6 - أرض الذكريات السوداء

كان الفجر ينساب بين الأشجار، يلون السماء بألوان رمادية وذهبية، لكن شيئًا في ذلك الضوء لم يكن مريحًا... كأن الشمس نفسها تتحسس المكان بخوف.

كان الثلاثة يسيرون في صمت نحو أطلال قديمة دلّتهم عليها "ميساكي"، تُعرف باسم أرض الذكريات السوداء. موقع منسي من خرائط العالم، ولا يُروى عنه سوى أساطير... تقول إن فيه "مذبح الأرواح"، حيث تُسلب الذاكرة مقابل معرفة الحقيقة.

**

عند بوابة الأطلال، نظر يوشيرو إلى الحجارة السوداء المغطاة بالطحالب، وتمتم:

"رائحة الدم لا تفارق الحجر، وإن مرّت عليه آلاف السنوات."

ابتسمت ميساكي وقالت مازحة:

"هل كنت شاعرًا في حياة سابقة؟"

فأجاب يوشيرو دون أن ينظر إليها:

"بل في موتٍ سابق."

**

ما إن عبروا البوابة حتى تغير كل شيء.

الأرض نفسها بدأت تُضيء تحت أقدامهم، ودوائر سحرية ظهرت فجأة، تحاصرهم.

صرخ رايكا:

"فخ!"

لكن يوشيرو لم يتحرك. فقط أغلق عينيه وقال بهدوء:

"ليس فخًا... بل مفتاح."

وفجأة، انهارت الأرض من تحتهم، وسقطوا في أعماق مظلمة.

حين فتحوا أعينهم، وجدوا أنفسهم في غرفة ضخمة، جدرانها من حجر أسود مصقول، وفي وسطها... مرآة.

لكنها لم تكن مرآة عادية.

**

اقترب منها يوشيرو ببطء. انعكاسه لم يُظهر شكله الحالي، بل صورة طفل صغير، يجلس في الظلام، وحوله أصوات همسات.

وفجأة، ظهر وجه... وجه يعرفه جيدًا.

أحد وجهاء عشيرة أوتسكا... يتحدث إلى رجل غريب يرتدي عباءة من دم.

"احتفظ به... هو المفتاح. حين يبلغ السن المناسب، سيفتح البوابة. لكن احذر، إن علم من يكون... فلن يُمكنك التحكم به."

تراجع يوشيرو، وجهه أصبح شاحبًا.

**

قالت ميساكي بقلق:

"ماذا رأيت؟"

لكنه فقط تمتم:

"خيانة... منذ البداية."

ثم نظر إلى رايكا وميساكي، لأول مرة بعين مختلفة... ليس كغريبين، بل كـ رفيقَي درب مؤقتين، ربما سيبقون... وربما سيرحلون.

**

وعندما همّوا بالخروج من الأطلال، وقفت أمامهم سيدة غريبة، تغطي وجهها بوشاح أبيض.

قالت بصوتٍ هادئ:

"أنت بدأت ترى، يوشيرو... لكن الطريق إلى القوة المطلقة لا يُفتح إلا بالدم، والكثير من القصائد المنسية."

اختفت قبل أن يسألها من تكون.

لكن في قلبه، كان يعرف... هذه ليست إلا بداية الطريق.

**

وفي أعلى التل، كتب سطرًا آخر في دفتره:

"كلما اقتربت من الحقيقة... بدأت تفقد أجزاء من نفسك،

لكن الحكيم... من يعرف أيّ الأجزاء يستحق أن يُفقد."

2025/04/05 · 13 مشاهدة · 341 كلمة
PUNJAB
نادي الروايات - 2025