انقضت عدة أيام على نهاية البطولة وتم نقش أسماء الثلاثة الأوائل تكريما واحتراما للقوة التي أظهروها والتقنيات الرائعة التي أبهرت الجميع... وكانت الأسماء بنفس ترتيب الفائزين، من الأول إلى الثالث، قاسم ثم يزن ثم عمر.

كان الجو العام بالنسبة لأغلب الطلبة هو الإنكار، فكيف يدخل غريب للبطولة ولم يكن يدرس في هذه المدرسة، فبالرغم من أن أغلبهم لم يتكلم عن هذه النقطة، ولكن أن تمر سنة دون ملاحظة قاسم، لهو شيء عجيب والغريب في الأمر هو ارتباطه بميار، فقد كان لا بد من ملاحظته...

تحدثت المديرة ولكنها لم تقل الكثير سوى توضيح بسيط " كان يقوم بمهام خارجية، فقد كان أقوى من أن يدرس بينكم، ومن أراد التأكد من قوته فإنه يستطيع طلب مواجهته ولا أقصد بهذا أننا ندرس الضعفاء فقط، فهو كان تحت إشراف عمود من أعمدة المدرسة"

بطبيعة الحال، من سوف يواجهه؟ بالطبع لا أحد... حتى لو أنكروا وجوده، هل ينكرون حقيقة قوته التي أظهرها؟

ثم أعلنت المديرة أنه سوف يتم توزيع مهام خارجية والتي تتطلب من شخصين إلى أربعة، وسوف يتم وضع المهام المطلوبة في الساحة حتى يستطيع الكل رؤيتها واختيار المهمة التي يراها مناسبة له ولفريقه، ولكن عليه أن يتحمل المخاطر المترتبة منها، ومن لا يريد القيام بالمهام يستطيع إكمال دراسته هنا بلا مشاكل أو تدخلات خارجية...

لم تكن المكافئة كبيرة ولكن الامتيازات هي المهمة هنا، فكلما أنهى أحد مهمة ما فسوف يتم الاعتراف به وبقوته وربما يلتحق بفرق خاصة لغزو الوحوش أو يعمل مدرب في مكان مرموق وربما يخدم الملك مباشرة، أو يؤسس فرقة من المرتزقة تعمل لحماية التجار ويكسب قوت عيشه بهذا، والكثير الكثير ولكل واحد طموحه الخاص.

اختار البعض الخروج والتدرب في العالم الحقيقي وإنهاء المهمات وبعضهم اختار البقاء في المدرسة حتى يتعلم أكثر ويكتسب معرفة من الكتب والسجلات القديمة، ولم تكن مسألة اختيار المسار هي المشكلة ولكن كيف سوف يستغلون وقتهم وكمية الجهد، سواء البقاء فيها أو الخروج.

وأما بطلنا فلم يختر شيء ونادته المديرة بنفسها وبالطبع كانت ميار بجانبه ويزن كذلك ذهب معهم، وما إن دخل حتى قرر الخروح بسرعة ولكن حكيم أوقفه بعدما أمسك قميصه من الخلف...

:- مهلاً... هل من الأدب أن تخرج هكذا يا قاسم؟"

:- أعتذر يا معلمي ولكن لا أريد العودة إلى ذلك الجحيم مرة أخرى"

فهمت ميار ما قصده قاسم، فقد خمنت أن حكيم يريد لقاسم أن ينهي بعض المهام.

لاحظ حكيم ردة فعله ثم استفزه... :- هل تريد البقاء هنا والاختباء خلف الأميرة؟"

تحدثت ميار بسرعة قبل أن يتكلم غيرها :- قاسم هو الجبل الذي أستند عليه وإن قرر أن يبقى خلفي فسوف أكون السماء التي تغطيه والأرض التي تحمله"

ضحكت المديرة بشدة على تعليق ميار وأثنت عليها ثم تحدثت لقاسم الذي جلس على الأرض وكأنه طفل صغير لا يريد مغادرة المكان...

:-لماذا تريد البقاء هنا يا فتى؟"

:-أريد تجربة الحياة في المدرسة!"

كان يطمح لهذا منذ طفولته أن يدرس ويكون وضعه مثل غيره، والآن حانت الفرصة لتجربة هذا...

:- ألا تريد مقابلة الملك؟"

قام من مكانه بكل حماس :- بالطبع أريد ولكن متى أخبرني؟"

كانت المديرة تنظر في وجه حكيم ولكنها لم تتحدث، بينما يزن حاول أن ينصت بصمت حتى يفهم ما يحدث في تلك اللحظة.

:- عندما تنهي مهامك وتعود، سوف تستطيع مقابلة الملك ولكن أخبرني لماذا تريد مقابلته؟"

:- أريد أن أخبره بظلم بعض النبلاء وأنه عليه أن يقمعهم ويؤدبهم، والأمر الآخر... هو شيء يخص أبي"

:- حسناً... حينما تعود سوف تأخذك المديرة لمقابلة الملك، والآن دعنا نتحدث عن أعضاء فريقك وعن المهمة التي سوف تأخذها"

ما إن توقف حكيم عن الكلام قليلاً حتى تحدثت المديرة مباشرة لتوجه كلامها لقاسم... :- قبل أن نبدأ دعني أقول لك شيء... عندما تنهي كل المهام الباقية وتنتهي من مهامك الخاصة، سوف تكون أبواب المدرسة مفتوحة لك لتكون معلما فيها..."

نظر قاسم في وجه يزن وكأنه يسأله إن كان يريد الانضمام لفريقه، فهم يزن ما كانت تقصده النظرات ولهذا ابتسم ووافق بدون تردد...

:- أتمنى ألا تنسَ هذا يا معلمي، عندما أنتهي من المهمة سوف أقابل الملك دون أن تعطيني مهام أخرى... وبالنسبة لعرضك أيتها المديرة فأنا أشكرك وسوف أفكر فيه"

:- لا عليك يا فتى"

:- جميل!.. بالنسبة للفريق سوف نكون أنا وميار ويزن وأريد اختيار عمر أيضاً ولا أدري إن كان سوف يوافق"

:- لماذا عمر بالتحديد؟"

:- أثق بمهاراته!"

:- وأنا أثق في اختيارك... سوف تعطيك المديرة تفاصيل المهمة... أراك لاحقاً يا فتى، كن بخير"

أنهى كلامه وغادر مباشرة.

تحدثت المديرة موجهة كلامها لقاسم ورفاقه... :- سوف أخبركم الآن عن مهمتكم وسوف تكون مهمة حراسة في قرية قريبة من غابة الموت"

:- ألا تعتبر تلك المنطقة خطيرة أيتها المديرة؟"

:- نعم يا يزن، ولكني لا أريدكم أن تدخلوا الغابة... عليكم إبقاء القرية آمنة لفترة فقط"

:- حسنا"

كانت ميار تنظر لقاسم الذي أراد أن يتحدث ولكنه أمسك نفسه ولم يقل شيء، ثم تذكرت أنه تدرب في تلك المنطقة، والآن سوف يعود إليها... ياله من محظوظ!.

أخذوا تفاصيل المهمة وعلموا ماذا عليهم أن يفعلوا بالتحديد ثم انصرفوا، وبعدها ذهب قاسم ليبحث عن عمر حتى يطلب منه الانضمام، وأخيراً وجده...

:- وجدتك أخيراً"

كان عمر هو الذي بادر بهذه الجملة...

:- اوه عمر... أهلاً، هل كنت تبحث عني؟"

:- ما خطب ردة فعلك هذه... بالطبع، هل نسيت ما وعدتني به؟"

:- عن ماذا بالتحديد؟"

:- ذاكرة السمكة... عن أخي عزان"

:- تذكرت... سوف أخبرك بالتأكيد ولكن ليس هنا وهذا بسبب أننا نريد الذهاب في مهمة خارجية ونريدك أن ترافقنا وسوف نتحدث في الطريق"

:- موافق"

:- هكذا فقط موافق؟"

:- كنت أبحث عن شركاء لأذهب معهم في مهمة خارجية ولكن المشكلة كانت في الاختيار، ولهذا وافقت على اقتراحك فقد شهدت قوتك"

:- ممتع... اتبعني سوف آخذك لباقي أعضاء الفريق"

اندهش عمر بعد رؤيته لميار ويزن في نفس الفريق فقد كانت هذه التشكيلة قوية جداً، ولهذا نظر في وجه قاسم...

:- كيف فعلتها وجمعتهم؟"

:- نحن أصدقاء"

اقترب عمر وهمس في أذن قاسم :- عرفني على الأميرة"

:- ميار... عمر يريد التعرف عليك"

:-قاسم أيها الغبي..." لم يكمل عمر كلامه ووجد ابتسامة خبث على وجه ميار ثم مباشرة غير الموضوع... :- أطلعوني على المهمة التي سوف نتوجه إليها"

بعد اطلاعه عليها، أخذ يفكر أكثر ثم أكد لهم بأنه لن يتراجع بمجرد أن المكان به خطر كبير، ثم قرروا الذهاب والقيام برحلتهم الأولى كفريق.

2021/06/18 · 85 مشاهدة · 978 كلمة
Ibrahimus
نادي الروايات - 2024