1249 - الحلقة 473 الجزء الثانى سلسلة هطول المطر الرمادي 5

خبروني إذا كان في شيء غير مفهوم.

قراءة ممتعة💞

.

.

.

نادي الروايات~ترجمة: White.Snake

.

.

.

الحلقة 473 الجزء الثانى سلسلة هطول المطر الرمادي 5

.

.

.

الكاهنة تيموران.

النبوءة التي نطقت بها قبل أن تفقد وعيها، كانت.

"الليلة، ستُغطّى المدينة بالرمادي، وستحاول الوحوش الرمادية التهام الشياطين!"

"ستشتعل المدينة بالنيران، وسيتردد صدى صراخ الشياطين في كل أرجاء الأرض—!"

"الرجل ذو الشعر الأحمر سيصعد إلى قمة برج الجرس، لكن ذلك البرج سيُدمَّر بفعل التنين الأزرق!"

"لـ-لا، لم يهطل المطر الرمادي... وعندما يأتي الصباح، ستكون المدينة كلها مغطاة بالرمادي—"

وقد نُقلت هذه التنبؤات على الفور إلى القادة في ميدي وميكا.

"......"

كان إد، مستشار ملك الشيطان، قد أصيب بالذهول عندما نظر إلى الرسالة التي استلمها من مرؤوسه. وتغير لون وجهه بسرعة الى الابيض، وشعر بدوار مفاجئ.

لكن سرعان ما استعادت ملامحه هدوءها المعتاد.

طَقْ. (صوت فتح الباب)

فتح الباب ودخل إلى الغرفة مجددًا، وقد عاد تعبير وجهه إلى طبيعته، كما هو الحال دائمًا.

"ما الأمر؟"

سأل ملك التنانين، وهو يبتسم بسخرية.

فرد عليه المستشار بكل هدوء.

"قالو إن الكاهنة التي تحرس الأطلال قد أغشي عليها."

وكانت تلك الحقيقة.

لم يكن بالإمكان إطلاق كذبة غير مدروسة.

"هم."

أطلق ملك التنانين، أحد الأباطرة الثلاثة، أنفاسه باستهزاء، وهو يدير رأسه بعيدًا عن المستشار، بتعبير مملٍّ، لا مبالٍ.

"......"

لكن حين التقت عيناه بعيني ملك الشياطين، اللتين كانتا تحدّقان به بصمت، نقر بلسانه بضيق.

"تسك."

ثم نهض من مكانه على الفور وقال.

"نظرًا لعلاقتنا التعاونية، سأغادر هذا المكان."

كانت المفاوضات قد انتهت بالفعل.

لم يكن هناك حاجة للمزيد من الحديث المطول.

"في ظل خيانة طائفة إله الفوضى، أليس من الأفضل أن نتعاون نحن الاثنان على الأقل؟"

ابتسامة ماكرة—

ثم أضاف وهو يرفع زوايا شفتيه.

"ولذلك، بخصوص البحث عن كايل هينيتوس والمتجول الذي أخبرتك عنه، آمل أن تفي بوعدك بالتعاون."

"بالطبع."

أجاب ملك الشياطين بهدوء، وهو يتكئ براحة على كرسيه.

"ما دامت علاقتنا التعاونية قائمة، فلن نكون أول من يخون."

الكلمات التي صدرت من فم قائد عالم كامل، كانت تحمل وزنًا لا يُستهان به.

عندها، ابتسم ملك التنانين ابتسامة رضا، ونهض من مقعده دون تردد.

"إذن ، سأذهب الآن لتفقد الجنوب، الذي لم أستكشفه بعد، ثم سأغادر عالم الشياطين."

وأضاف.

"وبالطبع، لن أهاجم الشياطين."

قاد ملك التنانين تابعيه وغادر عبر الباب.

وعندما رأى المستشار إد هذا المشهد، أشار بعينيه، فانطلق الفيلق الأول التابع لملك الشياطين خلف الإمبراطور الثالث وأتباعه.

كان لا بد من التأكد من مغادرتهم بهدوء.

طَقْ. (صوت الباب يغلق)

أُغلق الباب، ولم يتبقَ في الغرفة سوى ملك الشياطين والمستشار إد.

فتح ملك الشياطين فمه وقال.

"متجاوز إذن—"

كانت تلك إحدى المعلومات التي نقلها له كايل هينيتوس.

'الإمبراطور الأول يريد أن يصبح متجاوزًا'.

ولم يخبره المتجولون بأي شيء عن هذا الأمر.

بمعنى آخر،

"منذ البداية، كانت علاقتنا مبنية على الخداع، فكيف لنا أن نتعاون؟"

المتجولون قد خانوا منذ البداية بالفعل.

وطائفة إله الفوضى أيضًا خانت.

لم يعد هناك تحالف يمكن الوثوق به بعد الآن.

"ماذا حدث؟"

فتح ملك الشياطين قائلا، فأسرع المستشار إد في نقل النبوءة التي أطلقتها الكاهنة.

"أمران."

بعد أن استمع ملك الشياطين إلى كل التفاصيل، قال بصوت مليء بالملل والفتور.

"الأول؛ ميكا وميدي، هناك شخص مُصاب مختبئ في أحد المدينتين، أو ربما يوجد من يخبئ المصابين."

وهؤلاء سيتسببون في الفوضى الليلة، وستغرق المدينة في الرعب والاضطراب.

"الثاني؛ الإمبراطور الثالث لم يغادر."

فالتنبؤ يُفيد بأن التنين الأزرق سيهاجم كايل—

مما يعني أن الإمبراطور الثالث خالف أوامر ملك الشياطين.

"إذاً، ما الذي يريده كايل هينيتوس؟"

أجاب المستشار بسرعة.

"حتى بزوغ شمس الغد، يطلب تعاونًا كاملاً."

"اعتبارًا من الآن، يجب على جيش ملك الشياطين، وكذلك المسؤولين التابعين للقصر الملكي المقيمين في ميكا وميدي، تنفيذ أوامر كايل هينيتوس."

"...مفهوم."

"وأنت، أيها المستشار، يجب أن تساعده أَيضًا."

"مفهوم."

كرييك. (صوت صرير الكرسي)

نهض ملك الشياطين من مقعده.

"هل يوجد شيء آخر؟"

أغمض المستشار عينيه بإحكام. لم يكن من السهل عليه قول ما كان مكتوبًا في الرسالة. [*الله يستر على شو هبد كايل]

لكن كان لا بد من البوح به.

ففي هذه المرة، مهما نظرتُ للأمر، كان رأي كايل هينيتوس صائبًا.

"طلب كايل هينيتوس من جلالتكم مراقبة الإمبراطور الثالث سرًا."

"هاها."

انطلقت ضحكة من فم ملك الشياطين.

يطلب مني أن أتبع الإمبراطور الثالث سرًا وأراقبه؟

في الواقع، لم يكن هناك أحد سواه قادر على مراقبة الإمبراطور الثالث سرًا في هذا المكان.

كايل هينيتوس يرغب في أن يقوم جانب ملك الشياطين بكبح جماح ذلك القوي —الإمبراطور الثالث— الذي لا يستطيع هو التعامل معه.

"بمعنى آخر، يريد مني أن أتحمل مسؤولية الإمبراطور الثالث."

عندما يثور الإمبراطور الثالث، فإن الكائن الوحيد القادر على كبح جماحه سيكون ملك الشياطين فقط.

"قل له إني سأفعل ذلك."

أومأ ملك الشياطين عرضًا، دون مبالاة.

"مراقبة الإمبراطور الثالث يجب أن تتم سرًا، أليس كذلك؟"

"نعم، يريد ألا يلاحظ أي شيء."

لو التقط الإمبراطور الثالث، ملك التنانين، أي إشارة لشيء مريب، فسيكون الوضع مزعجًا.

ينبغي على الإمبراطور الثالث أن يفقد اهتمامه بهذه المدينة، دون أن يعلم بأي شيء.

نظر المستشار إلى الاهتمام الخفي الذي تراءى في عيني ملك الشياطين، خلافًا للتعبير الجامد على وجهه، وعضّ على شفتيه بصمت.

غير أن ملك الشياطين كان قد وجّه نظره بالفعل نحو الإمبراطور الثالث، الذي كان يغادر قلعة لورد ميكا متجهًا إلى خارج المدينة.

ثم سرعان ما اختفى ملك الشياطين عن الأنظار.

لكن في تلك اللحظة—

بينما كان ملك الشياطين يلاحق الإمبراطور الثالث من بعيد، فاته أن يلاحظ تعبير وجهه.

ابتسامة خبيثة—

ارتسمت ابتسامة على طرف شفتي الإمبراطور الثالث.

"مثير للاهتمام."

عند تلك الكلمات، تفاعلت شيزو، قائدة الحرس الملكي للفيلق الأول التابعة لملك الشياطين، والتي كانت تلاحقه عن كثب من الخلف، إلا أن الإمبراطور الثالث وتابعيه لم يبدوا أي اهتمام.

ببساطة، ضحك الإمبراطور الثالث بصوت منخفض، وغادر مدينة ميكا مع أتباعه، غير مدرك أن ملك الشياطين كان يتبعه سرًا.

لكنه، في داخله، كان يفكر.

'هناك شيئًا ما يحدث هنا.'

كان الإمبراطور الثالث أكثر ذكاءً وأسرع في إدراك الأمور مما قد يظهر للعيان.

وكان يثق كثيرًا في القرارات التي يتخذها بنفسه، لكن هذه الثقة كانت في بعض الأحيان سببًا لارتكاب بعض الأخطاء، مما يؤدي إلى مواقف مثل فقدانه لكايل هينيتوس.

'قدوم ملك الشياطين بنفسه إلى المدينة...'

لم يكن هذا بسبب طائفة إله الفوضى أو مرض الرمادي فقط.

هكذا استنتج الإمبراطور الثالث وهو يداعب لحيته الطويلة، مبتسمًا ابتسامة عميقة.

ومن خلفه، تبعه أتباعه.

أولئك الذين اعتادوا دائمًا على مرافقة الإمبراطور الثالث.

أتباعه الذين رافقوه الى الاطلال.

لكن، كان هناك شخصان مفقودان.

شخصان لم يكونا موجودين منذ البداية عندما ذهب إلى الاطلال.

"أختي."

"ماذا؟"

"هل يعتقد ذلك الإمبراطور الثالث اللعين أننا عبيده؟"

"..."

كانا الأخوين المتجولين، تشوا وريون.

المتجولان اللذان وصلا متأخرين إلى مدينة ميدي، بعد أن توجّها أولًا إلى شرق عالم الشياطين بحثًا عن تشوي جونغ غون، بأمر من الإمبراطور الثالث.

"أليس كذلك؟ ذهب هو وأتباعه لمشاهدة موقع الأطلال، والآن يريد منا أن نتسلل إلى ميدي ونتجسس على الوضع؟"

"...لا بد أنه يخطط لشيء ما."

"أوه، يا له من أمر!"

تنهد تشوا، الأخ الأصغر، بعمق وهو يعبّر عن امتعاضه، بينما ريون رأت أن ما حدث كان في صالحهما.

'ليس من الجيد البقاء بجانب الإمبراطور الثالث.'

بدلاً من ذلك، من الأفضل أن يتحركا بشكل منفصل عنه، وهم يتبعا أوامره.

وهكذا، تسللت ريون إلى مدينة ميدي برفقة شقيقها تشوا بشكلٍ سري.

ولأن حراس المدينة لم يكونوا على درجة عالية من المهارة ليكتشفوا وجودهم، فقد تمكّنوا من التسلل بسهولة كبيرة إلى داخل المدينة.

كانت المهمة التي كُلِّفوا بها بسيطة.

<راقبا مدينتي ميدي وميكا، وإذا رصدتما شيئًا غريبًا، أبلغاني فورًا.>

كانت ريون تمسك بورقة صغيرة بين يديها—

كانت رسالة، بعثها الإمبراطور الثالث مع أحد أتباعه سرًا قبل بدء مفاوضاته مع ملك الشياطين.

وفي الجانب الآخر، حيث كان الإمبراطور الثالث يغادر مدينة ميكا.

تقطّر...

انزلقت قطرات ماء رقيقة من أطراف أصابعه، وسقطت بهدوء على الأرض.

كانت قطرات ماء خفية، لم يلحظها أحد.

لكن تلك القطرات كانت تفوح منها رائحة البحر المالحة.

قطرات الماء التي احتوت البحر، تسللت إلى أرض مدينة ميكا.

واتجهت بخفة نحو أكثر الأماكن ازدحامًا بالاشخاص.

ثكنة ميكا، حيث كانت قوات الإقليم وجيش ملك الشياطين يحتشدون.

تحركت القطرات نحو ذلك المكان.

سسسس~ (صوت حفيف)

وفي تلك اللحظة، على الرغم من أن الكاهنة لم تكن قد استعادت وعيها بعد،

سسس~ (صوت حفيف)

اهتزّت أوراق اللبلاب التي نمت على الأبراج الخشبية الأربعة التي تحرس أطلال إله الشياطين.

وكأنها استشعرت وجود خطأ ما تسرّب إلى الأرض.

***

وفي هذه الأثناء، كان كايل ينظر من النافذة داخل الغرفة الواقعة في أعلى نقطة من قلعة لورد مدينة ميدي، قبل أن يسأل الشخص الذي دخل للتو.

"هل تبعه ملكُ الشياطين؟"

"نعم."

قطّب المستشار جبينه للحظة بسبب الطريقة التي نادى بها كايل ملكَ الشياطين دون تحفظ، لكنه واصل حديثه بهدوء.

فاليوم، عليه أن يطيع أوامره.

"الإمبراطور الثالث وأتباعه غادروا مدينة ميكا، ويتجهون نحو الجنوب. وبالنظر إلى سرعتهم الحالية، يُرجّح أنهم سيخرجون من نطاق التأثير بحلول هذه الليلة."

"...أيها المستشار."

سأل كايل بصوت خافت.

"هل كان بصحبة الإمبراطور الثالث أتباعه فقط؟"

"نعم، حسب ما—"

وعندما كان المستشار يردّ على سؤال كايل بسهولة، لمعة غريبة مرّت في عينيه فجأة، وسرعان ما تحوّلت إلى دهشةٍ وارتباك.

ثم عاد كايل ليسأل مجددًا.

"المتجولان تشوا وريون، لا شك أنك تعرفهما؟"

فليس من المعقول أن يكون مستشار قصر ملك الشياطين غافلًا عن أقوياء عائلة دم الألوان الخمسة.

رغم نبرته الهادئة، انطلق المستشار بالكلام بسرعة.

"آخر ما تأكدنا منه أنهما اتجها شرقًا، وكنا على علم بموقعهما حتى أول أمس فحسب."

"وماذا عن موقعهم الآن؟"

"... لا نعلم."

لم يكن قادرًا على تحديد موقعهم بشكل دقيق بسبب الفوضى الناتجة عن المرض الرمادي.

بالنسبة للمستشار، كان من الصعب ربط هذا الحادث بالأخوين المتجولين.

ولكن بعد سماع النبوءة...

"يجب ألا نغفل عن أي متغير مهما بدا بسيطًا."

أمر كايل المستشار.

"حدد موقع الأخوين. وكن مستعدًا لاحتمال دخولهما إلى هذه المدينة."

"مفهوم."

في الواقع، كان كايل قد أخذ في اعتباره أنهم قد دخلوا إلى المدينة بالفعل.

لذلك،

"تشوي هان. السيد ارحابين."

"نعم، كايل-نيم."

"نعم. سنتولى الأمر."

أوكل كايل مهمة البحث عن الأخوين المتجولين إلى تشوي هان وإرحابين، اللذين كانا قد تعاملا مع المتجولين من قبل.

"قبل حلول الليل، أرجو منكم تفتيش المدينة بأكملها بكل ما تستطيعون."

"نعم، كايل-نيم."

"حسنًا."

مع تولّي هذين الرجلين المهمة، فسواء أكان الأخوين المتجولين أو أي دخيل آخر... فلا شك أن وجودهم سيُكشف.

"اجعل حرّاس المدينتين وفرقة الاستطلاع التابعة لجيش ملك الشياطين يتبعون أوامر هذين الشخصين."

"حاضر."

قال كايل ثم حدق مجددًا خارج النافذة.

كانت السماء ما تزال زرقاء صافية، تتوهّج فيها أشعة الشمس الساطعة.

وتحت ذلك الصفاء، امتدّ النظر إلى مدينة ميكا البعيدة، التي انحصرت بين مدينة ميدي والأطلال القديمة.

ثم، أمر كايل المستشار قائلًا.

"لا ينبغي أن يُجرى التحقيق بطريقة صاخبة."

قد يكون المتجولين في هذه المدينة.

"لكن هذا لا يعني أن تكون حذرًا للغاية."

فوق كل شيء، كانت أولوية الأولويات أن يُنجز الأمر قبل أن يحلّ الليل.

"استخدم الحد الأدنى من القوات للبحث عن المتجولين، ووزّع البقية من المسؤولين والجنود لتفقد المدينة بأكملها. وإن لزم الأمر، لا بأس بإشراك المواطنين أيضًا."

"...."

لم تكن ملامح المستشار على ما يُرام.

لاحظ كايل هذا فقال ببرود.

"سمعت أن مدينتي ميدي وميكا كانتا في الماضي تدعمان ملك الشياطين السابق."

"...."

في الحقيقة، كان كايل يشعر بشيء من الغرابة.

ملك الشياطين… ذلك الكائن الذي سيصبح يومًا إله الشياطين، قد وقف أمامهم شخصيًا، ومع ذلك، لم تُلقِ الكاهنة حتى تحية بسيطة عليه.

كان ذلك تصرفًا غريبًا بحق.

لكن الآن، بات كل شيء مفهومًا.

عدم سماح الكاهنة لملك الشياطين الحالي بزيارة الأطلال، وحتى امتناعها عن تحيته، كان لكل ذلك سبب واضح.

حاكما مدينتي ميدي وميكا، اللذان كانا من أنصار ملك الشياطين السابق،

قُتلا على يد قوات الملك الحالي، بل وذُبح عدد كبير من الشياطين في هاتين المدينتين كذلك.

صحيح أنهم لم يكونوا شياطين عاديين، بل كانوا جنودًا… لكن آثار تلك المجازر بقيت راسخة في وجدان المدينتين بقوة.

هاتان المدينتان لا ترحبان بملك الشياطين.

بل بالأحرى، لا تثقان به.

وقد علم كايل بهذا الأمر متأخرًا، من خلال المعلومات التي وصلت إليه لاحقًا عبر أورورا.

'الآن فهمتُ لماذا ظهرت تلك النبوءة.'

كان يظن أنّ موظفي قصر ملك الشياطين قد نجحوا في احتواء الوضع بسرعة، لكن الواقع لم يكن كذلك.

منذ لحظة وصوله، لم يرَ وجه اللورد.

مدينتان بلا حُكّام، تُداران فقط بواسطة موظفين أرسلهم قصر ملك الشياطين.

هاتان المدينتان كانتا مثالًا واضحًا يُبيّن تمامًا لماذا رفضت مقاطعة الكونت لوب أن يتولى أحد إداريي قصر ملك الشياطين منصب اللورد.

وعلى الرغم من أن قصر الملك يبذل جهودًا ملحوظة في إدارة المدينتين، ويُظهر عناية كبيرة براحة سكانهما…

'إلا أن مشاعر العداء لا تزال شديدة.'

كانت هناك مشاعر سلبية كبيرة تجاه ملك الشياطين الحالي في هاتين المدينتين، مشاعر لا يمكن إخفاؤها بسهولة.

في هاتان المدينتان، لم يكن هناك كثير من السكان الذين سيخلصون الولاء الصادق لإدارة ملك الشياطين.

وكان هذا بالطبع نتيجة أفعال ملك الشياطين الحالي.

لقد خلق ملك الشياطين الحالي العديد من الأعداء وسفك دماءً غزيرة للحصول على هذا العرش، وحتى بعد جلوسه عليه، لم يتوقف عن ارتكاب الخطايا.

ومع ذلك،

"ايها المستشار."

كان على كايل أن يفعل ما يجب عليه فعله.

أما بقية الأمور، وبصراحة، فليست من شأنه.

ركز كايل فقط على المهمة التي أمامه، وكان عازمًا على إتمامها.

"يجب أن نُنجز ما علينا كما ينبغي."

"مفهوم."

وكان جواب المستشار حازمًا كذلك. بعيدًا عن كل الظروف، لا بد من إنجاز ما يجب إنجازه.

"فتّشوا جميع المناطق بأقصى سرعة."

"نعم."

كان عليهم العثور على المصابين بالعدوى أو المشتبه في إصابتهم.

"قد لا يكون الأمر مجرد شخص أو اثنين."

أن تنتشر الوحوش الرمادية لتغطي المدينة بأكملها في ليلة واحدة؟

هذا مستحيل أن يحدث إذا كان الأمر يقتصر على شخص أو شخصين فقط.

ما الذي يحدث؟

لا يمكن معرفته.

لكن، من المؤكد أن شيئًا ما يحدث.

"رون، كلوف."

"نعم، سيدي الشاب."

"……"

رون ذو الابتسامة الودودة، وكلوف سيكا الذي يحدّق بعينين لم تَعُد تلمع فحسب، بل تكاد تلتهب.

كلوف هذا الوغد، لم يتعافَ تمامًا بعد، فكيف لعينيه أن تشعّا بهذه القوة؟

اشاح كايل بنظره بعيدًا عن الشخصين اللذين كانا مزعجين له من نواحٍ عدّة، وقال.

"ستتوليان مهمة البحث."

فوّض كايل المهام إلى رفاقه الذين جاءوا معه، فبادروا بالتحرّك سريعًا،

لأنهم جميعًا كانوا يدركون مدى استعجال هذا الوضع.

"……"

"……"

"……"

ثم نظر كايل إلى ثلاث أزواج من العيون التي كانت تحدق فيه.

أون، هونغ، وراون.

ثلاثة اطفال، يبلغ متوسط أعمارهم حوالي عشر اعوام، كانوا يحدقون به.

قال كايل بحزم.

"ستتحركون معي."

"مياااو!"

"ميااو!"

"ثق بنا فحسب، أيها الإنسان!"

صرخ الأطفال الثلاثة بحماس، وعلى وجوههم ملامح جدية للغاية.

نظر كايل إلى ذلك المنظر بتحفّظ، ثم وجّه بصره نحو أعلى برج في مدينة ميدي.

برج الجرس.

قالوا إن هناك برجًا مشابهًا تمامًا في مدينة ميكا أيضًا.

ويُطلق على هذين البرجين اسم برجي الجرس التوأم.

وفقًا للنبوءة، كان سيصعد إلى أحد هذين البرجين.

أين ستنفجر القنبلة؟

هل ستكون في مدينة ميكا؟

أم في مدينة ميدي؟

لم يستطع كايل معرفة ذلك.

***

مدينتا ميدي وميكا.

في قلب هاتين المدينتين، تقع الأطلال.

ولكونها الموقع الأثري الوحيد المتعلّق بإله الشياطين، كان العديد من الشياطين يتوافدون إليه للسياحة والزيارة.

لذلك، ازدهر قطاع الضيافة ازدهارًا كبيرًا في كلٍّ من ميدي وميكا.

"هَهْ... هَهْ..."

أحد النزلاء، الذي طالت مدة إقامته.

رجلٌ مسن جاء بمفرده، قاصدًا أطلال إله الشياطين، عاقدًا العزم على قضاء أسبوع في التأمل والتكريم.

لكنّه الآن ممدّد فوق سريره، فاقد الوعي، يلهث بأنفاس متقطعة.

كان قد جاء بمفرده للتجوّل في الموقع الأثري، لكن حين رأى المعركة التي اندلعت هناك، فرّ راجعًا إلى غرفته في النُّزل.

كان مشهد انفجار جسد الشيطان الصغير لا يغادر ذاكرته.

لكي ينسى ذلك، حبس نفسه في غرفته في النُزُل محاولًا تهدئة نفسه.

"هَهْ... هَهْ..."

ولذلك، لم يستطع مقابلة الجنود الذين كانوا يبحثون عن الأشخاص الذين تواجدوا في موقع الحادث حينها.

حتى صاحب النُّزل نفسه لم يكن يعلم أنّ ذلك العجوز قد ذهب إلى هناك.

وفي صباح اليوم التالي،

رأى الرجل المسن أطراف قدميه وقد امتلأتا باللون الرمادي، فسقط فاقدًا وعيه.

كان آخر شيء غمره هو اليأس، اليأس الذي لا نهاية له.

"هَهْ... هَهْ..."

أخذ جسده يتعفّن تدريجيًا ويتحوّل إلى اللون الرمادي...

لم يكن هناك أحدٌ يبحث عن هذا العجوز، الذي جاء إلى أطلال إله الشياطين باحثًا عن عزاءٍ بعد أن فقد عائلته كلها.

"هَهْ، هَهْ—"

بدأت العدوى تتفشّى في جسده.

وكانت سرعتها استثنائية.

في الصباح، لم تكن إلا في أطراف قدميه، لكن الآن... اجتاحت جسده وتجاوزت صدره.

وربما، قبل غروب الشمس، قد يغدو جسده كله مكسوًا باللون الرمادي.

"هَهْ... هَهْ..."

في نُزل ضخم متكون من خمسة طوابق.

في أقصى ركنٍ من أحد طوابقه،

كانت هناك غرفة معزولة.

وفي تلك الغرفة، كان الرجل المسن غارقًا في نومٍ عميق.

وما من أحدٍ كان يعلم...

بأي هيئةٍ سيفيق حين يحلّ الظلام.

"آه، آه—"

وفي مكانٍ آخر، كان هناك شخص آخر.

كان يراقب زوجته وطفله النائمَين، ثم خرج من الغرفة.

أغلق نوافذ غرفة الجلوس بإحكام، حتى لا يتسرّب أي ضوء إلى الداخل.

"اللعنة!"

قبض على شعره بكلتا يديه.

زوجته وابنه... ذهبا في زيارة إلى موقعٍ الأثري.

ثم، وجدهما ساقطين على الأرض، بهيئةٍ مروّعة.

"تبًا لكل شيء!"

ومنذ ذلك الحين، يستيقظان كل ليلة... يصرخان بهيستيريا وحشية.

قيدهما بإحكام، محاولًا كبح تلك النوبات، [*احح قلبناها ريد ديد ريدمبش، أنديد نايتمار]

لكن... لا أحد يعرف إلى متى سيتمكنان من الصمود على هذا الحال.

'هل أذهب إلى قلعة اللورد؟'

هل يجب عليه الآن الذهاب إلى قلعة اللورد ويقول لهم أن زوجته وابنه قد أصيبا بالعدوى؟

"لا."

هذا مستحيل.

الا تعلم من يكون ذلك الحقير الذي يُدعى ملك الشياطين؟!

أليس هو ذلك الوغد القاسي الذي أحرق قريتنا بأكملها، فقط لأنها كانت موطنًا لأحد أتباع ملك الشياطين السابق!

كما سمعت أنه يقوم بنقل المصابين والمشتبه في إصابتهم إلى مكان ما بشكل سري.

"... لا!"

إذا تم أخذهم إلى هناك...

"لا!"

لن يعرف ما الذي قد يصيب زوجته وطفله بعد ذلك!

بالكاد هرب من قريته وبقي على قيد الحياة ليستقر هنا!

'عزيزي، لا تثق بأولئك من قصر ملك الشياطين!'

كانت الكلمات الأخيرة التي تلفّظت بها زوجته، وهي تسقط أرضًا، هو الشيء ذاته الذي كان يدور في ذهنه ايضا.

لا يمكن الوثوق بأوغاد قصر ملك الشياطين.

"هُهق...!"

انهار الرجل جالسًا في غرفة المعيشة، وأجهش بالبكاء.

امتد اللون الرمادي حتى عنق زوجته.

وأيضًا، طفله...

طفله العزيز، ذاك الكنز،

كان اللون الرمادي قد تجاوز عنقه، وبدأ يزحف نحو ذقنه.

'ما العمل؟'

جلس الرجل في الظلام، ملتفًا حول نفسه، يفكر مرارًا وتكرارًا فيما يجب عليه فعله.

مدينتا ميدي وميكا.

رغم أن الشمس لا تزال مشرقة في هذا العصر، فقد بدأ يظهر هنا وهناك أناس يخرجون من الظلام، وقد غمرهم الرمادي.

"هُهق... هق..."

كان الرجل يبكي بصمتٍ في الداخل.

دق دق دق. (صوت طرق على الباب)

وفي تلك اللحظة—

طرق أحدهم الباب.

ارتعب الرجل من الطرق المفاجئ، لكنه، تحت إلحاح الطرق المتكرر، ذهب ليفتح الباب.

فرأى كاهنًا واقفًا أمامه.

رجل ذو شعر أبيض، وعينين زمرديتين،

يرتدي ثوبًا رماديًا واسعًا، تحفّ به هالة هادئة، وابتسامة نبيلة على شفتيه.

فتح فاه وقال.

"هل بينكم من يحتاج إلى التطهير؟"

لقد كان... كلوف سيكا، الذي خرج في مهمة تفتيش.

وأيضًا—

"هذا النُزل كبير نوعًا ما."

رون مولان، الرجل الذي يدير 'نزل الامل، المغامرة، والمحبة'.

ما إن دخل النزل حتى فتح فمه وقال.

'أين هي الغرفة التي ظل بابها مغلقًا منذ عدة أيام؟'

حتى هو كان قد خرج في مهمة تفتيش...

لكن لا الوقت كان كافيًا، ولا عدد الأشخاص.

"......"

"......"

"......"

وفي الخفاء، بينما كانوا يختبئون من أنظار الآخرين، غير قادرين على الوثوق بقصر ملك الشياطين...

كانت أنفاس أولئك الذين تحوّلت أجسادهم إلى الرمادي، تتزايد اضطرابًا، وتثاقُلًا، شيئًا فشيئًا.

.

.

.

نادي الروايات~ترجمة: White.Snake

2025/07/28 · 459 مشاهدة · 3035 كلمة
White.Snake
نادي الروايات - 2025