بسم الله الرحمن الرحيم


- حدود الحاجز / غابة بيلدون

وصلت حشود الفرسان البيض والمغامرين وكذلك الجنود إلى حدود الحاجز فتوقفوا وترّجلوا من على متنها بأسرع ما لديهم, كان هناك بعض الجنود الذين ماتوا من النزيف داخل الحاجز بينما البعض الأخر لا يزال على قيد الحياة وهو يقاتل الأموات الأحياء لحماية الناجيين الذين يحاولون شقّ طريقهم لدخول الحاجز.

أستل نيرغان سيفه بسرعة إستعداداً للقتال قبل ان يخرج من الحاجز ويلوّح بسيفه على هيكلٍ عظمي متحرك بيده سيف ليقطع رأسه, من دون سابق إنذار حاول أحد الزومبي من الناجيين الذين ماتوا مؤخراً مهاجمة نيرغان من الخلف, نيرغان أنتبه إلى هذا الزومبي من الصوت المزعج الذي يصدره وبسرعة ألتفت إلى ناحيته ولوّح بسيفه المعزز هذه المرة بالضوء السحري عليه ليقطعه بجرحٍ مميت فمات الزومبي مُباشراً وتساقطت دماء جسده الميت على الأرض لتصبغها.

في المعتاد لا يموت الزومبي إلا بإصابةٍ مميتةٍ في رأسه ولكن بواسطة الضوء السحري فأيّ أصابة قد تعتبر مميتة إذا كان الميت الحي ضعيفاً وكان مستعمل الضوء قوياً, نظر نيرغان في الأنحاء ليعرف الأوضاع فرأى العديد من الفرسان البيض والمغامرين يقاتلون شتى أنواع الأموات الأحياء بينما كان الجنود يحاولون مساعدة بعض الناجيين الذين لا زالوا على قيد الحياة.

أنطلق نيرغان للأمام ليبتعد أكثر عن الحاجز في محاولةٍ للبحث عن المزيد من الناجيين ولكنه صادف مجموعةً من الأمبز الميتة الحية, هذه المخلوقات صغيرة لا يتجاوز طولها حجم اليد البشرية وتتميز خطورتها بوجودها في مجموعات بالإضافة إلى هجماتها من الكرات النارية ومخالبها الحادة كالسيوف.

هاجمت بعض الأمبز الميتة الحية نيرغان بالكرات النارية بينما البعض الأخر أندفع ناحيته ليهاجموه بمخالبهم بعد أن قفزوا عالياً فما كان على نيرغان سوى تعزيز جسده بقوة الضوء السحري لتحصينه من الكرات النارية والتلويح بسيفه لصدّ هجمات مخالبهم وقطعهم إلى نصفين.

تلقى نيرغان معظم هجمات الكرات النارية ولكن بسبب تحصينه لجسده فقد أنخفضت قوتها لتصبح بقوة لكمة شخصٍ عادي, حاولت الأمبز الهجوم من جديد على نيرغان ولكنه هذه المرة تحرك من مكانه ولوّح بسيفه عليهم جميعاً فتلطخت الأرض وكذلك سيفه بقطراتٍ من دمائهم.

لمح نيرغان بعد ذلك جسداً متفحماً لأحد الناجيين قبل أن يموت بهجوم الأمبز الميتة الحية عليه, أقترب نيرغان من هذا الجسد لكي يتفحصه فإذا به يتحرك ليهاجم نيرغان الذي بحركةٍ سريعة طعنه في رأسه وبالتحديد عند منطقة العقل دون إستعمال قوة الضوء السحري.

شعر نيرغان بالأسف لعدم تمكنه من إنقاذ هذا الشخص قبل أن ينظر بالأنحاء فرأى بعض المغامرين والفرسان البيض قد وصلوا إلى هذا الحد بعيداً عن الحاجز ولكن يبدو أن البقية بالقرب منه أو عادوا إلى داخله, حاول نيرغان الإبتعاد أكثر فإذا به يصادف كلباً ميتاً حياً وهيكلياً عظمياً متحركاً أخر مع مجموعةٍ من الزومبي.

من دون إضاعة وقت قضى نيرغان عليهم جميعاً وقد أصبح سيفه ملطخاً أكثر بدمائهم غير أنه شعر بالضيق لعدم تمكنه من العثور على ناجٍ حي واحد! تمنى نيرغان بأن يكون معظمهم قد وصلوا بالفعل إلى بر الأمان غير أنه أراد التأكد من أنهم لم يتركوا شخصاً بالخلف أو أن هناك شخصاً يحتضر بالقرب منه.

أستمر نيرغان بالإبتعاد أكثر فأكثر وهو يقاتل المزيد من الأموات الأحياء قبل أن يضيق صدره للغاية فصرخ بأعلى ما لديه قائلاً : "هل هناك أي شخصٍ بحاجةٍ إلى المساعدة هنا؟!".

لثقته في قوته كفارسٍ أبيض, كان نيرغان على إستعدادٍ تام لمواجهة عددٍ كبير من الأموات الأحياء الذين سيندفعون إلى مكانه بعد أن سمعوا صوته ولكن كل هذا من أجل سبيل إنقاذ روحٍ واحدة على قيد الحياة من لعنة الأموات الأحياء.

لسوء الحظ, لم يجب أي أحدٍ على نداء نيرغان ولكن الغريب في الأمر أن المكان قد أصبح هادئاً, حرك نيرغان رأسه ونظر في الأنحاء فلم يجد ميتاً حياً واحداً أو حتى أحداً من حلفاءه فسأل نفسه إذا كان قد أبتعد للغاية عن الحاجز؟ هل أبتعد أكثر مما توجب عليه؟

فجأة أحس نيرغان بطاقةٍ مُظلمةٍ قوية تنبعث من مكانٍ قريب, كانت طاقةً مُظلمةً قوية لم يشعر بها من قبل في حياته, تمنى نيرغان أن تكون هذه طاقة قائد الأموات الأحياء جميعاً فبهزيمته ستنتصر البشرية إنتصارها الأول الكبير من سلسلة إنتصارات متتالية كبيرة على قوى الأموات الأحياء.

أندفع نيرغان بتهور ناحية مصدر هذه الطاقة المظلمة وعندما وصل وجد صاحبها, تقشعر بدن نيرغان قليلاً عندما رأه وإزدادت سرعة نبضات قلبه, كان فارساً من الأموات الأحياء يرتدي دروعاً ذات لونٍ أسود وغمد سيفه مربوطٌ بحزامه وشعره أبيض وهو يمتطي حصاناً ميتاً حياً وجسده يبدو كجسد الزومبي وفي الوقت ذاته مختلفاً عنهم.

تماماً كالزومبي كان لا يزال جزءاً كبيراً جداً من جسده يحتفظ بلحمه, ولكن على عكس الزومبي فهو لا يصدر صوتاً ويبدو بطريقةٍ ما واعياً بما يفعله, كان بهذه الطريقة يبدو مثل شخصٍ لا يزال على قيد الحياة ولكنه ليس كذلك.

كانت تعابير وجه الفارس الميت الحي تبدو كما لو أنه يبحث عن شئٍ ما ولثقة نيرغان المفرطة في قوته لم يتراجع بعد أن رأه ليخبر حلفاءه بل قرر التعامل معه بنفسه وخطته الحالية هي مهاجمته عندما يرخي دفاعه تماماً, سحب هذا الفارس الميت الحي سيفه وهو لا يزال على حصانه ثم نظر مباشراً بإبتسامةٍ ضاحكةٍ مرعبة ناحية نيرغان الذي كان قد أخفى جسده بين الأشجار والشجيرات لمراقبته وفي الوقت ذاته وقف الحصان على رجليه الخلفية إستعداداً للركض.

أدرك نيرغان فوراً بأنه قد كشف فإندفع هو والفارس الميت الحي نحو بعضهما فتصادمت سيوفهما بقوةٍ شديدة للحظات قبل أن يصبحا في الجهة المعاكسة من المكان لبعضهما, لم تكن قوة الفارس الميت الحي غير متوقعةٍ لنيرغان فبعد كل شئ على القائد دائماً أن يكون قوياً.

إندفع نيرغان والفارس الميت الحي نحو بعضهما مرةً أخرى وتماماً مثل المرة الأولى أستعمل نيرغان قوته الكاملة غير أن هذه المرة عندما تصادمت سيوفهما تمكن الفارس من تحطيم سيف نيرغان إلى قطعٍ صغيرة وبسبب قوة هذا التصادم سقط نيرغان على الأرض بينما أستمر الفارس بالتقدم إلى أن أصبحا مرةً أخرى على بضعة مسافة.

من دون سيفه كان على نيرغان أما الهرب أو أستعمال يده في القتال وقبل أن يتمكن من التفكير في شئ أمتلئ المكان بصوت ضحكات الفارس الميت الحي والذي أبتسم إبتسامةٍ ضاحكةٍ شريرة ثم قال : "أن أردت الهروب فالتفعل الأن! سأستمتع بمطاردتك كما فعلت مع بضعةٍ من فرسانكم البيض!".

"أيها الحقير القذر!".

قالها نيرغان قبل أن يندفع بغضبٍ شديد وهو يعزز جسده بالضوء السحري ناحية الفارس الميت الحي الذي ركض بحصانه ناحيته فأخترق سيفه صدر نيرغان ووصل إلى الجانب الأخر! تساقطت دماء نيرغان من على جسده وسيف الفارس الذي قال بعد أن أختفت إبتسامته : "يا للخسارة! ..*يتنهد*.. هناك فرق بين الحماقة والشجاعة, أنا لن أخبرك بأن قرارك كان أحمقاً, بل سأخبرك بأن قدومك إلى هنا في الأصل كان حماقة! ولسوء الحظ لن أستمتع معك في لعبة المطاردة".

كانت الدماء قد بدأت بالخروج من فم نيرغان وكانت الأرض من تحته قد صبغت بالدماء الذي لا تزال تستمر بالخروج من جرحه بغزارة! بدأ الفارس الميت الحي بتعزيز سيفه الذي لا يزال مخترقاً صدر نيرغان بقوة الظلام التي بدأت تدخل جسد نيرغان من أجل تحويله إلى ميتٍ حي.

حاول نيرغان المقاومة بما تبقى لديه من قوة الضوء السحري ولكنها تلاشئت فحاول المقاومة جسدياً وتعابير وجهه ممزوجة بين الغضب والألم فقال الفارس بنبرةٍ عدائية : "أين هو ضوئك السحري الأن؟ لقد تخلى عنكم جميعاً لتموتوا! أستسلم ولتصبح واحداً منّا! لا تقلق, لن تكون زومبي أو أيّا من الأموات الأحياء الدنيئين, ستكون مثلي, سيكون هناك العديد من الأموات الأحياء تحت سيطرتك! فالتنضم إلي كما أنضم زملائك الذين ماتوا في هذا المجد الأبدي!".

أستمر نيرغان بالمقاومة الجسدية ولكنه كان قد بدأ يضعف شيئاً فشيئاً وهنا عرف أن الأمر ليس سوى مسألة وقت قبل أن يصبح ميتاً حياً! ولكن مع ذلك أستمر نيرغان أيضاً بالمقاومة وهو لا يرغب بأن يصبح واحداً منهم وفجأة أخترق سيفٌ جسد الفارس الميت الحي من ناحية قلبه!

ما أن حصل هذا حتى أصبحت تعابير الفارس متفاجئةً للغاية ثم قال : "مستحيل! كيف يحصل هذا؟!".

"من الجيد أنه يمكن أستعمال تعويذة ( إخفاء الحضور ) لتسلل من خلفكم أيّها الأموات الأحياء!".

قالها أوزمور وهو الشخص الذي طعن الفارس الميت الحي من الخلف ثم سحب سيفه فسقط الفارس من على متن حصانه الميت الحي الذي أصبح هائجاً قبل أن يطعنه أوزمور مباشرةً بأقوى ما لديك بعد أن عزز سيفه بالضوء السحري فمات الحصان الميت الحي أيضاً وسقط على سيده.

بعد سقوطهما أنتبه أوزمور إلى صديقه المحتضر نيرغان والسيف الساقط على الأرض أمامه لا يزال مخترقاً جسده الضعيف, أنصدم أوزمور من حال صديقه المقرب وسارع بنزع السيف من صدر نيرغان ثم قام بجعله مستلقياً على الأرض قبل أن يجلس ويحاول إلقاء أقوى تعاويذ العلاج التي لديه وهو لا يريد تصديق إحتضار صديقه المقرب.

لم تفلح محاولات إلقاء أقوى تعاويذ العلاج على جسد نيرغان فإصابته مميتة دون أدنى شك ولكن أوزمور أستمر في إلقاء تعاويذ العلاج فأوقفه نيرغان قائلاً وهو يتحدث بصعوبة : "لا بأس, منذ اللحظة التي تخلى عني الضوء أدركت بأنني ميتٌ لا محالة! أوزمور, فالتقتلني قبل أن أصبح ميتاً حياً".

"ما الذي تقوله؟! الضوء السحري لن ولم يتخلى عن أحد! ألم أخبرك ذلك اليوم في مبنى الفيلق؟".

قالها أوزمور أثناء إلقاءه لأحد تعاويذ العلاج ولكن لم يتغير شئ فتوقف ثم طلب منه نيرغان من جديد أن يقتله بسرعة قبل أن يتحول إلى ميتٍ حي, بترددٍ شديد أمسك أوزمور بسيفه ثم قال : "كلا, على الأقل سأنتظرك لتصبح ميتاً حياً أن أردتني أن أقتلك, إلى ذلك الحين سأبقى معك إلى أخر لحظة في حياتك!".


يتبع...

2018/08/30 · 400 مشاهدة · 1450 كلمة
Kranel_san
نادي الروايات - 2024