نظر بوب للجثة..وجلس القرفصاء ولبس قفازاته ثم أمسك شعرها بهدوء وأدار رأسها..ليفز للخلف ينظر بهول إليها، وقف يفرك وجهه بيديه بقوة..ثم أعاد شعره للخلف وقال بعد أن أطلق تنهيدة طويلة" يا إلهي..جيسيكا المسكينة، كيف سيكون رد آدم على هذا.."
سحب اللاسلكي ليتصل برفاقه يبلغهم ماحدث، ثم تنفس الصعداء وتمتم من جديد بأسى" آدم المسكين..ألا يكفي إصابته من شارلوت والصدمة التي سببتها له!"
ثم كلمهم عبر اللاسلكي وأبلغ القسم ماجرى...
***
فتح كارل عينيه بخمول، ينظر من حوله بكل تعب محاولاً معرفة أين هو...
غرفة صغيرة..مليئة بالصناديق الخشبية، إضاءتها صفراء خافتة مزعجة، وراحتها عفنة قذرة ناهيك عن الأرضية التي تملؤها الدماء التي جفت مع مرور الزمن...
ثم بدأ يستعيد وعيه..وتذكر الأحداث الماضية وكيف وصل هنا الآن، أخذ يحرك يديه وقدميه المكبلين مع الكرسي بإحكام..تنفس الصعداء وقد بدأ يتنهد بسرعة، حينها سمع صوت فتح الباب السميك أمامه..فوجه بصره نحوه بسرعة وقد بدأت دقات قلبه تزداد شيئاً فشيئاً...
دخل رجلان شديدا البنية يمتلكان ملامح حادة تبعث على الشر..أحدهما يحمل حقيبة سوداء جلدية والآخر يرتدي نظارة سوداء، نظر صاحب الحقيبة للآخر وقال" هل أباشر أنا؟"
أشار له رفيقه أنه لابأس، فمشى عدة خطوات ثم وقف أمام طاولة كانت خلف كارل بقليل ووضع الحقيبة فيها، فتحها بكل هدوء لتلمع تلك الأدوات الحديدية النظيفة مع النور الأصفر ذاك، إبتلع كارل ريقه وسأل ومازال في صدمة" مـ..من أنتم؟"
لم يرد عليه أحد، فأتبع يقول" من أنتم وأين إبني؟ أين أخذتموه أيها اللعناء!؟"
إقترب صاحب الحقيبة منه حاملاً مقص نحيلاً بيده وقال بكل هدوء" أتريد رؤية إبنك؟"
هز كارل رأسه عدة مرات بسرعة، فأتبع الرجل حديثه" إذاً يتوجب عليك تحمل بعض الألم أولاً..لن يكون ممتعاً موتك قبل رؤيتك لإبنك، أليس كذلك بيج؟"
هز رفيقه ذو النظارات رأسه إيجاباً، ليردف كارل بخوف ممتزج بغضب" لما تفعلون هذا؟؟"
قرب الرجل وجهه من وجه كارل وهمس بكل شر" لنقل أنه القدر"
ثم قرب المقص بكل هدوء ليبدأ كارل بالتحرك يشتُم ويصرخ محاولاً التحرر، قإقترب صاحب النظارات وكان أضخم من صاحبه وباشر بلكمه على وجهه بقوة هائلة، حتى أصبح كارل مثل الورق المبلل..مرتخي وهادئ...
إبتسم رفيقه وباشر بعمله..وأول شيء فعله كان قص أذن كارل بكل برودة وهدوء...
ليصرخ كارل بكامل صوته وهو يتنفس بسرعة محاولاً التحمل لكن الألم طغى عليه..فقال الرجل بإبتسامة خبيثة" على مهلك لاتضيع صوتك هكذا...مازلنا في البداية فقط"
***
إستيقظت شارلوت تشعر بصداع في رأسها بسبب نومها بغير وسادة، جلست مكانها تحك شعرها بيدها بينما تنظر حولها بعينين شبه مغلقتين...
ثم وقعت عيناها على مايسون النائم جالساً أمامها على اليمين...
رفعت رأسها تنظر من الثقب، لتتأفف وتقول" أختبئ هنا كالجرذ..وأقضي وقتي بالنوم، يا إلهي ماهذا الملل..سأجن!"
أطلقت تنهيدة طويلة ثم لمحت شيئاً يلمع بجانب مايسون، ضيقت عينيها وإقتربت بكل هدوء تنظر تارة لمايسون وللشيء تارة أخرى، ثم إبتسمت بنصر حين أمسكته وحدثت نفسها" هاتفي.."
شغلته دون وعي ودون تذكر مدى سوء فعل ذلك، رأت إن كنت هناك إشارة..لكن لم تكن هناك...
دخلت لصندوق الرسائل، فوجدت رسالة معلقة من صديقتها الغالية كُتِب عليها:
* مرحباً شارلوت، إتصلت بكِ كثيراً ولم تجيبي..لكن أعتقد أن إرسال لكِ رسالة أمر أفضل، فأنا لا أعرف كيف يتوجب علي أن أكلمك...
أنتِ لم تستحقي كل مايحدث لكِ، أنتِ أفضل مني وأنا أعلم ذلك جيداً..وأنتِ مدينة لي بإعتذار، آسفة، آسفة جداً لم أكن أعي ما أفعل..أعلم أنني خسرتك..لكن، فالتغفري لي رجاءً*
*من صديقتك العزيزة، جيسيكا*
قضبت شارلوت حاجبيها وكتبت بتعجب:
*ماذا تقصدين بذلك؟ ولما تعتذرين؟؟ ماذا فعلتِ جيسيكا!؟*
ليفتح مايسون عينيه في تلك اللحظة، نظر فوراً للهاتف فخطفه منها ونزع البطارية والشريحة فوراً بإنفعال، لتفز هي للخلف وتقول" شـ..شعرت بالملل فقط وأردتـ-
قاطعها معاتباً" ملل؟ شعرتِ بالملل إذاً تذهبين وتعلمين الشرطة بمكان وجودنا!"
إتسعت عينا شارلوت وتمتمت" ماذا؟"
فضرب هو جبهته بيده يلوم نفسه وإفراطه في الشعور بالأمان، ثم نظر إليها وقال" متى شغلتِ الهاتف؟؟"
-" الـ..آن فقط"
-" جيد ربما مايزال لدينا وقت" قال بينما يقف ويعرج نحو الخارج، لتلحقه شارلوت بينما تقول بندم" آسفة..لا أدري كيف نسيت أمر التتبع تماما، كان غباءً مني.."
فقال هو مصطكاً على أسنانه بينما يخرج من الكهف" أجل كان غباءً منكِ!"
قضبت هي حاجبيها بضجر وصمتت تلحقه مسرعة، فور خروجه وضع ذراعه على عينيه متجنباً لضوء النهار..ثم مشى مسرعاً بينما هي من خلفه تقول" إنتظرني...
لم يتوقف..بل واصل الركض مسرعاً بينما يقول" أسرعي..سيكونون هنا في أية لحظة"
سألت شارلوت من بين لهثها وبكل غباء" من هم؟"
صرخ مايسون بنفاذ صبر" الشرطة! الا يوجد حدود لغبائك!؟؟"
عقدت هي حاجبيها وصرخت" لاتصرخ علي!"
لتلتوي قدمها وتسقط خلف شجيرات كانت على يسارها والتي كانت تغطي منحدراً شبه عميق...
تدحرجت كالكرة بينما تصطدم بجذوع الشجر التي تخرج من صلب الأرض حتى وصلت لنهاية المنحدر...
تأوهت بصوت خفيض محاولة تحريك جسدها لكن دون جدوى فالألم يذبحها وجسدها بأكمله يوجعها، شعرت بمايسون ينزلق وينزل المنحدر بهدوء..ثم ركض إليها وأدار جسدها بهدوء لتستلقي على ظهرها، فقال" هل يمكنكِ الوقوف؟"
هزت رأسها بالنفي وقد إحمر أنفها وبدأت دموعها بالنزول بصمت..وبألم...
تنفس هو الصعداء وسحبها ببطئ يجلسها بجانب شجرة كبيرة محفورة بالداخل، أمسكت هي بطنها بألم محاولة التنفس ولم تتوقف دموعها عن الهطول دون أن تصدر صوتاً أو تنطق بحرف...
ليمسك هو وجهها بيديه ويقول ونظرة العزم في عينيه" إسترخي..كل شيء سيكون على مايرام" شهقت هي وإنفجرت بالبكاء أكثر من ذي قبل، متشبثة بقميصه خائفة من تركه لها...
ليسمع كِلاهما ضوضاء قريبة منهما..وصفارات الشرطة كذلك...
تشبثت به أكثر ونظرت إليه تترجاه بعينيها وقالت بصوت خافت" لاتتركني لهم..أرجوك.."
قال هو محاولاً تهدئتها" لن أذهب لأي مكان.."
بينما يفكر بطريقة للخروج من هذه المصيبة وفي الحال، سولت له نفسه في البداية ترك شارلوت والهرب ببساطة..لكن شيء ي داخله يمنعه من فعل ذلك...
قالت شارلوت بعد تردد طويل" إذهب فقط..سأكون بخير.."
-" لايبدو وكأنكِ تقولين هذا الكلام من صميم قلبك.."
إبتسم وأتبع بصوتٍ عميق رافعاً حاجبيه" أعتقد أنني بت أفهم الآن لما وقع كارل بحبك"
إتسعت عيناها تنظر إليه ثم أشاحت بنظرها عنه دون وعي منها بخجل، فأخذ هو نفساً عميقاً وأزال معطفه وبدأ يمزقه بأسنانه وشارلوت تنظر إليه تارة مستغربة مما يفعل وتنظر للجروح التي غزت جسدها بألم تارة أخرى...
قال لها" هل ترين الشجرة هناك؟"
ووجه إصبعه السبابة خلفها، لتدير هي رأسها وتقول" أين؟"
ليوجه إليها ضربه قوية مؤلمة أفقدتها وعيها، ثم قام بربطها بقطع الأقمشة تلك وإغلاق فاهها بها كذلك..وحملها وقام بإدخالها داخل تلك الشجرة التي كانت تتكئ بظهرها عليها...
ثم أزال القماشة التي ضمدت بها قدمه في الكهف ليسهل عليه الجري ولاتعيقه..ثم إنطلق بعيداً بأقصى سرعته...
ليلمحه أحد رجال الشرطة ويصرخ" هناك! إنه هناك!!" وأشار بيده نحو مايسون الذي يجري بعيداً عنهم بعشرات الأمتار متجهاً نحو المدينة...
***
في تلك الأثناء وفي مكانٍ آخر، كان آدم مستلقياً على أريكة داخل مركز الشرطة وقد فتح عينيه للتو مستيقظاً من نومٍ عميق، جلس في مكانِه بصعوبة ممسكاً فخذة المضمد...
ثم أطلق تنهيدة طويلة وتمتم مكلماً نفسه" آه~ يا شارلوت.."
ثم وقف بهدوء وعرج نحو مكتب الرائد سبنسر..ليكلمه فيما يخص موضوع شارلوت وماسيكون مصيرها، حين أمسك مقبض الباب وأوشك على فتحه سمع الرائد يتكلم على الهاتف يقول" أقتله أو إفعل به ماتشاء ليس من شأني!" وأغلق الخط، لترن كلمات شارلوت في رأس آدم دون أن يعلم لِما...
(كلكم سواسية..لايمكنني الثقة بأي منكم، تدّعون الشهامة من الخارج وما أنتم إلا منافقين أسوء من المجرمين نفسهم!)
قضب آدم حاجبيه ثم هز رأسه بالنفي وطرق الباب بعد ثوانٍ..ليسمع الرد" أدخل"
دخل وأغلق الباب خلفه مدعياً بأنه قد وصل للمكتب للتو، فسأله الرائد" كيف حال إصابتك؟"
-" شكراً..أنا أفضل حالاً الآن"
-" آدم، فالتأخذ إستراحة..لدينا مايكفي من الرجال للإمساك بهما"
-" كلا سيدي، أريد فعل ذلك بنفسي..كما أنـ-
قاطع حديثهما صوت طرق على الباب، ثم دخل أحد الرجال بعد أن أذِن له الرائد بالدخول وقال:
-" سيدي، لقد تلقينا معلومات تفيد بأن الجاني قد شوهد يفرّ ركضاً بإتجاه المدينة"
همهم الرائد بإيجاب وقبل أن يتحدث سمعا طرقاً آخر على الباب ليدخل أحدهم وقال بعد تردد طويل" لقد إتصل أحد رجالنا وأوردنا بمعلومة تفيد بالعثور على جثة في منزل كارل ريس.."
ثم نظر لآدم وأتبع بأسى" تفيد التقارير بأن الجثة تعود لزميلة كارل..جيسيكا جونسون"
إتسعت عينا آدم وصمت للحظات، ثم حرك يده في الهواء وكأن الكلمات قد هربت منه مضيقاً لعينيه" ماذا تقول؟ ما الذي تهذي به آنتوني!؟"
-" آسف جداً أيها الملازم"
مسح آدم وجهه بقوة وأخذ يفرك عينيه، ثم قال بعد أن أخذ نفساً عميقاً" لابد أنها ليست هي، يجب أن أتأكد بنفسي"
ثم همّ ليخرج مسرعاً من المكان ليصطك الرائد على أسنانه بغضب وتوتر..ثم حمل معطفه وركض خلفهم...
***
نزل آدم من السيارة فور وصولهم وصفع الباب خلفه وركض بإستعجال نحو منزل كارل ودخل، ليجد بوب واقفاً أمامه ويقول" آسف ياصديقي.."
دفعه آدم وكأنه غير مرئي بالنسبة له، ودخل مصدوماً ينظر أمامه لمكان الجثة المرسوم حولها بالأبيض..لكن الجثة لم تكن هناك، وضع بوب يده على كتفه من الخلف وقال" لقد أخذوها، إنها في الشاحنة خلف المنزل.."
أسرع آدم نحو الشاحنة يركض ويدعو أن لاتكون أخته الصغرى هي الجسد الموضوع داخل تلك الشاحنة، فتح الباب وجلس بجانب السرير ممسكاً القماش الأبيض الذي يغطيها..وما إن أزاله حتى أجهش بالبكاء بصوت خافت واضعاً يديه على عينيه...
يبكي تارة..ويفرك وجهه بعنف تارة أخرى...
نظر إليها بعيون حزينة قد إحمرت إثر دموعه الساخنة، مسح على وجهها برقة وتمتم بصوت متقطح مبحوح" هل تألمتي..أختي الصغيرة الحبيبة"
ثم عاد يبكي من جديد يفرك وجهه ويستنشق الهواء محاولاً تمالك نفسه، ليكلمها من جديد بكل حرقة وألم" آسف..آسف لأن أخيك لم يكن بجانبك لحمايتك، آسف لأني صرخت عليك دوماً..آسف لأني قلت بأنكِ تشبهين أمنا..وقفتِ معي دوماً على عكس تركها لنا، آسف..لأني لم أستطع من هذا من الحدوث.."
ظل جالساً في الشاحنة لفترة طويلة، يكلمها تارة ويجهش بالبكاء تارة أخرى...
ولم يتجرأ أحد على الإقتراب من الشاحنة خلال تِلك الفترة...
ثم خرج بهدوء يعرج بوجه محمر لكن لا أثر للدموع..وكأن شيئاً لم يحدث...
وقف أمام بوب وقال" كيف حدث هذا؟"
أجاب صديقه بوب بتعلثم" لـ-لقد وجدتها صباح هذا اليوم هكذا، لا أثر لكارل صاحب المنزل ولا أثر لإبنه كذلك"
-" هل هو من فعل هذا بها؟"
-" كلا لانظن ذلك، بدى الأمر وكأنه تم دخول المنزل قسراً والإعتداء عليهما..كما أن الجيران قد شاهدوا رجالاً يدخلون المنزل بعدد كبير ولكنهم لايعرفون ماحدث بعدها.."
-" إذاً تعتبر هاته حالة إختطاف وقتل"
-" أجل.."
مشى آدم بحزم وقال محدثاً نفسه" أياً كان من فعل كل هذا..فسيدفع الثمن غالياً!"
***
في مكانٍ آخر، كان كارل يلهث والرجل الضخم ذو النظارات يقف أمامه يلكمه بأقصى قوة حتى إنتفخ وجهه وإمتلئ جسده بالكدمات من رأسه لأخمد ساقيه، بصق دماً وسقطت معه ضرس من تلك الأضراس التي نزعها ذلك السادي المجنون من فمه قسراً...
ثم توقف صاحب الضخم عن ضربه لوهلة ونظر لهاتفه الذي رن معلناً أنه قد تم إستلام رسالة...
فقال مكلماً رفيقه" لقد وصل"
ثم راح يفتح الباب بينما يضع الآخر أدوات التعذيب خاصته ووقف بإحترام، ليدخل سيدهما ذو الوجه الشاحب مرتدياً بذلة باللون الأزرق الغامق..يمشي بضع خطواتٍ نحو كارل وعلى وجهه إبتسامة نصر وسعادة...
أزال السيجارة من فمه وقال بصوت مبحوح بعد أن نفث الدخان" يبدو أنك تمر بوقت عصيب كارل"
رمش كارل بعينيه لوهلة ثم رفع رأسه ببطئ وتعب ينظر للرجل أمامه بصعوبة..محاولاً تحديد هويته تحت ذلك الضوء الخافت المزعج، ثم خرجت من فمه كلمات مبعثرة يصعب فهمها" من..أنـ..ت.."
فهز الآخر رأسه بإيجاب رافعاً حاجبيه وقال" ألا تذكرني ياصديقي العزيز؟ أعلم..ليس ذنبك، فقد تغيرتُ كثيراً بعد أن خسِرتُ بعض الوزن"
ثم إقترب نحوه بعد أن سحب سحبة من الدخان لينفثها من جديد لكن في وجه كارل هذه المرة، ليسعل كارل بينما الآخر يقول" ميتش لوبيز...لا يذكرك هذا الإسم بأحدهم؟"
ضيق كارل عينيه محاولاً التذكر..ثم إتسعت عيناه ورفع رأسه قائلاً بإنفعال" أنت..ريكارد!؟"
-" إذاً مازلت تذكر إسم إبني؟ هذا جيد لحد ما.."
-" ما الذي تريده؟؟"
وقف ريكارد بإعتدال وفرقع أصابعه، ليدخل رجل آخر حاملاً كيساً كبيراً على كتفه وما إن وضعه حتى بدأ الكيس بالتحرك فجأة، فجلس ريكارد القرفصاء وفتح الكيس بكل هدوء ليتضح بأن من كان بالداخل هو موزيس...
إتسعت عينا كارل وصرخ بإنفعال" موزيس! موزيس..ما الذي تحاولون فعله!؟"
ربت ريكارد على رأس الصغير المربوط ومغلق الفاه، ثم نظر لكارل وقال" أعتقد أنك تعلم ما أحاول فعله"
نظر إليه كارل بترجي وقال بتسرع" لاتفعل..لاتفعل ريكارد أتوسل إليك أن لا تفعل!"
نظر إليه الآخر بعيون حاقدة مرتخية وقال" فالتشعر بما شعرت به قبل عشر سنوات"
صرخ كارل" لم يكن ذنبي! كان حادثاً ريكارد أقسم أنه كان حادثاً! لم يكن إبنك يضع حزام الأمان ذلك الوقت فطار خارج السيار-
قاطعه الآخر يصرخ بإنفعال" إخرس عليك اللعنة!! سأسلب إبنك منك كما سلبت مني روحي وأنت لاتستطيع فعل شيء لمنع ذلك، ثم سأقتلك بعدها واللعنة عليكما!"
ثم وقف وموزيس يبكي ينظر لوالده تارة وللرجل تارة أخرى بخوف، وضع ريكارد السيجارة في فمه ومد يده ليسلمه صاحب النظارة مسدساً..شحنه بكل برودة ووجهه نحو موزيس بينما يقول" توعدت لك منذ زمن وحذرتك..لكنك لم تتوقع مني أن أفعلها صحيح؟"
-" لاتفعل ريكارد..أتوسل إليك أرجوك، إفعل بي ماتشاء ها أنا أمامك..لكن أرجوك دعه وشأنه أتركه!"
تجاهل ريكارد كلام صديقه السابق وقال مكلماً نفسه" كنت سأقضي عليه قبل أسبوع..لولا أنه إختفى فجأة دون ترك أي أثر"
ثم هم ليسحب الزناد ليقول كارل" ألم تكن صديقي؟ لما أنت حاقد إلى هاته الدرجة تعلم أنه كان حادثاً!"
قضب الرجل حاجبيه وإشتعلت النيران داخل عينيه، فقال مصطكاً على أسنانه بغضب" صديقك!؟ أنا كنت صديقك!؟ لم تكن تعتبرني أي شيء في حياتك..كنت تقضي وقتك مع مايسون دوماً وأنا كنت الأبله وسطكم!"
تنفس الصعداء محاولاً تهدئة نفسه ليحظى بشرف سعادة هذه اللحظة التي إنتظرها منذ زمن طويل..ثم أتبع" أتعلم كم خططت وعملت من أجل هذه اللحظة؟ لقد بنيت حياتي في السوق السوداء بعد هجر زوجتي لي، وعملت جاهداً حتى أصبح لي نفوذ..وها أنا ذا سأقتلكما، ولن يسمع بذلك أي أحد"
ثم سحب الزناد وما إن سحبه حتى رن هاتفه، سحب الهاتف بكل هدوء وقد سقط موزيس أرضاً والدماء تفيض منه كالينبوع الساخن...وكارل يصرخ بكامل صوته حتى برزت عروقه وإحمر وجهه" لااا لا لا كلااا موزيـــس!!"
أخذ يبكي ويصرخ ويحرك جسده محاولاً التحرر من تلك القيود، بينما أجاب ريكارد على الهاتف وسط صرخات كارل المتألمة..فقال:
-" نعم"
-" هل إنتهيت؟ أسرع وأنهِ مابدأته فوراً فنحن في طريقنا إليكم!"
-" ألا يمكنك أن تأخرهم لبضع دقائق أخرى؟ بدأ المرح للتو.."
-" أخرّتُهُم بالفعل! الملازم عثر على مخبأكم في وقت قياسي..أسرع"
-" عُلِم"
ثم أقفل الخط، إستدار ريكارد ينظر لكارل الذي ينتحب على إبنه وقال بإبتسامة مستمتعاً" أوتعلم..غيرت رأيي، لن أقتلك الآن، يعجبني منظرك هكذا"
ثم أشار لتابعيه أن يخفوا الأدلة وأن يرحلوا معه الآن...
***
على الجانب الآخر، كان الرائد سبنسر في السيارة جالساً..فكلمه تابعه يقول" هل سيغادرون الآن؟ لانريد أن نقع في المتاعب"
أجاب الرائد بغرور" لن نقع في المتاعب..قُد بسرعة"
هز تابعه رأسه بإيجاب وزاد من سرعته، بينما كان آدم في إحدى السيارات المجاورة رفقتهم يقود بأقصى سرعة لديه، يقود ولايفكر سوى بأخته وبمن فعل بها ذلك...
ما إن وصلوا إلى المكان المطلوب ترجل آدم من سيارته مسرعاً وصفع الباب خلفه، دخل المنزل ركضاً بالرغم من إصابة فخذة..حاملاً مسدسه بيديه يتفحص المنزل بكل حذر...
لتقع عيناه على كارل الملقي مع الكرسي على الأرض، فركض إليه يتفحص نبضه وإبنه، ليدخل الرجال الآخرين من خلفه متفحصين بقية الغرف..لكنهم لم يجدوا أحداً..ولاشيئاً...
أسرع آدم بحمل الصغير داخل سيارته وأمرهم أن يدخلوا كارل هو الآخر داخلها، ليفتح كارل عينيه وتقعا على الرائد سبنسر..ضيقهما بتعب وتمتم" أنت.."
ثم صرخ بجنون" هل كنت أنت وراء هذا أيها المبتز اللعين!!؟"
ودفع الشرطة يمشي نحوه ليركض آدم بدهشة ويقف أمامه، ثم نظر داخل عينيه وإقترب يهمس في أذنه بشيء ما، فصمت كارل وصعد السيارة بهدوء وبمساعدة أدم له..ثم إنطلق نحو أقرب مشفى دون تضييع لحظة واحدة...
***
في تلك الأثناء وفي مكانٍ آخر، كانت الشرطة تواجه وقتاً عصيباً مع الهارب مايسون الذي يهرول وسط الناس وقد نال منه التعب...
وتمت محاصرته أخيراً من يمينه وشماله، وهاهم يتقدمون من خلفه أيضاً..ولايوجد أمامه شيء غير الجسر المعلق والناس التي تحمل هواتها تصور المطاردة بينه وبين الشرطة...
لم يكن له خيار سوى الصعود على حافة الجسر يلهث من التعب ولم يعد يشعر بقدمه من شدة ألم الجرح بركبته...
ينظر يميناً وشمالاً وقد طوقت الشرطة المنطقة برجالها محاولين إبعاد الناس الفضولية عن هذا المجرم الخطير الذي زلزل الحكومة، فأمسك أحد الرجال مكبر الصوت وقال" إستسلم أنت محاصر"
وضع مايسون يده على عينه بسبب الشمس التي كادت تثقب رأسه من شدة حرها وضوئها الساطع، فتراجع خطوة للخلف ونظر من خلفه فإذا به يجد إرتفاعاً شاهقاً لن يسلم منه من يسقط هناك...
أطلق تنهيدة طويلة ثم إستنشق الهواء وقال بصوت عالٍ" إسمي مايسون لورانس..وأنا المعروف بسفاح الحكومة قاتل السياسيين"
يتبع...
بارت طويل لعيونكم😎 آرائكم؟ توقعاتكم؟؟
شكراً على القراءة..أنرتم💚✥بقلم إيمان إيدا✥