38 - يجب أن آخذ غفوة. (نهاية الموسم الأول من الرواية)

بقي قاسم يحدق في الأعداء لوهلة قبل أن ينقضوا عليه ثم وضع أمه التي كانت قد ختمت نفسها بداخل حجر كريستالي ثم أخذ نفسا عميق...

:- هيا لنبدأ اللعب"

ولأن طاقته السحرية قد نفدت تقريبا؛ فقد اعتمد على قوة جسده فقط في مواجة خصومه وقبيل أن ينطلق سمع صوت حكيم في أذنه..

"سوف تتفعل مصفوفة تحت قدميك الآن وعليك أن تبقى بداخلها لبعض الوقت واحرص على ألا يكون أحد غيرك فيها، فلن تنقل سوى شخص واحد"

انتهت الرسالة هنا وابتسم بطلنا الصغير فقد رأى أمل إنقاذ أمه قد ازداد، ثم ظهرت نقوش سحرية تحت قدميه وبعدها وضع أمه فيها وما إن وضعها حتى خفض رأسه بسرعة، فقد أتاه رمح طائر من أحد الأعداء...

أدار قاسم رأسه فقد كان يعلم بأنهم لن يلمسوا أمه بسوء بسبب حاجتهم لها ولكنهم سوف يحاولون أخذها بأي طريقة...

أمسك سيفه بيده اليمنى ثم رفع يسده اليسرى ووضعها خلف رقبتها ثم حرك رأسه بطريقة مستفزة وكأنهم لا شيء أمامه، مجرد إحماء.

بالطبع ترددوا كثيرا والخوف قد دب فيهم بسبب جثة قائدهم الملقاة أمامهم، فلم تكون قوته بسيطة أو قليلة بل كانت طاغية جدا، بيد أنهم مجبرين على الهجوم وإلا سوف يكون الموت مصيرهم...

تقدم المبارزين في البداية وبسبب ضيق المساحة فقد كانت الأفضلية لقاسم، تقدم ثلاثة منهم ولكنهم لم يصمدوا كثيرا بل سقطت جثثهم بسرعة كبيرة ثم صرخ أحد السحرة ليعيد للبقية رشدهم...

هنا بدأت المشكلة، فقد تحدث الساحر موجهاً كلامه لزملائه :- سوف يحمي المرأة التي خلفه وفي نفس الوقت لن يستطيع تجاهل هجماتنا بسبب ضيق المكان!"

وقف السحرة في خط واحد وبدأوا في إلقاء نفس التعويذة "كرة النار"

لم يخاطروا بإلقاء تعويذة كبيرة وبقوة أكبر بكثير حتى لا يتسببوا في انهيار الكهف فوقهم، وهذا لا يعني بأن المهارة التي ألقوها ضعيفة بل قوية ولكنها لا تغطي مساحة كبيرة.

ركز قاسم نظره في الكرات النارية التي أطلقوها عليه ثم أخذ يقسم بعضها ويصد بعضها بسيفه وكان لجسده نصيب منها حتى أن كتفه قد تغير لونه وكذلك قدمه اليسرى غير أنه وقف ولم يتزحزح، وفضل أن تكون هذه معركة استنزاف حتى يكسب بعض الوقت لتتفعل تعويذة الانتقال، فكلما كانت المسافة أطول، تأخرت التعويذة أكثر...

لاحظ أحد السحرة وجود دائرة سحرية خلف قاسم بدأت تضيء، ثم صرخ للمبارزين بالهجوم عليه دفعة واحدة.

كان بطلنا قد بدأ يتعب بالفعل ولهذا كان يصد بعض الضربات ويستقبل بعضها بجسده، وكانت الدماء تتطاير من كلا الجانبين...

ثم توقف الأعداء وتراجعوا إلى الوراء بسبب أن تعويذة الانتقال قد تفعلت أخيراً...

بقي قاسم يحدق في أمه وابتسم متناسيا الوضع الذي هو فيه ثم همس ببضع كلمات " كان ذوق والدي جيد حقاً"

لم تكن كلماته تناسب الموقف أبداً.

**

في الجانب الآخر وسط حكيم ومنير وبشائر ووسط ترقبهم لظهور قاسم، خرج شيء كريستالي وكانت الدماء قد غطته من كل الجهات، ثم بدأ الدخان يتصاعد منه وكانت دماء قاسم قد بدأت تذيبه...

لم يتحدثوا بشيء ولكن كانت أعينهم تحدق فيما يحدث أمامهم وفي المرأة التي بدأت تظهر ملامحها أخيراً...

كانت حوراء... نعم حوراء... ولكن كيف؟ ماذا حدث بالتحديد؟ أهذه دماء قاسم؟ أين الفتى الآن؟

كانت التساؤلات قد انهارت عليهم كسيل عرم....

جثى حكيم على ركبتيه ثم تحدث بصوت خافت :-ابنة أخي!"

مد يده ليحملها ولكنها بقيت تنتفض من الخوف الذي بقي في قلبه...

ماذا سيقول لها عندما تستيقظ، كيف سيخبرها عن قاسم وعن والده وكيف أنه فشل في إنقاذهما وكيف تسبب في تسمم باسل ولو لم يكن يعلم...

ثم ماذا بعد... لم يستطع المحافظة على قاسم وحمايته وفشل في إيفاء وعده...

أحكم قبضته بقوة ومد يدها ليحملها ثم تحدث أخيرا وبصوت مسموع...

:- دعونا نأخذها ونتأكد أنها بخير ونزود جسدها بالطاقة إن كان يحتاج، وبعدها سوف نقلق بشأن قاسم"

:- أستطيع تحمل البحث مرة أخرى، دعوني أحاول"

أنهت بشائر كلامه ثم بدأت بدأت تكح وبعدها خرجت الدماء من فمها...

:-يكفي يا بشائر... لا نستطيع المخاطرة بفقدانك، وبالنسبة لقاسم فسوف أبحث عنه بنفسي مع الفرقة القديمة"

كان منير الذي تحدث بعدما ساعد بشائر على النهوض.

:-سوف نراجع كل شيء بعدما تستفيق حوراء، ربما تستطيع مساعدتنا"

وافقوا حكيم على كلامه ثم أخذوا حوار إلى مكان مناسب حتى تتم معالجتها جيداً.

**

بالعودة إلى قاسم، كان قد ابتسم ابتسامة شرسة بعدما انتقلت أمه... :- سوف ألعب معكم الآن بكل أريحية"

انطلق مثل المجنون وبدأ يلوح بسيفه في كل مكان ولم يهتم بالجروح التي كانت تصيب جسده، فقد كان يتجنب الإصابات القاتلة فقط ويترك الخدوش والجروح السطحية وكان يتنقل بينهم بشكل سريع، أخذ محيطه وضيق المكان في صالحه، فقبل أن يستل أحدهم سيفه، كان يسقط دون أن يدرك ماذا حدث له...

ومع اقتراب وصوله إلى المخرج ونهاية الأعداء الذي انطلقوا للقضاء عليه، كان يجر سيفه بيده فلم تتبقى له طاقة ليحمل نفسه، وما إن وصل لنهاية الطريق حتى وجد نفسه فوق قمة جبل شامخ...

"أظنها نهايتي!" " حسناً... لم تكن سيئة فقد أنقذت أمي"

ثم بدأ يفقد وعيه تدريجياً وكان فضوله هو الذي أبقاه واقفا لا غير...

"ولكن ما هذا المكان وأين أنا" "هل سوف تفتقدني ميار إن اختفيت بهذه الطريقة؟" "ماذا عن يزن؟"

"مهلاً... هل سوف تكون أمي بخير؟"

استعاد وعيه قليلاً بعدما ذكر أمه، ولكنه كان يصمت لوهلة ثم يكمل كلامه وفي النهاية وبعدما تسائل أخيراً عن أمه، تدراك وضعه ثم تسائل للمرة الأخيرة...

"متى بدأت أسقط من فوق هذا الجبل؟" "شعور السقوط مريح، يجب أن آخذ غفوة الآن"

سلم أمره، ثم أغمض عينيه وارتخى جسده كله.

ارتمى جسده من فوق الجبل دون أن يدرك، فقد بقي يمشي بلا وعي حتى سقط منه.

2021/06/18 · 87 مشاهدة · 857 كلمة
Ibrahimus
نادي الروايات - 2024