انتهت المدة المحددة ثم عاد جميع المتدربين إلى المدرسة، وبالرغم من حزن ميار إلا أن إصرارها لم ينقص بل عقدت العزم على التطور بأسرع طريقة ممكنة وأما يزن فقد كان يترقب قاسم بفارغ الصبر.. أخذ يبحث عنه في البداية ثم جلس ينتظر بالقرب من البوابة حتى يتسنى له رؤيته... وما إن لمح ميار، قفز من مكانه واتجه إليها.

:-أهلاً ميار"

:-يزن!"

:-كيف كانت رحلتكما إلى هنا؟"

:-كئيبة بدون قاسم، شعرت بملل قاتل"

:-ها... وماذا عنه؟"

:-سوف يتغيب لمدة سنة أو أكثر ولكن عندما يعود سوف يكون أقوى وأقوى وربما لن تكون هناك مقارنة بينكما أبداً في القوة، هذا المختصر!"

صمت يزن وبقي يحدق في يدها وهي تشير إليه وكأنها تهدده، لم يستوعب كلامها في البداية وتبادرت في ذهنه تساؤلات عدة ولكن ماذا عساه أن يقول، بالرغم من المدة القصيرة التي عرف فيها قاسم إلا أنه أراد أن يصبح صديقه فقد التمس الخير والصلاح فيه وفي نفس اللحظة تذكر آخر كلماتها "لن تكون هناك مقارنة"

ابتسم بشغف وقبل التحدي :- سوف نرى من يكون الأقوى حينما يعود"

:- لا تنسَ بأني هنا، سوف أحطمكما معاً!"

:-لن أتهاون لمجرد أنكِ فتاة، فأنا لست معتاد على رفض التحدي"

:-إذن موعدنا حين عودة قاسم"

:-نعم"

بعدها تفرقا وذهب كل منهما في طريقه، وفي الحقيقة كانت هذه خطة ميار الأولى لمفاجأة قاسم.

**

كان قاسم يلحق بحكيم وفي كل ثانية يسأل سؤال آخر، وكأنه وجد مكان يشبع فضوله وتساؤلاته فيه.

:-أيها الفتى لو كنت أعلم أنك ثرثار لهذه الدرجة لما أخذتك من البداية"

:-لماذا يا معلمي؟ لم أتحدث كثيراً ولكنها كانت أسألة قليلة، لا أدري ربما مائة سؤال أو أكثر قليلاً لم أحصها، ولكنك لم تجب على شيء"

:-ما هدف هذه المغامرة يا فتى؟"

:-زيادة قوتي!"

:-بما أنك تعلم الهدف منها، لماذا تكثر من الأسئلة التي لن تزيد قوتك؟ تعلّم متى تصمت ومتى تسأل"

:-حسناً حسناً، ولكن كيف سوف أزيد من قوتي بالصمت؟"

:-......"

:-أيضاً أيها المعلم، لماذا لا تتحدث كثيراً؟"

:-....."

:-هل تستمد قوتك من الصمت يا معلمي؟"

:-....."

:-لماذا توقفنا هنا؟..لحظة لماذا تتجه إليّ يا معلمي؟

لم......"

:-خذ راحتك في الحديث الآن، بدأت أشعر بالراحة من ثرثرتك"

وبعد تساؤلات كثيرة ضجر حكيم ووضع ختم على فم قاسم ولهذا لم يستطع التحدث، ثم بدأ يئن ويئن ولكن لا فائدة، وبعد مدة صمت قاسم وأخذ يتابع حكيم في كل خطوة..

منذ بداية الرحلة وحتى هذه اللحظة كانت الحيوانات السحرية المفترسة تتجنبهم تماماً وهذا بسبب الهالة التي أطلقها حكيم وحافظ عليها، شعرت بالخوف منه فقد قمعتهم هالته.. توقف حكيم أمام مدخل كهف وبدأ يسمع أنين قاسم مرة أخرى ولكن هذه المرة كان أنينه أقوى بكثير.

:-سوف أجيب على السؤال المهم، والذي من الطبيعي أن تسأله، تقول ماذا نفعل هنا صح؟ حسناً، سوف نتدرب هنا وسوف أكون خصمك وشريكك في التدريب"

:-....."

:-بدأت أشفق عليك يا فتى، سوف أزيل الختم ولكن بشرط، لا تسألني في كل ثانية"

:-......"

:-أظنك موافق"

:-أخيراً، اووووووه أشعر بالانتعاش، أيها المعلم لماذا لا تريد مني سؤالك؟ ولماذا سوف تكون خصمي؟ أريد مقاتلة الوحوش، لماذا لا تدعني أقاتلها، أوه أيضاً لم....."

:-للأسف شفقتي لم تكن في محلها، سوف أعتاد على سماع أنينك"

توجها لداخل الكهف وبالرغم من الظلمة والهدوء القاتل الذي كان في البداية إلا أن أنين قاسم أخذ يتردد بداخله وما هي إلا لحظات حتى قفز للخلف، ظهر نصل حاد بالقرب منه"

:-لا ترخي دفاعك يا قاسم واستخدم سيفك فقط ولا تستخدم هالتك السحرية في السيف أبداً، قاتل بقوتك البدنية وحدها"

استل سيفه وبدأ بصد الهجمات، لم يستطع توجيه حتى ضربة واحدة فقد اتخذ موضعاً دفاعياً فقط، تارة يكون الهجوم من الأمام وتارة من الجوانب، حتى لو أراد التقدم لمواجهة معلمه، كانت تظهر أنصال تمنعه، بقي على هذه الحالة مدة حتى بدأت يده ترجف من التعب وخارت قواه تقريبا.

:-استرح الآن وغداً سوف نكمل وبعدما ننتهي من تدريب جسدك وردود أفعالك سوف أعلمك استخدام هالتك السحرية وكيف تطلق قوتك"

استمرت هذه التدريبات في كل يوم وليلة، وفي في كل مرة كانت النصال تزداد فجأة لدرجة أن قاسم لم يستطع الدفاع عن نفسه فقد أصيب أكثر من مرة وبالرغم من أن الإصابات لم تكن تهدد حياته غير أنه لم يسترخ أبداً.

كان يتدرب بعقلية الحياة والموت ولم يتردد في محاولة الهجوم على حكيم، وفي لحظة شعر حكيم بالإرهاق بعد استخدامه الطويل للسحر، فقد استمر بشكل يومي واستهلك كمية كبيرة من طاقته السحرية، فبالرغم من أن الطاقة تجري في عروقه وفي جميع أنحاء جسده وبالرغم من تجددها السريع، إلا أن الاستخدام المفرط يتسبب في إرهاق الجسد بشكل كبير، وكذلك الحالة العقلية، فلم يكن يمارس السحر بشكل بسيط، بل كان يستهلك كمية كبيرة في كل يوم ولساعات طويلة، وفي اللحظة التي فقد فيها تركيزه قليلاً، تبددت الإنصال كلها ثم اندفع قاسم بكل قوته للأمام موجهاً سيفه لحكيم...

للحظة اعتبره عدو وما إن وصل أمامه مباشرة، ظهر نصل من العدم وبالأصح القول أن النصل تشكل بسرعة كبيرة وصد ضربته... وهذا لم يمنع قاسم من الهجوم مرة أخرى بيد أنه توقف في مكانه ولم يستطع الحركة وجثى على ركبتيه، ففي اللحظة التي صد فيها حكيم السيف، ظهرت أشواك من الأرض واخترقت باطن قدم قاسم ولهذا لم يستطع مواصلة الهجوم...

:- هل كنت تظن بأنك سوف تصيبني بهذه الطريقة؟ حتى وإن أصابني التعب بسبب استخدامي المفرط لطاقتي، هل كنت تتوقع أن أسلم نفسي هكذا وألا أضع احتياطات؟ ولكن حتى لا أظلمك يا فتى، أنت أصبحت أقوى خلال هذه الأشهر، وبصراحة إن سرعة تطورك مطابقة لكمية تساؤلاتك، ولهذا سوف أزيل الختم الذي يمنعك من الكلام وأعطيك راحة مدة شهر فقط وبعدها سوف أختبرك فإن نجحت ستكون نهاية تدريبنا بالسيف وأعلمك السحر"

اعتلت وجه قاسم ابتسامة كبيرة، وأخيراً سوف يتحرر من الكابوس ويستطيع الكلام، فقد كانت معاناة أكبر من الآلام الجسدية، وأراد أن يقف على قدميه ولكنه جثى مرة أخرى، لم تكن الإصابة بسيطة، ثم أغمض عينيه حتى يركز على الشفاء بشكل أسرع وفي نفس الوقت ساعده حكيم على الشفاء.

- - - - - - - -

2021/03/13 · 104 مشاهدة · 928 كلمة
Ibrahimus
نادي الروايات - 2024