1251 - الحلقة 475 الجزء الثانى سلسلة هطول المطر الرمادي 7

خبروني إذا كان في شيء غير مفهوم.

قراءة ممتعة💞

.

.

.

نادي الروايات~ترجمة: White.Snake

.

.

.

الحلقة 475 الجزء الثانى سلسلة هطول المطر الرمادي 7

.

.

.

المصابون بالمرض الرمادي...

من هم أكثر من يعرف عنهم في الوقت الحالي؟

"آآااه!"

"لا، لا تدفعني!"

إنهم أولئك الذين جمعوا أكبر قدر من المعلومات عن المصابين... وهم الشياطين المتواجدون في مقر التدابير الطارئة.

لكن، من هم أكثر من يخاف منهم؟

"ياللجنون، ما الذي يحدث فجأة؟!"

"سوف، سوف ينفجر قريبًا!"

إنهم أولئك الذين يتعاملون مع المصابين أكثر من غيرهم، ويشاهدون بأعينهم كل تحوّلاتهم، لحظة بلحظة.

ثكنات مدينة ميكا.

هناك، كان الجنود غارقين في حالة من الرعب، لا يعرفون ماذا يفعلون.

"اللعنة!"

تفلتت من فم الجنرال مول كلمة نابية دون أن يدرك.

مدينة ميكا ومدينة ميدي... بسبب النبوءة التي ستتحقق في أحدى تلك المدينتان، ترك الجنرال مول جانب كايل مؤقتًا وبدأ يقود الجنود بنفسه.

"اهدأوا!"

صرخ الجنرال مول، لكن الفوضى لم تتوقف.

ولم يكن ذلك غريبًا.

"آه، آآه—!"

قبل لحظات...

أثناء قيامهم بفحص لرصد أي إصابات في الثكنة، قرروا تناول العشاء مبكرا قبل حلول المساء.

لكن فجأة، أمسك أحد الطباخين العسكريين برأسه وبدأ يلتوي بجسده بعنف.

"آه، آه—"

بما أنه كان طباخًا عسكريًا، فقد كان يرتدي جزمة طويلة مطاطية ومئزرًا يغطي جسده بالكامل.

لكن، في اللحظة التي بدأت فيها يده تتحول إلى اللون الرمادي...

بدأ الجوّ بين جنود الإقليم، الذين كانوا في حالة ارتباك متسائلين عمّا يحدث، يتغيّر بسرعة كبيرة.

"ابتعدوا فورًا!"

اندفع أحد فرسان قصر ملك الشياطين – الذين كانوا يفرضون السيطرة في الموقع – نحو الطباخ العسكري، وخلع حذاءه بسرعة.

كانت قدمه رمادية اللون، وقد بدأت تتعفّن بسرعة مذهلة.

في تلك اللحظة سمع الفارس حينها ما قاله أحد الطباخين العسكريين، وهو يتراجع مذعورًا.

"لكنه كان بخير تمامًا منذ لحظات!"

كان ذلك الطباخ هو المسؤول عن باقي الطباخين هنا، وكان قد تأكد من حالته شخصيًا.

وفور سماع ذلك، أدرك الجميع ممن كانوا بالجوار معنى هذه الكلمات. [*الجميع ادرك المعني إلا انت.]

"ابتعدوا جميعًا!"

صرخ الفارس محاولًا سحب الجنود بسرعة.

"آه!"

لكن الطباخ العسكري بدأ يتململ بعنف.

توسعت عينا الفارس بدهشة.

كان اللون الرمادي قد بدأ بالفعل يتسلل من ترقوة الجندي إلى أسفل عنقه.

كانت الفوضى تتسرب وتلوث جسده.

'هذا سريع!'

كانت سرعة انتشار هذا المصاب أسرع بكثير من أي حالة سمع بها أو رآها من قبل.

"آه!"

وبدأ الطباخ العسكري في التشنج أكثر.

ومن جلده الرمادي المتعفّن، بدأ القيح بالتدفق.

"!"

أخذ الفارس خطوة للوراء بسرعة.

إذ لم يكن يرتدي ملابس تحميه من ذلك السائل المتساقط.

"آآآه—!"

في تلك اللحظة، بدأ الذعر يسيطر على ثكنات الجنود تمامًا.

حيث كان بإمكان أي شخص أن يلاحظ أن سرعة العدوى هذه المرة... كانت سريعة جدًا.

"سـ... سينفجر!"

كانت تلك الصرخة، التي أطلقها أحد الجنود، هي الشرارة التي أشعلت كل شيء.

الجنود والفرسان الموفَدون من قصر ملك الشياطين ظلّوا ولو نسبيًا، متمالكين أعصابهم، لكنّ الجنود المنتمين لأقليم ميكا كانوا قد غرقوا في الخوف، واستسلموا للفوضى تمامًا.

"لا، لا—"

كانوا يدركون تمامًا كيف يتصرف المصابون.

في النهار، يبدون وكأنهم موتى، راقدون دون حراك، بينما تبدأ أجسادهم بالتعفّن رويدًا رويدًا كأنها جثث حقيقية.

وما إن يحل الليل، حتى يتحوّلوا إلى وحوش، فاقدين لصوابهم، يصرخون صرخات مسعورة، ويهجمون على غير المصابين.

لقد رأوا كل ذلك بأعينهم.

صحيح أنهم سمعوا أنه من الممكن تطهير ذلك،

لكن جنود مدينة ميكا لم تكن لديهم ثقة كافية لتصديق ما يقوله جنود قصر ملك الشياطين كما هو، دون تحفظ أو شك.

"آآآه!"

"ابتعدوا! تنحّوا عن الطريق!"

فرّ الجنود مذعورين، حتى إنهم رموا أطباق طعامهم التي كانوا يتناولون فيها.

وفي خضم هذا،

كوونغ! (صوت اهتزاز أرضي)

اهتزّت الأرض بعنف.

وبفعل تلك الهزّة، تعثّر بعض الجنود الذين كانوا يهربون، وسقطوا، فيما توقف آخرون فجأة وقد أصابتهم الدهشة.

ثم جميعهم وجّهوا أنظارهم نحو مصدر ذلك الاهتزاز.

"اهدأوا الآن."

كان الجنرال مول هناك.

أحد قادة الفيالق الثمانية لجيش ملك الشياطين، المعروف بلقب، اليد خلف الظهر.

وعندما التقت أعين الجنود بنظرته الباردة، بلعوا ريقهم، وتوقفوا في أماكنهم.

لكن...

"كآآآآه!"

كان جسد الطباخ العسكري الآن قد تغطّى باللون الرمادي حتى بلغ عنقه، وانتشر إلى فمه وأنفه.

"الآن! الجميع انسحبوا حسب التعليمات!"

صرخ الجنرال مول، ومع إشارة من يده، انقسم الفرسان إلى مجموعتين. إحداهما تولّت قيادة انسحاب الجنود، فيما أحاطت الأخرى بالطباخ المصاب.

كانوا قد غطّوا وجوههم بالقماش، ولم يظهر من وجوههم سوى الأعين، وارتدوا قفازات محكمة في أيديهم.

"سيطروا عليه!"

قال مول ذلك وهو يقطب جبينه.

'تبا!'

لقد بلغ التلوّث الأنف.

كان اللون الرمادي الناتج عن تلوث الفوضى قد زحف حتى أنف الطباخ، ويتجه نحو عينيه.

أن يحدث هذا في غضون دقائق معدودة فقط!

'هذا مروّع!'

إن المرض الرمادي هذا، مروّع حقًا.

إنه لا يظهر نفس الأعراض على الجميع، بل يختلف من شخص إلى آخر.

ولهذا، كان التعامل معه في غاية الصعوبة.

كان الوضع متغيرًا باستمرار.

"آآآآه!"

كان الطباخ العسكري يتلوّى من شدة الألم.

وعلى عكس معظم المصابين الذين يسقطون فاقدين الوعي بهدوء، كان هذا الطباخ يظهر نفس الأعراض التي اظهرها أول مصاب.

"أين كايل هينيتوس؟!"

في النهاية، لم يكن أمام الجنرال مول خيار إلا ذكر ذلك الاسم.

فأجابه مساعده فورًا.

"لقد أرسلنا طلبًا عاجلًا إلى قلعة لورد مدينة ميدي!"

اللعنة!

ولمَ تكون ميدي بالذات!

وصوله إلى هنا سيستغرق وقتًا على الأرجح.

"سيدي الجنرال!"

قال أحد الفرسان الذين خرجوا للسيطرة على الوضع، بوجهٍ متصلّب.

وعندما نظر إليه مول، هزّ الفارس رأسه نفيًا.

"لا نعلم ما الذي قد يحدث إن لمسنـاه بطريقة خاطئة!"

كانت إحدى عيني الطباخ قد تحوّلت إلى الرمادي، وجلده كذلك بدأ يتعفّن ويتحوّل تدريجيًا إلى الرمادي.

لو انفجر جسده أثناء محاولة السيطرة عليه...

فلا يمكن تصوّر مدى فظاعة ما قد يحدث.

"تراجعوا حسب التعليمات!"

"إلى الشرق!"

"أنتم، إلى جهة الساعة التاسعة! اصطفوا حسب التشكيل!"

"الذين سقطوا، أمسكوا بهم وخذوهم معكم!"

في كل مكان، كانت الأوامر تتوالى نحو الجنود الذين كانوا يتراجعون من هذا المكان.

لكن...

العدد كان هائلًا.

كان هناك عدد كبير جدًا من الجنود في الثكنة.

فقد جرى تجميع عدد ضخم بسبب وقت الوجبة والتفتيش الشامل.

وما زاد الطين بلّة، أن الجنود الذين لم يتلقوا بعد خبر الإصابة، ظلوا يندفعون إلى الداخل، فازداد الوضع فوضى واضطرابًا.

"ما الذي يحدث؟ ما الأمر؟"

"اللعنة! مصاب؟! ابتعدوا!"

وفوق ذلك، كانت هذه مدينة ميكا.

لم يكن الجنود الذين في هذه المدينة تابعين لقصر ملك الشياطين، كان الوضع معاديًا لهم.

وبسبب ذلك، أصبح الجنود أكثر تمردًا ولم يعودوا يستمعون للأوامر.

"اللعنة!"

في النهاية، تحرّك الجنرال مول.

طق! (صوت ارتطام خفيف)

هبط بجسده بين الطباخ المصاب والفرسان الذين كانوا يحيطون به.

"ابتعدوا!"

صرخ مول بذلك وهو ينظر إلى الطباخ المصاب.

"سأنقله بنفسي!"

لا يوجد في هذا المكان حتى ساحر قتال.

لو كان هناك أحدهم، لتمكّنوا على الأقل من إنشاء حاجز سحري لمحاولة احتوائه.

لكنهم جميعًا خرجوا للتحقيق في أحوال سكان الإقليم.

'لا يوجد حلّ سوى هذا.'

قرر مول أن يأخذ الطباخ ويغادر به من هنا بنفسه.

"سيدي الجنرال، أليس من الأفضل أن نتخلّص من هذا الطباخ—"

حين صرخ أحد الفرسان بهذا الكلام، قاطعه مول فورًا بصوت مرتفع.

"توقف عن قول الهراء!"

نظرًا لأن مول كان خبيرًا في الخيانة، فقد كان يعرف جيدًا كيفية قراءة الأجواء والتفاعل مع المحيط من حوله.

'أتريدني أن أقتله هنا؟'

إن فعلت، فبمَ سيفكر جنود ميكا الذين يفرّون الآن؟

على الرغم من أنهم يفرون خوفًا من الطباخ ولا يفكرون حتى في إنقاذه، ومع ذلك، سيقولون إن جنود قصر ملك الشياطين لم يحاولوا إنقاذ الطباخ، بل قتلوه عن عمد.

سينشرون هذه الأقاويل،

لأنه في الماضي، حتى عندما توسل جنود هذا الإقليم إلى قصر ملك الشياطين لإبقائهم أحياء، معلنين استسلامهم، تم قتلهم جميعًا بلا رحمة.

'أنها الكارما.'

لهذا، كان مول يعلم أنه يجب أن يتصرف بشكل مختلف.

"سآخذ هذا الطباخ وأذهب به إلى مدينة ميدي! سيتم علاجه هناك!"

قال مول ذلك وتعمد أن يرفع صوته وسط الفوضى، كي يسمعه الجميع—

كي يسمعه الهاربون.

كي يسمعه كل من بقي.

ولكن في الحقيقة، كانت نواياه مختلفة.

'سأحاول ذلك، ولكن إذا لم أتمكن—'

سيفعل كما قال،

لكن إن لم يُفلح الأمر—

'ليس هناك خيار.' [*هناك طماطم ههههخخ مو اسفة]

سيجعل جسد الطباخ العسكري ينفجر في مكان بعيد، حيث لا يوجد أحد.

'ليس هناك الكثير من الوقت.'

أووووه— (صوت طاقة تتجمع)

بدأت الطاقة تتجمع حول جسد مول.

واندفع نحو الطباخ المصاب، ممدًا يده للإمساك به وسحبه بعيدًا عن المكان فورًا.

فعلى الأقل، عليه الوصول إلى مكان لا يوجد فيه أي شيطان.

"آآااخ!"

نظر الى الطباخ العسكري الذي كان يتلوّى من شدّة الألم، وقد لوّثت الفوضى إحدى حدقتيه باللون الرمادي، بينما بدأت الأخرى تتصبّغ بدورها تدريجيًا.

وعندما رأى الدموع في عينيه، وعلى ما في عينيه من خوف وألم—

عضّ مول على شفته بصمت.

وونغ— (صوت اهتزاز خافت)

تفاعل الأثر المقدس داخل جسده،

لكن مول تجاهله، ومدّ يده بسرعة.

لكن قبل أن يمسك بعنق الطباخ ويجره بعيدًا—

فوووش! (صوت انتقال سحري)

توقف مول فجأة.

وتوجهت عيناه نحو مصدر الصوت الذي سمعه.

وهناك—

ظهرت دائرة سحرية تشعّ بضوءٍ أسودٍ.

كانت دائرة انتقال آني.

- أيها الإنسان، لم يفت الأوان بعد!

بينما كان صوت راون الذي أصبح شفافًا يتردد في الأجواء.

كان هناك كرسيٌّ متحرّك موضوعٌ فوق دائرة الانتقال الآني،

وعليه كان كايل هينيتوس جالسًا.

في تلك اللحظة، ظهرت علامات الأمل على وجه مول وفرسانه.

"جيّد."

قال كايل بنبرة غير مبالية وهو يلتقي بنظر مول.

ثم نظر حوله.

رغم أن المكان كان يعجّ بالاضطراب والخوف والرعب، لكن...

لم يكن هناك سوى شخص واحد مصاب.

ثم،

"تعابير وجوهكم هذه، جيدة."

قال ذلك مرة أخرى لــ مول وفرسانه.

"أقول لكم، استمروا."

في وسط الفوضى، عندما رأى مول وفرسانه وجنود قصر ملك الشياطين القادمين من تيليا، ظهرت على وجوههم علامات الأمل والفرح.

'بهذا الشكل، يمكننا إقامة احتفال.'

فالطعام موجود، أليس كذلك؟

كان المكان يعجّ بالطعام المنتشر هنا وهناك.

كما كان يمكن رؤية الأطباق التي تم التخلي عنها أثناء الهروب.

"يمكننا الاستمتاع بعشاء مبكر."

هممم… بالطبع.

"كآآآآه—"

رغم أنني لم أجرّب من قبل تطهير مصاب في حالة هياج كهذه…

لكن ما دام المصاب واحدًا فقط...

'حسناً. أن أجرّب الآن مُسبقًا ما كنت سأفعله ليلًا، لا يبدو أمرًا سيئًا.'

وفي ظلّ هذا الوضع...

التطهير يبدو أمرًا يستحق التجربة.

شوشوشوش— (صوت يشبه صوت الامواج او الرياح)

هبّت رياح هادئة، تُشبه في صوتها أمواج البحر.

"آه."

تنهد أحد الفرسان بإعجاب وأغلق عينيه.

إنها قادمة...

رائحة الحنين.

ذات الرائحة التي سبق وأن استنشقها في مدينة تيليا.

ريحٌ تستحضر لحظاتٍ غارقة في السعادة والفرح.

لا، بل ربما ينبغي أن أقول موجة من الضباب الرمادي؟

ضباب رمادي، دافئ ونقي، تنبعث منه رائحة الحنين، بدأ يتصاعد بهدوء من جسد كايل، ويتمدد رويدًا إلى كل الاتجاهات.

"كخ..."

توقف المصاب الذي كان يتلوى من الألم فجأة.

وعندما غطى الضباب الرمادي جسده، هدأت عيناه المملوءتان بالفوضى والرعب والألم، ووجّهتا نظراتهما نحو كايل.

رجل ذو شعر أحمر، يجلس على كرسيٍّ متحرك، بشحوب ظاهر على وجهه.

والموجة الرمادية المنبعثة منه… كانت مختلفة عن أي شيء آخر.

"......!"

"!."

الجنود الذين كانوا يفرّون، أولئك الذين هرعوا وظهورهم للطباخ المصاب، توقفوا فجأة.

وذلك كان بسبب الرياح التي لامست ظهورهم، وصوت الأمواج، والضباب الرمادي الذي لفّ المكان.

هم أيضًا، مثل مول والفرسان، شعروا بذات الشيء.

وعلى عكس المرض الرمادي.

في هذا الرمادي الدافئ،

استحضروا فرحة ثمينة من ذاكرتهم، مختلفة عن الخوف.

لم يكن الخوف الشديد قد اختفى تمامًا. لكن حينما تسللت ذكرى ما للحظة، وكانت تلك الذكرى مليئة بالفرح.

استطاعوا أن يشعروا بالدفء ينساب إلى أطراف أصابعهم.

"آه."

فجأة انهارت قوى أحدهم وسقط جالسًا على الأرض.

وهو ينظر إلى الضوء الرمادي المتصاعد من جسده.

جزيئات صغيرة رمادية، تطايرت في الهواء.

ومن كلّ جندي على حدة، تصاعدت الجزيئات الرمادية ذاتها، بلون واحد، وحجم واحد.

حتى مول وفرسانه لم يكونوا استثناءً.

وكل تلك الأضواء اتجهت نحو كايل، عبر الضباب الرمادي.

كريك، كريك— (صوت احتكاك عجلات)

وببطء، بدأ كايل يُحرّك عجلات كرسيه المتحرّك، متجهًا نحو الطباخ المصاب.

وبينما كان يقترب، نقل الضباب الرمادي الذي كان يحيط به إلى الطباخ.

"آه... آه..."

توقّف الطباخ عن التشنّجات، لكن حالته كانت لا تزال صعبة، ولم يكن قادرًا على استيعاب ما يجري من حوله.

ورغم أنه كان يضيع تدريجيًا في الفوضى، إلا أن عينيه كانتا لا تزالان تحتويان على مشاعر حيّة، بينما كان وجهه مليئًا بالتضرّع، وكأنه يناشد كايل بشدّة.

أمسك كايل بيد الطباخ العسكري.

كايل والطباخ العسكري.

هبط عليهما الضباب الرمادي— لا، بل درب التبانة، الحامل في طياته أضواءً رمادية.

"ما صُنِعَ، سَيَزُولُ قَريبًا—"

استمر صوت كايل يتردّد في المكان،

كان صوته هو الشيء الوحيد الذي يملأ الفضاء.

وحين انتهت كلماته،

"—فَلْنَعُدْ إِلَى هَيْئَتِنَا الأَصْلِيَّةِ."

تسللت مجرة درب التبانة الرمادية الي أجساد كايل والطباخ المصاب.

"آه–"

مع تنهيدة قصيرة، أغمض الطباخ عينيه وكأنه فقد وعيه.

ثم بدأ جسده المنهار يطفو ببطء في الهواء.

ثم، كما يحدث دائمًا،

قطرة...قطرة...

عندما تساقطت قطرات رمادية شفافة على الأرض وبدأت تتغلغل فيها،

اختفى المحفّز الذي كان سيُطلق العنان للفوضى والرعب.

ولم يبقَ سوى الطباخ، بوجهه الهادئ، نائمًا في سلام.

"..."

"..."

لم يتمكن أحد من النطق بكلمة.

حتى أولئك الجنود الذين سبق لهم أن شهدوا ما حدث في مدينة تيليا...

وأيضًا الجنود الذين شاهدوا ذلك للمرة الأولى من مدينة ميكا،

كلهم كانوا عاجزين عن فتح أفواههم.

تُك— (صوت سقوط خفيف)

تقدّم الجنرال مول بسرعة، وأمسك بجسد الطباخ المعلّق في الهواء قبل أن يهوي.

نظر إلى الطباخ، الذي بدا سليمًا تمامًا، ثم رفع بصره نحو كايل.

"!"

تجمّد في مكانه للحظة.

كانت جبهة كايل عابسة.

بدا أن شيئاً ما ليس على ما يرام.

'كما توقعت—'

هل هناك آثار جانبية لتطهير المصابين الذين يُعانون من نوبات هيجان؟

أخذت ملامح الجنرال مول تتصلّب شيئًا فشيئًا.

أما كايل،

- ذلك الماء يبدو منعشًا.

فجأة، دوّت في رأسه همسات الكاهنة الشرهة، وهي تتذمّر.

- أشعر بالضيق في صدري، أريد شيئًا منعشًا.

لماذا تتصرف هكذا؟

شعر كايل بقلق خفي لا يستطيع تفسيره، وهو يستمع إلى ثرثرة الكاهنة التي زادت عن المعتاد هذا اليوم.

لكن، ما إن لمح جزءًا آخر من ذراعه الرمادية وقد بدأ لونه يبهت، حتى رفع رأسه ونظر إلى الجنرال مول.

"!"

فارتجف مول فورًا دون أن يشعر.

'وما به هذا أيضا؟'

تساءل في نفسه لماذا يتصرف هذا الوغد هكذا، لكنه لم يهتم كثيرًا.

كان فقط يريد أن يلتزم بتطبيق آخر خطوة من خطوات التطهير بشكل دقيق.

"قد تكون الوليمة أمرًا صعبًا،"

كان صوته موجهاً إلى مول، لكن الجميع كانوا يستمعون.

"مع ذلك، لا يزال بإمكاننا الاستمتاع بعشاء سعيد، أليس كذلك؟"

ربما يمكن أن يكون ذلك احتفالًا صغيرًا.

لأنه طالما احتفظوا بتلك الفرحة في قلوبهم، سيكون بإمكانهم تذوّق آثارها المتبقية.

"يجب أن نأكل الطعام براحة."

نعم، بالضبط هكذا.

يجب أن نأكل براحة.

وفي اللحظة التي كان كايل فيها راضيًا—

"……"

"……"

تجمّد المتجولان تشوا وريون في أماكنهما.

كانا قد تسلّلا خلسة إلى ثكنات مدينة ميكا، لكن الضباب الرمادي تسلّل إليهما أيضًا…

حتى وهما مختبئان، لم يسَلما منه.

وتلك الذكريات—

وذلك الضوء الرمادي—

جعل عقليهما يخلو من أي تفكير للحظة.

فقد عادت إليهما ذكرى عزيزة، ثمينة، من زمن بعيد... من زمن قبل أن يصبحا متجولين.

"......"

ارتجفت أطراف أصابع تشوا.

أمسكت ريون، الأخت الكبرى، بيد شقيقها الأصغر.

وكانت يديها هي الأخرى ترتجف.

رغم أنهما عاشا كمتجولين، إلا أنهما لم يكونا سعيدَين ولو لمرة واحدة.

كانا يعيشان فحسب.

لكن الآن، في لحظة ما، استرجعا ذكريات الفرح... ذكريات أيام كانا فيها سعيدين.

"......"

"......"

عندما لم يستطع الاثنان قول أي شيء...

في تلك اللحظة—

"هُه."

ضحك كايل.

وصدى ضحكة مماثلة لها تماما...

"هُه."

"!"

"!!"

تردّدت من فوق رأسي التوأمين، تشوا وريون.

صوتٌ طفولي، نقي، مفعم بالحيوية.

"لقد وجدتكما."

رفع التوأمان المتجولان رأسيهما.

حينها تمكنوا من رؤية عينين زرقاوين داكنتين.

لم يُزل التنين الأسود الصغير شفافيته بالكامل، بل أبقى جسده مخفيًا، لكن فقط أظهر عينيه، لينظر بهما الى التوأمين.

"هيهي."

ثم ضحك بخفة.

"هذه المرة لم أُخطئ."

قالها التنين الأسود الصغير بحيوية.

"شكرًا."

الأخوان اللذان فقدا تركيزهما، وخفَّضا حذرهم بينما كانا في غفلة.

ظهر شخص أمامهم.

سرينغغ— (صوت نصل يُستَل)

كان تشوي هان قد استل سيفه، وينظر إلى التوأمين المتجولين من أعلى.

"هوهو."

"لقد مضى وقت طويل."

ومن الجانبين، اقترب إليهم آخرون... على يسارهم كلوف سيكا، وعلى يمينهم التنين القديم، إرحابين.

لقد وقع التوأمان في الفخ.

وأخيرًا، تم العثور على خيط ملك التنانين.

- أيها البشري، لقد وجدتهم أخيرًا!

حين سمع كايل تقرير راون، ارتسمت على وجهه ابتسامة رضا، ورفع بصره نحو السماء.

لكن ملامحه سرعان ما تجمّدت.

الشمس الحارقة كانت تقترب من المغيب.

قريباً سيحل الغسق.

لم يعد الغروب بعيداً.

وتلك اللحظة، بينما كان وجه كايل يزداد تصلبًا شيئًا فشيئًا.

"......"

"......"

تصلبت أيضاً تعابير وجه التوأمين المتجولين تشوا وريون.

اقترب تشوي هان منهما.

وووو—ووو— (صوت تدفّق طاقة).

تدفقت هالة سوداء من جسده.

كان التوأمان، اللذان يملكان تفردًا من المستوى الشفاف، أقوى من تشوي هان.

ولذلك، لم يكن هناك مجال للتهاون.

يجب القبض عليهم دفعةً واحدة.

وهكذا، تمامًا عندما كان تشوي هان على وشك استخدام قوته وهو يفكر بذلك—

"أ.. أنا، نانا—"

المتجول تشوا.

اقترب تشوا، الأخ الأصغر، على ركبتيه بسرعة نحو تشوي هان.

حتى إنه دفع يد شقيقته جانبًا.

وأمسك بطرف بنطال تشوي هان بكلتي يديه.

"أنا، أرني مرة أخرى!"

على وجهه الذي بدا كأنه قد خرج عن وعيه قبل لحظات، ترسخت مشاعر جديدة بعمق.

"!"

عندما تجمد تشوي هان فجأة—

"أنا، قلت لك أرِني مجددًا! ما رأيته قبل قليل!"

صرخ الاخ الاصغر، تشوا، في حالة من الهياج وعيناه دامعتان.

أما ريون، الاخت الاكبر، فلم تستطع أن تنبس ببنت شفة... لأنها كانت تعلم تمامًا ما الذي رآه شقيقها.

"أريد رؤية وجه أمي، أمي! أريد رؤيتها! لا، بل أريد سماع صوتها!"

صرخ تشوا بكل يأس وهو يتشبث بتشوي هان.

"……."

شعر تشوي هان بالارتباك.

"هوهو، كما هو متوقع."

بينما ضحك كلوف سيكا بخفة، وقد ارتسمت على وجهه نظرة غامضة ذات مغزى، وهمس بكلمات بالكاد تُسمَع.

.

.

.

الترانيم التي يُرددها كايل أثناء طقوس التطهير:

ما صُنِعَ، سَيَزُولُ قَريبًا.

كَمَا وُرِثَ مُنْذُ البِدءِ.

كَمَا وُلِدْنَا بِهِ مُنْذُ البِدَايَةِ.

فَلْنَعُدْ إِلَى هَيْئَتِنَا الأَصْلِيَّةِ.

+ ذي الكلمات هي النسخة النهائية اللي راح أستخدمها دايمًا في طقوس التطهير.

.

.

.

نادي الروايات~ترجمة: White.Snake

2025/08/02 · 353 مشاهدة · 2788 كلمة
White.Snake
نادي الروايات - 2025