قبل مدة من ذهاب المتسلل إلى قاسم، كان يبحث عنه في كوخه ولم يجده ثم توجه مباشرة إلى منزل منير حتى يسأل عنه، كان الحدد منير متعجب بوجوده...

:- لماذا تبحث عنه؟"

:- سمعت بأن مجموعة من القتلة حاولوا اغتياله، هل حدث له شيء؟"

:- لا عليك، هو بأمان الآن"

:- هل ذهب إلى المدرسة أخيراً؟"

:-لا لم يذهب... لا تقلق كثيراً فمثلما أخبرتك هو بأمان"

:- حسناً أيها القائد"

:-لست قائدك الآن، المهم إن كنت تريد مقابلة قاسم، فإنك تستطيع فعلها غداً"

:- هل سوف يعود؟"

:- لا ولكن مدربه سيكون هنا بحلول الغد"

:- آه جميل، سوف أكون هنا غداً"

وفي الموعد المحدد التقيا وبعدها بدأ حكيم يقيم مهاراته وبعدما شعر بأنها مناسبة لتدريب قاسم، أمره بالذهاب ومراقبته مدة وإن قرر الرجوع عليه أن يهاجمه، وبالطبع لن تكون هذه المهمة بلا مقابل، وهكذا وافق الطرف الآخر، عصفوران بحجر واحد، مقابلة الفتى والحصول على بعض المال...

**

وفي الوقت الحاضر

جلس قاسم بجانب المتسلل وأخذ يسترجع عافيته ويركز على شفاء جروحه بالرغم من أنها لم تكن قاتلة ولكنها سوف تفقده وعيه ولهذا أراد التركيز على شفائها إلى أن يستيقظ ذو اللثام، ثم مد يديه وأخذ ينظر في ظهر كفيه ويتأمل القطع المعدنية المثبتة على ظهر القفازين، كانا هدية من ميار وتم دمج فيهما دقة منير في الحدادة وخبرة بشائر السحرية...

كانت القطع المعدنية صلبة جداً والمعدن بحد ذاته لم يكن متوفر بكثرة أبداً فقد كانت ندرته كبيرة والعثور على قطعة صغيرة منه أشبه بالعثور على كنز...

وبالنسبة للسحر الذي وضعته بشائر فقد أشبعت خيوط القفاز بطاقة سحرية، حتى تتفاعل مع من يرتديها وسلاحه، ولم تكن لتعمل مع أي شخص وإنما أول من يرتديها وتتعرف على طاقته السحرية، وكانت عملية ضخ الطاقة في الخيوط شبه مستحيلة غير أن بشائر كانت عبقرية لأبعد الحدود ومن خصائص القفازين أنهما يتجددان بمجرد أن يضخ مرتديهما طاقته مرة أخرى ولكن بحذر...

كان قاسم يتذكر كيف نفعه زوج القفازين هذا وكيف حماه من بعض الهجمات القريبة.

بدأ الإرهاق يظهر على وجهه، فقد خاض معركة عنيفة وبعدها استخدم طاقته لشفاء جروحه وما إن تماثلت جروحه للشفاء أخذ سيفه حتى يتدرب قليلاً ويتناسى شعوره بالإرهاق والنعاس واستمر حتى شروق الشمس، ثم سمع صوت من خلفه...

:- مثل عادتك تحب التدريب"

:-أهذا أول شيء تقوله؟..هل أنت بخير؟"

:-على ذكر هذا، تبا لك أيها الشقي الغبي لماذا سددت مثل تلك الضربة القوية بينما كنت أدربك؟"

:-أعتذر... من أنت؟"

:-ها... لم تعرفني؟" تفاجأ عندما رأى اللثام يغطي وجهه والقلنسوة في مكانها، ثم تعجب وأردف قائلاً

:- لماذا لم تكشف عن وجهي؟"

ثم بادر قاسم بشرح السبب وبعدما انتهى من كلامه انفجر الملثم من الضحك...

:- بالرغم من عنفك إلا أن البراءة التي تظهرها الآن مضحكة بعض الشيء"

:- هل كنت تتمنى الموت؟ اعذرني إذن سوف أكمل ما بدأت" اقترب منه والسيف في يديه...

:-اهدأ أيها الغبي... تخيل لو أنني كنت عدو حقيقي، حينها سوف أستغل الفرصة بعدما أستيقظ وأقضي عليك"

:- هل تستطيع تحريك نفسك؟"

حاول الملثم تحريك نفسه ولكن لا فائدة..

:- شقي أحمق، لما أنتبه لوضعي بينما أنا على الأرض ممدد... فك وثاقي يا صغيري"

:-سمعاً وطاعة!"

تقدم قاسم ونزع القلنسوة ثم اللثام وبعدها صرخ بصوت عالٍ...

:-أمي الحنون"

ضحك قاسم على حال عزان فقد استوعب الآن سبب مناداته بصغيري..

:-لا ألومك يا قاسم... فقد أصبحتُ أضحوكة بسبب إهمالي"

:- أعتذر منك حقاً يا عزان، في تلك اللحظة أردت القتال أكثر وأكثر، فقد شعرت بشيء غريب بداخلي يحفزني على القتال ولم أستطع تمالك نفسي وانجرفت بعيدا"

:- لم يكن الخطأ منك يا قاسم وكان من المفترض أن أخبرك من أنا وسط القتال وفي الحقيقة أنت تطورت بشكل كبير، وأصبحت ردة فعلك طبيعية بشكل مخيف وقوتك أيضاً"

:-دعنا من هذا... كيف علمت أني هنا؟" كان قاسم يريد تجنب الحديث عن دمجه لطاقته السحرية وهالته...

:- معلمك أخبرني أن أراقبك، ففي البداية كنت أراقبك من بعيد جداً وبعدما شعرت أنك قد قررت العودة، أمرت أن أقاتلك فإن انتصرت أنت سوف يسمح لك بالغادرة وإن كان أنا المنتصر لن تستطيع العودة"

:-هذا يعني بأني انتصرت وأستطيع العودة؟ وأين معلمي الآن؟"

:- للأسف لن تستطيع العودة الآن وهذا لأن معلمك سيكون هنا في أي لحظة"

:-ولكني انتصرت عليك"

:- هل تظن بأنك أحسست بي بسبب قوتك وحدها؟"

:- ولكني هزمتك"

:-يا فتى أنا مغتال وكنت أستطيع إخفاء نفسي ومهاجمتك بغتة والقضاء عليك، إلا أنني أظهرت نفسي لك عن قصد فقد كنت أريد رؤية إلى أي مدى تستطيع اكتشافي"

:- هل تقصد بأنك أظهرت نفسك حتى تختبرني؟"

:- نعم... وظاهريا نجحت ولهذا سوف يكون هنا معلمك لتبدأ الدروس السحرية"

قاطع حوارهما دخول حكيم ثم نظر إلى حال عزان وابتسم، ثم ثنى على تطور قاسم الملحوظ وزيادة مستوى تدريبه الجسدي وارتفاع طاقته السحرية، وما إن باشر قاسم بأسئلته حتى استخدم معلمه نفس المهارة... :- اشتقت لسماع أنينك"

وبعدها عادوا إلى الكهف القديم حتى تبدأ تدريبات السحر أخيراً، فلم يتعلم قاسم شيء سوى الأساسيات فقط..

بعد عودتهم إلى الكهف وانتظارهم بضعة أيام ليستعيد قاسم عافيته تماما وكذلك عزان، وبعدها أستأذنهم عزان بالرحيل وقبل أن يذهب طلب منه الفتى خدمة بسيطة وبالطبع، سمح له حكيم بالحديث قليلاً، وكان قاسم يعلم بأن هناك من ينتظر عودته وسماع أخباره وما إن غادر عزان واختفى عن الأنظار حتى تذكر...

"تباً... نسيت سؤاله لماذا أراد لقائي"

:- حسنا يا قاسم، سوف أعلمك الآن أفضل مهارة سحرية سوف تحتاجها في حياتك كلها، وهذا بسبب طبيعتك في الهجوم والدفاع"

"......"

:- أووه لا تستطيع التحدث، لا عليك لن تحتاج لفمك لكي تتقنها"

"......!"

ماذا عساه أن يفعل غير اتباع أوامر حكيم، فقد وعده حكيم إن أتقن قاسم هذه المهارة فإنه سوف يعود إلى المدرسة ويكمل معهم وكأنه كان بينهم من الأساس، ولهذا تحمس الفتى كثيراً ليتقنها...

**

وبعد انقضاء مدة من عودة عزان وفي الجانب الآخر كانت ميار تمشي وبجانبها يزن، وفي كل مرة كانت تمر بمكان كان لا بد من حدوث بعض المشاكل، إما من معجبيها أو معارضيها فالمعجبين كانو يختلقون أشياء تافهة لا تذكر حتى تتدخل ميار لتحل النزاع بنفسها ولكن للأسف الشديد كان يزن من يتدخل ويحله، وبالنسبة للمعارضين فقد كانوا أتباع الأميرة الغير متوجة أو هكذا أطلقوا عليها وكانوا يقصدون بالتتويج أنها لم تصبح مديرة مجلس الطلبة ولكن وبشكل مفاجئ زاد الضغط على ميار وأصبح المعارضين يظهرون شيء من الهجمات، إما بكلامهم أو أرسال بعض المهارات السحرية ثم الاختباء، وهذا لأنهم كانوا يريدونها أن تفقد أعصابها...

ففي مرة من المرات التي كانت تتفحص فيها ميار بعض المرافق وأطلق عليها أحدهم مهارة سحرية وبللها، حسناً لم ينكشف شيء من جسدها بالطبع ولكن ضاعت تسريحة شعرها التي أخذت منها ساعة في تضبيطها، ثارت وغضبت ولاحقت من تسبب بهذا، ثم لقنته درساً لن ينساه، فقد كانت ترفعه ثم ترميه على الأرض وتارة تبقيه في الهواء ثم تطلق عليه طلقات سحرية هوائية وتصيبه في جسده وفي النهاية أغمي عليه، وتغيرت نظرة الكثير من المعجبين وأطلقوا عليها الأميرة الغاضبة...

هي لم تهتم بالألقاب أو شيء كهذا ولكن المديرة وبختها فقد كان عقابها للفتى مبالغ فيه وبسبب هذا أرد الكثير من المعارضين إغضابها مرة أخرى حتى يتسببوا بطردها، أو منعها من المشاركة في البطولة السنوية التي اقتربت، مما دفع يزن لمرافقتها...

كان لسوء حظها أن أغلب من في صفها كانوا متحيزين ضدها ولكن من يهتم بهذا، دخلت الفصل متألقة كعادتها، ثم ارتفعت الأصوات...

"الأميرة الغاضبة"

"الشيطانة التي لا ترحم"

"لا تهتمي لهم أيتها الأميرة"

"اخرجي من فصلنا"

تثاوبت وكأنها لا تسمع شيء ثم اتجهت لمقعدها وبعدها دخل البروفيسور وبجانبه رجل ذو تسريحة ذيل الحصان، صمت الجميع وكانت أعينهم تحدق في الرجل الوسيم الواقف بجانب البروفيسور، وبالأخص الفتيات، ظنوا في البداية أنه سيكون مدرسهم أو شيء من هذا ولكن المفاجأة أن البروفيسور تحدث...

:- ميار، تفضلي فالسيد عزان يريد التحدث معكِ عن أمر مهم"

شعرت ميار بأن هذا يخص قاسم بطريقة أو أخرى، فقد حكى لها سابقا عن أحد الأشخاص الذين ذهبوا في المهمة سابقاً وكان عزان يشبهه ولهذا خمنت وتحمست...

تغير الوضع الآن وأصبحت نظرات الفتيات المعارضات حقودة بشكل غريب فقد كانت الغيرة تأكلهن، لدرجة أن عزان لاحظ نظراتهن، وما إن تقدمت ميار ووصلت بالقرب منه حتى انحنى وكأنه يستقبل سيدته وهنا صمت الجميع بلا استثناء...

:- آسف لإزعاجك سيدتي... هل من الممكن أن أتحدث معكِ على انفراد"

2021/05/02 · 86 مشاهدة · 1284 كلمة
Ibrahimus
نادي الروايات - 2024