الليل كان صامتًا، لكنه لم يكن هادئًا... الرياح تعوي كما لو أنها تهمس بالأسرار، والسماء ملبدة بغيوم سوداء كأنها تعرف أن شيئًا شريرًا قد عاد للحياة.
في أحد الطرق الجبلية القديمة، سار رجل ببطء على الطريق الحجري، عباءته الرمادية تتمايل خلفه، وصوت عصاه الخشبية يضرب الأرض بنغمة منتظمة. لم يكن يبدو مهددًا، لكن كل من رأى عينيه... شعر أن هذا الرجل لم يعد إنسانًا عاديًا.
كان هذا الرجل هو يوشيرو.
لم يكن يتحدث كثيرًا، لكنه حين يتحدث... يختار كلماته كمن ينحت على الحجر، وكانت أولى كلماته في رحلته:
"الخداع ليس كذبًا... بل فن إخفاء الحقيقة عن أعين لا تستحقها."
دخل يوشيرو أول قرية، وهي قرية صغيرة تُعرف بـ"كازوري"، كان أهلها يعانون من ظلامٍ مختلف... طاغية صغير، أحد أبناء العائلات الكبرى، استولى على مواردهم، وأجبرهم على عبادته كإله، مستخدمًا سحر الظلال.
لم يُظهر يوشيرو قوته، بل دخل كمسافر، وأقام في نُزل قديم يملكه رجل أعمى.
في تلك الليلة، جلس بجوار الموقد، وبدأ يقرأ بصوتٍ هادئ:
"كذبةٌ أُسقيها بالعسل، أُغلفها بالحكمة، وأرميها في عقل عدوّي... فتُثمر خرابًا في داخله دون أن يشعر."
اقترب منه الرجل الأعمى، وقال:
"أنت لست عابرًا عاديًا... ما هذا الذي في صوتك؟"
ابتسم يوشيرو وقال بهدوء:
"أنا عابر طريق... يبحث عن طريق لا يسلكه إلا الشياطين والحكماء."
وفي تلك الليلة، اختفى الطاغية من القرية.
لا أحد عرف كيف، ولا أحد رأى من فعلها.
فقط وجدت جثته محترقة في وسط المعبد، مكتوب على الأرض بجانبه بيت شعر محفور بالنار:
"ظلمتَ فكنتَ حطبًا للعدالة،
فمن زرع الهلاك... حَصَد لعنة الشيطان."
منذ تلك الليلة، بدأت إشاعات تنتشر عن رجل غريب يظهر فجأة، يحل الكوارث، ثم يختفي. البعض قال إنه قاتل مأجور، البعض قال إنه ساحر منسي، لكن لا أحد تخيل أن هذا الرجل كان الخادم الذي مات منذ ثلاث سنوات.
كان يوشيرو يقف أمام شجرة ضخمة على قمة جبل.
همس لنفسه:
"لقد مات الضعف بداخلي... والآن، سأُعيد كتابة هذا العالم."