13 - يرقة تهتم بسلامة أسد؟

:- يبدو بأنك اهتممت بقوتك البدنية أكثر من تعلمك السحر، لن أسأل عن دافعك أو شيء من هذا القبيل، بل أريدك أن تظهر لي قوتك السحرية قليلاً، وبإمكانك التوقف عن هذا التدريب، فلن ينفعك كثيراً، بحكم بنية جسدك!."

:- لكِ هذا أيتها المشرفة"

هنا بدأ يفكر، لأنه لم يتعلم أي مهارة سحرية لكونه جديد في هذا المجال ولم يتعلم شيء سوى درع المانا، وبعدها جلس يفكر ماذا عليه أن يفعل وما إن أغمض عينيه حتى تذكر الطاقة السحرية التي استطاع توزيعها على السيف ثم قرر مزجها بدرع المانا بحيث يكون جسده كله مغطى بسحره ودرع المانا، بدأ يركز أكثر وأكثر حتى شعر بتدفق خفيف، وطاقة بدأت تتكون وسط صدره ومن هنا قام بتوزيعها رويداً رويدا، ففي كل لحظة تتوزع الطاقة السحرية لمنطقة من جسده، تضيء بلون أصفر مشرق، كشمس بدأت تسطع، واستمر بهذا حتى شعر براحة بعدما نشر سحره في جسده كله، فقد كان الشعور مختلط، راحة وألم، فهذه الطريقة لم تكن سهلة أبدا بل تحتاج لتركيز عالٍ جداً وطاقة مكثفة بشكل كبير وبالإضافة لهذا، كانت هذه الحركة تخص قبيلة معينة فقط...

فتح قاسم عينيه وبدأ يحدق في المشرفة والذهول قد تجاوز حده:- ما خطبكِ أيتها المشرفة، هل حدث شيء خاطئ؟"

:- أياه الأحمق من علمك هذه التقنية وكيف أتقنتها في هذا السن؟ تعال واقترب قليلاً، أريد التأكد فقط"

هنا شعر شعر قاسم بأن جسده أخف من الريشة نفسها وما إن ركز طاقته قليلاً حتى ظهر أمامها وكأنه اختفى من مكانه، ووسط هذا ذهل يزن وميار أيضاً نالت نصيبها، لم يستطيعا تتبع حركته.

مدت المشرفة يدها لتلمس قاسم ولكنها شعرت بوخزات مؤلمة فسحبت يدها... :-هذه هي، أقسم أنها هي، من علمك هذه التقنية أخبرني بسرعة، ومن أي عائلة أنت أو ما اسم أمك ووالدك؟"

اندهش قاسم من فضولها ومن الأسئلة الغريبة ولكنه أجاب على السؤال الأول فقط :- تعلمتها الآن فقط ولم يخبرني أحد عنها، وأما عن عائلتي، فلا أريد التحدث!"

:-أنت منهم، وأخيراً قابلت أحدهم، أخيراً... لا يهم الكل هنا نجح في اختباره، غادروا الآن إلى الساحة وهناك سوف يشرح لكم كل شيء"

قفزت ميار في اتجاه قاسم ثم ضربته على رأسه بعدما اختفت المعلمة بلا أثر.

:-أين كنت تخفي هذه الحركة؟ وعليك أن تعلمني إياها لاحقاً، فقد كُنت ساطعاً كالنجم، لدرجة أن جفني لم يرمش من الدهشة!"

:- حسناً حسناً.. ولكن عليكِ أن تناديني بالمعلم الموقر"

:- آه يا معلمي الموقر أرجوك علمني السحر، أتسمع يا معلمي، أريد تعلم السحر منك" قالتها باستهزاء لكونها تفقه في السحر أكثر منه بكثير ولهذا نقر على جبهتها ثم قاطع كلامهم يزن

:- أيها الحمقى، هل نذهب للساحة الآن أو نسيتم هذا؟"

:- حسناً حسناً"

وبعدها توجهوا للساحة التي أخبرتهم عنها وقد كان الفضول يأكل قاسم بسبب فضول المشرفة حول أصوله، ولنفس الوقت شعر يزن بالضعف من قاسم فلم يستطع تتبع حركته حينما ظهر أمام المشرفة، وفي النهاية ظهرت ابتسامة تدل على حماسه الكبير فقد وجد رجل من الممكن أن يتخذه صديق ومنافس قوي..

وما إن وصلوا للساحة حتى دهش أغلب المشاركين في الاختبار، ظنا منهم بأن قاسم وجماعته قد فشلوا في الالتحاق، ولم تدم الدهشة كثيراً وذلك بسبب أن مشرف الاختبار قد أعلن النتيجة النهائية لجميع الطلبة، وبالرغم من أن النجاح لم يكن من نصيب الجميع غير أنه توجد فرصة أخرى بعد عدة أشهر لمن يريد الإلتحاق مرة أخرى وهذه الفرصة لن تتاح إلا لمن فشل في الاختبار الثاني...

وبعد نهاية إعلان النتائج تم توزيع الفتية في مساكن مختلفة عن البنات ولا يسمح لهم باللقاء إلا في أوقات الدراسة فقط..

وهكذا انقضى يوم الاختبار، وأشرقت شمس صباح اليوم التالي ثم توجه جميع من نجح إلى منازلهم ولكن عليهم العودة بعد شهر بالضبط لتبدأ الدراسة وأما الذين تم إعطائهم فرصة أخرى، أجبروا على البقاء في المدرسة لأخذ بعض التدريبات الشاقة ثم يتم اختبارهم مرة أخرى.

ودعا ميار وقاسم يزن قبل ذهابه مع الخدم الذين أتو لأخذه، ثم توجها لمنير الذي كادت شفاهه تلامس اذنيه من شدة اتساع ابتسامته، فقد كان متحمسا جدا لقبولهم في مثل هذه المدرسة القوية، وبعد انتهاء التبريكات التي انهالت عليهما، قفز قاسم في العربة وسحب السيف وجلس على طرفها ليتمتع بالمشاهد الجميلة طوال الطريق ثم احتضن سيف والده وأخذ يحكي له كل ما حدث وما إن انتهى حتى أغمض عينيه.

كان منير سعيد بمشاهدة قاسم واحتضانه للسيف وبرؤية الفرحة على وجه طفلته ميار، ولكنه فجأة أحس بأن هناك من يرقبهم وكانت تصدر منه نية قتل خفيفة، ثم كانت ردة الفعل التي لم يتوقعها المتجسس، أطلق منير هالة مخيفة باتجاه الذي كان يراقبهم، ثم اختفى من مكانه وظهر خلفه وسحب الغطاء الذي غطى وجهه

:-أظنني رأيتكِ عدة مرات بداخل المدرسة، أهذه أنتِ؟"

:-السيد منير، نعم وأعتذر... لكني لم أرد السوء لمن معك"

:- عجيب أمركِ أيتها المشرفة، ولكني لن أسامح كل من يوجه نية قتل حول عائلتي" قالها بنبرة ثقيلة جداً

:- الرحمة أرجوك، كنت أريد اختبارك فقط لا غير، فقد كانا من المتميزين في الاختبار وأردت ضمان سلامتهم"

:- عجيب يرقة تهتم بسلامة أسد!... في المرة القادمة سيكون الموت مصيرك، حتى قبل أن ترمش عينيك، وإن كنتِ تريدين التجربة، وجهي نية قتل تضر بها من أحب! أو المسيهم بسوء"

أنهى كلامه ثم اختفى من أمامها ليعود إلى مكانه وكأن شيئا لم يكن، فقد كان أسلوب منير حادا معها لسببين، الأول أنه لا يثق بها وربما بسبب نيتها، والثاني أراد أن يظهر لها بأنه ليس هدفا سهلاً أبداً سواءً لها أو لمن أرسلها.

وأخيراً بدأت رحلة عودتهم للقرية، فقد اشتاق قاسم لرؤية الكوخ والمخطوطات وكل ما هو عزيز عليه.

2021/02/08 · 126 مشاهدة · 860 كلمة
Ibrahimus
نادي الروايات - 2024