19 - مديرة مجلس الطلبة

-

-

كانت ميار تمشي متوجهة لمكتب المدير برفقة المشرف، ثم طرقت الباب واستأذنت بالدخول وبعدها غادر المشرف...

تحدث البروفيسور:- هذه هي ميار التي أخبرتكِ عنها أيتها المديرة"

حدّقت ميار في البروفيسور وتذكرت أنه أعطاها الأمان، والآن كانت تفكر ماذا قال للمديرة بالتحديد ولهذا تابعت بصمت دون أن تنطق.

:-جميلة... هل كل الجميلات يسببن المشاكل بهذه الطريقة؟"

ابتسمت بلطف وتحدثت بصوت هادئ:-لست أجمل منك.. لم أتسبب بمشكلة أيتها المديرة، ولا أذكر أني آذيت أحد"

:-لطيفة...ليست مشكلة ولكن مصيبة"

:-أليس من حقي أن أفهم ما يحدث هنا بالتحديد"

:-بالطبع...أعطاك البروفيسور الأمان ولذلك لن نقول لك شيء ولكننا سوف نعاقب الطرف الآخر"

:-تقصدين من علمني كل هذا؟"

:-نعم"

:- أعتذر منك أيتها المديرة ولكن لا يحق لكم هذا أبداً"

:- لا يحق لنا إن لم يكن معلماً في هذه المدرسة أو لم يسرب منها شيء وكان اجتهاده الشخصي بحسب كلامك"

:-إذن لن أزعجكم في هذا يا سيدتي"

:-أخبريني يا ميار، ماذا علمك أو علمتكِ أيضاً؟"

:- لا يحق لكم معرفة هذا"

"......."

"......."

البروفيسور والمديرة حدقا في بعضهما ثم انفجرت المديرة من الضحك وبعدها عقبت على كلام ميار

:- لماذا لا يحق لنا؟"

:-لأنه وبكل بساطة لا ينتمي لكم وحتى إن درست هنا في السابق، لم تتعلم منكم بل أظنها هي من أرشدتكم!"

:- نبرة الغرور هذه وطريقة حديثك... المهم أتذكر أني رأيتك في مكان ما ولكني لا أتذكر أين أو متى، هل نعرف بعضنا قبل هذا اليوم؟"

"إذن حقا هي لا تتذكرني" هكذا قالتها في نفسها. :-أتذكركِ بوضوح وتعرفين من أنا، هل أنعش ذاكرتك يا سيدتي؟"

:- بالطبع"

:- منير وبشائر"

قفزت المديرة من مكانها وضربت الطاولة بقوة، متناسية كبر سنها وشعرها الأبيض الأشعث، وتجاعيد السنين التي رسمت على وجهها الأبيض، وبالنسبة للبروفيسور فقد بدأ يتلعثم، كان منير ناراً على علم وكذلك بشائر، ولم تكن هذه الأسماء بسيطة أبداً وكذلك لم تكن منتشرة، وإن كنا نتحدث عن المعرفة السحرية، من يستطيع منافسة بشائر غير حوراء بالطبع والدة قاسم... توجهت المديرة لميار ثم احتضنتها بشدة!.

:- ميار هذه أنتِ يا صغيرتي، أعتذر لأني لم أتعرف عليكِ في البداية... آه لقد أصبحتِ أميرة"

كان البروفيسور يراقب بصمت ولم يفهم شيء غير أنه علم أن المديرة تعرف ميار أثناء طفولتها ولهذا لم تتعرف عليها الآن، وبالنسبة لمعرفتها السحرية فبالطبع تعلمت من أمها، ولا يحق لهم الاعتراض أو قول شيء، وذلك أن أغلب الأبحاث والنظريات المعقدة للسحر كانت بواسطة بشائر، ولهذا غادر البروفيسور دون أن ينطق بشيء.

:-هذا الخطأ مني يا صغيرتي، كما تعلمين لا يسمح في هذه المدرسة بالتحدث عن النسب أو المكانة الاجتماعية أبداً وكل من يدخل هنا يكون حاله كحال غيره... كنت أعلم بوجودكِ ولكني لم أرد التدخل في الأحداث أو البحث عنكِ بالتحديد حتى لا يقال بأني متحيزة أو أميل لصفك ولهذا لم أنطق بشيء"

:- إني أتفهم هذا.. ولدي سؤال واحد، هل تسمحين لي؟"

:- بالطبع، ما هو سؤالك"

:-بعد التفكير المطول ويما أنكِ تعرفين أبي، لذلك أظنكِ تعرفين حكيم ولهذا أريد أن أعلم متى سوف يعود قاسم؟"

:-إن كنتِ تقصدين الفتى الذي أخذه حكيم...لا أدري ربما بعد سنة أو أربع سنوات وقد ترينه في حفل التخرج فقط، وربما اليوم، لأنه الآن يتدرب على يد الشيطان والشياطين لا ترحم، وقد لا يعود أبداً"

زاد ضغط الهواء وبدأ شعر ميار يرفرف واحمر وجهها قليلاً، انقطع حبل أفكارها وتجاهلت كل شيء وركزت على الكلمات الأخيرة فقط... :-ما قصدك بأنه لن يعود أبداً؟

استوعبت ميار وانحنت لتعتذر بشدة بعدما صفعت المديرة بكفيها ونبهتها، ففي تلك اللحظة دخلت ميار في عالم آخر تماما، ظنت بأن صديق طفولتها والشخص الذي انتظرته لن يعود وأن المعلم الذي أخذه سوف يتخلص من قاسم إن تبين بأن لا فائدة ترجى منه، أفكار كثيرة راودتها ولهذا كانت ردة فعلها بتلك الطريقة...

:-أوووه... أظنه أكثر من صديق بالنسبة لكِ أيتها الأميرة الهائجة... المهم، لا عليكِ يا ميار، سوف يعود حينما ينتهي من تدريباته، ولكن سوف أنبهك من نقطة واحدة فقط، عندما يعود قاسم سوف تكون قوته مخيفة وقد لا تلحقين به أبداً"

ابتسمت بخجل على كلمتها ثم نطقت بكل ثقة:-سوف أكون بجانبه مهما زادت قوته"

:- ولهذا أريد أعطيكِ منصب مديرة مجلس الطلبة والذين بدورهم يقومون بالمحافظة على أمان المدرسة من الداخل وحل النزاعات بين الطلاب، وسوف أسمح لكِ باختيار نائب واحد فقط وعليه أن يجتاز الاختبار حتى يستحقها بجدارة"

:-سوف أكون عند حسن ظنك بي"

:- جيد... بإمكانك الانصراف الآن"

توجهت ميار إلى الباب لتخرج ثم أمسكت عنقها واحمر وجهه، كانت المديرة قد خنقتها بمهارتها، خنقتها لثوان فقط وبعدما التفتت ميار وقبل أن تنطق بشيء، قاطعتها المديرة بقولها :- هذا لتعلمي يا ميار، أنكِ لم تعودي طفلة ولهذه المدرسة قوانين ولا يسمح لكِ إطلاق هالتك بهذه الطريقة أو استخدام قوتك ضد المدرسين إلا بأمر منهم، هذه المرة ذكرتك ولن أتخذ أي إجراء ولكن في المرة القادمة لن أتساهل.. ضبط النفس أمر مهم"

أخذت نفساً عميق ثم تنهدت:- شكراً على تساهلك أيتها المديرة، وأستأذنكِ الآن"

**

كان قاسم يسترجع عافيته بعدما سقط من تلك المسافة، لم يتضرر كثيراً ولكنه صرخ بأعلى صوته...

"هل تستمتع بتعذيبي هكذا؟؟"

ولكن لا مجيب ثم أخذ يجمع بعض الطعام وبدون فائدة لم يستطع إيجاد حيوانات يمكن أكلها وسط هذه الغابة.. استسلم وتوجه للنهر وسط الغابة واصطاد بعض السمك، ثم بدأ بأكله وبعدها قرر البحث عن مكان يستقر ويرتاح فيه. كانت الغابة موحشة جداً، أشجارها كثيرة وكثيفة والهواء المحيط بها بارد بشكل رهيب، وتارة تكون هادئة وكأنها مقبرة وتارة تكون صاخبة جداً وكانت غير مستقرة والشيء الوحيد المؤكد فيها أنها خطرة ويجب الحذر من كل شيء فيها.

لم يتمالك قاسم أعاصبه، ولو لا فضوله لما يوجد بداخل الغابة وللمعلومات التي يريد الحصول عليها، لكان عاد إلى الكهف ولن يهتم بما سيفعله حكيم، حتى وإن لم يكمل التدرب على يديه فإنه يستطيع الالتحاق بالمدرسة، ولكن الفضول أتعبه طوال تلك المدة وفي رأسه العديد من الأسئلة التي تخص والديه، والشكر موصول لحكيم فقد أخرسه مؤقتاً، وفي كل يوم كانت أسألته تكثر وتزيد وفي النهاية تم رميه وسط الغابة بدون الإجابة على شيء، فكيف له ألا يفقد أعصابه ولكن ماذا عساه أن يفعل؟.. يستمر بالتقدم فقط ولا يستطيع العودة.

بينما كان يتذمر ويمشي، كان يقتل كل الوحوش التي تصادفه، ونسي أنه وسط غابة موحشة وبدأ يقلل حذره تدريجياً حتى أنه توقف عن استشعار المنطقة التي حوله، عن طريق تقلبات الهواء والصوت وتغير الرائحة، كانت حواسه مصقولة تماماً، وقوته الجسدية كذلك ولكن المشكلة كانت في فهمه للسحر ولكيفية عمله بالتحديد، فكل ما فعله كان بالفطرة والقليل بسبب تعليمات منير وأما عن معرفته للسحر فتعتبر قليلة جداً، فكان لا يفرق بين مستوى الوحوش ولا يعرف كيفية قياس قوتها إلا من هالتها فقط.. وفي النهاية توقف أمام قطة صغيرة

"أووووه أخيراً قابلت حيوان أليف..اقتربي أيتها القطة لن أضرك... تريدين مني أن أتبعك.. حسناً لما لا!"

اقتربت منه القطة قليلاً ثم عادت ونظرت إلى الخلف وهذا ما جعله يعتقد بأنها تريده أن يتبعها، ولكنها لم تظهر ردة فعل، وأكملت طريقها حتى وصلت لمدخل كهف وسط الغابة.

- - - - -

2021/03/23 · 89 مشاهدة · 1088 كلمة
Ibrahimus
نادي الروايات - 2024