39 - عالم الظلام ( الموسم الثاني)

ارتمى جسده من فوق الجبل دون أن يدرك، فقد بقي يمشي بلا وعي حتى سقط منه.

كان سقوطه من الجبل غريب ففي البداية هوى بسرعة كبيرة ثم انكمش بشكل عجيب واختفى من الوجود، وكانت المنطقة بأكملها قد أظلمت وكأن الظلام ابتلع الشمس، ثم تبدد النور واختفت الظلال ولم يتبقى إلا الظلام فقط، وكان العالم كله قد شهد هذا التطور الغريب، استمر لثوان ثم عاد كل شيء مثلما كان وكأن ما حدث كذبة أو وهم من نوع ما...

بعدها شعر وكأنه يطفو فوق السحاب، أراد فتح عينيه ولكنه تردد قليلا ثم بدأ يسأل نفسه " هل أنا ميت؟"

إحساس الوحدة والهدوء الذي أحاط بالمكان والشعور المشؤوم الذي تسلل لجسده والهواء البارد الذي داعب جروحه كانت كلها علامات تشير على أنه انتقل لمكان آخر... قرر أن يعد في نفسه إلى الثلاثة ثم يفتح عينيه

1

2

3

......

"لا أستطيع فعلها"

أخذ نفسا عميق ثم قرر أن يعيد الكرة مرة أخرى

1

2

3

"..........."

لم يفتح عينيه حتى الآن، كان خائفا من فكرة أنه ميت الآن، بالرغم من أن فضوله قد أكل رأسه ولكنه لم يستطع تجاوزه إلا بعدما أحس بأن جروحه أخذت تعالج نفسها... حكة خفيفة في يده اليمنى، ثم زادت رغبته أكثر...

"حسنا سوف أفتح عينيّ" بقي يحدق بصمت...

لم يستطع التحدث أو التفكير في أي شيء... كان الظلام قد غطى المكان بأكمله... جسده طفا فوق بحيرة واسعة ذات لون أسود، وفوقه ظلام دامس والهدوء كان سيد الموقف... أراد الوقوف على قديمه ولسبب ما لم يستطع التحرك، كان يشعر بألم التئام الجروح فقط ولكنه لم يقدر على تحريك أي جزء من جسده... ثم تحدث في نفسه مرة أخرى

"ماذا فعلت في حياتي حتى يحدث لي هذا؟"

خائف مما قد يحدث معه وربما تكون هذه مهارة الأعداء أو ربما هنا ترقد أرواح الموتى، آلاف التساؤلات قد خرجت من رأسه ثم همس بصوت خافت :- أين أنا؟! "

"عالم الظلام"

صوت اتى من كل الجهات وكانت نبرته متكبرة لحد ما... انفعل قاسم بسبب الجواب الذي حصل عليه وسأل مباشرة

:- من أنت وكيف أحضرتني إلى هنا"

"كنت بداخلك منذ مدة ليست بالطويلة"

ثم هدأ المكان لوهلة وبعدها عاد الصوت مرة أخرى

"أغمض عينيك وسوف تعلم كل ما تريد معرفته"

تردد قاسم في البداية ولكن ماذا عساه أن يفعل، فقد شلت حركته تماما وأصبح عاجزا في هذا المكان وكل ما كان يستطيع فعله هو الكلام فقط.

****

في القرية كانت ميار قد استشعرت ارتفاع الطاقة السحرية وتقلبها في الهواء ثم انطلقت مسرعة لتخبر يزن، وهو الآخر كان قد بدأ يستشعرها أيضا...

كان في داخلهم تساؤل واحد" هل قاسم بخير"

كانا يعلمان أن قاسم لن يبقى في مكان واحد أو يتابع المشهد بهدوء بل سوف يحشر أنفه في كل صغيرة وكبيرة، حتى وإن كانت مهمته هي المراقبة وأخذ المعلومات ولكن فضوله لن يجعل مهمته تمر بسلام أبدا.

وفي كل مسافة يقطعانها كانت رائحة الدماء تزداد اكثر لدرجة أن ميار غطت أنفها ثم تقيأت فقد رأت المجزرة أخيرا ووقفت مندهشة غير مستوعبة لما حدث في هذه المنطقة...

وأما يزن فإنه تمالك نفسه ولكنه أخذ يحدق في كل مكان ليبحث عن قاسم وكل ما كان يراه هي أجساد الأعداء المقطعة والمنتشرة في كل مكان، وكأن جزارا مر من هنا... كانت مذبحة من طرف واحد. تقدما أكثر وأكثر وتتبعا آثار المعركة التي حدثت، وأخيرا استعادت ميار رشدها وركزت طاقتها لتبحث عن قاسم ثم وقفت مندهشة...

كانت آثار المعركة واضحة وضوح الشمس وكان الأعداء في كل مكان ولكن المشكلة أن قاسم قد اختفى وكأنه انتقل لمكان ما والمصيبة أن ميار لم تستطع استشعار وجود قوة سحرية أو مصفوفة هنا.. وبعد البحث الطويل في المنطقة، تجمد يزن وميار لم تسلم أيضا، نظرا إلى الأعلى وكان الظلام قد ابتلع كل شيء وتم قمع طاقتهم بشكل إجباري، ولوهلة ظنت ميار أنها قد أغلقت عينيها ثم بالفعل أغمضت وفتحت عينيها ثم تبدد كل شيء واختفت هالة قاسم الموجودة في المكان...

ولكن ما حدث بعدها كان أقرب إلى الخيال وإن تم إخبارهم في ما بعد فلن يصدقوا مهما يكن الشخص الذي أخبرهم به، فقد بدأت الجثث تتآكل وتظهر منها هالات مظلمة وكأنها نار سوداء ليست من هذا العالم، فقد تبخرت جميع الجثث التي كانت منتشرة في كل مكان وبقيت آثار المعركة فقط.

****

كان قاسم قد أغمض عينيه ثم بدأت بعض معلومات العالم المظلم تظهر في رأسه وتذكر أن حكيم هو من اعطاه إياه ولكنه لم يستيقظ طوال تلك المدة لأن قاسم لم يستوف الشروط المطلوبة لإيقاظه وكان أقلها أن يكون في تحول الشرنقة وأن يكون على قرب خطوة من الموت...

وأما المعلومات التي تدفقت بعد ذلك كانت ناقصة ومبهمة ولم يستطع قاسم فهمها ثم فتح عينيه وسأل :- ماذا أفعل إن لم أستطع الفهم؟"

"....."

كان يكلم نفسه ولم يسمع الجواب ثم قرر تغيير السؤال :- هل يمكنك إخباري بطريقة أخرى؟"

لا مجيب... :- تبا... لماذا لا أستطيع فهم هذه المعلومات المبهمة؟"

اخيرا رد عليه الصوت

"لأنك ضعيف"

ثم صمت وقبل أن يتحدث قاسم، قاطعه الصوت وأكمل كلامه... "تحتاج أن تكمل الجزء الناقص من سيفك"

:- وكيف أخرج من هنا وأكمل الجزء الناقص وأين أجده؟"

"أنا من يتحكم في مكان نقلك وليس أنت"

"أستطيع إخراجك في أي وقت أريد ولكنك لا تستطيع الدخول في أي وقت تريد، والآن افتح عينيك"

2021/07/10 · 73 مشاهدة · 819 كلمة
Ibrahimus
نادي الروايات - 2024