بينما كان الصغير غارقاً في نوم عميق على كومة قش، هاجمه حلمٌ غريبٌ يطارد فيه شخصاً مجهولاً. استيقظ الصغير غارقاً بالدموع، حزيناً لأول مرة في حياته. بقي هكذا حتى نهض أخيراً، مصمماً على مواجهة يوم جديد.

مع شروق الشمس، واجه الصغير حيرته. لم يكن يعرف ماذا يفعل، فهو معتمدٌ بشكلٍ كليّ على غرائزه للنجاة. تجوّل هنا وهناك، حتى انتهى به المطاف أمام الصخرة العملاقة غامضة التي رأها في الأمس.

أذهله حجم الصخرة مرةً أخرى، ومدّ يده بدافع الفضول ليلمسها. في اللحظة التي لامست يده سطحها، توهّج أحد النقوش بشكلٍ ساطع، وبدأت الصخرة تهتزّ بعنف، وكأنّها تصرخ. ابتعد الصغير مذعوراً، لا يعرف كيف يتصرف.

فجأة، انفصل النقش المضيء عن الصخرة منطلقاً نحو جبهة الصغير، مصطدماً بها. دفعت الصدمة الصغير إلى الخلف، وشعر بحرارةٍ هائلة تغزو جبهته. بعد لحظات، اختفت الحرارة، وبدأ الصغير يشعر براحةٍ غريبة تغمر عقله.

ظهرت رسومات غريبة داخل عقله، ترشده على كيفية أداء حركاتٍ معينة. حاول الصغير تقليدها، لكنّه فشل في البداية. لم تستسلم إرادته، وبعد محاولاتٍ لا حصر لها، نجح أخيراً في إتقان الحركات. شعر بتغيّرٍ غريبٍ داخل جسده، وكأنّه يلتهب من الداخل، بينما شعورٌ آخر يطفئ ذلك اللهب بلطف.

شعر الصغير بالأمان والطمأنينة، وسقط على الأرض منهكاً من التعب. بعد ساعات، استيقظ على صوت زقزقة معدته، فبدأ بجمع الحجارة لرميها على الأشجار وجمع الثمار.

هذه المرة، انطلقت الحجارة بقوةٍ هائلة، متجاوزةً نصف الشجرة بسهولة. صُدم الصغير من قوته، وتوقع أنّ سبب ذلك هو الحركات التي تعلمها عند الصخرة.

حاول تقليد تلك الحركات أثناء رميه للحجارة، ونجح في رميها بدقةٍ مذهلة. أسقط خصلة كاملة من الثمار، وعاد إلى كوخه سعيداً.

بعد تناول الطعام، نظر الصغير إلى الخربشات مجدداً. مُنتقلاً إلى الخربشة التالية، والتي كانت تحتوي على طريقة لجمع أوراق الأشجار المتساقطة وكيفية التعامل معها.

قام الصغير بجمع بعض الأوراق ووضعها على الأرض، ووضع الثمار داخلها. لافٌ الأوراق حولها، ثمّ جلبَ ورقةً أخرى لنفسه. هكذا تعلم كيفية تغليف الطعام حتى لا يفسد، وكيفية صنع غطاء بسيط لنفسه ليحميه من برد الليل القارص.

على عكس الأشجار العادية كانت الأشجار المحيطة به ثمارها واوراقها ضعف الحجم العادي.

بهذا إنتهت رحلة الصبي الصغير لهذا اليوم الطويل الشاق.

2024/04/11 · 42 مشاهدة · 336 كلمة
Null
نادي الروايات - 2025