بسم الله الرحمن الرحيم


- خارج الحاجز / غابة بيلدون

حاول نيرغان أن يقول شيئاً لصديقه أوزمور ولكن قبل ذلك أرتفع جسده عن الأرض وظهرت من حوله حلقتان سحريتان من تعويذةٍ سحرية قوية فشعر نيرغان بالألم الشديد فوراً, نهض أوزمور بسرعة من مكانه وهو حائرٌ للغاية من الذي يحصل لصديقه فبدأت الحلقتان السحريتان بالإنكماش حتى أختفتا داخل جسد نيرغان قبل أن يعود جسد نيرغان على الأرض وهو مغمى عليه فسمع أوزمور صوت سقوط جسدٍ خلفه.

بسرعةٍ إلتفت أوزمور للخلف ناحية الصوت فكان الساحر الغامض الذي ظهر داخل قاعة الإجتماعات الملكية بشحمه ولحمه يجثو على ركبةٍ واحدة بينما يجلس على قدمه وهو يتمسك بعصاه بشدة بينما رأسه مغطى بغطاء رأس من ثوبه, أمسك أوزمور بكتف الساحر الغامض وقال : "ما الذي فعلته لصديقي؟! هيّا تكلم!".

"لا تقلق".

أجابه الساحر الغامض وهو يحاول إلتقاط أنفاسه بينما هو ينظر إلى الأرض فقال أوزمور بصوتٍ أعلى عن المعتاد : "أخبرني ما الذي فعلته لصديقي؟!".

"ألم أخبرك بألا تقلق؟ لقد ختمت طاقة حياته بأحد أقوى تعاويذ الختم التي لدي, بهذا الشكل لن تفنى طاقة حياته وسيظل نوعاً ما على قيد الحياة ولكن في الوقت ذاته, سيظل نوعاً ما ميتاً حياً!".

قالها الساحر الغامض وهو لا يزال ينظر إلى الأرض فأنصدم وتعجب أوزمور من الذي سمعه ثم قال : "ما الذي تقصده بكلامك؟".

"لكل منّا طاقة حياة, عندما تُفنى هذه الطاقة فإننا نموت, بالنسبة للأموات الأحياء فالبديل هو طاقة الموت وعندما تفنى فهُم أيضاً يموتون بشكلٍ نهائي, ما قمت به هو ختم ما تبقى من طاقة حياة صديقك وهذا لم ولن يكون بالشئ السهل حتى على كبار سحرتكم! طاقة الموت تلتهم طاقة الحياة مثلما تلتهم النيران الأشجار ولكن الختم سيحافظ عليها من الفناء, غير أن هذا الختم سيدمر وستفنى ما تبقى من طاقة حياته إذا أصيب صديقك في قلبه بإصابةٍ مميتة, من خلال ما تبقى من طاقة حياته المحفوظة داخل الختم سيتمكن صديقك من التحكم تماماً بجسده الذي أصبح جسد ميتٍ حي, لعلّه يوماً ما يجد طريقةً لإزالة طاقة الموت من جسده, عندما يحدث ذلك سيفتح الختم من تلقاء نفسه لتجدد طاقة حياته من جديد, مثل المريض الذي يتعافى".

قالها الساحر الغامض موضحاً كل شئ فقال أوزمور الذي ما زال متعجباً بعض الشئ : "أنا لا أفهم, لماذا لا نستعمل قوة الضوء السحري لإزالة طاقة الموت هذه؟ الضوء السحري يمكنه فعل أي شئ!".

"الضوء السحري ليس بإمكانه فعل أي شئ, أنه كالقوة الجسدية, هناك حدودٌ له! كما أنني أعتقد بأنك تعرف ماذا يفعل الضوء السحري للأموات الأحياء, أستعمله على صديقك وسيتضرر جسده كما لو أنك تطعنه بجروحٍ جسدية, دعه يمر عبر حاجز الضوء السحري وسيحول جسده إلى رماد مثل باقي الأموات الأحياء الذين حاولوا تخطيه, على صديقك البقاء هنا في الخارج والبحث عن طريقةٍ أمنة لإزالة طاقة الموت من جسده دون ضرر".

هذا ما أجاب به الساحر الغامض على أوزمور الذي لم يصدق ما سمعه ثم قال بعد لحظةٍ من الصمت : "إذاً كيف سينجو نيرغان هنا خارج الحاجز؟ كيف سيعيش؟! هذا سيكون جحيماً له!".

"هذه الكارثة بأكملها عبارة عن جحيم!".

قالها نيرغان الذي أستيقظ من غيبوبته القصيرة وسمع جزءاً من الحديث قبل أن ينهض فأنتبه هو وأوزمور إلى تغيرات جسده الجديدة, لقد أصبحت بشرته شاحبة تماماً وعروقه أصبحت أكثر وضوحاً وباللون الأسود وبدلاً من طاقة الضوء السحري الذي كان يشعر بها سابقاً وهي تسري عبر جسده أصبح الأن يشعر بطاقة الظلام المتمثلة بطاقة الموت.

ما أن وقف على قدميه حتى أبدى نيرغان تفاجئه وأنصدامه تماماً مما حلّ بجسده بدءاً بالنظر إلى كلتا يديه, لقد أصبح هو الشئ الذي حاربه خلال الأسابيع الماضية, أحس أوزمور بألمٍ وحزنٍ وضيقٍ شديد في صدره ولم يعرف ماذا يقول.

أنتبه نيرغان فوراً إلى الثقب الموجود في صدره بسبب سيف الفارس الميت الحي ثم حاول لمسه فتأكد تماماً بدون شك بأنه ميتٌ حي, قاطع الساحر الغامض هذا الصمت الحزين بقوله : "حيال جرح صدرك هذا, يعالج الأموات الأحياء أصابتهم مهما كانت خطورتها على الجسد الحي بتناول اللحم! ..*أنصدم نيرغان وأوزمور بشدة مما قاله*.. ولكن هناك طريقةٌ أخرى لأنين متأكد بأن هذه الطريقة الوحشية لم تعجبكم, بالنسبة كميتٍ حي فإن طاقة الموت هي ضوئك السحري الجديد! بإستعمال تعويذة علاج مبنية على طاقة الموت فأنك تستطيع علاج جسدك وجسد أي ميتٍ حي, ولكن بالطبع سيحدث العكس لو أستعملتها على الأجساد الحية".

لم يقل نيرغان شيئاً وأستمر بالنظر في ثقب صدره وهو مشوش حتى قال أوزمور بعد لحظة بصعوبة وقد تقبل الواقع : "فالتفعلها يا نيرغان, لا يوجد هناك خيارٌ أخر".

أستغرق نيرغان بضعة لحظات طويل وصامتة حتى تقبل الواقع وقرر أستعمال طاقة الموت لأول مرةٍ في حياته لكي يعالج ثقب صدره, بدأ أولاً بتعزيز يده بطاقة الموت قبل أن يلقي أحد تعاويذ العلاج التي يعرفها على ثقب صدره الذي بدأ بالإلتئام بعد ذلك, قام بإلقاء تعويذة العلاج هذه تماماً كما كان يقوم بإلقاء تعاويذ العلاج المبنية على الضوء السحري أثناء حياته.

أستغرق الأمر طاقةً كبيرة ووقتاً طويلاً حتى تمكن نيرغان من أغلاق ثقب صدره فسقط على الأرض وهو متعبٌ للغاية ويتنفس بصعوبة, في هذه اللحظة أحس نيرغان بأنه أضعف بكثير من ذاته السابقة فقال أوزمور بقلق : "هل أنت بخيرٍ الأن؟ لا تضغط على نفسك".

"على عكس ذاتك السابقة, أنت أضعف بكثير وستموت من جديد وبسرعة إذا واجهت أيًّا من الأموات الأحياء الأقوياء, لحسن حظك أن جسدك الميت الحي أصبح يمتلك العديد من القدرات الجديدة التي ستساعدك على البقاء حيًا هنا في الخارج, أنت لن تجوع ولن تحتاج للتنفس, كما أنك لن تمرض أو لن تتقدم بالعمر, وعلى عكس الأحياء فأنت تصبح أكثر قوةً تلقائياً بهزيمة الأموات الأحياء لأن جسدك يمتص جزءاً من طاقة الموت خاصتهم!".

قالها الساحر الغامض وهو لا يزال مستمراً في إخفاض رأسه للأسفل فأنبهر نيرغان وأوزمور من هذه القدرات المذهلة, وقف نيرغان من جديد على قدميه ثم قال : "حسناً هذه القدرات مذهلةٌ حقاً, وسأكون سعيداً لو حصلت عليها وأنا على قيد الحياة ولكن على كل حال, كل ما أفتقده الأن لكي أعود للقتال هو درعٌ فاخرٌ جديد بما أن الذي أرتديه قد تحطم بسبب هذا الفارس الميت الحي ..*ينظر ناحية أوزمور*.. هل تستطيع أحضار درعٍ جديد لي من المدينة؟ سأكون ممتناً لك".

"لا تقلق حيال هذا".

قالها الساحر الغامض قبل أن يقول أوزمور شيئاً ثم رفع يده اليسرى ناحية نيرغان ليُلقي تعويذةً أخرى, ظهرت حلقةٌ سحرية زرقاء حول جسد نيرغان فبدأت دروعه تستبدل بدرعٍ أخر جديدٍ كلياً ثم تابع الساحر الغامض كلامه خلال هذه الأثناء : "لقد أثبت قوتك وأستحقاقك أكثر من الأخرين, لهذا السبب سوف أئتمنك هذا الدرع لكي تستعمله في الحرب ضد الأموات الأحياء".

أختفت الحلقة السحرية بعد لحظات وقد أستبدل درع نيرغان القديم بواحدٍ جديد تماماً, كان درعه الجديد مصنوعاً من معدنٍ أسود يبدو صلباً للغاية ويغطيه من أدنى قدمه إلى أعلى رأسه دون فواصل والجزء الوحيد الظاهر من جسده كانت عيناه لكي يتمكن من الرؤية.

لسببٍ ما عندما حرك نيرغان جسده وبالتحديد يده لم يشعر بأي ثقل كما لو أنه لا يرتدي شيئاً ثم أنتبه إلى وجود خطان مرتفعان دائريان ينتهيان بفتحتين صغيرتين عند معصمه في كلا ذراعيه فقال الساحر الغامض : "صناعة هذا الدرع لم تكن بالشئ السهل أبداً كما أنه أحتاج للسحر من أجل إكماله, لابد أنك لاحظت أنعدام وزنه فهذا بسبب أحد التعاويذ بالإضافة إلى أن ذلك الثقبان اللذان تراهما على كل ذراع تستطيع التحكم بهما من خلال عقلك! أحد هذه الثقوب على كلا الذراعين سيخرج نصلاً هزيلاً ولكنه حادٌ للغاية وسيكون معززاً بطاقة جسدك وفي حالتك هذه سيكون معززاً بطاقة الموت خاصتك, الثقبان الأخران سينطلق منهما حبال لكي تستعملها أن أردت التعلق بالأشجار أو سحب أحد الأموات الأحياء إليك".

أستمر نيرغان بتحريك جسده بينما هو يستمع إلى حديث الساحر الغامض ثم أقترب أوزمور وتحقق منه فأندهش من صلابته ثم سأل : "من هو الحداد الذي صنع هذا الدرع؟ بضعة دروعٍ كهذه لأفضل رجالنا ستكون مفيدةً للغاية في القتال ضد الأموات الأحياء!".

"ألم أقل بأن صناعته لم تكن بالشئ السهل أبداً؟

قالها الساحر الغامض فردّ عليه أوزمور قائلاً : "هيّا رجاءاً أخبرنا! أنا وجميع الفرسان البيض أن لم تكن المملكة بأكملها سنفعل أي شئٍ مهما كلف الأمر من أجل صناعة دروعٍ كهذه!".

أختفى الساحر الغامض بعد أستعمال لتقنية الأنتقال الأني دون تحريك جزءٍ من جسده ودون الرد على أوزمور الذي أحس بالإحباط فأمسك نيرغان بكتفه ثم قال : "فالتعد الأن إلى داخل الحاجز, البقاء هنا في الخارج خطيرٌ عليك, أنت لا تزال لديك حياةٌ لتعيشها".

ألتزم أوزمور الصمت لبضعة لحظات قصيرة قبل أن يعتزم أمراً ويقول : "حسناً سأعود, ولكنني أعدك يا نيرغان بأنني سأبحث عن طريقةٍ لكي أرجعك إلى سابق عهدك! لذلك فالتبقى على قيد الحياة.. أو سليماً إلى ذلك الحين".

"سأفعل حتى لو لم تخبرني بذلك".

قالها نيرغان قبل أن يذهب أوزمور في طريقه للعودة إلى الحاجز فأنتبه نيرغان بعد ذلك إلى جثة الفارس الميت الحي المجاورة له.


ولا يزال سيف الفارس سليما.

2018/08/30 · 377 مشاهدة · 1374 كلمة
Kranel_san
نادي الروايات - 2024