كان من المفترض أن يكون اختطاف سريع ولكن ما حدث لم يكن في الحسبان أبداً، تحول الأمر من اختطاف إلى أمر بالقتل وبعدها كفاح حتى الرمق الأخير...

لم يتوقع المهاجمون أن يكتشفهم أحد ولذلك لم يكونوا مستعدين لمعركة طويلة، وبسبب طمعهم أهملوا نقطة مهمة، دراسة الهدف قبل الخطف أو الاغتيال..

الطمع أعماهم والأوامر الصارمة التي صدرت أنستهم مصدر قوتهم"التخفي".

لم يقاتل الرجل المسن بكامل قوته فقد كان يريد رؤية ما سيفعله قاسم، وما هي هوية المختطفين بالتحديد، أو إلى من ينتمون...

وفي اللحظة التي سقط فيها قاسم على الأرض، واختفى أحد المغتالين من أمامه، ابتسم الرجل المسن :-لا يزال أمامكم طريق طويل"
ثم تبعها
"التحفة الفنية"
كانت مهارة تجعل الهدف يتصلب في مكانه وبالأصح أن الهدف يتحول إلى تحفة فنية وكأنه نحت من الزئبق أو المعدن...

استخف بهم بحكم قوته وأنهم كانوا يرقصون تحت إيقاعه، ولكن الأخطاء تحدث
صرخ القتال بصوت عالٍ:- تبدد"

دهش الرجل المسن فقد تبدد السحر الذي أحاط بذلك القاتل الذي وجه سيفه لقاسم، لوهلة فقط شعر أن الفتى سيقتل، أطلق هالته المخيفة حتى يهاجم بسحر أقوى، ولكن الآخران أظهرا أوراقهم الرابحة مخاطرين بكشف هويتهم أيضاً، ثم مد الرجل المسن يده في اتجاه قاسم وفي جزء من الثانية سمع شيء وتجمد الجميع في مكانه...
" سيف الملك"

..

وصل منير بالقرب من الكوخ وشاهد ذلك القاتل يوجه سيفه لقاسم، ولم يغرق في التفكير أو انتابه شيء من الخوف، بل استل سيفه في اللحظة التي لمح فيها القاتل ثم استخدم أقوى وأسرع مهارة عنده
"سيف الملك"

خرجت من جسده هالة ذات لون أصفر تعمي كل من ينظر فيها، اختفت من جسده وظهرت على سيفه وهو يلوح به، مما زاد طوله وحدته أيضاً...
كان انسجام تام ودقيق
ثم قطع كل شيء أمامه، ولم يكن الحاجز الذي تم تفعيله إلا كالكعة بالنسبة لسيفه، ثم وصل السيف لجسد القاتل ومر من خلاله أو هكذا بدا لهم، كان القطع نظيف تماماً لدرجة أن الدماء لم تخرج، بقي جسد القاتل واقفاً لثوان وبعدها انقسم جسده لنصفين، والغريب في الأمر أن الدماء التي خرجت كانت قليلة مقارنة بضخامة جسده بل ظهر بخار من النصفين، كانت هالة حارقة ومن شدتها بخرت جزء كبير من الدماء، ثم اختفت الهالة وانتقل لجانب قاسم.

شاهد الرجل المسن والقتلة ما حدث وتجمد الجميع في مكانه وكأن الوقت توقف بالنسبة لهم، وفي الثانية التي اختفت فيها هالة السيف، قتِل جميع القتلة، فقد استخدم المسن إحدى مهاراته حيث وجه سحره الذي تكون على شكل إبر، وجهه لقلوب القتلة جميعهم في لحظة واحدة...

تفحص منير جسد قاسم بأكمله وتنهد بأريحية بعدما تأكد بأنه لا يوجد أي جرح عميق أو أن حياته في خطر، وأن السبب في فقدانه لوعيه هو أنه استهلك طاقته السحرية كلها وأجبر نفسه على استخراج كل قطرة منها وأنهك جسده..

تبادل منير النظرات مع الرجل المسن ثم نظر إلى الأرض وكأنه شعر بخيبة أمل من نفسه، وبعدها تمالك نفسه وحمل قاسم ووقف أمام المسن
:-لم أستطع الوفاء بالوعد وحمايته، ومثل ما اتفقنا سوف يكون تحت رعايتك يا حكيم"

:-لا عليك يا منير، كنت أنا الذي قطع الوعد للسيدة حوراء والقائد"

:-لا يهم من بدأ الوعد فينا، كلنا أقسمنا على حماية طفلهما، وأنا من طلب منك أن تترك قاسم في هذه القرية بعد اغتيال والده، وكما وعدتك أن أعهده لك في اليوم الذي أتأخر فيه عن حمايته.."

:- نظراتك تشرح كل شيء يا منير، وتوضح مقدار الألم الذي تشعر به، ولكن لا داعي أن تلوم نفسك على مقتل القائد"

:-هذا.."

:-كلنا نعلم من السبب الرئيسي في تسمم القائد، ولا تنسَ أنك تركت منصب الفارس الأول في المملكة وابتعدت عن ساحة الحرب تقريباً ورفضت لقب النبيل، وقررت البقاء هنا حتى تحمي الفتى وتدربه، ولم تبخس في حقه أبداً، واعتبرته مثل ابنك، فكيف تريد أن تعهده إليّ الآن، وكأنك تقول بأن الحوادث لا تقع؟ علينا أن نبقي الوضع مثلما كان حتى لا ينتبه أحد"

:- بما أن هذا موقفك لن أرفض الطلب وسوف أستمر في رعايته أطول مدة ممكنة... والآن أستأذنك، يجب أن أعود للبيت حتى تعالجه بشائر" أنهى كلامه وذهب بسرعة وكأنه خاف أن يغير حكيم رأيه..

تنهد حكيم ثم نظر للمكان:- حان وقت التطهير"
أخرج طلاسم من يده وبدأ برسم دائرة حول المنطقة التي حدث القتال فيها ووضع الطلاسم على الجثث...
أخذ يردد بعض الكلمات الغير مفهومة ثم ظهر ضوء من كل طلسم وما هي إلا ثون حتى اختفت الجثث، وبعد دقائق قليلة أضاءت حدود الدائرة التي رسمها واستمر الضوء لمدة خمس دقائق ثم اختفت آثار المعركة كلها، سواء من دماء أو هالة سحرية، لم يبقى أثر وكأن شيء لم يكن ثم اختفى هو أيضاً..

في تلك الأثناء كانت مجموعة من المحاربين المنتمين للقرية يشاهدونه، وبعدما اختفت الآثار، توجهوا للغابة للبحث عن الأعداء، مخافة أن يكون أحدهم جلس يراقب من بعيد وبعدها يوصل الأخبار، وهكذا يذهب عمل منير وحكيم هباء منثورا وتتعرض القرية للخطر.

لم يتسائل المحاربين عن السبب الذي جعل القتلة يهاجمون الفتى ولا عن أي شيء آخر وذلك بسبب تعهدهم بحماية القرية من كل الأعداء، فقد كان وجه قاسم مألوف بالنسبة لهم وكذلك منير، وأما حكيم فقد عرفه بعضهم فقط ولكن لم يتحدث أحد...

لأن الثقة التي وضعوها في منير كانت كبيرة جداً وبما أنه لم يهاجمه، يعني أن حكيم لا يعتبر عدو...

ولهذا السبب بالتحديد انتشر المحاربين بعد رؤيتهم لنظرات منير أثناء مغادرته وهو يحمل قاسم بين يديه وكأنه كان يطلب منهم هذا، انتشروا في القرية والغابة للبحث عن أي أثرٍ للقتلة ولحسن الحظ كانت مجموعة القتلة التي تم محوها هم الوحيدون فقط ولم يتبعهم أحد..
وبعد تيقنهم بأن المكان آمن، عادوا جميعهم لروتينهم اليومي.

..


2021/02/20 · 126 مشاهدة · 869 كلمة
Ibrahimus
نادي الروايات - 2024