1225 - الحلقة 449 الجزء الثانى سلسلة هل يمكنني أن آخذ كل شيء؟ 12

خبروني إذا كان في شيء غير مفهوم.

قراءة ممتعة💞

.

.

.

نادي الروايات~ترجمة: White.Snake

.

.

.

الحلقة 449 الجزء الثانى سلسلة هل يمكنني أن آخذ كل شيء؟ 12

.

.

.

"!"

"……!"

لم يتمكّن لا الفارس المقدّس الأعلى، ولا قائد الفيلق الثالث مول، من إخفاء صدمتهما حين رأيا ذلك الضوء الأبيض النقيّ المتوهّج ينبعث من سيف كلوف سيكا.

في هذه الليلة الحالكة،

ورغم أن قلعة موراكا كانت تتوهّج من الداخل والخارج بسبب المعارك المشتعلة فيها، إلا أن ذلك النور الأبيض النقي، تلك الهالة المتلألئة، كانت مختلفة كليًا.

هالة بيضاء نقيّة بالكامل، كأنها لم تخالطها ذرّة غبار واحدة،

لو رآها من لا يعرف حقيقتها، لأعتقد أن ذلك النور الأبيض غاية في الجمال، لدرجة تدفعه للتوقّف والتحديق فيه طويلًا.

"هذا المجنون...!"

لكن الجنرال مول لم يتمكّن من كبح صدمته وتفوّه بها.

"إنها مانا ميتة—!"

ذلك النور الأبيض كان مشبّعًا بالمانا الميتة.

لكن ومع ذلك، لم يكن ذلك النور يشعر المرء بالجمال أو القداسة فحسب.

بل كان هناك ظلٌّ مختبئ خلف بياضه النقي، وشعورٌ مشؤوم يوحي بوجود الظلام كامنًا بداخله.

ولأن مول كان مبارزًا عبر حدود الحياة والموت مرارًا، استطاع أن يميّز ذلك الإحساس بوضوح.

'اللعنة، لم يكن شيطانًا إذًا!'

شعر بقشعريرة باردة تسري في مؤخرة عنقه.

ذلك الوغد كاسي، لم يكن من الشياطين.

لقد تأكّد تمامًا من أنه بشري في اللحظة التي رأى فيها هالته.

إنسان في عالم الشياطين؟

هل يمكن أن يكون من جماعة الوسطاء التابعين لأورورا؟

راودته شكوكٌ عديدة واحد تلو الآخر، لكن ما أذهله حقًا كان أمرًا آخر.

'كيف تمكّن من التحكم بالمانا الميتة بهذا الشكل؟!'

البشر، بل أي كائن حي، لا يمكنه استخدام المانا الميتة بهذه الطريقة.

ولأن مول لم يكن يعلم شيئًا عن الطاقة الداخلية الخاصة بالشيطان السماوي،

فقد بدا له كلوف سيكا، الذي يتحكّم بالمانا الميتة، التي تعد سمًا قاتلاً للإنسان، إنسانًا لا يُشبه البشر.

وفوق كل هذا—

'هذا الوغد مجنون!'

أجل، لقد بدا واضحًا أنه مجنون تمامًا.

ذلك الوغد الممسك بسيفه، لا هو تاجر، ولا هو نبيل،

بل محارب يطغى عليه الجنون.

خاصة الآن، وهو ينظر إلى درع الفارس المقدّس الأعلى ويبتسم...

"هممم..."

أصدر مول صوتًا مكتومًا من صدره من دون أن يشعر،

التقت نظراته بعيني ذلك المجنون.

ومن خلف كتف الفارس المقدّس الأعلى، ألقى كلوف عليه ابتسامة أنيقة.

"الجنرال مول. سأوصلك إلى عتبة باب البابا بنفسي."

في تلك اللحظة، استطاع مول أن يتخيّل ما سيحدث—

سسس— (صوت حفيف لتدفق الهالة)

في اللحظة التي اشتد فيها لمعان ذلك النور الأبيض النقي،

وفي اللحظة التي وجّه فيها كلوف سيكا خطاه وسيفه ونظراته نحو الفارس المقدّس الأعلى—

'ربما...'

قد تنقلب موازين المعركة بالكامل…!

فالهالة النقية التي أطلقها كاسي، كانت أقوى بكثير مما توقعه.

فما إن وقعت عيناه على ذلك النور، حتى تسلّل إلى نفسه شعورٌ مشؤومٌ غامض مفعمٌ بالرهبة،

وبلا وعي، قبض على غمد سيفه بكل قوّته

سيّد السيف.

كاسي ذلك المجنون، يقف على قمة ذلك المستوى، أو ربما حتى يتجاوزه.

وإن كان قد تعمّد إخفاء قوّته من قبل، فليس من المستغرب أن مول لم يكتشفها.

لأنه...

'من أولئك الذين قضوا عشرات السنين في صقل مهاراتهم بالسيف!'

خطواتٌ تتقدّم نحو الدرع.

جسده يتحرّك بسلاسة معه.

ذراعٌ ممدودة إلى الأمام.

نصلٌ لا يهتزّ،

يتعامل مع سيفه كأنه امتدادٌ طبيعي لجسده.

كاسي.

ذلك المجنون، هو مبارزٌ حقيقي.

بل مبارزٌ استثنائي جدا، حتي بلغ هذا المقام الرفيع في مثل هذا السن الصغير.

كواااااااااانغغ—! (صوت اصطدام عنيف)

اصطدم السيف بالدرع.

ارتسمت علامات التوتر على وجه مول، بينما ظلّ تعبير الفارس المقدّس الأعلى هادئًا وثابتًا.

وووو— وووو—

اهتزّ الدرع الرماديّ تحت وطأة الهجوم، مُطلقًا صوتًا غريبًا يشبه العويل.

تصاعد دخان رمادي من الدرع.

وتفجّرت تلك الأبخرة في لمح البصر.

لم يكن بالإمكان تفاديها.

وميضٌ غريبٌ ارتسم في عيني الفارس المقدّس الأعلى.

عيناه الخضراوان، اللتان كانت تتّقدان بحرارةٍ غريبة، لامستهما الأبخرة الرمادية المتصاعد من السيف.

حتى دون أن يستنشقه، يكفي أن تلامسه تلك الأبخرة، فـأنه—

'سيرى هلوسات.'

ساحة معركة.

ساحة مريعة وبائسة إلى أقصى حد.

مشهد مرعب حيث يندفع عدد لا يُحصى من الأعداء نحوه فقط لقتله.

ذلك الوهم—

'حتى لو تحمّله مرة، لن يصمد في النهاية.'

ولهذا، فإن هذا الدرع لا يُكسر.

فكلما غرق العدو في الوهم، وفقد ثقته بالنصر، وانجرف إلى الفوضى...

ازداد هذا الدرع قوّة.

لأن من يحمله، واثقٌ من النصر.

الفارس المقدّس الأعلى.

طالما هو يؤمن أن هذا الدرع لا يُكسر،

وطالما لم تخطر الهزيمة بباله—

'لن يُكسر أبداً!'

ذلك الدرع، الذي يحمل في طياته قوى إله الفوضى، لن يُهزَم مطلقًا.

تلك هي الحقيقة، وتلك هي القاعدة الراسخة التي لا جدال فيها.

ارتسمت على شفتي الفارس المقدّس الأعلى ابتسامة خفيفة.

لقد كان يتوق لرؤية كيف ستتغير نظرات من غرق في وهم ساحة المعركة المفزعة.

"……!"

لكن، في اللحظة التالية، ذُهِل الفارس المقدّس الأعلى.

وصرخ مول، الذي كان يراقب من بعيد، دون أن يشعر.

"هذا المجنون، إنه يضحك-!"

كلوف سيكا.

كان يضحك.

رغم أن الوهم الذي اجتاحه كان ساحة معركة دموية.

عشرات، بل مئات، بل كل ما تراه عينه كان مليئًا بأعداء يهاجمونه بأسلحتهم من كل اتجاه.

ساحة معركة تتّجه بالكامل نحوه.

تحت سماء ملبّدة بالغيوم، وأرض قاحلة لا يُرى فيها أي حليف يقف إلى جانبه.

وهم لا يُشبه الأوهام، معركة تشعر بها بكل حواسك—البصر، السمع، الشم، اللمس... بل وحتى الإحساس الغريزي البدائي بالخطر.

كل شيء فيها كان يحاكي الواقع بدرجة مذهلة.

"هاها—"

ورغم كل ذلك، كان كلوف يضحك.

وأمام هذا المشهد الغريب، حافظ الفارس المقدّس الأعلى على هدوئه.

'لا شك أنه يتصرّف بهذا الشكل لأنه يعلم أن ما يراه ليس سوى وهم.'

إنه وهمٌ لا يظهر سوى للحظات بعد الاصطدام بالدرع.

ومهما بلغ من الواقعية، سيظل وهمًا في نهاية المطاف.

ولهذا، فمن الطبيعي أن يحافظ على هدوئه في البداية.

'لكن، لم يسبق لي أن رأيت أحدًا يضحك...'

ومع ذلك—

'إن جعلتُ هذا الوهم إلى واقع حقيقي، فلن يضحكه مجددًا.' [*مو واضح ابدا انه تحسس من الضحكة]

اجل، حينها لن يتمكن من الضحك بعد الآن.

اختفى الوهم.

ووجّه كلوف سيفه مجددًا نحو الفارس المقدّس الأعلى.

كوااااااااانغ! (صوت اصطدام عنيف)

عند الاصطدام الثاني—

"اللعنة! كاسي، احذر!"

صرخ مول بقلق وهو يركض باتجاه الفارس المقدّس الأعلى، الذي كان قد أدار ظهره منشغلاً في مواجهته مع كلوف.

غير أن الفرسان المقدّسين الآخرين اعترضوا طريقه.

كواانغ! كواانغ! (أصوات تصادمات)

"اللعنة!"

لم يكن مول قادرًا على الوصول بسهولة إلى الفارس المقدّس الأعلى بسبب انشغاله بصدّ أولئك التابعين الضعفاء، لكن تلك لم تكن المشكلة الحقيقية.

"النصف...!"

نصف الفرسان المقدّسين الذين كانوا يهاجمون مول، غيّروا وجهتهم نحو كلوف.

الأمر ذاته الذي اختبره مول حين بدأ يفقد يقينه بالنصر شيئًا فشيئًا.

أوهامٌ تستمر لثوانٍ معدودة.

لكن وسط تلك الأوهام، اندفعت هجمات حقيقية نحو كلوف.

سيوف يصعب التفريق بينها وبين الوهم.

ابتسامة ساخرة—

ارتفعت زوايا شفتي الفارس المقدّس الأعلى بابتسامة.

"!"

وذلك لأن كلوف قد ارتجف قليلًا، وحرّف سيفه عن اتجاه الدرع ليضرب في اتجاه مختلف.

تشاااااااينغ! كوااانغ! كوااااااانغ! (سلسلة من أصوات التصادمات)

تعاقبت الأصوات المدوية بشكل متتابع.

وتصدّت الهالة البيضاء النقيّة لعشرات الهجمات المتوالية التي انهمرت على كلوف من كلّ الجهات.

'إنه مختلف.'

بالفعل، سواء مول أو هذا الرجل الواقف أمامه—

كلاهما يمتلك القوة الكافية لتمييز الحقيقة عن الوهم، والتصدّي للهجمات الحقيقية وسط تلك الأوهام.

حتي ولو بشقّ الأنفس.

"تابعوا الهجوم!"

رفع الفارس المقدّس الأعلى صوته وأصدر أمره.

ثم اندفع أولًا نحو كلوف حاملًا درعه.

كواااااااااااانغ! (صوت اصطدام شديد)

هذه المرة، كلوف هو من صدّ الهجوم.

ولم يفوّت الفرسان المقدّسون الآخرون تلك الفرصة.

نظر الفارس المقدّس الأعلى إلى ما يجري أمامه، وأيقن في نفسه.

'لا بد أن التردّد قد بدأ بالتسلّل إليه.'

فبالمقارنة مع المرة الأولى التي هاجم فيها الدرع—

الآن، وقد أصبح مدركًا لاحتمال تعرّضه لهجوم في أي لحظة،

ذلك التردد سيمنعه من التفكير في النصر.

وكلّما نسي الخصم فكرة النصر—

'ازداد الوهم واقعية.'

ويصبح من الأصعب عليه أن يتفادى الهجمات الحقيقية للفرسان المقدسين،

'ويزداد الدرع قوّة وصلابةً أكثر فأكثر.'

وسيعود الوهم ليزداد قوّة مرة أخرى.

وكلّما تكررت هذه الدوّامة—

'سيفقد في النهاية يقينه بالنصر تمامًا.'

وفي النهاية، لن يبقى سوى الدرع الذي لا ينكسر.

كان الفارس المقدّس الأعلى واثقًا من ذلك، مستندًا إلى خبرته الطويلة.

'حتى قائد الفرسان المقدّسين الأعلى، وثق بهذه القوة.'

فهي ذاتها التي دفعت الجنرال مول، قائد الفيلق الثالث، إلى أقصى حدوده.

لوّح الفارس المقدّس الأعلى بدرعه من جديد نحو كلوف، الذي بالكاد تمكّن من تفادي الهجمة السابقة.

هو لا يعلم متى سيصل الجنرال مول خلفه، لذا عليه أن ينهي الأمر بسرعة.

وكانت طريقته في استخدام الدرع تعكس يقينًا تامًا.

يقينٌ بالنصر.

"كيف تجرؤ—"

اصطدم الدرع مرة أخرى.

وظهرت مشاعره.

رغم أنه حاول كبحها قدر الإمكان بهدوء، إلا أنه لم يستطع إخفاء الحماسة المشتعلة في أعماقه.

"كيف تجرؤ على كسر القوة التي أنزلها إله الفوضى؟! ما أوقحك...!"

كواااااااااانغ—! (صوت اصطدام)

اصطدم الدرع مرة أخرى.

"!"

وفقد الفارس المقدّس الأعلى ابتسامته.

اهتزّت حدقتاه.

لكن لم يُتح له الوقت للرد.

كوااااااااا—! (صوت اصطدام)

هذه المرّة، اندفعت الهالة البيضاء النقيّة نحو الدرع.

وفيما كانت السيوف من حوله تحاول استغلال ثغرة لشنّ هجومها—

سسس— (صوت حفيف لتدفق الهالة)

لم يكترث السيف المغلّف بالهالة البيضاء لكل ذلك.

بل على العكس—

كواااااااااااانغ! (صوت اصطدام عنيف)

اقترب أكثر من الدرع واصطدم به بعنف أكبر.

بلا توقف، وبطريقة تكاد توصف بالتهور، ظلّت الهالة البيضاء تصطدم بالدرع، غير آبهة بالهجمات المحيطة.

مما دفع الفارس المقدّس الأعلى إلى رفع درعه على عجل للتصدي لها.

'...بلا شكّ...'

كوااااااااا! (صوت اصطدام)

'لا شك أن ذلك الوغد يعيش الآن ساحة معركة قد يلقى حتفه فيها!'

كواااااا—! (صوت اصطدام)

'معظمهم لا يهاجمونني إلا بعد تحررهم من الوهم!'

لأنه داخل الوهم، لا يمكن رؤية الدرع.

ولأن العشرات من الهجمات الحقيقية تتوقف مؤقتًا فقط عند مغادرة الوهم.

كوااااااا! (صوت اصطدام)

لكن كيف؟

كيف لسيّد السيف هذا أن يواصل الهجوم بهذا الشكل المتتابع؟!

كواااااانغغ—! (صوت اصطدام)

ومع استمرار الهجمات، لم يجرؤ أي من الفرسان المقدّسين الآخرين على التدخل بين الدرع والسيف.

سسس— (صوت حفيف لتدفق الهالة)

ذلك لأن القوة المتفجّرة من اصطدام الهالة البيضاء بالدرع كانت تزداد عنفًا.

ومع ذلك، واصل الفرسان المقدّسون هجماتهم بأقصى ما يمكنهم.

سرررك!

سرررك، سرررك! (صوت تمزّق الجلد)

لكن كلوف لم يتجنب سوى أخطر الضربات، غير آبه إن أصيب بجراح.

كوااااااااا—! (صوت اصطدام)

بل على العكس، ظل يهاجم الدرع بعنف أشد.

'الوهم... لا، بل—'

إنه يعيش الآن في قلب الموت نفسه! فكيف له...؟

لم يستطع الفارس المقدّس الأعلى تصديق ذلك.

وبينما كان يلوّح بدرعه، أبصر وجه كلوف.

"ايها المجنون...!"

كان يبتسم.

كان كلوف سيكا يبتسم وهو يلوّح بسيفه.

ثم—

'إنه لا يرى شيئًا...!'

هذا الرجل رغم أن عينيه مفتوحتين، إلا أنه لم يكن يرى الدرع الذي امامه، بل فقط ساحة معركة دامية.

لم يكن هناك شك في ذلك.

ومع ذلك، كان يبتسم وسط ذلك الجحيم.

بوجه يفيض بالسعادة.

كواااااااانغ—! (صوت اصطدام عنيف)

عندها فقط، أدرك الفارس المقدّس الأعلى سبب استمراره في الهجوم دون توقف على الدرع.

لأن ذلك وحده ما يتيح له تحديد موقعه.

'لا، بل الأهم من ذلك—'

لماذا لا يخاف؟

لماذا؟ لماذا يبتسم؟!

أراد الفارس المقدّس الأعلى أن يتوقف عن التلويح بالدرع، ويفهم سبب فعل هذا الرجل لهذا.

كوااااااااانغ— (صوت اصطدام عنيف)

لكنه لم يستطع التوقف.

سرررك. سرررك. (صوت تمزّق الجلد)

فهذا المجنون، رغم الجروح التي أخذت تتراكم على جسده، لم يتوقف عن الهجوم على الدرع.

كوااااااا— (صوت اصطدام)

"اللعنة!"

لأول مرة، تدفقت من شفتي الفارس المقدّس الأعلى كلمة نابية.

مرة أخرى!

ها هي الهالة البيضاء الناصعة تندفع مجددًا نحو الدرع.

من دون توقف، تتقدّم.

كوااااااا— (صوت اصطدام)

ثم، وسط دويّ الهجمات المتلاحقة—

تشججق. (صوت تصدّع)

سمع صوتًا لم يصدق أنه قد سُمع.

'هاه؟'

ما هذا الصوت الذي سمعته للتو؟

لم يستطع حتى أن يستوضح الأمر.

كواااااااانغ— (صوت اصطدام عنيف)

إذ جاءت الضربة التالية على الفور.

تشججق. (صوت تصدّع)

وتردّد نفس ذلك الصوت الطفيف من جديد.

وارتجفت حدقتا الفارس المقدّس الأعلى.

وفي تلك اللحظة، سُمع صوت هادئ.

"إنّه ينكسر."

خفض الفارس المقدّس الأعلى درعه قليلاً.

كان كلوف هناك، خلف الدرع، واقفًا دون أن يلوّح بسيفه.

وتوقف الفرسان المقدّسون الآخرون، وملامح الصدمة بادية على وجوههم أيضًا.

تلاقت أعين كلوف سيكا والفارس المقدّس الأعلى.

فقال كلوف سيكا بابتسامة.

"كنتَ تريد الفرار، أليس كذلك؟"

آه...

في تلك اللحظة فقط، أدرك الفارس المقدّس الأعلى ما يعنيه أنه أراد التوقف عن التلويح بدرعه.

لقد كان إدراكًا مباغتًا، كالصاعقة.

'أنا... أنا هذا... أنا أردتُ الفرار؟'

أنا، حامل الدرع الذي أنزله إله الفوضى... أردت الفرار؟

'لماذا؟'

لم يستطع الفارس المقدّس الأعلى تجاهل الجواب الذي تردّد في أعماقه.

فقد ظهر الجواب في ذهنه تلقائيًا، دون تفكير.

لم يظن أنه سيتمكّن من الانتصار.

أو على الأقل، لم يظن أن ذلك الرجل سيفكر في الفرار أو الهزيمة.

'لا، لا، هذا ليس صحيحاً.'

من البداية، لم تكن المسألة مسألة نصر أو هزيمة.

فهذا المجنون... كان قد قالها بوضوح.

'ذلك الدرع سيكُسر. لا محالة.'

اجل.

ذلك المجنون الذي لا يُعير النصر أو الهزيمة أي اهتمام... بدا وكأنه سيكسر الدرع فعلًا.

لأنّ، على عكسه، لم يكن الفارس المقدّس الأعلى يملك لا الجرأة ولا الثقة ليخوض ذلك الوهم الجحيمي الذي يشبه الواقع، وسط ساحة معركة دامية، متجاوزًا الخط الفاصل بين الحياة والموت، وعلى وجهه ابتسامة.

ولهذا... لم يشعر بأنه قادر على الانتصار على مجنون كهذا.

"هوهو."

اقترب منه المجنون وهو يضحك.

وسأله.

"هل سبق لك أن خضت قتالًا تحمل فيه أرواح عشرات الأشخاص على كتفيك؟"

...لا.

ذلك لا يكفي.

"هل سبق لك أن خضت معركة وأنت تحمل على عاتقك أرواح عشرات الآلاف؟ مئات الآلاف؟ بل أرواح عالمٍ بأكمله؟"

تساءل الفارس المقدّس الأعلى في نفسه عمّا يقوله هذا المجنون.

لكن كلوف سيكا لم يكن ينوي الإجابة على تلك النظرة المتسائلة في عيني الفارس المقدّس الأعلى.

"أنت لا تعرف."

أنت...

"أنت لم تشهد مثل ذلك المشهد من قبل."

شعر كلوف بالأسى تجاه الفارس المقدّس الأعلى الواقف أمامه.

'أنا رأيت ذلك.'

كايل هينيتوس.

رأيته وهو يحمل على كتفيه أرواح سكان أراضي هينيتوس، ويقاتل من أجلهم.

رأيته وهو يواجه النجم الأبيض من أجل حماية مملكة راون، لا، بل من أجل سكان عالم اللامسمّى1 بأسره.

رأيت كيف في أوقاتٍ كثيرة، كان عدد لا يُحصى من الناس لا ينظرون إلا إلى كايل-نيم،

الكثير من النظرات التي تتوسّل إليه هو وحده أن يجد حلًا وينقذهم.

وبينما يحمل كل تلك النظرات على عاتقه، قاتل كايل-نيم على حافة الموت.

قاتل ضد أعداء لا حصر لهم.

وأنا، كلوف سيكا... راقبت ذلك الطريق الذي سلكه ذلك الرجل.

راقبت ساحة المعركة التي اجتازها البطل، بكل تركيز.

'حينها، شعرت وكأنني علي وشك الاختناق.'

ساحة معركة مروعة، تتجه فيها عشرات السيوف نحوي؟

ذلك ليس حتي بالمخيف، لكن ما هو الأشد رعبًا بكثير من ذلك، هو—

هو أن تقاتل وأنت تحمل أرواح عالم بأكمله على عاتقك،

هو أن تقاتل بينما يحدّق بك الجميع برجاء أن تنقذهم،

هو أن تقاتل وأنت تواجه خصومًا جددًا بلا توقف، وتكسر كل حدودك مرارًا وتكرار.

نعم... ذلك أمر مرعب. مرعب حقًا.

'وأنا أتبع الكيان الذي يسلك ذلك الطريق المرعب.'

فكيف لي ألا أستطيع تنفيذ الأمر الذي أنزله عليّ ذلك النور؟

'مستحيل. لن يحدث ذلك أبدًا!'

تحرّك كلوف.

سسس— (صوت حفيف لتدفق الهالة)

لم تُخفِ الهالة البيضاء النقيّة رغبتها المتّقدة أكثر من أي وقتٍ مضى.

كظلٍّ يتبع من يحمل على عاتقه ذلك الثقل العظيم ويسير رغمًا عنه.

كمَن يتبع شخصًا يواجه الآلهة ذاتها.

كيف له أن يُهزَم أمام شخص يعتمد على مجرد وهم؟

"أيها الجُبناء."

قرر كلوف سيكا أن يهب كل ما لديه من أجل الحقيقة.

ما مرّ به الآن...

إذا ما قورن بتلك الأوقات التي لم يكن فيها قادرًا حتى على تحريك جسده...

إذا ما قورن بتلك اللحظات التي لم يستطع فيها أن يسلك الطريق الذي تُنسَج فيه الأساطير...

فهو لا يُعد شيئًا يُذكر.

ابتسامة هادئة~

رسم كلوف سيكا ابتسامة هادئة، ولوّح بسيفه، ثم توجّه بالكلام إلى الشخص الذي يقف خلف كتف الفارس المقدّس الأعلى.

"لقد كسبت ما يكفي من الوقت، أليس كذلك؟"

هناك، كان مول، وقد قضى على جميع الفرسان المقدّسين، بوجهٍ يشعّ منه الذهول.

"ها، هاها! نعم، أيها المجنون!"

جعل صوت مول الفارس المقدّس الأعلى يستفيق فجأة، لكنه لم يستطع أن الالتفات إليه.

سسس— (صوت حفيف لتدفق الهالة)

فالهالة البيضاء النقية كانت تقترب من عنقه، كأنها أفعى سامة عملاقة.

وقد شعر أنه إن لدغته تلك الأفعى، فسيُقتَل على الفور من الطاقة الشريرة الكامنة في بياضها المتوهّج.

هل كان ذلك بسبب المانا الميتة؟

أم بسبب طبيعة الشخص الذي يحتضن تلك الهالة؟

من شدة ذلك الشعور المشؤوم، رفع الفارس المقدّس درعه مجددًا.

وووو— (صوت اهتزاز سحري خافت)

وفي اللحظة نفسها، شعر بسيف مول يقترب من ظهره.

ارتسم الذعر على وجه الفارس المقدّس الأعلى.

ثم...

كوااااااا! (صوت اصطدم)

اصطدم الدرع بالسيف الأبيض النقي.

تشَجججق! (صوت تصدّع قوي)

اخترق السيف الدرع، مخلفًا أثرًا أبيض، كما لو أن أفعى غرزت أنيابها فيه.

لقد أوفى كلوف بما قاله تمامًا.

***

"هل تظن أن كلوف سيكا سيصل في الوقت المناسب؟"

أجاب كايل على سؤال الشيطان السماوي وكأنه أمر بديهي.

"أجل، إنّه يُجيد ما يفعله."

.

.

.

نادي الروايات~ترجمة: White.Snake

2025/06/11 · 289 مشاهدة · 2611 كلمة
White.Snake
نادي الروايات - 2025