-

-

وصل قاسم لمدخل الكهف وبدأ يستشعر المكان من باب الاحتياط، كانت حواسه تنبهه بوجود خطر قريب ولكن المشكلة لا يعلم من أين... اضطر لدخول الكهف لأنه فعلا احتاج لمكان يبقى فيه عوضاً عن النوم في الخارج، أكمل طريقه ولم يستطع اكتشاف سبب شعوره بالمراقبة.

"أنت يا من تراقبني، اذهب لقد تعبت من هذا الاحساس المقرف" أخذ ينظر في كل الاتجاهات ولكن لا فائدة، كان يسمع صدى صوته فقط، وبعدها أنزل رأسه والغريب في الأمر أن القطة كانت تنظر إليه :-هل أصمت الآن أيضاً؟ ألا يكفي أني منعت من الكلام فترة طويلة"

"......"

:- على الأقل سوف أتكلم بكل أريحية"

"....."

:- لحظة... هل تفهمين كلامي أيتها القطة؟"

"...."

:-لماذا تحدقين بي بهذه الطريقة؟..حسناً حسناً أخاف أن تذهبي إن صرخت في وجهك، فأنتِ رفيقي الوحيد حالياً"

"...."

وأخيراً استسلم قاسم وغطّ في نوم عميق والقطة أيضاً نامت بجانبه وفي صباح اليوم التالي أكمل مسيرته بداخل الكهف، فقد قرر أن يستخدمه للنوم في كل ليلة وهذا جزء من السبب الذي جعله يتعمق بداخل الكهف، فالفضول كان السبب الرئيسي، كان يقنع نفسه في كل مرة يقرر التراجع والذهاب للتدريب، إلا أن فضوله كان يدفعه للتقدم أكثر... وأخيراً بعد مدة من تقدمه رأى ظلاً أسود أمامه، لم يستطع التعرف عليه بشكل جيد فقد كان المكان مظلماً جداً ثم بدأ يتحدث مع نفسه...

"حسناً يا قاسم عد الآن لا داع لمواجهة هذا الوحش" "لا لا ربما أستطيع فعلها، سوف أتقدم ببطء وأتفحصه" "ولكن ربما يهاجمني" "سوف يكون هذا جزء من التدريب"

كانت القطة تراقبه وتراقب تحركاته وطريقة كلامه مع نفسه، وفي النهاية عضت قدمه بقوة مما جلعه يصراخ ثم وضع يديه على فمه ونظر في الوحش الذي بدأ يستيقظ، ثم تراجع قاسم بضع خطوات واستل سيفه...

"أخيراً بدأ الحماس" نهض الجسد الكروي الأسود وقام على قدميه، كان المشهد مخيف حقاً، ظن قاسم بأن الوحش لن يكون بهذه الضخامة... في البداية فتح عينيه الحمراوتين بشكل بطيء وخرج منهما وهج أحمر، ثم وقف ببطء شديد، وما إن استقام جسده حتى أعطى الشعور بالرهبة والقوة، تلك المخالب الكبيرة وذلك الفرو الأبيض ثم تلك الانياب الطويلة البارزة بشكل مخيف، ولوهلة شعر قاسم بتوقف الوقت، فقد كان طول الدب المتوحش ما يقارب أربعة أمتار... بلع ريقه وقرر التراجع، فلم يكن يريد المخاطرة بحياته في مكان مغلق كهذا، ففي حالة أنه لم يستطع هزيمة الوحش فسوف يهرب حتى يستجمع قوته وهكذا يعاود الكرة، ولهذا اتخذ قراره السريع، ولحسن الحظ أن الدب بدا منشغل بشيء في البداية ولم يعطه أي اهتمام فقد تقدم للأمام قليلاً ثم نظر إلى الخلف وبقي هكذا حتى سمع الصوت من خلفه!...

**

كانت ميار قد وضعت خططها واختارت من يكون نائبها لمجلس الطلبة، فلم تكن تثق بأحد وبالأصح لم تعطهم فرصة فقد كانت تعاملهم معاملة عادية جداً والوحيد الذي وثقت فيه هناك كان يزن ولهذا أخبرته عن رغبتها في أن تجعله النائب لها، تردد في البداية ولكنه اقتنع بعدما أخبرته أن هذه أحدى الطرق لزيادة قوته.

كانت المدرسة مقسمة لقسمين أساسيين، القسم الأول وهو القسم الخارجي للطلبة الجدد من السنة الأولى حتى الثالثة والذي هو في الواجهة حيث تم الاختبار الأول... والقسم الثاني والمسمى بالقسم الداخلي كان للطلاب الأقدم من السنة الرابعة فما فوق... وأما عن سبب اختيار المديرة لميار هو أن المدرسة تستقبل طلاب جدد كل ثلاث سنوات فقط، مما يعني أنه في سنتها الرابعة وعندما تنجح في الاختبار سوف تكون رئيسة مجلس الطلبة في القسم الداخلي أيضاً وهذا يعني أنه يجب عليها أن تثبت جدارتها وتقبل تحدي كل من يرغب في أخذ منصبها.

والآن بعدما اجتمع جميع المختارين لمجلس الطلبة، كان الجو العام هو السكون والهدوء وللتوتر نصيب كبير بسبب وجود مديرة المدرسة بينهم ثم قطعت هذا الجو بتحدثها...

:- تقدمي قليلاً يا ميار" تقدمت وكل العيون اتجهت لها، لدرجة أنه لم يلتفت أحد منهم شمال أو يمين، ركزوا أنظارهم فيها

:-هل أنا جميلة لهذه الدرجة حتى تحدقوا بي هكذا؟"

كانت مغرورة بالطبع ولكن يحق لها هذا، فهم الحمقى لأن عيونهم خرجت من جحورها... لم تسمع جوابهم وهذا لأن المديرة تحدثت مباشرة

:-ربما بسبب تخمينهم أنكِ ستصبحين رئيستهم، والآن يا مديرة مجلس الطلبة، من هو نائبك؟"

:-أووه... أشعر بالخيبة قليلاً، المهم، تقدم يا يزن"

مثلما حدق الجميع في ميار، فعلوا نفس الشيء ولكن المختلف في الأمر هي نظراتهم، كانت تدل على الاشمئزاز فقط ثم تحدث أحد الطلاب...

:- عذراً أيتها المديرة، ربما لا نمانع أن تكون الأميرة ميار رئيستنا ولكن كيف يكون هذا الضعيف نائبها؟ أقصد انظري لحالته، بغض النظر عن رزانته والهيبة التي تصدر منه ولكنه ضعيف ووسامته فوق المعتاد وكأنه فتاة ضعيفة لا حول لها ولا قوة، وانظري لجسده، حتى وإن كان مستخدم للسحر، على الأقل كان يجب أن يمتلك بعض العضلات حتى يبرز قليلاً"

:-لن أعلق على كلامك أو أتعب نفسي بتوضيح شيء، مما أعرفه أنه يسمح لك ويسمح لأي منكم الاعتراض وأن يتحداني حتى يأخذ مكاني، أنا مستعد!"

صفقت المديرة بحرارة :-هذه الثقة المطلوبة، لقد أحسنتِ الاختيار يا ميار، والآن لكل من يعترض ويريد أن يتحداه عليه أن يتقدم"

رفعت ميار يدها وكأنها تعترض على شيء :- عذراً أيتها المديرة ولكني لا أظن بأنه تم اختياري بناءً على شكلي فقط، أتمنى أن يتقدم أحدهم حتى أظهر قوتي"

:-عرضكِ مغري يا ميار، جميل جداً... الأميرة تتحداكم الآن، لا تجعلوها تسخر منكم" كانت نبرتها ساخرة بمعنى الكلمة

تقدم مجموعة من الطلاب وبينهم من تحدث في البداية :- بما أني تحدثت أولاً، أرغب بتحدي يزن"

ثم تقدم شآب آخر :-وأنا سوف أتحدى ميار"

:- حسنا... من يريد تحدي يزن عليه أن يقف خلف مهند ومن يريد تحدي ميار يقف خلف سلطان"

كان الواقفين خلف سلطان فتاتين فقط وأما خلف مهند كان يقف البقية، ما عدا شاب واحد فقط من بين الجميع لم يطلب تحدي ميار أو يزن...

:-الآن اسمعوني جيداً، من يخسر ضد يزن اليوم يجب عليه أن يطيعه غداً وهكذا الحال مع خصوم ميار"

:- من المحال أن أخسر ضدك يا يزن، فأنا أثق بسيفي كثيراً"

:-سوف نرى يا مهند، لا تستعجل"

أخذتهم المديرة إلى الساحة المخصصة للقتال، وبعد وصولهم، تقدما مهند ويزن وقبل بداية النزال أعلنت المديرة القوانين...

أولاً:- يمنع إصابة الخصم بإصابة حرجة قد يفقد حياته بسببها، وبالطبع القتل ممنوع.

ثانياً:- الفائز يتحدد في حالة أغمي على الخصم أو أعلن استسلامه.

ثالثاً:- يمنع مهاجمة الخصم في حالة استسلامه.

وأخيراً:- يسمح باستخدام الأسلحة الحقيقية.

:-وهكذا تبدأ الجولة الأولى بين مهند ويزن في القتال المخصص بين مجلس الطلاب"

-

-

-

2021/03/23 · 96 مشاهدة · 1000 كلمة
Ibrahimus
نادي الروايات - 2024