29 - لن أشبع فضولك بسرعة!

نظرات الجميع اتجهت لقاسم الذي بقي ينتظر خروج ميار من غرفة العلاج، ولم تكن لديهم أدنى فكرة عنه أو ما فعله ليكسب قلبها، ثم تقدمت فتاة وتعالت بعدها همسات المحدقين

"هل تريد أن تأخذه من الأميرة؟"

"حتى في هذا تغار"

"تبا لهذه الأميرة الغير متوجة"

" تستطيعين فعلها" "أووه وصلت أمامه"

"لم ينتبه لها، أهو نائم؟"

"لماذا يرتدي الزي الموحد لمجلس الطلبة؟"

كان قد اتكئ على الجدار وأغلق عينيه، فقد كانت رحلته طويلة ولم ينل قسطا من الراحة، وبالطبع استطاع سماع همساتهم وأحس باقتراب أحدهم منه ولكنه تجاهل كل هذا وأكمل استرخائه حتى ارتفع صوتها...

:- هي أنت ألا تسمعني؟"

فتح عينيه ببطء، نظر في عينيها قليلا ثم تحدث بطريقة غير مبالية :- نعم"

نظرته الغير مبالية قد أثارت غضبها... :- لا أذكر أني رأيتك هنا من قبل"

:- حسنا... الآن أنا هنا"

:- لا يهم... ماذا تفعل هنا؟"

:- أنتظر ميار"

كانت تحاول استدراجه حتى يقول أنه ينتظرها... :- ما علاقتك بها؟"

:- وما دخلكِ أنتِ في علاقتنا؟"

:- لا شيء... مجرد سؤال"

:- صديقة طفولتي"

:-آه... حسناً" فقدت الكلمات، فقد كانت تظنه التقاها هنا أو شيء من هذا القبيل ولكن أن يكون صديق طفولتها فهذا شيء مختلف تماما...

فتح الباب ثم تحدثت :- أوووه... بدأت بمغازلة الفتيات لحظة وصولك"

:- هل أنتِ حمقاء يا ميار؟"

:-أنت الأحمق"

:- نعم نعم... زاد طولك قليلاً وجمالك أكثر ولكن عقلك مثلما هو لم يتغير"

:- وأنت..." لم تكمل كلامها مشت نحوه وأمسكت بيده :-لنذهب"

ابتسم لحركتها هذه وتذكر جزء من طفولتهما، ففي كل مرة كانت هي من تبادر أيضاً لتأخذه إلى السوق أو للعب لم تكن المبادرة منه أبداً...

كانت تمشي أمامه ثم تقدم ليكون بجانبها تماماً :- سوف أخبرك بكل ما حدث وبالتفصيل أيتها الأميرة"

قال الأميرة بطريقة ساخرة ليشاهد ردة فعلها ولكن لا فائدة، تجاهلته فقط.

مع تقدم سرده للأحداث التي وقعت معه، مرة تضحك عليه ومرة تحزن على حاله ولما سرد لها موقفه مع الدب الكبير ضربته على رأسه؛ لأنه كان من الممكن ألا تراه مرة أخرى، وتارة كانت تتوعد أنها سوف تعنف حكيم لأنه رماه وسط الغابة وعامله بتلك القسوة، وفجأة مع تقدم حديثه ابتسم ولكنها كانت ابتسامة ممتلئة بالحزن، مثل من يواسي مريض على وشك مغادرة الحياة ولكنه يبتسم ليعطيه القليل من الأمل...

:- ما خطبك يا قاسم؟"

دنا منها ثم همس في أذنها :-أمي على قيد الحياة"

توقفت عن المشي ثم نظرت في عينيه، انهمرت دموعها فرحة بهذا الخبر، وقبل أن تسأله عن مكانها شهقت ووضعت كلتا يديها على فمها بعدما سمعت عن وضعها وأنها محبوسة في مكان ما...

ربت قاسم على رأسها برفق :- سوف نكون أقوى في أقرب وقت ثم نحررها"

:-أنا معك في هذا"

:- بالطبع، يداً بيد..." ثم رفع يده ومسح دموعها :- ليس وكأن الحزن سوف يغير شيء يا ميار، هيا ابتهجي"

:- لن يغير شيء ولكنه حافز لنا لنتدرب بجهد أكبر"

اتفق معها في كلامها وأكمل لها بقية الأحداث إلى لحظة وصوله للمدرسة ومقابلة المديرة، ثم سألته ميار بتعجب

:- وماذا حدث للقطة التي كانت معك؟"

أخذ يسترجع الأحداث ولكنه لم يتذكر شيء، كانت قد اختفت فجأة مثلما ظهرت أول مرة

:- لا أعلم... المهم قبل أن أنفجر من الفضول، لماذا ينادونكِ بالأميرة، ولماذا ملابسنا أنا ويزن وأنتِ متشابهة وتختلف عن بقية الطلاب؟ وأخبريني ماذا حدث معكِ خلال هذه الفترة؟"

:- هل أصابك الفضول الآن؟"

:- لا... أقصد نعم... لا أدري ولكن أريد أن أعرف يا صديقتي العزيزة"

تذكر قاسم بأنها سوف تجعل فضوله يأكله إن أصر على معرفة ما حدث ولهذا تردد في الجواب...

:- هممم... دعني أفكر" صمتت فترة ثم أكملت كلامها :- أولاً، هذه الملابس الموحدة التي نرتديها، تخص مجلس الطلبة، ويبدو أن المديرة ضمتك دون أن تخبرك وبصراحة أراها تناسبك جداً"

:- بالطبع سوف تناسبني... سمعت همساتهم سابقاً أني أرتديه ولكن ما هذا المجلس بالتحديد؟"

:- أولاً عليك مناداتي بالأميرة، وبعدها سوف أفكر بإخبارك"

:- أيتها الأميرة الجميلة، هل تخبريني ما حدث معك خلال هذه الفترة؟"

:- لم أسمع أرجوك"

بدأ يفقد أعصابه، أراد أن يشد لها شعرها ولكنه لن يعرف ما حدث إن فعلها...

:-أرجوك..."

:-فز بالمركز الأول ثم سوف أخبرك بكل ما حدث"

فقد أعصابه، ليس لأنه لا يستطيع الفوز ولكن كيف سوف ينام، هنا كانت المشكلة...

:-غبية"

وقبيل أن يبدأ شجارهما وصل يزن ثم توقفا مباشرة

:- هل قطعت شيء مهم؟"

:- لا يا يزن... سوف أدعك تهتم بقاسم الآن، أنا ذاهبة لأرتاح، وأيضا لا تخبره عن أي شيء غير المرافق ومجلس الطلبة"

:-سمعاً وطاعة أيتها الرئيسة"

غادرت ميار وكان يريد أن يوقفها حتى تخبره ولكنه تركها تذهب...

:-مسرور لرؤيتك مرة أخرى يا يزن، أراك أصبحت أقوى"

:- وأنا أيضاً، سعيد لرؤيتك بخير... لم أكن أضعف منك"

:- نعم نعم... الآن انتهيت من ميار ولا أريد أن أبدأ مجدداً"

لم يكن من يزن إلا الضحك بصوت عال :- أنت لم تتغير أبداً... المهم بما أنه يوجد وقت متبق حتى وقت النوم، سوف آخذك لأريك المرافق وأخبرك ماذا يفعل أعضاء مجلس الطلبة... ولا أدري كيف حصلت أنت على هذا الزي"

:- إذن سوف أكون تحت رعايتك" لم يتحدث قاسم عن كيفية حصوله على الزي، بل وافق على اقتراحه بكل أدب فقط.

أخذه في جولة حول المكان وفي كل مرة كان يتحمس أكثر وأكثر ويقارن بينه وبين المكان الذي كان يتدرب فيه...

انتهت الجولة التعريفية بالمرافق والوقت تأخر بالفعل وعليهما النوم والراحة حتى الغد.

وما إن أغمض قاسم عينيه حتى قام وخرج من الغرفة، تعجب يزن وسأله عن سببه خروجه وكان جوابه :-لا شيء، سوف أعود"

مشي حتى وصل إلى المكان المحدد الذي قادته إليه الطاقة السحرية، فقد كان حكيم الذي استدعاه ليتحدث معه...

:- مثلما أخبرتك يا قاسم، لا يهم إن لم تفز غداً ولكن لا تستخدم المهارة السحرية التي أهدتها لك أمك"

:- لا أغتر بنفسي ولكن لا أظن بأني سوف أحتاجها هنا"

:- أعلم هذا ولكني أخبرك من باب الاحتياط فقط، وحاول أن تكبح نفسك قليلاً فهذا سوف يجذب انتباههم وقد يحدث شيء لا تحمد عقباه"

:- لا تقلق يا معلمي، لن يحدث شيء"

تنهد حكيم ثم غادر المكان بهدوء فقد كانت طاعة قاسم غريبة بعض الشيء وكأنه كبر أخيراً وبدأ ينظر إلى الأمور بمنظور أشمل وأكبر وهذا ما ظنه فيه، بيد أن المشاعر التي في داخل الفتى كانت أكبر وأعمق وتخطيطه لحدث الغد مختلف بشكل مخيف وكان يخطط لمصيبة كبرى وفي نفس الوقت يحاول جاهداً كبح نفسه وأن يتبع التعليمات بحذافيرها.

2021/07/10 · 74 مشاهدة · 1001 كلمة
Ibrahimus
نادي الروايات - 2024