إذا فيه نقطة مو واضحة لك، اكتبها في التعليقات حتى أوضحها لك.
قراءة ممتعة 🤍
.
.
.
نادي الروايات - ترجمة وتدقيق: White.Snake.96
.
.
.
〈الموسم الثانى «قانون الصيد» : الحلقة 502، سلسلة الأمير والأب 7〉
.
.
.
شواااااه— (صوت تلاطم الأمواج)
شوااااااااااه— (صوتٌ قويّ لتلاطم الأمواج)
كان صوت الأمواج العاتية يعلو من كل جهة حول السفينة.
"ايها الانسان، هناك سفن كثيرة للغاية!"
وكان الامر كما قال راون تمامًا،
نظر كايل حوله—
كانت سفينتهم في المؤخرة، بينما من أمامها وعلى جانبيها كانت عشرات السفن الحربية تتحرّك بانتظام، محافظةً على مسافات متساوية فيما بينها.
"شغّلوا الأضواء!"
"شغّلوا الأضواء!"
تردّدت الأوامر من الأمام.
وفي لحظة واحدة، أضاء النصف المتبقّي من أسطول الجزيرة رقم 16 الحربي، المتّجه نحو الجزيرة رقم 19.
"إذن سيهاجمون الجزيرة رقم 19 أولًا، هاه—"
حدّق ألبيرو، الواقف إلى جانب كايل عند مقدّمة السفينة، في بحر الليل.
"إذًا، لقد حكموا أن الدفاع وحده لن ينفع."
ما إن أدركت الجنرال بيري، قائدة الجزيرة رقم 16، واقع الموقف،
حتى اتّخذت قرارها فورًا.
'الجزيرة رقم 19 ستغزو الجزيرة رقم 16 هذه الليلة.'
وذلك بجلب العديد من جزر القراصنة التابعة لها أو المتعاونة معها.
في مثل هذا الوضع، كان بإمكان الجنرال بيري، التي لم تتمكن من تأمين قوة كاملة،
اختيار البقاء داخل الجزيرة رقم 16 والاكتفاء بالدفاع.
خاصة أن الجزيرة رقم 16 ذات تحصين ممتاز.
"حتى لو دافعوا، سينهار كلّ شيء في النهاية."
"صحيح."
هزّ ألبيرو رأسه موافقًا على كلام كايل.
شوااااااااااه— (صوتٌ قويّ لتلاطم الأمواج)
شواااااه— (صوت تلاطم الأمواج)
"ففي ظلّ نقص الغذاء والجنود، حتى لو كانت الجزيرة رقم 16 حصنًا منيعًا طبيعيًا، فسوف تنهار في النهاية أمام ضربات الجزيرة رقم 19 المتواصلة."
وما إن أنهى ألبيرو كلامه، حتى قال الشيطان السماوي، الواقف خلفهما، بهدوء.
"قلت لكم إن قتل القائد هو الحل."
ضحكة مكتومة—
أطلق كل من كايل وألبيرو ضحكة قصيرة، أقرب إلى ابتسامة مريرة،
لكنّهما لم ينكرا كلام الشيطان السماوي.
فالجنرال بيري كانت قد أعلنت فورًا حالة التأهّب القصوى في الجزيرة وأصدرت أوامرها.
'أجلوا جميع السكان إلى القلعة، وفعّلوا وضع الدفاع فورًا!'
'اجمعوا جميع سفن الصيد وسفن التجارة! جهّزوها لمغادرة الجزيرة فور تلقّي الإشارة!'
'افتحوا قنوات الاتصال مع جميع جزر كبار القادة في البحر المركزي ومع جنرالات مؤتمر الـ17! أخبروهم أن الجزيرة رقم 19 تهاجم الحارس!'
وبعد اتخاذ الحدّ الأدنى من الإجراءات الدفاعية—
'أيها البحّارة! استمعوا جميعًا!'
صعدت إلى سفينة القيادة التي تستقلّها دائمًا عند الإبحار، ورفعت الراية التي ترمز إليها، ثم هتفت بأعلى صوتها.
'اليوم سنتوجّه إلى الجزيرة رقم 19!'
'سنسحق العدو الذي تسبّب في فقدان رفاقنا، وسعى إلى تدنيس شرف الحُرّاس!'
وفي لحظة خاطفة، اتّخذت قرارها.
'وأنا! الحارسة بيري، سأقطع رأس القرش بنفسي!'
'وااااااا—!'
'وااااااااااااه—!'
انفجرت هتافات البحّارة وهم يلبّون أمرها، وامتلأت عيونهم بعزيمة حاسمة لا تراجع فيها.
"لقد كان حكمًا رائعًا."
أثنى الشيطان السماوي على قرار الجنرال بيري.
"لقد أدركت الجنرال بيري أنّ الطريقة الوحيدة لقلب ميزان هذه المعركة، هي رأس القرش."
فعلى عكس البحرية التي خضعت لتدريبات لا حصر لها وحمت بوابة البحر المركزي لأجيال طويلة، فإن احتمال انهيار القراصنة كبيرٌ ما إن يفقَدو قائدهم.
ابتسامة واسعة—
ارتفعت زاوية فم الشيطان السماوي…
وبدا على ملامحه أثر اهتمامٍ طفيف.
"لكنها أيضًا الخطوة الأكثر خطورة."
قالت ويتيرا، التي كانت تراقب محيطها بصمت.
"لقد عقدوا العزم على الموت."
جنود البحرية الذين على متن السفن الحربية…
ما إن وقعت عينا ويتيرا على وجوههم حتى أدركت ذلك.
لقد خرجوا إلى البحر وهم مستعدّون للموت إستعدادًا تامًّا.
"أليس هذا طبيعيًا؟"
ردّ الشيطان السماوي بِبساطة وبلا اكتراث.
"عدد السفن، وعدد الرجال، وحتى جودة القوّة… في الوقت الحالي، الجزيرة رقم 16 في وضع غير مواتٍ تمامًا. صحيح أن قوّة القيادات في الجزيرة رقم 16 قد تكون أعلى قليلًا، لكن… في هذا الليل المظلم، ستتدفّق سفن القراصنة من كل الجهات، وتشنّ هجمات بلا انقطاع."
ثم وجّه كلماته نحو ويتيرا، وريثة ملك قبيلة الحيتان، بنبرة لا مبالاة.
"إنها ساحة معركة من الواضح أنهم سيُهزمون فيها. ومع ذلك، لماذا يتقدّم الجنود بهذا الشكل؟"
"……."
"لأنهم إن لم يفعلوا، فسيموت الجميع."
مدينتهم.
أرضهم.
عائلاتهم.
كل شيء سينتهي.
ولهذا، اندفع الجنود إلى البحر بلا تردّد من أجل الاحتمال الوحيد المتبقّي.
"البحر ليس مكانًا رحيمًا."
وعندما تمتم الشيطان السماوي بهذه الكلمات، أغمضت ويتيرا عينيها بإحكام.
في تلك اللحظة—
"هاه؟"
وصل صوت راون، المتخفّي، إلى مسامع الجميع.
"يموت الجميع؟ هذا لن يحدث!"
فتحت ويتيرا عينيها والتفتت نحو مصدر الصوت.
رفرفة… رفرفة…
ومع خفقان أجنحة راون، لامست نسمة ليلية باردة وجنتيها.
ثم انساب صوت طفلٍ صافٍ.
"أليست كل هذه السفن في صفّنا؟"
"إنها في صفّنا!"
"إنهم حلفاؤنا."
ردّ كل من هونغ وأون بتأكيد على كلام راون.
وفجأة أدركت ويتيرا أن هؤلاء الأطفال الثلاثة، على الرغم من صغر سنّهم، ظلّوا إلى جانب كايل أكثر مما فعلت هي نفسها، يجوبون معه ساحات القتال الرهيبة ذهابًا وإيابًا…
كيف، وسط فظاعة تلك الحروب، لم يفقد هؤلاء الأطفال براءة الطفولة؟
وفي اللحظة التي راودتها فيها هذه الأفكار دون وعي…
تكلّم الأطفال الثلاثة — راون، هونغ، وأون — الذين عاشوا قبل لقائهم بكايل حياةً أقرب إلى الجحيم.
"إنساننا لم يُهزم قط في البحر!"
"حلفاؤنا بخير!"
"سيكون كل شيء على ما يرام!"
آه…
شعرت ويتيرا بإيمان الأطفال المطلق بكايل.
وفي الوقت نفسه، أدركت أن هذا لم يكن مجرّد إيمان… بل حقيقة أُثبتت مرارًا.
قبيلة الحيتان، حكّام البحر…
حتى هي نفسها اختبرت طعم الهزيمة مرات عديدة.
لكن الرجل الذي أمامها الآن، كايل هينيتوس…
لم يُهزَم قط في البحر.
"يا سيدي الشاب، إنها قادمة."
عندما سمعت صوت رون، أدركت ويتيرا أن كايل كان ينظر إلى الأمام فقط.
شوااااااااااه— (صوتٌ قويّ لتلاطم الأمواج)
وبينما كانت جميع السفن تتقدّم إلى الأمام، تحرّكت سفينة واحدة بعكس الاتجاه—
سفينة القيادة التي كانت على متنها الجنرال بيري.
"……."
"……."
التقت عينا كايل بعيني الجنرال بيري.
وحين أصبحت سفينة الضباب وسفينة القيادة جنبًا إلى جنب—
قفزة خفيفة—
قفزت بيري بخفة من درابزين سفينتها إلى سطح سفينة الضباب.
"!"
تلألأ بريق غريب في عيني كايل وهو يراقب حركتها.
'إنها خفيفة.'
كانت الجنرال بيري مشهورة باستخدام سيف سريع للغاية.
ورغم أن منصبها كحارسة للبوابة يوحي بأنها تستخدم سيفًا ضخمًا وثقيلًا، إلا أن سيفها الخاطف لا يوجد من يستطيع مجاراته.
"السيّد كايل."
تقدّمت الجنرال بيري، التي صعدت إلى سفينة الضباب وحدها، ونظرت إليه مباشرةً قبل أن تتحدّث.
'جيد. لنذهب معًا.'
بعد أن اعتبرت كايل حليفًا لها، وضعته سابقًا في الصفوف الخلفية.
أما الآن، فقد تقدّمت إليه بملامح صارمة.
"لديّ طلب منك."
وما إن ذكرت الجنرال بيري طلبها، حتى فتح كايل فمه.
"هل تريدين مني أن أنقذ رئيس الوحدة إيفو؟"
"……!"
"أم تريدين منّي أن أستعيد شيئًا مهمًّا يحمله معه؟"
"!"
ارتعشت حدقتا بيري.
"كيف—"
وبينما كانت بالكاد تستطيع الكلام، أجابها كايل بوجهٍ خالٍ من أيّ انفعال، وكأنه يتحدّث عن أمرٍ عابر.
"اعتقدتُ أن عملية التطهير واسعة النطاق ضد القراصنة ليست مجرّد حملة قمع، بل ستار لشيءٍ آخر."
"……."
"واعتقدتُ أيضًا أنكِ ستستدعين حليفًا، وأن الشخص الأنسب لهذه المهمة هو شقيقك، رئيس الوحدة إيفو."
"……."
"وبما أن جاسوسًا موجود بين قواتكم، فقد جئتِ وحدكِ إلينا لتطلبي هذا الطلب."
"…...!"
أمام كلمات كايل الذي أدرك كل شيء، لم يكن بوسع بيري إلا أن تعبر عن أن كل كلماته كانت صحيحة بالصمت.
"لا بد أنكِ تريدين الاستعداد لاحتمال ألّا تتمكني من قتل القرش اليوم."
وبكلمات كايل التالية، فقدت بيري أي قدرة على الرد تمامًا.
لكن كايل تابع قائلا.
"إذن، أنتِ تطلبين منّا أن نتولّى مهمة رئيس الوحدة إيفو بدلًا عنه؟"
آه—
أطلقت بيري زفرةً طويلة.
فأسطول الجزيرة رقم 16 بأكمله كان يتقدّم نحو الجزيرة رقم 19، مستعدين للموت في البحر.
لذا كان عليها أن تستعد للاحتمال الذي قد لا تتمكن فيه من قتل القرش.
'… حتى لو سقطت الجزيرة رقم 16.'
لا يجب أن يسقط هذا البحر.
"سيدتي الجنرال."
ولذلك، كانت تنوي أن تطلب من هذا القويّ المجهول الواقف أمامها،
أن يسلّم رسالة إيفو إلى الجنرال السابع،
وأنهم—في هذا الوضع—سيمنحونهم ما يطلبونه قدر المستطاع.
ففي وسط انعدام الثقة، كان الشيء الوحيد الممكن الاعتماد عليه هو الصفقة.
ولكن، هذا الرجل…
"سيدتي الجنرال، أنتِ قَلِقة من القوى التي تقف خلف الجزيرة رقم 19، أليس كذلك؟ ولذلك تريدين إبلاغ الجنرال السابع بالخطر الحقيقي."
هذا الرجل… خطير بحق.
لم تستطع بيري التفوّه بكلمة، ورأت ابتسامة ترتسم على شفتي كايل.
"هل أنتِ خائفة؟"
وبدا واضحًا ما هو المعنى المخفي داخل تلك الكلمات.
"هل أنتِ خائفة منّا؟"
ولهذا كان جواب بيري محسومًا.
"الحارس لا يعرف الخوف."
قررت الجنرال بيري أن تثق بقدرة هؤلاء الذين احترموها واعتبروها حامية للجزيرة رقم 16.
ففي هذا البحر القاسي، أولئك الذين يعرفون كيفية المحافظة حتى على قدر بسيط من الأدب، يكونون أكثر جدارة بالثقة مما يبدو.
وحينها فقط، استطاعت رؤية كايل هينيتوس يبتسم وكأنه في غاية الرضا.
"إذًا، دعيني أقدّم اقتراحًا."
ثبت كايل نظره في عيني بيري الهادئتين الواثقتين، وقدم صفقة حقيقية للشخص الذي قرر المراهنة عليه.
"سنصعد نحن على سفينة القيادة."
"!"
"سيدتي الجنرال، أنتِ تعرفين الخريطة التقريبية للجزيرة رقم 19، أليس كذلك؟"
لا شك أن الجنرال بيري كانت الأدرى بعدوّها من أيّ شخصٍ آخر.
"خذي النخبة، واسلكي طريقًا جانبيًّا، واستولي على جزيرة واحدة على الأقل، أو ميناءٍ واحد."
وإن تمّ ذلك—
"فبِغضّ النظر عن مَن يتواصل معه القرش في الخفاء، أو ما هي حيلتهم. لا بد أن هناك شيئًا في الجزيرة يمكن أن يكون دليلًا على ذلك. استولي عليه."
ليس فقط من أجل النجاة في هذا اليوم، بل أيضًا لبناء مستقبل لما سيأتي.
"لقد سمعت أن السبب تمكن الجزيرة رقم 16 مِنَ الحفاظ على حيادها ضمنيًّا حتى الان، هو أن جنرالات مؤتمر الـ 17 اعتبرو الحارس منطقة محرّمة لا تُنتهك، لذا تجنَّبُوا مساسه.
إذن، فأي من يكسر ذلك… حتى لو ضُرب ضربًا مبرحًا وبشكل قانوني، فلن يكون لديه ما يقوله… أليس كذلك؟"
قال الرجل ذو الشعر الأحمر ذلك وهو يبتسم كأنّه يستمتع.
ابتلعت بيري ريقها، ثم سألت.
"وماذا ستفعلون أنتم على سفينتي؟"
"أنتِ تعلمين، أليس كذلك؟"
سفينة القيادة التي ستصبح بلا قائد…
السفينة التي سيصعد على متنها كايل ورفاقه، ويتصرّفون وكأنها سفينة القيادة الحقيقية.
"القرش سيستهدفك، وسيركّز كامل قوّته على سفينة القيادة."
قالت بيري بصوتٍ مرتجف.
"القرش، هل ستتولى أمره أنت؟"
"ها، هاها—"
أجاب كايل ضاحكًا.
"نعم."
كانت إجابة قصيرة إلى حد مذهل، لكن بمجرد سماعها، وجدت بيري نفسها تشد قبضتيها دون وعي.
كبحر الليل الحالك هذا، لم تكن ترى حتى شبراً واحداً أمامها—
لكن فجأة، شعرت وكأن طريقاً ما قد انفتح أمامها.
'إن كان هذا الرجل…'
أجل… إن كان هو، فبإمكانه التعامل مع القرش.
فـعندما شعرت بقوّته، ألم تكن قد كادت تختنق لوهلة، حتى إنها تذكّرت القائد العام؟
'لا…'
سرعان ما صحّحت تفكيرها.
'ليس هو من سيعجز… بل القرش هو من لن يستطيع التعامل مع هذا الرجل.'
نعم. على العكس تمامًا، سيكون القرش هو العاجز.
فهذا الرجل، بلا شك، أقوى منها.
لكن، كان عليها أن تقول ما يجب قوله.
"عددهم كبير للغاية."
"أعلم."
"ثم إنهم قد يكونون جلبوا دعمًا خلفيًا، أو قوّات مساعدة أخرى."
"أعلم."
ولمّا قال كايل إنه يعرف كل ذلك، سألت بيري.
"هل يمكنكم التعامل معهم جميعًا؟"
"نعم."
اجاب كايل، ثم رفع كتفيه وسأل بدوره.
"لماذا تكرّرين السؤال نفسه؟ أليس الوقت يداهمنا الآن؟"
اوه...
عندها، شعرت الجنرال بيري بقشعريرة تسري في جسدها.
لأنها أدركت أن الرجل المقابل لها…
كان قد استوعب الموقف كلّه منذ اللحظة التي سألته فيها عن القرش لأول مرة.
"…سأردّ لكم الجميل حتمًا."
وعلى كلمات بيري، لم يجب كايل ورفاقه إلا بابتسامة.
'…….'
وأثناء مراقبتهم، شعرت بيري بشيء مريب.
'ما هذا؟'
بعض أفراد كايل الذين اتجهوا إلى سفينة القيادة بدلًا منها، كانت تعلو وجوههم علامات سعادة غريبة، كأنهم وجدوا لعبةً ممتعة أمام أعينهم.
عندها فقط أدركت—
أن جميع من مع كايل، دون استثناء، ليسوا بالهيّنين أبدًا.
فاتجهت بهدوء مع جزءٍ من قوات النخبة إلى المؤخرة.
'في النهاية، إمّا كلّ شيء أو لا شيء.'
لم تكن الجنرال بيري تهدف إلى مجرّد النجاة من الأزمة، بل كانت تمهّد في الوقت نفسه قاعدة لقلب مجرى المعركة.
ولهذا، أطفأت أضواء سفينتها كافّة، وانطلقت بصمت نحو الجزيرة رقم 19.
وعلى عكس سفن الحلفاء التي ابتعدت بأنوارها الساطعة…
اتخذت هي اتجاهًا آخر تمامًا.
"... رجاءً–"
أدارت رأسها نحو الضوء الباهر لسفينة القيادة، التي أصبحت الآن في قلب الأسطول.
"……."
وانقلبت ملامح بيري، واكتسى وجهها برودٌ قاسٍ.
'إن استطاع أولئك— ولو لثانية واحدة— أن يعيقوا حركة القرش… حتى إن لم يتمكنوا من هزيمته، وحتى لو خسروا في النهاية…'
فقد اصبح الطريق واضح.
كانت قد طلبت من كايل، إن ساءت الأوضاع ولم يتمكّن من إنقاذ إيفو، أن يسلّم له جملة واحدة.
'اترك الأمر لأختك.'
أرادت منه إيصال هذه الكلمات.
وكانت تحمل معنى واحدًا فقط.
'مُت.'
أي: حتى لو متَّ أنت، فأنا سأتولّى ما بعدك.
وكانت تعرف أن أخاها الصغير إيفو سيفهم المعنى فورًا—
ويمضي إلى الموت مع الرسالة.
"….."
لقد استعدّت بأقصى ما استطاعت لأسوأ الاحتمالات.
شوااااااااااه— (صوتٌ قويّ لتلاطم الأمواج)
شقّت بضع سفنٍ فقط المياه بسرعة.
ثم، في البعيد، هناك—
كواانغ! (صوت انفجارٍ بعيد)
وفي اللحظة التي دوّى فيها ذلك الصوت، أدركت بيري بحدسٍ حاسم.
'لقد التقوا.'
كايل ورفاقه قد واجهوا قوات الجزيرة رقم 19.
***
وكما قالت بيري—
شاهد كايل عددًا لا يُحصى من السفن يقترب من بعيد.
"يا للعجب…"
اندهش كايل بصدق.
شواااااه— (صوت تلاطم الأمواج)
شوااااااااااه— (صوتٌ قويّ لتلاطم الأمواج)
لم تستطع عيناه استيعاب المشهد بأكمله.
حقًّا، كانت أعداد هائلة من سفن القراصنة تتقدّم نحوهم بلا نهاية.
"…المركز هو الجزيرة رقم 19."
كما قال أحد أتباع بيري الذين تُركوا معه، كانت السفن التي ترفع راية الجزيرة رقم 19 تتقدّم في المقدّمة.
وكانوا يقودون الهجوم وفق تشكيلهم الخاص.
"هناك سفن بلا رايات في الخلف أيضًا؟"
عند كلمات الشيطان السماوي، خطر في ذهن كايل فورًا—
أن السفن المجهولة التي تبحر خلف أسطول الجزيرة رقم 19،
لا بدّ أنها القوى التي تدعم القرش من الظل.
"هه."
"هذا جنون."
فقد الجنود البحريون المستعدون للموت قدرتهم على الكلام عند رؤية سفن القراصنة المقتربة.
سفن قراصنة لا نهاية لها.
لو حاصروهم، فسيقعون في الأسر فورًا.
"السيد كايل، يجب أن نتفرّق."
قبل أن تتم عملية التطويق، ينبغي التشتت لخوض معارك فردية.
علينا خلق فوضى في ساحة القتال.
"لا."
لكن كايل هزّ رأسه ردًّا على كلام تابع بيري.
"بسفينة القيادة في المقدّمة، نتجمع معًا ككتلة واحدة."
ثم أشار بإصبعه إلى السفينة التي تتقدّم مباشرة خلف سفينة الجزيرة رقم 19 الأولى…
السفينة التي ترفع راية القرش.
"ونضرب سفينة القائد، سفينة القرش."
شواااااااه— (صوت تلاطم الأمواج)
شواااااه— (صوت تلاطم الأمواج)
كانت سفن القراصنة تقترب بسرعة متزايدة.
"كهاهاهاها! تلك العاهرة المجنونة ظهرت أخيرًا!"
"سيدي القائد! عدد قوات الأعداء مطابق لتوقّعاتنا!"
"كهاهاهاها! لا تتردّدوا! اندفعوا! طوّقوهم دفعةً واحدة واقتلوا بحّارة الجزيرة رقم 16 عن بكرة أبيهم!"
لأن خططهم كانت مرتّبة سلفًا، شقّت سفن القراصنة البحر بلا أي تردد.
وكان يمكن الشعور بزخمهم الكامل حتى وهم يشاهدون سفن القراصنة الأخرى تقترب أكثر فأكثر.
"السيد كايل! إن تجمعنا معًا—"
"كلا. يجب أن نتجمع لنبقى على قيد الحياة."
لم يكن لدى كايل أي نية لإقناع أتباع بيري.
بل أصدر أمره وحسب.
فَالوضع الآن جَدُّ طارِئ وملح.
"قائد هذه السفينة هو أنا."
"...امرك."
أغمض تابع بيري عينيه بإحكام.
تشواك! (صوت رفع العلم)
رُفع العلم، وسرعان ما تجمعت سفن الحلفاء.
"راون، الرياح!"
- فهمت، أيها الإنسان!
شواااااااااا— (صوت هبوب رياح قوية)
اصطفّت سفينة كايل القيادية في مقدمة الأسطول.
وبعد ذلك، تقدّم شخص ووقف أمام كايل—
لم تكن إلا ويتيرا.
كانت ترتدي زيّ الجنرال بيري، وتشدّ القبعة على رأسها لتخفي شعرها تمامًا،
وفي يدها سيف تمسكه بارتباكٍ واضح، وطريقة غير متمرسة.
"كوهاهاهاها!"
ضحك القرش ساخرًا وهو ينظر إلى الجنرال بيري الواقفة في المقدّمة.
"أتستهدفينني مباشرةً!"
لقد فهم تمامًا ما يدور في ذهنها.
حتى لو حاولوا الانتشار، وحتى لو أثاروا معركة فوضوية، ففي النهاية لابد أن بيري أدركت أنّ الحسم سيكون في قتالها المباشر معه.
"حسنًا! ممتاز!"
أصدر القرش أوامره وهو يحدّق في الأسطول المتقدّم.
"ارفعوا الراية!"
"أمرك!"
تشواك! (صوت رفع العلم)
رفعت السفينة الراية، وفي اللحظة نفسها نفخ المكلّف بالإشارة في البوق.
بّوووووووو— (صوت بوق عالٍ)
تحرّك أسطول القراصنة فورًا،
وأخذ يلتف حول القوات البحرية المتقدّمة كالهلال الذي يطوّق رأس سهمٍ مندفع.
وبينما كان ذلك يجري بانضباطٍ شديد، لم يكن جنود الأسطول ينظرون إلا إلى سفينة القيادة في المقدّمة، وهم يحبسون أنفاسهم.
فالجميع —باستثناء طاقم سفينة القيادة— كان يعتقد أنّ القائدة على متن تلك السفينة.
ولذلك كانوا يتقدمون بثقة، مُعتمدين على سيدتهم الجنرال.
نظر القرش إلى الأسطول المتقدم، وارتسمت على شفتيه ابتسامة عريضة.
ثم، وهو يتأمّل سفينة قيادة الجنرال بيري التي كانت تقترب، من خلف السفينتين الأماميتين اللتين تحميان سفينته، سفينة القيادة، فتح فمه وأمر.
"جميعًا، استعدوا للهجوم!"
ثم رفع المنظار وحدّق مرّة أخرى في سفينة الجنرال بيري.
رأى الجنرال بيري ترتدي الزيّ الرسمي—!
"هاه؟"
في السابق، كانت المسافة بعيدة إلى حدٍّ لم يُتح له رؤيتها بوضوح.
ووجهها لم يكن ظاهرًا بسبب القبعة، لكن الآن...
"السيف…"
كانت طريقة إمساكها للسيف غريبة.
لا، هذا لا يشبه الجنرال بيري.
فباعتبارها خصمته اللدودة طوال حياته، كان القرش يعرفها أكثر من أيّ شخصٍ آخر.
"!"
في تلك اللحظة أدرك القرش الأمر فورًا.
تلك العاهرة المجنونة التي تتظاهر بالجدية دائمًا— ما الخدعة التي تستخدمها الآن؟!
"إنها مزيفة!"
أدرك على الفور أن التي هناك ليست بيري، ليست القائدة الحقيقية.
"كيف تجرئين أيتها المجنونة!"
أن تلجئي إلى خدعة كهذه!
لا بدّ أنّها وضعت دميةً في المقدّمة، واختبأت هي في الخلف!
لكن، ومع ذلك…
كل سفنها باتت محاصَرة بالفعل!
حين ظهر الغضب والاحتقار، مع لمحة خافتة من القلق، على وجه القرش، سأل أحد أتباعه.
"أيّها قائد! ما الأوامر؟"
"تقدموا!"
لا يزال يجب الاندفاعُ إلى الأمام عَلَى كل حَال.
فقد اندفعت قوّاتهم كسِهامٍ نحو سفننا المُنتشرة كَالهلال،
ولكسر تلك السهام، علينا شنّ هجومٍ شامل!
بّوووووووو— (صوت بوق عالٍ)
لم يتغيّر شيء!
بينما كان ينظر إلى السفينتين الأماميتين لحلفائه تتجهان نحو سفينة القيادة المزيفة، اشتعلت عينا القرش بشدة.
"اقتلوهم جميعًا!"
اليوم، سيقتل الجنرال بيري، ويستولي على هذا البحر!
أنا وحدي سأكون سيّد هذا المكان!
سأغرقهم جميعًا في البحر!
"اقضوا عليهم جميعًا!"
وفي اللحظة التي أطلق فيها القرش أمر بدء الهجوم الشامل—
"آرتشي."
وصل إلى أذنه فجأة صوتٌ مرتفع.
كان الصوت المُضخم بالسحر، عميق.
صوتٌ هادئ، منخفض، كأنّه همسٌ…
هبط على سطح البحر القريب.
"آرتشي. الآن يمكنك أن تفعل ما تشاء."
وفي تلك اللحظة تحديدًا، لحظة إصدار أمر الهجوم الشامل—
كووووونغ! (صوت اصطدامٍ عنيف)
اهتزّ جسد القرش، الذي كان واقفًا على ظهر سفينة القراصنة القيادية، بعنفٍ مفاجئ.
"كغ…!"
أفلت منه أنين مكبوت، إذ شعر بضربةٍ هائلةٍ تصيب السفينة فجأة.
لكن قبل أن يتمكّن من استجماع قواه أو التحرك—
كووووونغ! (صوت اصطدامٍ عنيف)
اهتزت السفينة بشكل مفاجئ مرة أخرى.
ثم اندفع شيءٌ ما من البحر إلى الأعلى،
ونزل بقوة على سطح السفينة، محطمًا ألواحها.
كرررررش! (صوت تحطّم)
والكائن الذي هبط محطّمًا سطح السفينة—
كان آرتشي.
"كهاهاهاها! سأُحطّم كلّ شيء! أيّها القراصنة الأوغاد، اعرفوا أن اليوم يومُ ضربكم المبرح! كهاهاهاهاهاها!"
ضرب الحوت القاتل، آرتشي، قبضتيه بقوة، ضاحكًا بحماس هستيري.
"كوهاهاهاها!"
ثم هوى بقبضته على سطح السفينة.
كرررررش! (صوت تحطّم)
بدأ آرتشي في تحطيم السفينة أولاً.
وبالطبع بدأ بتحطيم القراصنة الموجودين حوله أيضًا.
باام! (صوت لكمة قوية)
"كراااخ!"
بوووم! (صوت ارتطام جسدٍ بعنف)
"كآااخ!"
بانغغ! (صوت ضربةٍ مدوّية)
"أوووغ!"
انفجر آرتشي ضاحكًا بعدما انتهى انتظاره الطويل.
"كوهوهاهاهاهاها!"
وفي هذه الأثناء،
بينما كان القرش يراقب المشهد، سمع صوتًا مرتجفًا خلفه.
"س-سيدي القائد! السفينة القيادة المزيّفة—!"
صرخ التابع بعجلة.
"إنها تنشر الضباب! الضباب يتدفّق من سفينة القيادة المزيّفة! وهو ضبابٌ أحمر أيضًا!"
ضبابٌ بلون الدم اندفع من سفينة القيادة التي عليها كايل.
كان ضبابًا أشدّ كثافة وأكثر قوة من ذلك الذي غطّى بحر مملكة راون.
.
.
.
الفصل الجاي يوم الخميس.
.
.
.
نادي الروايات - ترجمة وتدقيق: White.Snake.96