كان الصمت سيد المكان، وكأن الأرض نفسها تحبس أنفاسها. وقف يوشيرو أمام البحيرة، يحدّق في سطحها الراكد، فلم يرَ انعكاس وجهه، بل رأى شيئًا غامضًا… ظلًا يتكوّن تدريجيًا، بلا ملامح واضحة، فقط عينان تلمعان كجمرة خافتة.

اقترب أكثر، خطواته على الطين الرطب كانت كأنها خطوات شخصين، لا واحد.

**

ثم سمع صوتًا عميقًا في ذهنه:

"من يطيل النظر في هذه البحيرة، يرى وجهه الحقيقي… أأنت مستعد لرؤية من تكون؟"

رد يوشيرو همسًا:

"أنا لا أبحث عن من أكون… بل عن من يجب أن أكون."

**

وهنا، بدأت البحيرة تتماوج ببطء، وخرج من وسطها طيف يشبه يوشيرو تمامًا، لكنه يرتدي عباءة من الظلال، وعيناه لا تحملان أي شعور.

قال الطيف:

"أنا أنت… بلا شفقة، بلا تردد، بلا قيود. إن أردت جيش الظلال، يجب أن تقبلني أولًا."

**

سكت يوشيرو، ثم قال:

"لن أكون مثلك… لكني لن أرفضك. الظلال لا تُخيفني… ما يخيفني هو أن أكون عاجزًا أمام من أحب."

**

الطيف ضحك للمرة الأولى:

"جيد… أنت لم تنكرني، وهذا أول شروط العهد."

ثم اختفى الطيف في دوامة من الدخان، وتكوّنت رموز سحرية على سطح الماء، تنقسم إلى خمس دوائر سوداء، دارت حول يوشيرو، ثم دخلت في صدره.

**

ثم سمع الصوت من جديد:

"الآن تملك نواة الظل… لكنك لا تملك الجنود. ابحث عن المقبرة القديمة، وهناك… قل الكلمة."

**

تراجع يوشيرو ببطء، ووجد أن الغابة فتحت طريقًا جديدًا أمامه، مضاءً بالضوء الخافت لقمر لا يُرى في السماء.

**

في طريق عودته، التقى بـ شينكو مجددًا، وقد خرج من مساره الخاص، وعيناه مضيئتان برؤية جديدة.

قال له:

"أنت تغيّرت، يوشيرو… هل حصلت على ما جئت لأجله؟"

أجاب يوشيرو:

"ليس بعد… حصلت على المفتاح فقط."

**

عاد الاثنان إلى نقطة البداية، منتظرين عودة الآخرين. وبعد يومين، عادت ريزا، متعبة، وصامتة، لا تتحدث، فقط تكتب على ذراعها رموزًا بلغة مجهولة.

أما هاكو… فلم يعد.

**

نظر يوشيرو إلى السماء، وقال في نفسه:

"الظل أعطاني وعدًا… وأنا سأجعل عائلة هيسامي لا تُكسر أبدًا."

**

ثم أخرج من جيبه قصاصة قديمة كتب فيها:

"حين لا تعرف من أنت… ابدأ بمن تُحب، واصنع منهم ذاتك."

2025/04/06 · 8 مشاهدة · 328 كلمة
PUNJAB
نادي الروايات - 2025