خبروني إذا كان في شيء غير مفهوم.
قراءة ممتعة💞
.
.
.
الحلقة 413 الجزء الثانى سلسلة الليل و النور 9
.
.
.
كووونغ—
ولي عهد مملكة راون، ألبيرو كروسمان.
شعر باهتزازٍ شديد.
الأرض...
في اللحظة التي شعر فيها بذلك الاهتزاز الصاعد من أعماق الأرض، أدرك ألبيرو الأمر على الفور.
'هذه'
هذه القوة...
'كايل هينيتوس!'
إنها قوة ذلك الوغد.
ابتسامة خبيثة—
ارتسمت ابتسامة على شفتي ألبيرو كروسمان.
تقطر—
في تلك اللحظة، سال خيطٌ رفيع من الدم من طرف فمه.
وووونغ—
كانت يده ترتجف.
لكن رغم ذلك، شدّ قبضته من جديد.
كواانغ!
وغرس سيفه في السطح.
في بركة الماء الرمادية.
ضرب سطح البحيرة الصغيرة المتجمّدة تمامًا.
تشُوجُجُج—
تشققات دقيقة بدأت تتسع شيئًا فشيئًا.
تقطر.تقطر.
والدم المنساب من فم ألبيرو كروسمان ازداد غزارة.
كواانغ!
كواانغ! كواانغ!
ورغم كل شيء، لم يتوقف ألبيرو كروسمان.
لأنه الوحيد القادر على اداء هذه المهمة هنا.
قبل لحظاتٍ فقط—
قبل أن يشرع في فعل هذا—
بُلُوش!
غاص كايل هينيتوس إلى داخل البركة، برفقة القديس.
كان ألبيرو يدرك تمامًا أن كايل نزل ليستخرج الأثر الإلهي.
نظرة سريعة—
ألقى نظرة خاطفة على محيطه.
كواآآآ—!
"أوقفوا النيران!"
"اللعنة، هذه الكتل الجليدية!"
"آآآآاااه!!"
كان كل شيء من حوله يحترق، ينهار ويتفكك وسط صرخات تعم الأرجاء.
حتى أذناه تألمتا من شدّة الضجيج.
المتجولان تشوا وريون، شرعا في تدمير كل ما تبقى من المكان المقدّس بالكامل.
ومع ذلك، لم يغفلا عن...
"هوووه، يبدو أن ذاك المكان مهم؟ ريون، دعينا ندمّره أيضًا."
"أجل، يبدو أنه علينا تدمير ذاك المكان أولًا."
لم يغفلا لحظة عن تحركات كايل والقديس.
كانا يتجهان مباشرة نحو قلب ليلة البداية، الليلة المقلوبة.
"الأثر الإلهي—!"
"اللعنة! لا أحد يستطيع دخول تلك البحيرة سوى القديس!"
كذلك، قادة طائفة إله الفوضى، ما إن رأوا كايل يدخل إلى البحيرة، حتي بلغ الاضطراب والقلق لديهم ذروته.
لكن ذلك لم يكن المصدر الوحيد للارتباك الذي حلّ بهم.
"الآن ليس وقت القلق بشأن البحيرة فقط! ماذا عن القرابين؟!"
كما قال أحد الكهنة، كان يتم إنقاذ القرابين واحدًا تلو الآخر عن طريق رفعهم إلى السماء.
مجرد تخيّل ما قد يحدث إن نجحوا في الهروب، كان كافيًا ليصيبهم بالصداع.
بالإضافة إلى ذلك، هناك شئ اخر...
"اقتلوا! اقتلوا كل من دمّر مكاننا المقدس!"
"يا إله الفوضى! سأقدّم لك القرابين بنفسي!" [*ذا النوع اللي يقتله البطل كتجربة اولة لقوته]
عشرات الآلاف من المؤمنين.
أولئك الذين جاؤوا إلى هذا المكان، كانوا يملكون قدرًا لا بأس به من القوة.
لكن في هذا الوضع، بدلًا من الهرب، فقدوا صوابهم واندفعوا بجنون.
الليلة التي لطالما تمنوها وتاقوا إليها طويلًا.
الطقوس العظيمة لاستدعاء إله الفوضى... دمّرها كايل ورفاقه، وكذلك المتجولان.
فاندفعوا نحوهم كالمجانين، دون أدنى خوف.
لأنهم دمّروا مكانهم المقدس العزيز.
في الأرض المقدسة ذات الشكل الشبيه بالحوض الواسع...
ركض الاتباع مندفعين نحو مركزها.
"إنها فوضى حقيقية."
حرفيًا، كان هذا المكان الان خليطًا من كل الناس...اصبح تجسيدًا للفوضى بعينها.
وفي خضمّ كل ذلك...
"آآآااه!"
"كغاه!"
بدأ المتجولان بمهاجمة الاتباع دون أدنى تردد.
لا، بل تخلّصوا منهم كأنهم يزيحون حجارة تسدّ طريقهم.
نظرة سريعة—
نظر البيرو نحو رفاقه.
ووووونغ—!
ارحابين.
لم يكن أحد قادرًا على الاقتراب منه بسهولة.
لم يستخدم سمة الغبار خاصته، خشية أن يكتشفها المتجولان، فاكتفى باستخدام المانا ليمنع الآخرين من الاقتراب منه.
'!'
وفي خضم هذه الفوضى، التقت نظراتهما.
- اقترب الوقت.
كانت تلك هي الرسالة التي نقلها أرحابين إلى ألبيرو.
وهي تعني أن راون وتشوي هان قد أنقذا معظم القرابين، وأن ارحابين سيكون حرًا في هذه الساحة قريبًا.
'كل شيء يسير حسب الخطة.'
بينما يسرق كايل الأثر الإلهي، يتم رفع القرابين إلى أعلى الجرف.
ثم ينقسم كايل ورفاقه إلى مجموعات للهرب.
نظرة سريعة—
'الانسة روزالين تصمد جيدًا أيضًا.'
ووووو—
رغم أنها ليست بمستوى ارحابين، إلا أنها ساحرة عظيمة أيضًا.
ساحرة قوية لدرجة أن ألبيرو لم يكن ليتمكن حتى من مجاراتها إن حاول.
لذا، لم يكن من الغريب أن لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها بسهولة.
'الشيطان السماوي.'
علاوة على ذلك، فقد كان الشيطان السماوي واقفًا بثبات إلى جوار روزالين.
ورغم أنه لم يستخدم تفرده، بسبب وجود المتجولين، إلا أن قوة فنونه القتالية وحدها كانت كافية لردع أولئك الحمقى الذين اندفعوا نحوه كالعث نحو اللهب، دون أي إدراك حقيقي لما يواجهونه.
أما غاشان، زعيم قبيلة النمور، فلا بد أنه اختبأ فور وصول المتجولين، يراقب تحركات أتباع الطائفة من بين صفوفهم. [*هالفضيحة، اصلا ليش جايبه كايل]
'الوضع ليس سيئًا.'
الأمور تسير على نحو جيد،
لكن ألبيرو كان مدركًا تمامًا لمكامن الخطر وسط كل هذا.
"…ومع ذلك، نحن نقترب من حدودنا."
كل شيء يسير حسب الخطة...
'لكن لو اختلّت ولو نقطة واحدة، سيتحوّل كل شيء إلى كارثة.'
ماذا لو ركّز المتجولون اهتمامهم علينا بدلًا من طائفة إله الفوضى؟
ماذا لو ركض عشرات الآلاف من اولئك الأتباع نحونا، متجاهلين كل شيء آخر؟
مهما كانت قوتنا، لا يمكننا مجابهة عشرات الآلاف من الناس، الي جانب اثنان من المتجولين الأقوياء في الوقت ذاته.
'خمسمائة شخص.'
لدينا حوالي خمسمئة من القرابين.
نظرة سريعة— ثم أخرى—
استمر ألبيرو في مراقبة محيطه دون توقف.
كان يدرك جيدًا ما عليه فعله.
'القضاء على المتغيرات.'
رغم أنه ليس قويًا جدًا، إلا أنه يعرف كيف يفعل الكثير من الأشياء.
القتال بالرمح، السحر، تقييم الأوضاع.
ولأنه لا يعاني من أي نقص حقيقي، اختار ألبيرو ألا يتدخل حاليًا، بل ظل يراقب ما حوله بهدوء، يراقب كل شيء.
'كايل...!'
ذلك الوغد، عليه أن يصعد بسرعة الآن.
ووووونغ—
اهتز سيف الشمس داخل غمده.
أمسك ألبيرو بمقبضه، ورفع رأسه نحو السماء.
القمر الجديد.
ليلة بلا قمر.
ومع ذلك، لم يكن الظلام دامسًا.
فالضوء الساطع المنبعث من مانا أرحابين وروزالين كان يضيء المكان.
ومن المؤكد أن ضوء مانا راون السوداء كان فوق ذلك أيضًا.
ودوم... دوم...
لكن لِمَ يا ترى؟
رغم أن الشمس لم تكن مرئية، إلا أن ألبيرو شعر وكأن ضوءها يضيئه.
كان دفء الشمس يلفّ جسده بالكامل.
منذ وقت مضى، وهذا الدفء يرافقه ويملأ كيانه.
وربما لهذا السبب، استطاع ألبيرو الحفاظ على هدوئه أكثر من المعتاد، كما شعر أن حواسه أصبحت أكثر حدة من أي وقت مضى.
"!"
نعم، تمامًا مثل الآن.
نظر ألبيرو مباشرة نحو بركة الماء.
'قبل قليل—'
شعر بشيء رهيب يغلف جسده بالكامل، شئ ينبعث من تلك البحيرة الصغيرة.
تاك... تاك... (صوت خطوات)
وبدون وعي، بدأ ألبيرو بالسير نحو مركز المكان المقدّس، نحو قلب الليلة المقلوبة، نحو البحيرة.
تاك... تاك...
الأرض العشبية التي تحولت لفوضي بفعل الاعداء من الاتباع المتزاحمين...
شقّ ألبيرو طريقه وسطهم، بخطى متسارعة.
دوم... دوم...
خفق قلبه بقوة أكبر.
وبدأ دفء الشمس يتلاشى شيئًا فشيئًا.
هل لأن الدفء قد اختفى؟
- ألبيرو، ما الأمر؟ ماذا هناك؟
تجاهل صوت ارحابين المتسائل، بل لم يكن لديه وقت ليرد عليه أصلًا.
دوم... دوم...
وحين اختفى الدفء، حلّ مكانه برودة شديدة.
هل هي برودة الليل؟
'لا...'
الأمر مختلف.
إنه يختلف عن مجرد برودة الليل العادية.
أدرك ألبيرو أن هذا الشعور لا يشعر به أحد سواه حاليًا.
تاك، تاك، تاك...
بدأت خطواته تتسارع تدريجيًا، حتى أصبحت أقرب إلى الجري.
انطلق ألبيرو بسرعة نحو البركة الصغيرة الشبيهة ببحيرة، متجاهلًا أولئك الذين اصطدم بهم.
'لا يمكن—'
لا يعلم ما هو الأمر، لكنه يعرف أنه لا يجب أن يحدث.
وووو—
أثار ألبيرو المانا وأطلق تعويذة تسريع.
دوم... دوم...
ثم أدرك شيئًا.
ليس قلبه وحده من ينبض الآن.
'السيف!'
سيف الشمس الذي يمسك به كان ينبض هو الآخر.
وكأنه يحذّره من خطر قادم.
"تبًّا!"
هل لأنه كان يتمركز في الجهة الجنوبية، بعيدًا عن مركز المعركة؟...
المسافة إلى المركز كانت بعيدة جدًا.
تاك!
في النهاية، ضغط ألبيرو على الأرض بقوة.
ورفع نفسه بسحر الرياح عاليًا، مندفعا بجسده نحو البحيرة.
كان يعلم تمامًا أن هذا التحرك سيلفت الأنظار، وأن الأعداء سيلاحظونه.
'لكن هذا ليس المهم.'
رغم ذلك، اتخذ ألبيرو قراره.
سيف الشمس هو أثر إلهي يحوي قوة إله الشمس.
وهو الآن يطلق تحذيرًا.
ولأنه هو من يحمل هذا الأثر الإلهي، لذلك كان أول من شعر بتلك الهالة الرهيبة، قبل أي من رفاقه.
'متغير طارئ.'
نعم، يجب القضاء على هذا المتغير.
في تلك اللحظة...
---!
لم يُسمع أي صوت.
توقفت كل التحركات فجأة.
وكأن الأمر كان متفقًا عليه مسبقًا.
'اللعنة!'
ذلك الشعور الذي كان ألبيرو الوحيد القادر على الإحساس به—
الآن، بات الجميع يشعر به.
وليس هذا غريبًا.
'البحيرة!'
بدأ سطح البركة يتجمّد.
ولم تكن هذه قوة المتجولة ريون.
تلك البركة الصغيرة التي أصبحت رمادية اللون...
'إله الفوضى!'
إنها قوة اله الفوضى.
وفي اللحظة التي تجمّد فيها السطح—
شعر الجميع بشيء ما.
"أنا… شعرت بالخوف؟"
نظر المتجول تشوا إلى ذراعه المرتعشة وقد غطّاها القشعريرة.
أما ريون فقد فتحت عينيها على وسعهما وهي تحدق في البحيرة.
"...إله الفوضى؟"
كانت ذكية بما يكفي لتدرك ما يجري.
وفي اللحظة التي ارتسم فيها الذهول على وجهها—
"آآه—"
"أهغ!"
"كخاه!"
ارتجفت أجساد عدد لا يُحصى من الأتباع.
فوضىٌ تجمّعت فيها آلاف الأرواح الميتة، وآلاف لحظات المتعة.
كان ذلك هو الفوضى.
و كان أول أثر إلهي احتضن تلك الفوضى ثلاثًا وأربعين مرة.
ذلك الأثر الإلهي، بدأ يطلق تأثيراته متجاوزًا حدود البحيرة.
"...ما هذا—"
حتى التنين القديم، ارحابين، تجمّد جسده فجأة من الهالة التي انبثقت من البحيرة.
كما لو كان فريسة قد شُلّت بالكامل أمام قوة جبارة.
وكان ذلك رد فعل طبيعي، غريزي.
'آه!'
ثم أدرك على الفور.
'كايل!'
لابد أن شيئًا قد حدث لذلك الوغد!
وفي الوقت نفسه، شيء خطير يجري الآن في البحيرة!
وفور أن توصّل إلى هذا الإدراك، سمع صراخ أسقف طائفة إله الفوضى.
"كهاهاها! اخيرا، الطقوس بدأت!"
صرخ وهو يدير جسده نحو الأتباع.
"قريبًا، ستأتي الفوضى! لا تخافوا! لن يكون هناك أحد قادر على ردع هذه الفوضى!"
ما إن ارتخى جسده المتصلب واستعاد وعيه، حتى ارتسمت ابتسامة مشرقة على وجه الأسقف.
"آه."
وفي اللحظة ذاتها، أطلق ارحابين تنهيدة قائلا.
"ذلك اللعين… من جماعة كايل أيضًا."
في اللحظة التي قال فيها ذلك—
كوواااانغ!
سمع الأسقف دوّى صوت خلفه، فاستدار بسرعة.
في تلك اللحظة التي جمّد فيها أثر الفوضى كل شيء بهالته، وجعل الجميع يرتعد من الرعب ويتوقف عن الحركة...
كان هناك شخص واحد فقط لا يزال يتحرك.
كان ألبيرو وحده من استمر في التحرك، وتمكن من الوصول إلى البركة.
"كيف—!"
صُدم الأسقف، لكنه سرعان ما استعاد وعيه وصرخ.
"سيتلوّث بالفوضى! إنه قربانٌ آخر!"
لقد كان واثقًا.
طالما أن أثر الفوضى، سيف الفوضى، قد تم تفعيله، فلا يوجد أي كائن قادر على إيقافه.
'أليست هذه أرضًا لا آلهة فيها!'
الإله الوحيد الموجود هنا هو فقط إله الفوضى.
ارتسمت ابتسامة مشرقة على شفتي الأسقف.
ومع ذلك، سرعان ما تحوّلت ملامحه إلى الغضب، وصرخ.
"لكن لا يمكن لقربان تافه أن يفسد الطقوس العظيمة!"
ثم صاح بأعلى صوته مخاطبًا الأتباع وأعضاء الطائفة.
"اقتلوا هذا القربان!"
لكن لا هو، ولا أي شخص آخر، استطاع التقدم نحو البحيرة.
البركة التي تحولت إلى اللون الرمادي...
رغم أنها كانت متجمدة، إلا أن الهالة الهائلة التي انبعثت منها...
مجرد الوقوف في وجه تلك الهالة كان كافيًا ليشعروا وكأن عقولهم ستغرق في الجنون من شدة الخوف.
"استخدموا الهجمات بعيدة المدى!"
وبالتالي، كان خيارهم الوحيد هو الهجوم من مسافة بعيدة.
"تشوا، لنتراجع."
"هاه؟"
"هذا ليس أمرًا يمكننا التعامل معه."
شعرت المتجولة ريون بشيء يتجاوز مجرد نذير شؤم.
بل شعرت برائحة الموت.
إذا تدخلوا أكثر من ذلك... فسيموتون.
كان لديها هذا الإحساس الغريزي.
تلك البركة...
تنضح بالخطر.
ذكّرتها بإله الفوضى، ذلك الإله القديم الذي رأته في وقتٍ ما.
ومهما بلغت قوتها، فلا يمكنها أبدًا أن تواجه إله الفوضى.
"لنهرب."
وفي اللحظة التي توصّلت فيها إلى هذا القرار—
وووووو...
"أطلقوا كل التعويذات دفعةً واحدة!"
في اللحظة التي كانت فيها جميع الهجمات على وشك أن تنهال على ألبيرو—
بووووم!
اخترق صوتٌ حاد آذان الجميع.
بووم!
بووم، بووم!
ألبيرو.
استلّ السيف الذي كان مخفيًا في غمده.
سيفٌ عادي لا يصدر أي نور.
وبذلك السيف، بدأ يضرب سطح البحيرة المتجمدة.
دوم. دوم.
لم يكن يرى شيئًا من حوله.
بل في الحقيقة، كان يسمع كل شيء ويدرك كل شيء.
لكنه لم يهتم بأي من ذلك.
'أنا بخير.'
بمجرد أن وطأت قدمه سطح البحيرة المتجمدة، شعر وكأن دوارًا شديدًا قد يسقطه أرضًا.
صرخات لا حصر لها، وصيحات فرح مليئة باللذة، اجتاحت ذهنه فجأة.
وبالتزامن معك ذلك، شعر وكأنه يرى آلاف المشاهد دفعةً واحدة.
موت أحدهم. متعة أحدهم.
كل شيء امتزج، وكأن ذهنه ينجرف داخل جوهر الفوضى ذاته.
دوم. دوم.
لكن سيف الشمس الذي في يده، كان هو ما أبقاه متماسكًا.
وفي تلك اللحظة، أدرك ألبيرو.
'أنا الوحيد.'
هو الوحيد من بين رفاقه القادر على الاقتراب من هذا المكان،... فقط هو حامل سيف الشمس.
وتحت سطح البحيرة المتجمد...
'كايل هينيتوس!'
ذلك الوغد هناك.
لا بد أن شيئًا ما قد حدث لذلك الوغد الآن.
كان ألبيرو قد سمع من الآخرين أن كايل هو الوحيد من عانى بشدة عندما واجه عين إله الفوضى في وقتٍ سابق.
"اللعنة!"
كوووااانغ!
ضرب السطح مرة أخرى.
لم تظهر حتى أي شقوق.
بووم، بووم!
ومع ذلك، استمر في التكرار.
بوووم!
لأنه بدأ يشعر مجددًا بالدفء يتسلل إلى جسده، شيئًا فشيئًا.
ذلك الدفء الذي اختفى بمجرد أن تحوّلت البركة إلى اللون الرمادي، بدأ الآن بالعودة تدريجيًا.
ولكن، ما السبب؟
ووه— ووه—
توقّف ألبيرو للحظة عندما بدأ سيف الشمس يهتز بعنف مفاجئ.
[تم شحن أول وأعظم أثر مقدس لطائفة إله الشمس، "سيف الشمس".]
[هل ترغب في استخدامه؟]
سيف الشمس، الذي كان قد امتص ضوء الشمس وكأنه يشحن نفسه.
'الشحن مكتمل؟'
عندها فقط أدرك ألبيرو أن لحظة اكتساب السيف للقوة حين تلقّى المهمة من إله الشمس الحقيقي... كانت تعني أن السيف قد اكتمل شحنه.
"بالطبع—"
رفع سيفه عاليًا.
"سأستخدمه حتمًا!"
بوووم!
في اللحظة التي غرس فيها السيف في السطح—
فاه—
انبثق ضوءٌ ساطع من النصل.
لم يكن دفئًا.
بل كان نورًا.
تشق—
وفي تلك اللحظة، ظهر تشقّق صغير على سطح البحيرة.
نورٌ يبدّد الفوضى.
كوانغ!
كوانغ، كوانغ!
كان ألبيرو يعرف جيدًا ما عليه فعله، لذا واصل غرس سيفه في سطح البحيرة دون توقف.
تـشـقـق—
وعلي عكس السابق، بدأ السطح يتشقق تدريجيًا شيئًا فشيئًا.
سسسس—
ومن بين تلك الشقوق، بدأت تتصاعد أدخنة رمادية.
ومرة أخرى، شعر ألبيرو وكأنه يرى من جديد تلك الكوابيس البشعة لفوضى لا توصف.
بوووم!
ومع ذلك، غرس سيفه مرة أخرى.
"آهغ!"
وفي تلك اللحظة، شعر ألبيرو بألمٍ حاد.
[ما زلت لا تستوفي الشروط اللازمة لاستخدام الأثر المقدس "سيف الشمس".]
ها!
حتى وسط الألم، لم يستطع ألبيرو إخفاء دهشته.
لقد قال له إله الشمس إنه سيكلّفه بهذه المهمة، والآن يخبره بأنه لا يستوفي الشروط لاستخدام هذا الأثر الإلهي؟
[بناءً على ذلك، سيحدث رد فعل عكسي.]
وهكذا أدرك ألبيرو أن الألم الذي يشعر به هو نتيجة لذلك الارتداد.
"اللعنة!"
بوووم!
ومع ذلك، استمر في ضرب سطح البحيرة بسيفه.
لم يكن لديه خيار آخر.
تقطر...
كان الدم يسيل من فمه، والألم يشتد—
ولكن، ما عسى أن يفعل؟
كان لا يزال قادرًا على التحمل.
وفوق ذلك، هذا ما يجب أن أفعله.
'هكذا كان شعورك إذًا.'
كايل هينيتوس... إذًا هذا ما كان يشعر به ذلك الوغد!
"تبًا لهذا!"
رغم الارتداد، لم يكن الألم سيئًا كما تخيّل.
ومع ذلك، لا يزال مؤلمًا.
بالطبع، فهو ينزف دمًا، فكيف يمكن أن يكون الأمر بخير؟!
كوانغ، كوانغ!
لكن الأمر كان ممكنًا.
حتى لو لم يستوفِ الشروط بعد، فإن إله الشمس... وكايل هينيتوس... قد أوكلوا له هذه المهمة.
بوووم!
راح البيرو، وكأنه فقد صوابه، يضرب السطح المتجمد كالمجنون.
تـشـقـق—
بدأت التشققات تتسع أكثر فأكثر.
لم يعد هناك دخان رمادي فقط، بل صار الماء الرمادي نفسه يتسرب بخفة محدثًا صوت ارتطام خافت.
تدفقت رؤى مرعبة — مليئة بالصراخ المروّع وصيحات النشوة الممزوجة باللذة — لتغمر ذهنه من جديد.
ومع ذلك، تمسك البيرو بذلك الدفء الذي يغلف جسده، وبهذا النور المتوهج شيئًا فشيئًا، واستمر في ضرب السطح.
كما لو كان حدّادًا لا يتوقف عن طرق الحديد.
"هـاه، هـاه—"
أنفاسه تتسارع.
دماه تنزف.
ومع ذلك، لم يستطع التوقف.
كان قلقًا على كايل هينيتوس الموجود تحت سطح البحيرة. وكان يخشى أن تفسد الأمور كلها.
و أيضًا—
"لا تقلق بشأن الهجمات."
كان الجميع متجمدين من الخوف، غير قادرين على الاقتراب من البحيرة بسهولة. لكن من بينهم، تقدّم شخص ووقف بجانب ألبيرو.
كان ذلك الشخص هو الشيطان السماوي. [*الاسطورة الثالثة]
على عكس البركة المتجمدة، كانت البحيرة التي تسرب منها الدخان والماء تبعث رهبة أعظم، ومع ذلك، وقف الشيطان السماوي بثبات على اليابسة خارج البركة، رغم ارتجاف يديه. كان جسده مغطى بهالة داخلية داكنة بلون الدم، يواجه بها الأعداء بثقة.
"لأنني أنا أيضًا إله—"
إله طائفة الشياطين، الشيطان السماوي.
لا يجوز لإله أن يخاف من إله آخر.
وقدد قرر الشيطان السماوي حماية ألبيرو.
وووووووون—
حينها ظهر درعٌ حول ضفة البحيرة حيث يقف ألبيرو .
روزالين، التي أرسلت الشيطان السماوي، لم تستطع الاقتراب بنفسها، لكنها، رغم ارتجافها، مدت درعها لتحيط بـألبيرو وتحميه.
تطق—
وعلى الجانب المقابل من البحيرة، وقف ارحابين يحرس ألبيرو.
كان جسد ذلك التنين القديم يرتجف بعنف، ووجهه متجهم، ورغم أن ارتجافه كان أشد من الشيطان السماوي، فقد بدا شامخًا ومتماسكًا.
الشمال والجنوب.
كلٌ من الشيطان السماوي وارحابين تولى جهة.
"إنها قوة إله الشمس! كيف للشمس أن— اقتلوه!"
"اقتلوه!"
"أوقفوه!"
أطلق آلاف من أتباع الطائفة وكهنتها، المحاربين والقادة، هجمات عن بُعد.
ووقف الرفاق لصدّ تلك الهجمات.
كان ألبيرو يشعر بكل ذلك، يسمعه بوضوح.
ولهذا، لم يكن بوسعه التوقف.
"تبا!"
كايل هينيتوس!
الآن فهمت، لماذا تعيش بهذه الطريقة!
ذلك اللعين!
"كخخ!"
كان ينزف دماً.
ومع ذلك، لا يمكنه التوقف.
بووووم، بووم!
بووم! بووووم!
كان سطح البحيرة يتشقق شيئاً فشيئاً.
تشقشققق—
وأخيراً—
بووووم!
اخترق السيف سطح البحيرة المتجمدة.
تـشـلّف—
وفي اللحظة التي لامس فيها الماء الرمادي تحت السطح،
عندما انفتح ثقب صغير بالكاد يُرى—
كووونغ---
اهتزت الأرض.
'هذا... كايل هينيتوس—!'
وسط الفوضى، استطاع ألبيرو أن يشعر بوجود كايل هينيتوس.
بوووم! بوووم!
"تباً، أخرج بسرعة!"
بوووم!
وأخيرًا، أحدث السيف المتوهج بالضوء ثقبًا في السطح المتجمد.
ثقب بحجم السيف.
"كخخ—"
وكان هذا هو حد ألبيرو.
[نسبة البطارية المتبقية: 10٪]
لا تزال بطارية "سيف الشمس" تحتوي على بعض الطاقة،
لكن ألبيرو نظر إلى يده المرتجفة.
لم يعد لديه القوة ليمسك السيف.
شعر وكأنه سيفقد وعيه.
لكنه لم يكن يرغب في الإغماء.
"ها، هاها—"
ضحك ألبيرو.
وارتسمت ابتسامة على شفتي الشيطان السماوي. وسمع ألبيرو صوته.
"إنه قادم."
نعم.
إنه قادم.
خفض ألبيرو رأسه.
لم يكن يرى شيئًا في الماء الرمادي.
لكن هناك في اعماقه—
'أراه.'
انقسمت المياه الرمادية.
وكان شيء ما يصعد من الأسفل.
لم يسحب ألبيرو سيفه.
حتى وإن استهلك الطاقة المتبقية، فقد تركه يشع بالنور باستمرار.
قد لا يملك القوة لاستخدام السيف،
لكنه كان يعلم أن بإمكانه على الأقل أن يدلّ الطريق بهذا الضوء.
"هاها—"
وأخيرًا، ضحك ألبيرو.
ثم بذل آخر ما تبقى لديه من قوة.
وسحب السيف.
تشقشققق—
انفتح سطح البحيرة.
كووااااانغ!
ومن تحت ذلك السطح، انطلقت صخرة ضخمة تخترق المياه وتصعد لأعلى.
حجرٌ تصاعد من قاع البحيرة مخترقًا الماء.
وعلى ذلك الحجر—
وقف كايل هينيتوس.
ألبيرو وكايل.
تلاقت أعينهما.
وتحدث كايل بنبرته الهادئة المعتادة إلى ألبيرو.
"بفضلك، نجوت."
لم يستطع ألبيرو سوى أن يضحك.
نسي كل شيء آخر، وانفجر ضاحكًا فقط.
"ها، هاها—"
ولم يكن أمامه سوى أن يفعل ذلك.
فكلاهما كان غارقًا في الدماء، يبدوان في حالة مزرية تمامًا.
.
.
.