وفي اليوم التالي استيقظ قاسم قبل شروق الشمس بقليل ثم بدأ بمارسة تدريباته الاعتيادية وبعدها أغمض عينيه وحاول تخيل الهالة تحيط بجسده وتصبح درع له، ولكنه ما إن بدأ حتى استشعر ثلاث هالات مختلفة بداخله، سوداء وصفراء ذهبية وهالة بيضاء تخص البرق الذي ظهر سابقاً من يديه، ظن أن الأمر طبيعي جداً أن يمتلك الساحر هذا الاختلاف ولم يعره اهتمام كبير

بل صبّ تركيزه في كيفية دمجهن حتى استطاع أخيراً دمج هالتين فقط، الصفراء والبيضاء وذلك لأن السوداء كانت تلتهمهن كلما حاول دمجها، ثم نجح بتشكيل الدرع الشفاف الذي أخبره عنه منير ثم قرر التوجه للغابة ولكن بسبب فضوله للاكتشاف، اتجه لنفس المكان الأول ولم يكن ينبغ عليه الذهاب بسبب فارق القوة بينه وبين الوحوش، وصل للغابة ودخل خلسة بينما الحراس منشغلين بإعادة ترميم الحاجز الذي يمنع الوحوش من دخول القرية فقد اعتادو كل شهر هجمة أو هجمتين منهن

تعمق الفتى أكثر وأكثر في الغابة وبين حين وآخر كان يشعر بشيء خلفة وبالأصح يراقبه، فخاصية استشعار الخطر عنه أصبحت طبيعية بعد تلك التدريبات والتأملات التي يقوم بها كل يوم، بل أصبح الحاسة أشد بعد تفعيله للدرع وحصوله على الطاقة السحرية، ولم تمر دقائق حتى ظهر ذئب ضخم البنية أزرق اللون ذو أنياب ومخالب بارزة تلمع كأنها أنصال أعدت خصيصا للاغتيال، أخرج قاسم السيف ثم مشي بخطوات قصيرة جداً لكي لا يترك ثغرة في دفاعه حتى أصبح بينه وبين الذئب مترين فقط وبحركة سريعة من الوحش ظهر بجانب قاسم ثم فتح فمه ليعضه ولحسن الحظ كانت ردة فعله سريعة جداً وإلا ما كان ليخدش فقط بل ستؤكل يده، وفي الجانب الآخر أصيب الذئب في عينيه فقد لوح الفتى بسيفه بينما تجنب تلك الهجمة، بعدها ثنى قاسم رجليه قليلاً وكان يستعد للقفز، وفجأة هاج الذئب وأصبح شرساً أكثر بعد تذوقه تلك الدماء الطازجة المشبعة بالطاقة السحرية، لعق أنيابه وهجم من الإمام هذه المرة، قفز ليهاجم رأس قاسم وفي اللحظة اللتي اقترب فيها منه، انحنى الفتى ثم قفز للأمام ولوح بسيفه للأعلى، فقد تجنب الهجمة وألحق ضرر بسيط في الذئب بعدها قال قاسم في نفسه:" حان دوري للهجوم"

تقدم بسرعة وبدا يلوح بالسيف ولكن الذئب كان يتجنب الهجوم وأخيراً أوقف السيف بأنيابه وحاول أن يلقيه، بيد أن قاسم ابتسم:"وقعت في الفخ"

ثم نطق كلمة واحدة:"إضرب"

وكان يقصد بها البرق الذي خرج سابقاً من يده، فقد استطاع الشعور بذلك الإحساس وراهن عليه، وما إن نطق حتى خرج برق تسلل من أصابعه ثم السيف وصولاً لفك الوحش مما أدى لإصابته إصابة بالغة جداً، ثم ترنح الذئب وحاول الهرب ولكن الفتى كان له بالمرصاد
:" فريستي الأولى"
قفز ليقضي على الذئب ثم لوح بالسيف بعدما اقترب منه كثيراً وقبيل وصول السيف، ظهرت مسامير من الإرض متجهة لقاسم عكس تلويحة السيف ليصدها وإلا كان سيقضى عليه تماماً وبالرغم من انه تصدى لبعضها بيد أن جسده أصبح مغطاً بالجراح، ثم لاحظ أن فرو الذئب قد قل كثيراً وتلك المسامير لم تكن سو فراءه، هنا تذكر قاسم بأن ضد وحش ذو تصنيف متوسط وله مهاراته السحرية أي أنه أقوى منه!، شعر بأن جسده بدأ ينهك فقد كان مثخن بالجراح الكثيرة والدماء تسيل منه، ولكن النظرة في عينيه الواسعتين يظهرن مدى إصراره على الفوز وبدأ يفكر في حل سريع، أغمض عينيه، نشر طاقته على مدى مترين، وبدأ بتوزيع الهالة الصفراء على السيف وهنا شعر الذئب بأنه عليه الهجوم وهجم بلا تردد وبعدما دخل مدى قاسم، ظهر ضوء ذهبي اللون من السيف وكأنه رمح طويل ليخترق قلب الذئب معلناً نصره الأول ومن شدة فرحه تناسى الجرح ورفع السيف عالياً

:" فعلتها أخيراً"

ثم ظهر رجل من خلفه قائلاً:" عدت مرة أخرى، يبدو بأنك تكره حياتك حقاً.. أمازحك أيها الفتى، بل أنت جوهرة يجب صقلها جيداً!"

التفت قاسم ليرى المتحدث ولكنه سقط من شدة التعب ونقص الدماء، ولم يلمح وجه ذلك الرجل ثم فقد وعيه...

وفي تلك الأثناء كانت ميار متجهة لمنزل قاسم وعلى وجهها علامات الغضب، فكيف لا يذهب لزيارتها بعد عودته وعلى الأقال خوض مبارزة ودية معها والنقاش حول القسم الذي سيلتحقان به وأشياء كثيرة كانت تدور في عقلها، وما إن وصلت لمنزله حتى توقف تفكيرها وصرخت بشدة
:-أيها الأحمق، تعطي تدريباتك أهمية أكثر مني"

ثم اقتربت من الجرف القريب من كوخ قاسم وابتسمت ثم أغمضت عينيها وهمست قبيل مغادرتها
:- تمنيت لو أنك معنا، على الأقل ما كان ابنك ليرهق نفسه بالتدريب هكذا وكنا سنستمتع بوجودك بيننا"

ونعود الآن حيث كان قاسم مستلقياً وسط الغابة وبجانبه جثة الذئب ورجل مسن..

انحنى الرجل ثم حمل قاسم من سترته وسيفه باليد الأخرى، ثم انطلق به عائداً لكوخ قاسم وكأنه يعلم الطريق جيداً وما إن أنزله حتى بدأ بعلاجه ثم ابتسم
:- كل أفراد هذه العائلة متهورون حقاً، ولكن ليس باليد حيلة، سأكتفي بالمراقبة والحماية ولن أنقض العقد وأخلف الوعد مع السيدة حوراء"

وبعد مرور مدة قصيرة من ذهاب الرجل، استيقظ قاسم وبدأ ينظر يمنة ويسرة ثم أصابته قشعريرة انطلقت من ظهره حتى رأسه وتذكر الموقف، ثم وقف ليستوعب أكثر وكيف وصل لمنزله، حتى لمح تلك الرسالة التي كتب فيها...

:-حملتك لبر الأمان هذه المرة وفي المرة القادمة ستموت على يديّ.. عليك أن تنهي دراستك وتتلقى تدريباتك ثم سنلتقي مرة أخرى"

-
-
-
-
-
-


2021/01/23 · 139 مشاهدة · 805 كلمة
Ibrahimus
نادي الروايات - 2024