وهكذا انقضت الأيام القليلة المتبقية، ثم بدأت الوفود بالتوجه للمدرسة المليكة والكثير من الطلاب الجدد ليختبروا قدراتهم وليلتحقوا بهذه المدرسة العريقة، التي لطالما طلع منها عباقرة السحر و المحاربين الأشداء، وأما قاسم فقد اندهش بعدما توقفت العربة التي كانت تقله وميار، وقف يحدّق في تلك الأبواب الفولاذية الكبيرة العريضة، المرصعة بجواهر عدة، ولوهلة شعر وكأنه يقف أمام بوابة تصله بعالم آخر غير الذي يعرفه، فقد كانت الأبواب شامخة وقد كان بالنسبة لها كطفل ينظر لجبل شاهِق، ولوهلة سرح بتفكيره حتى خاطبته ميار

:-لك كل الحق أن تدهش هكذا، فأنا مثلك عندما زرتها للمرة الأولى بصحبة أبي عندما أتى لزيارة صديق له"

:-متشوق للعالم الجديد يا ميار، أريد أن يتردد صدى اسمي في كل مكان، أريده أن ينقش على هذه البوابة العملاقة!"

وما إن انتهى من كلامه حتى تحدث الشاب الذي ظهر فجأة بالقرب من قاسم وبالتحديد من جانبه الأيسر

:- سوف نرى من يصل للقمة أولاً!"

ثم التفت قاسم ليرى صاحب الصوت المألوف :- يزن...."

:-أووه!.. جميل أنك تتذكر اسمي!"

"لن أنسى اسم رجل قطعت وعداً معه"

:- إذن سوف أكون في انتظارك"

ثم لمح ميار الواقفة بجانب قاسم وهمس بقوله "جميلة" ولم يسمعاه جيداً، وبعدها اختلط بالحشد ولم ينتظر الرد

ميار كانت تنظر في وجه يزن منذ اللحظة التي تحدث فيها، وعلامات التعجب قد ملأت وجهها، ثمّ لوت حاجبيها وضاقت عينيها قليلاً، كمن أجبر نفسه على التركيز وتذكر شيء قد يكون غفل عنه..

:- لا أذكر بأني رأيت هذا الفتى سابقاً ولا أعتقد بأنه عندك صديق غيري!"

:- التقيته مرة وبسبب الظروف عاهدت نفسي أن أتغلب عليه وإلا لن أكمل التدريب في هذه المدرسة!"

:- تتحدث وكأنك قُبلت فيها، يالك من مغرور!"

:- بالطبع بالطبع سيتم قبولي، أنا العبقري رقم واحد"

:- وضعك ميؤوس منه، أتمنى حقاً أن تبلي جيداً!"

:- أيتها الحمقاء لا تنظري عليّ بنظرة الشفقة"

كانت ميار تريد الرد ولكنها توقفت عندما سمعت ذلك الصوت الذي أسكت كل الحشود المجتمعة

"سوف يبدأ الاختبار الأول، عندما تفتح البوابة، لا توجد شروط، عليكم بتجاوزها فقط، ومن يشعر بأنه لا يستطيع أن يكمل، عليه أن ينسحب وإلا سحقت عظامه"

ثم فُتحت البوابة العظيمة وبدأ الجميع يشعر بضغط شديد جداً، لدرجة أن بعضهم قد انسحب وبقي ما يقارب ألف ونصف من الشباب الشجعان، تحمس قاسم وأراد أن يدخل البوابة بيد أن ميار أمسكت يده وبصوت خافت قالت له أن ينتظر دخول أناس قبلهم، على الأقل قد يجدوا طريقة لمقاومة الضغط الرهيب الذي يحيط بالمدخل، بدأ الشجعان بالدخول ولكن أكثرهم لم يستطع المقاومة أبداً ومنهم من أغمي عليه، مما استدعى حضور بعض المشرفين لأخذهم من البوابة لكي لا يسحقهم ذلك الضغط... حتى الآن لم يستطع أحد الدخول وقد خرج ثلاث مآئة شاب من المنافسة، وبعدها بدأ بعضهم بالدخول تدريجيا ومن إن دخلو حتى استلقو من شدة التعب الذي نال منهم، وهنا شارف المشاركين على الانتهاء وزاد عدد الذين فشلوا ولم يتبقى سوى ثلاثة أشخاص فقط، يزن وقاسم وميار، تقدم الرجلان أولاً ونظر قاسم في وجه ميار وأخبرته بأنها ستكون آخر من يدخل...

ثم فعل قاسم درع المانا الذي كان يتدرب عليه، وفي الجانب الآخر يزن أيضاً أحاطت به هالة قوية تختلف عن درع المانا ، بعدها تقدما ودخلا للبوابة ولكن الضغط لم يكن بتلك القوة لدرجة أنهما نظرا في بعضهما البعض بتعجب، وفي اللحظة التي أرخو فيها دفاعهم، تكلم مشرف الاختبار مرة أخرى

"أووووه يبدو بأنه لدينا مواهب شابة هذه المرة"

ثم ضاعف الضغط عليهما، حتى كاد يزن أن يجثي على ركبتيه وأما قاسم فقد ساعدته ردة فعله وفعل درع المانا مرة أخرى، نظرا للأمام وواصلا المشي وفي كل خطوة كان الضغط يزداد حتى تبقت خطوة واحدة فقط، ولكنهما لم يستطيعا التحرك أبداً وفي نفس الوقت لم يستسلما، ثم اختفى الضغط فجأة وتجاوزا الاختبار بجدارة كبيرة... كان المشرف يزيد قوة الضغط عليهما في كل خطوة وعندما وصلا للخطوة الأخيرة، تحمس مشرف الاختبار وزاد من قوة الضغط، غير أنه توقف عندما لمست كتفه يد امرأة

"لا تتحمس أكثر من اللازم!"

ولهذا السبب اختفى ضغط الهالة في الخطوة الأخيرة، وبعدها تحدث المشرف لميار الواقفة في الخارج

"هل تريدين الانسحاب؟"

"بالطبع لا، ولا تنسَ أن تعاملني مثلهما!"

"حسناً!"

في الحقيقة كان الحماس قد بلغ حده ولهذا لم يتردد، ولكنه دهش من ميار التي كانت تمشي بكل أريحيه، بل وكأنها في نزهة ولم يؤثر الضغط فيها أبداً وحينها أراد سحقها بقوة ضغطه، ولكن المرأة التي بجانبه أوقفته، فقد كان من الممكن أن يقضي عليها بهالته فقط!، وفي نفس الوقت، لاحظت الحيلة المشروعة التي استخدمتها ميار، ثم استوعب المشرف أيضاً، فقد انتظرت ميار حتى ينتهي الكل لكي تأخذ وقتها في تحليل الهالة واستخدام سحر الرياح بالإضافة لدرع المانا، فقد كان سحر الرياح يبعد ضغط المشرف عن جسدها والهالة البسيطة التي لا تتأثر بسحر الرياح، فقد كان يصطدم بدرع المانا ويتبدد، وفي الحقيقة كانت حيلة ذكية منها وهذا إن دل فإنما يدل على موهبتها وذكاءها..

وفي الساحة كان قاسم قد اهتاج من ما فعلته ميار، فبالرغم من أنهم ابتعدوا عن البوابة إلا أنهم شعروا بأن الهالة كانت قوية جداً وكيف أنها مشت وكأن شيء لم يكن

"عبقرية كما عهدتك، وهذا متوقع من تلميذة السيدة بشائر، ولكن... ولكن كيف يا ميار كيف فعلتها أخبريني؟؟ ذلك الضغط الذي كاد يسحقني وبالكاد تجاوزته ولكنكِ تخطيته وكأنه لا شيء"

بكل ثقة مشت ميار وأغلب المتقدمين كانوا يحدقون فيها، في البداية جمالها الذي سرق أنظارهم، والآن قد تجاوزت الاختبار بكل أريحية بينما جميعهم دفعوا طاقتهم لأقصاها حتى يتجاوزوه، ولكنها لم تهتم بشيء حتى للهتافات وبعض الكلمات التي وصلت لمسامعها ومنهم من قال أنها رشت المشرف وآخر يقول أن عندها معارف في الداخل وقد توسطوا لها، تقدمت ميار ثم أخبرت قاسم بالطريقة الي سمحت لها بالمرور، وبالطبع لم يكن منه سوى أن يندهش وبعدها غضب من كثرة الكلام والإساءة لميار ثم تحدث والثقة تعلوا وجهه

:- لكل من يشك فيها عليه أن يخرس ويذهب للمشرف، وإلا صدقوني لن أكون رحيماً لكل من يسيء لها ولو بكلمة" كانت كلماته وحضوره قد أخرسا كل من تكلم وبعدها ساد الصمت لفترة بسيطة حتى تحدث المشرف

:- مباركٌ لكم على تجاوز الاختبار الأول، والآن لننتقل للاختبار الأخير، اتبعوني جميعكم"

تبعه جميع من تبقى من المتقدمين، فلم يتبقى منهم سوى تسع مآئة شخص فقط، والآن وصلوا للساحة المخصصة للإختبار الثاني، وقبل أن يخبرهم عن قواعده ظهرت امرأة من العدم، كانت نفسها التي المشرف عندما ارتفع حماسه سابقاً، ثم أشارت لميار

:- أنتِ أيتها الفتاة الشابة، لن تتقدمي لهذا الاختبار"

2021/02/01 · 120 مشاهدة · 1001 كلمة
Ibrahimus
نادي الروايات - 2024