت، محاولًا فهم دوافعه. "لماذا يجب أن أكون جزءًا من هذا؟"

"لأنك لا تملك خيارًا، أكومارو. إذا أردت البقاء، عليك أن تثبت قوتك. هذه هي الطريقة الوحيدة."

شعرت باضطراب داخلي. لم أكن أريد أن أكون قاتلاً، ولم أكن أريد أن أواجه أبطالًا، لكنني كنت أدرك أنني محاصر. "ماذا يحدث إذا رفضت؟" سألت، محاولًا أن أظهر بعض الشجاعة.

"هذا ليس خيارًا. سترى ما سيحدث إذا اخترت الهروب." كانت كلماته كالسيف، حادة ومباشرة.

بدأت أفكر في عائلتي، في أخي إيثان، وفي الفوضى التي يمكن أن أسببها لنفسي إذا لم أستجب. كانت هناك حاجة ملحة لشيء أكبر، ولإثبات قوتي. لكن هل سأكون مستعدًا لنزع حياة شخص آخر؟

"علي أن أكون قويًا،" همست لنفسي، رغم الخوف الذي كان يعتمل في صدري. "إذا كان هذا ما يتطلبه البقاء، فسأفعل ما علي فعله."

"أحسنت، أكومارو. الآن، ابدأ في التخطيط. لديك وقت قليل." كانت كلماته تعكس القوة، وكأنها تعطي دفعة من الإرادة.

مع كل ما كان يدور في ذهني، شعرت بأنني على حافة قرار مصيري. كانت هذه المهمة قد تحدد مصيري، لكنني كنت مصممًا على مواجهة هذا التحدي، مهما كانت العواقب.

يتبع...

2024/12/27 · 40 مشاهدة · 966 كلمة
Vicker
نادي الروايات - 2025