11 - النار في القلب

في صباح رمادي هادئ بعد ان فترق عن اصدقاء ، جلس يوشيرو على حافة جرف مطل على بحيرة السكون. كانت المياه صافية لدرجة أنه رأى انعكاس وجهه بوضوح، لكنه لم يشعر أن من ينظر إليه هو نفسه.

أغمض عينيه وهمس:

"النار لا تعني الدمار دائمًا... أحيانًا، تعني النور، والإلهام."

**

منذ لقائه بالشبح، تغيّر شيء في داخله. لم تعد تلك الأصوات تؤذيه كما كانت، بل بدأت تتحول إلى همسات من الشعر، حروف تتراقص في ذهنه، وكأن عقله أصبح بوابة بين السحر والقصيدة.

كان يوشيرو قد بدأ يقضي وقته في التجوال بين القرى الصغيرة، يتحدث مع الناس، يراقب حياتهم، ويكتب عنهم. لم يكن يسعى وراء القوة، بل وراء الفهم.

**

في أحد الأيام، مرّ على قرية صغيرة تشتهر بصناعة الأحبار السحرية. الأحبار التي تكتب بها الأمنيات على ورق مخصوص، ثم تحفظ في أعمدة خشبية لتتحقق لاحقًا.

لفت انتباهه طفل صغير كان يجلس قرب جدار، يكتب شيئًا على ورقة ويردد تعويذة خافتة.

**

اقترب يوشيرو وسأله:

"ماذا تكتب؟"

قال الطفل ببساطة:

"أريد أن يعود أبي من الجبال."

**

جلس بجانبه وابتسم بهدوء، ثم أخرج دفتره وكتب:

"هناك أمنيات لا تحتاج سحرًا... بل قلبًا صادقًا."

**

في هذه القرية، تعرف يوشيرو على امرأة كبيرة في السن تدعى ساكو، كانت معروفة بأنها "الراوية". كانت تحفظ الحكايات القديمة، وتقول إن كل قصة تروى تبعد الظلال عن العالم.

قالت له ذات ليلة، قرب المدفأة:

"أحيانًا يا بني، السحر ليس في الأفعال العظيمة... بل في أن تنصت جيدًا، أن تحب بصمت، وأن تكتب كما لو أنك تنقذ أرواحًا."

**

بدأ يوشيرو في كتابة قصائد سحرية، لكنها ليست لتدمير أو هجوم، بل لتضميد المشاعر، ولمنح القوة لمن فقدوا الأمل. وكان كلما أنهى قصيدة، يشعر بأن قلبه يهدأ قليلًا، وكأن شعلة بداخله تُعاد تشكيلها.

**

كتب ذات مساء:

"أنا لست من فقد...

بل من يسير بين الرماد

ليبحث عن دفءٍ لم يولد بعد."

**

شيئًا فشيئًا، بدأت قصائده تنتشر في القرى. لم يكن أحد يعرف من هو كاتبها، لكنهم كانوا يطلقون عليه لقب: "الظل الحكيم".

**

لم يكن ذلك يهم يوشيرو، فقد بدأ يشعر أن مهمته الحقيقية ليست في الانتقام، ولا في استرجاع الماضي، بل في أن يكون مرآةً للقلوب، صوتًا للأرواح التي نسيت كيف تتكلم.

**

وفي قلب تلك النار، التي كانت يومًا مدمرة، وُلِدت شُعلة جديدة. ليست للقتال… بل للسلام.

2025/04/06 · 11 مشاهدة · 363 كلمة
PUNJAB
نادي الروايات - 2025