29 - ريح المساء وذكريات الأوتسوكاء

بينما كانوا يتابعون سيرهم، كانت الرياح تتعالى من حولهم، وأوراق الأشجار تتطاير في السماء الداكنة، وكأنهم يسيرون نحو قدرٍ عظيم لا يعرفون ملامحه بعد.

قال يوشيرو وهو ينظر إلى السماء الغائمة:

"سيحل الليل قريبًا، دعونا نتوقف هنا الليلة."

نظر كين من حوله بخوف وقال:

"لكن... أين سننام؟ لا يوجد مكان!"

ابتسم يوشيرو وأغلق عينيه قليلًا، ثم قال بصوت منخفض تداخلت فيه قوة غريبة:

"نام كارين... سون ريكوشي... كيراسا."

وفجأة، ظهر منزل كبير في وسط البرية، كأنه انبثق من الفراغ، تحيط به أشجار مُنحنية بفعل الرياح، وهالة خافتة من السحر تغلفه.

قال تشو فانغ بدهشة:

"أنت تحسب كل شيء مسبقًا، أليس كذلك؟"

رد يوشيرو وهو يضع يديه خلف ظهره:

"بالطبع."

دخل الجميع المنزل ليستريحوا، بينما بقي يوشيرو في الخارج، يقف تحت شجرة شاهقة، بجواره الشيطان "ناريوس"، ذو الهالة السوداء.

قال يوشيرو بهدوء:

"أين سيكون اللقاء؟"

أجاب ناريوس:

"في وسط الطريق... في البقعة التي تتقاطع فيها ثلاث ظلال."

قال يوشيرو وهو يلوّح له:

"اذهب الآن."

انحنى ناريوس احترامًا، ثم اختفى كظِل ابتلعه الليل.

توجه يوشيرو إلى الشجرة وجلس أسفلها، وأخذ يتمتم بقصائد، صوته كان مزيجًا بين الحزن والعزيمة، وكأنها كلمات محفورة من قلبٍ أثقلته الذكريات:

"يا ريح الليل، لا تهدئي،

أخبري القمر عن جرحي الخفي.

عن وطنٍ سقط في حضن الضعف،

عن بيتٍ لم يعرف السيف النقي.

سأبني من الرماد عرشًا،

ومن الحزن قوة لا تُحدّ.

لن تسقط هيسامي كما سقطت أوتسكاء،

سأمنحها سحرًا لا يُكسر أبدًا."

ظل يوشيرو على تلك الحال، يتأمل في الفراغ، وفي ذهنه تتكرر صورة عائلة "أوتسكاء"، التي كانت ذات يوم بيته، وسقطت لأنها لم تكن تملك قوة تحميها.

قال لنفسه وهو ينظر إلى السماء:

"لن أسمح لعائلة هيسامي أن تسقط... لن أسمح بتكرار نفس الخطأ."

ومع دخول نسيم الليل البارد، شعر بالنعاس، فنهض

بهدوء وعاد إلى المنزل، حيث كان الجميع قد غطّ في نومٍ عميق.

2025/04/06 · 12 مشاهدة · 288 كلمة
PUNJAB
نادي الروايات - 2025