خبروني إذا كان في شيء غير مفهوم.
قراءة ممتعة💞
.
.
.
نادي الروايات~ترجمة: White.Snake
.
.
.
الحلقة 472 الجزء الثانى سلسلة هطول المطر الرمادي 4
.
.
.
"أيها المُخلّص، أنا الكاهنة تيموران من عشيرة الشجرة الرمادية."
هممم...
في العادة، لم يكن كايل من أولئك الذين يُبدون احترامًا خاصًا لكبار السن.
"إنه لشرف لي أن ألتقي بك."
لكنه لم يجد بدًّا، حين رأى امرأة عجوزة أمامه، والتي بدا أنها تجاوزت الثمانين من عمرها على الأقل، وعلى طرف شفتيها بقع دمٍ جافة.
"أمم... سيدتي العجوز... أوه، لا، أعني، أيتها الكاهنة."
قال كايل ذلك بطريقة محترمة دون أن يشعر.
"أيها المُخلّص، يمكنك مناداتي بتيموران فحسب."
لا. كيف لي أن أنادي هذه المرأة العجوز التي تبدو أنها قد تجاوزت الثمانين باسمها مباشرة؟
صحيح أنه ينادي تشوي هان — عم تشوي جونغ سو الأكبر — باسمه مباشرة ويتحدث معه بلغة غير رسمية... لكن هذا شيء وذلك شيء آخر، أليس كذلك؟
كان لدي كايل الكثير من الكلام ليقوله، لكنه تمالك نفسه وقال بهدوء.
"أنا لست المُخلّص."
كان عليه أولًا تصحيح هذا الافتراض.
"هوه."
لكن— وللمرة الأولى— ضحكت الكاهنة.
تجاعيد دقيقة ارتسمت عند أطراف عينيها الهرمتين، وغمر الهدوء ملامح وجهها الجامدة، ثم نظرت إلى كايل وسألته.
"أيها المُخلّص، هل ترغب في أن أرشدك إلى المكان الذي توجد فيه العشيرة التي أصابها الضرر بسبب الفوضى؟"
آه
قلت لكِ إنني لست المُخلّص!
هذه الجدة لا تستمع إطلاقًا!
تسلل الى وجه كايل ملامح وقاحة طفيفة، ومع ذلك، فتح فمه وقال.
"نعم، أرجو منكِ أن ترشديني."
ففي نهاية المطاف، كان عليه أولاً تفقد حالة الشياطين المصابين بالمرض الرمادي، فذلك كان أمر من الضروري للغاية أن يعرفه.
"هوهوه."
مرة أخرى، ضحكت الكاهنة ضحكة مليئة بالمعاني، ثم رفعت عصاها الخشبية وبدأت في السير.
سارانغ~ (صوت خشخشة أوراق)
جذبت أوراق الشجر النابضة بالحياة، التي تزيّن عصا الكاهنة، انتباه كايل للحظة.
"تفوح من هنا رائحة الخشب."
عند هذه الملاحظة التي ألقاها كايل بلا مبالاة، توقّفت الكاهنة تيموران للحظة، لكنها سرعان ما قالت وهي تتابع سيرها.
"الأشجار هي التي تحمي الأرض."
لسببٍ ما، تسلّلت هذه الكلمات إلى أعماق عقل كايل وعلِقت هناك.
'ألم يقولوا إن عشيرة الشجرة الرمادية تحرس أطلال إله الشياطين؟'
فلمَ إذًا... قالت إنها تحمي الأرض؟
شعر كايل بشيء غريب في الأمر... لكنه لم يعلّق، وألتزم الصمت سريعا.
"سيدتي الكاهنة."
عندها— فتح الجنرال مول، الذي ظل صامتًا طوال الوقت، فمه وقال.
"لقد سمعنا أنكم تمنعوننا من تفقد أفراد عشيرتكم المصابين بالمرض الرمادي، نرجو منكِ رفع هذا الحظر—"
لكن كلمات الجنرال مول لم تكتمل.
"أطبق فمك."
فجأة أصبحت نظرات الكاهنة العجوزة شرسة.
كانت تلك النظرة كافية لتستدعي في الأذهان صورة المرأة التي وقفت بثبات أمام أحد الأباطرة الثلاثة، ملك التنانين، وملك الشياطين، دون أن تُلقي حتى نظرة واحدة نحوهما.
"!"
ارتجف الجنرال مول وأغلق فمه على الفور.
فمع أنه قائد الفيلق الثالث من جيش ملك الشياطين، إلا أن كاهنة هذه العشيرة تحظى بمكانة مهيبة واحترام كبير بين الشياطين.
حدّقت الكاهنة العجوزة في الجنرال مول بنظرة حادة جدًّا، ثم صرخت عليه.
"من تظن نفسك، أيها الوقح، حتى تجرؤ على تحريك لسانك وأثرُ إلهٍ آخر موجود في صدرك؟! بل وتحاول أن تطأ هذا المكان بخطاك؟!"
"......!"
ازداد وجه مول شحوبًا، وبلا وعي، التفت على عجلٍ نحو كايل.
كايل، الذي كان يحدّق به سلفًا، فتح فمه وقال.
"آه، أعلم أن بحوزتك شيئًا مقدسًا، لكنني لا أعلم لأي إله ينتمي بالضبط."
"!!"
ارتجفت حدقتا الجنرال مول بعنف.
هل كان يعلم؟
هل يعلم أنني أمتلك أثرًا مقدسًا من أحد الآلهة؟
كيف عرف؟!
الكاهنة العجوز، التي كانت لا تزال تحدّق بثبات في وجه مول، أطلقت ضحكة ساخرة من أنفها، وقالت بتهكّم.
"هه! مضحك… مضحك للغاية! كنت أظن أن لقب 'اليد خلف الظهر' يعني أنك تطعن الآخرين من الخلف… لكن يبدو أنك لا تطعن سواك! تضرب مؤخرة رأسك بنفسك حتى أصبحت عاجزًا عن رؤية ما هو أمام عينيك!" [*ياشيخة ارحميه]
ثم التفتت إلى كايل، وأخذت تحدثه بصوت مفعم بالاحترام.
"أيها المُخلّص، لقد كنا ننتظر قدومك."
ثم وبحركة مهيبة، رفعت عصاها الخشبية وشقّت بها الهواء—
سارانغ~ (صوت خشخشة الأوراق)
وفجأة، هبّت نسمةٌ خفيفة.
عند مدخل الأطلال، وكذلك على مشارف القرية القريبة، اهتزّت أوراق الأشجار المحيطة كلها دفعة واحدة.
شوووووو─ (صوت الرياح)
كان الصوت الذي أحدثته الأوراق المتمايلة مميزًا.
تاتادات— (صوت خطوات متتابعة)
وبعد لحظة من الصمت، بدأت خطوات خفيفة تُسمع، تقترب شيئًا فشيئًا.
"سوف نتعاون في كل شيء، فلا داعي للقلق."
عند مدخل القرية، انفتح الباب على مصراعيه على يد أفراد عشيرة الشجرة الرمادية، مفسحين الطريق لكايل ليمضي قُدمًا.
"أيتها الكاهنة."
"نعم. أيها المُخلّص."
بينما كان كايل يُحدّق في أولئك الذين استقبلوه وكأنهم كانوا بانتظاره منذ البداية، التفت إلى الكاهنة وسأل.
"هل ترين المستقبل؟"
كانت مجرد كلمات ألقاها فقط، لأنه لسبب ما، شعر بأن الأمر قد يكون كذلك.
'أليس كذلك؟'
فهي كاهنة، وتعرف بأمره منذ البداية.
واستنادًا إلى تجاربه السابقة، وعند جمع كل تلك التجارب... كان هناك شعور غامض يتولّد في داخله. [*صار خبرة]
"كما هو متوقع! أنت على دراية بالأمر. هذا مدهش حقًا."
قالت الكاهنة لكايل بإعجاب صادق ووجه مملوء بالانبهار.
'هذا مبالغ فيه...'
فكّر كايل في نفسه أن ردّ فعلها مبالغٌ فيه جدًا، لكنه لم يُعلّق على ذلك، بينما استمرت الكاهنة في سلوكها.
"أنا لا أرى جميع المستقبلات."
قالت الكاهنة بهدوء، فردّ عليها كايل تلقائيًا، لأنه، بطريقة ما، كان يشعر أنه يعرف الجواب سلفًا. [*تعلم الدرس من غاشان]
"أنت فقط تستطيعين رؤية بعض المستقبلات، أليس كذلك؟"
"نعم، هذا صحيح. أراها أحيانًا من خلال الأحلام. وقد رأيت في أحدها أن المُخلّص سينزل المطر الرمادي على هذا الموقع الأثري والمدينتين... وأرجو منك أن تعذرني، فلا أستطيع شرح المزيد."
"همم..."
المطر الرمادي.
كايل يعرف أنه حين يستخدم 'تطهير الفوضى'، تظهر قطرات رمادية تتساقط من أجساد المصابين في المراحل الأخيرة.
'لكن... هل يمكن اعتبار ذلك مطرًا؟'
فهو ليس شيئًا يمكن تسميته مطرًا أَبدًا.
'همم.'
فكر كايل، لكنه لم يتوصّل إلى إجابة واضحة.
'بما أنه كان حلمًا تنبؤيًا... فربما ظهر بشكل رمزي.'
في كل الأحوال، هو من سيؤدي طقوس التطهير، وستظهر تلك القطرات الرمادية، لذا يمكن القول إن نبوءة الكاهنة كانت دقيقة إلى حد ما. [*جالس يرقع لعمايله المستقبلية]
"فهمت. إذًا دعينا نبدأ بزيارة المصابين أولًا."
لم يكن كايل يرغب في تضييع الوقت، لذا توجّه أولًا نحو المصابين.
"نعم، أيها المُخلّص."
أشارت الكاهنة العجوز تيموران إلى أحد أفراد العشيرة، فبدأ ذلك الفرد على الفور بإرشاد كايل والجنرال مول.
"آه. رفاقي سيصلون إلى هنا قريبًا."
"نعم، مفهوم."
عندما نقل كايل هذه الكلمات، أشارت الكاهنة إلى أحد آخر من أفراد العشيرة، ثم لحقت بكايل من خلفه.
'يبدو أن هذه ستكون آخر رؤيا لي.'
استحضرت الكاهنة آخر رؤاها، وهي تستعيد في ذهنها صورة ظهر كايل الذي حجبه عنها الآن جسد الجنرال مول.
'لم أرَ حلمًا بهذه الدرجة من الوضوح من قبل...'
كان للكاهنة من عشيرة الشجرة الرمادية قوة خاصة تنتقل عبر الأجيال في عائلتها.
كانت تلك القوة تتمثل في القدرة على رؤية المستقبل.
ومعظم رؤاها كانت تتعلق بأوقات وقوع كارثة عظيمة أو حادث مؤسف يصيب عشيرتها أو الأطلال.
وكانت الكارثة تعني بالطبع أمورًا غير محمودة مثل المصائب والكوارث.
'الشجرة الرمادية—'
في رؤياها الأخيرة، لم يظهر أحد الأباطرة الثلاثة.
لو كنت قد علمت بمقدمه مسبقًا، لاتخذتُ احتياطاتي مسبقًا، ولمنعت الأذى الذي لحق بعشيرتي.
لا، بل حتى قبل ذلك— زرع البذرة في مرشح الكاهن الأعظم التالي، ومكائد طائفة إله الفوضى — لم يُكشف لي شيء من ذلك في الحلم.
لو علمتُ بذلك، لكنت قادرة على منع كل ذلك تمامًا...
'لكن ما أظهره الحلم هو فقط المُخلّص والمطر الرمادي.'
لم يكن الحلم واضحًا تمامًا.
لقد كان مليئًا بالكثير من الرموز والاستعارات.
ومع ذلك، كانت هذه الرؤيا أوضح ما رأته طيلة حياتها.
'سماءٌ غائمةٌ ومظلمة. ومطر رماديّ يهطل على الأطلال، وعلى مدينتي ميدي وميكا.'
وعلى قمة برج الأجراس، أعلى أبنية ذلك المكان— وقف رجل ذو شعر أحمر.
كان هو من صنع ذلك المشهد العجيب.
وكان الشياطين يصيحون نحوه، ينادونه بلقبٍ واحد:
المُخلّص.
لقد أنقذ المخلّص الأطلال، وأنقذ المدينتين.
الآن، ولأول مرة، استطاعت الكاهنة تيموران أن تشعر ببعض الطمأنينة، وتحرك جسدها المنهك.
فإقامة ختم الحماية أمام الملك التنين، أحد الأباطرة الثلاثة، على مدى يومين متواصلين، لم يكن بالأمر السهل إطلاقًا.
قرية عشيرة الشجرة الرمادية.
في عمق هذه القرية، كان يقع مركز العلاج.
وذلك المركز، الذي هو مبنى من طابقين، كان في هذه اللحظة، ممتلئًا بالمصابين.
"هذه هي قائمة المصابين."
بما أن الوقت كان نهارًا، كان الجميع غارقين في النوم العميق، بينما تغيرت أجسادهم تدريجيًا إلى اللون الرمادي.
في غرفة الفحص الوحيدة الخالية من المرضى، كان أحد معالجي العشيرة برفقة موظف من قصر ملك الشياطين يقومان بتسليم الأوراق لكايل، وكلاهما عاجز عن إخفاء القلق البادي على ملامحهما.
سَراك سَراك. (صوت تقليب الورق)
تفحّص كايل قائمة المرضى بينما كان يقلب الصفحات.
كان المكان هادئا للغاية.
وخلفه، كان الجنرال مول يُلقي نظرات خاطفة على المستندات من فوق كتفه.
كوبّك... كوبّك... (تعرف لما تنعس وانت جالس، ورأسك يبدأ يطيح شوي شوي، هذا بالضبط معنى كوبّك المعطوبة ذي)
في الزاوية، كانت الكاهنة العجوزة تغطّ في نومٍ عميق على كرسيها، وإلى جانبها أحد أفراد العشيرة يحرسها بصمت.
ولم يكن هناك من يلومها على ذلك.
فقد بلغت من العمر ما يكفي لتتنحى عن منصبها منذ زمن طويل، لكنها استمرت في أداء دورها لأن أحدًا لم يظهر ليخلفها.
وعندما ظهر أخيرًا مرشحٌ ليحلّ محلها... توفي بعد أن نبتت البذرة فيه.
بسبب ذلك، تقدّمت الكاهنة العجوز إلى الواجهة مجددًا،
وأمرت أبناء عشيرتها بالانسحاب، ووقفت بمفردها في مواجهة الإمبراطور الثالث وأتباعه.
من ذا الذي سيلوم عجوزًا مثلها لأنها غفت بعد كل ذلك؟ [*ريو عم تضيع وقت او انا النوم لعب بي؟]
سَراك سَراك. (صوت تقليب الورق)
فتح الموظف، الذي كان يراقب الأوراق وهي تُقلب بسرعة، فمه.
"لقد قمنا بنقل جميع أولئك الذين ظهرت عليهم نوبات نتيجة العدوى في ميدي وميكا إلى مركز العلاج هذا."
امتلأ أرجاء مبنى مركز العلاج المكوَّن من طابقين بأكثر من مئتي مصاب، متكدسين في كل زاوية.
"همم..."
أطلق كايل همهمة خافتة.
"أما الأشخاص المصنفون كمُشتبه بإصابتهم المحتملة تم عزلهم حاليًّا في منشآت العزل المخصصة في مدينتي ميدي وميكا."
هل يجب أن نعتبر ذلك لحسن الحظ؟
بعدما ارتكب الإمبراطور الثالث أفعاله، وصل موظفو قصر ملك الشياطين متأخرين، ولكنهم، رغم تأخرهم، بادروا سريعًا باتخاذ الإجراءات اللازمة.
"يمكننا تنفيذ طقوس التطهير صباح الغد."
فما دام الوقت لا يزال بعد الظهر، ولا توجد حالات طارئة، فالأفضل أن يتم تطهير أولئك الذين سيثورون ليلًا، عندما تهدأ نوباتهم مع شروق الشمس.
أغلق كايل الملف، وقد اتخذ قراره.
وبالطبع، لم ينس أن يُضيف ملاحظة أخيرة.
"كل ذلك قائم على فرض انسحاب الإمبراطور الثالث، ملك التنانين، قبل نهاية هذا اليوم."
"نعم."
أجاب الموظف بوجه جاد، وأومأ الجنرال مول برأسه.
فما دام ملك الشياطين قد تحرك، فإن الإمبراطور الثالث سيتراجع قريبًا.
- الآن، سنتمكن من تطهير الذراع الأخرى أيضًا.
لم يُبدِ كايل أي رد فعل يُذكر على كلمات سوبر روك التي كانت تحمل شيئًا من الترقب.
إذ كان منشغلاً بأن عسر الهضم قد تحسّن،
'لو يختفي هذا الدوار أيضًا، سيكون الوضع أفضل.'
بسبب ذالك، كان يجد نفسه يترنح أحيانًا ويحتاج إلى الدعم، وهو أمر مزعج بعض الشيء.
"لنصبر فقط حتى الليلة." [*هيهي]
قال كايل بهدوء وهو يسلّم الملفات إلى أحد معالجي العشيرة.
بينما بدأت ملامح الأمل ترتسم على وجوه من كانوا في غرفة الفحص.
ربما، هذا هو الأمل الذي كانوا ينتظرونه.
"..."
كان الجنرال مول يراقب المشهد بصمت.
"!"
فجأة، ارتعد جسده، واستدار للخلف.
ولم يكن الوحيد الذي شعر بذلك.
'ما هذا؟'
أرتعد كايل أيضاً ووجه نظره إلى الجانب الآخر.
إذ كان قد شعر بوجود طاقة غريبة في الجو.
"هااا!"
وفي تلك اللحظة—
استفاقت الكاهنة، التي كانت قد غطت في نوم عميق، وفتحت عينيها فجأة وسط دخان رمادي كثيف.
هرع المحارب ومعالج العشيرة الذين كانوا بجانبها للركوع على ركبهم بسرعة.
"رؤيا...!"
عند سماع كلمات المعالج، أدرك كايل على الفور ما يجري.
'رؤيا؟'
تصلّب وجهه.
'تحدث رؤية في مثل هذا الموقف؟'
كانت الأمور قد بدأت تسير بشكل جيد، وكان المطلوب هو فقط معالجتها، لكن فجأة ظهرت الرؤيا.
بدأ وجه كايل يزداد تجهّمًا، وشعر بقشعريرة تزحف إلى مؤخرة عنقه.
هذا... لا يبعث على الاطمئنان أبداً.
"الليلة—!"
كانت الكاهنة تيموران مغطّاة بالعرق من رأسها حتى أخمص قدميها. ترتجف، بالكاد تستطيع فتح فمها، فيما بدأ الدخان الرمادي من حولها بالتلاشي شيئًا فشيئًا.
لكن قبل أن يتبدّد تمامًا، كان لا بدّ لها أن تبوح بما رأته.
المطر الرمادي...
حلمٌ أكثر وضوحًا منه قد تجلّى أمام عينيها اليوم.
وحينها أدركت حقيقة الأمر،
أن المطر الرمادي لم يكن سوى مجرد إنذار مبكر لهذه الكارثة التي شاهدتها اليوم.
"الليلة، ستُغطّى المدينة بالرمادي، وستحاول الوحوش الرمادية التهام الشياطين!"
آه.
أطلق كايل تنهيدة.
بينما تابعت الكاهنة كلامها.
"ستشتعل المدينة بالنيران، وسيتردد صدى صراخ الشياطين في كل أرجاء الأرض—!"
ثم اتجهت عيونها إلى كايل.
"الرجل ذو الشعر الأحمر سيصعد إلى قمة برج الجرس، لكن ذلك البرج سيُدمَّر بفعل التنين الأزرق!"
قالت هذا وهي ترتجف بالكامل.
"لـ-لا، لم يهطل المطر الرمادي... وعندما يأتي الصباح، ستكون المدينة كلها مغطاة بالرمادي—"
ارتجف جسدها كله كما لو كانت شجرة حور ترتعد في مهب الريح،
ثم فجأة—
"أيتها الكاهنة!"
انهارت على الفور، فاقدةً الوعي.
قطرة...
انساب خيط من الدم من زاوية شفتيها.
"... لم أسمع يومًا بنبوءة تكشف هذا الكمّ من التفاصيل دفعةً واحدة..."
بينما كان أحد محاربي العشيرة يُسند الكاهنة، اقترب منهم المعالج بخطًى مترددة، ثم خاطب كايل بصوتٍ مرتجف.
في هذه اللحظة، شعر المعالج المخضرم بضرورة إخبار كايل بهذه الكلمات.
لا تتجاهل هذه النبوءة.
فالكاهنة، في هذه اللحظة، لم تفكّر في نفسها على الإطلاق. وقالت كل شيء.
"......"
نظر كايل إلى الكاهنة المغمى عليها ثم التفت بنظره نحو الموظف.
"!"
تقلص جسد الموظف عندما التقى بنظرات كايل الباردة، بينما فتح كايل فمه وقال.
"هل هذا دقيق؟"
قال هذا، رافعًا الأوراق بيده.
"ميدي وميكا. المصابون والمشتبه بإصابتهم الموجودون في هذين المكانين. هل تم التأكد منهم بدقة؟"
اللعنة.
كان قد فهم الموقف بشكل كامل من حديث الكاهنة.
كانت الرؤية دقيقة للغاية.
'اليوم في الليل.'
ميدي وميكا.
في واحدة من هاتين المدينتين، سيظهر مصاب بالعدوى، ويبدأ في الهيجان.
وعندما يُحاولون إيقافه، سيظهر ملك التنانين، أحد الأباطرة الثلاثة.
"اللعنة على كل شيء!"
وفي النهاية، انفجر كايل بما كان في صدره.
"...هذا، هذا-!"
شحُبَ وجهُ الجنرال مول، فما كان من كايل إلا أن خاطبه بنبرة باردة.
"ما الذي تفعله؟"
"هاه؟"
"أهذا وقت التحديق هكذا كالأبله؟"
قرر كايل أن التحرك بدلًا من القلق.
إذا كان الأمر سيحدث في الليل.
فلا يزال هناك وقت حتى المساء.
بعد سماع الرؤية، يمكنهم الاستعداد.
'أجل.'
الأمر يستحق المحاولة. [*هيهي]
بالنظر إلى المحن التي مررت بها حتى الآن...
"أيتها الكاهنة!"
فجأة، فتحت الكاهنة عينيها بصعوبة بعد أن ظن الجميع أنها فاقدة الوعي.
وحين التقت عيناها بعيني كايل، قالت آخر كلماتها بصوت خافت، قبل أن تغيب عن الوعي مجددًا.
"لا بد، لا بد… أن تصمد، وأن تبقى حيًا…!"
ماذا؟
تصلب وجه كايل.
-... همم. نذير شؤم.
كما قال سوبر روك، مع كلمات تنذر بالشؤوم، سقطت الكاهنة فاقدة للوعي.
وبينما كان كايل يشعر بانزعاج شديد، قالت الكاهنة الشرهة بصوت خافت، وهي تهمس له.
- أشعر بحكة في جسدي.
تذمرت الكاهنة الشرهة من الإحساس بالحكة، وكأن شيئًا ما على وشك أن ينمو داخل جسدها.
رغم شعورها بعسر في الهضم وضيقٍ غريب، إلا أن الجوع كان يتسلل إليها بطريقة غير مفهومة.
كان هناك شيء ناقص.
لكي تتم عملية الهضم، لا بدّ من شيءٍ آخر...
لا، بل فقط...أريد أن آكل شيئًا باردًا يخفف هذا الضيق.
لكنها لم تكن تعرف ما هو ذلك الشيء.
في اللحظة التي فكّرت فيها بذلك،
- أنا جائعة.
تمتمت الشرهة من جديد بتذمّر، لكن كلماتها لم تصل إلى مسامع كايل.
في تلك اللحظة، قال كايل.
"اللعنة، علينا العودة إلى ميدي فورًا!"
فالوقت كان ضيّقًا جدًا.
رغم أنه كان من الواضح ان الامر يستحق المحاولة، إلا أن كايل لم يستطع التخلص من ذلك الإحساس المزعج الذي تسلل إليه بغرابة.
.
.
.
نادي الروايات~ترجمة: White.Snake