لم يكن الليل هذه المرة ككل ليلة مرّت.

كان السكون عميقًا جدًا، حتى أن صوت أنفاس يوشيرو صار كأنّه همس داخل كهفٍ لا نهاية له. جلس وحده بعيدًا عن رفاقه الجدد، على صخرة تطل على الوادي، والريح تحرك عباءته الرمادية.

منذ أن خرج من "أرض الذكريات السوداء"، شعر أن هناك شيئًا تغيّر داخله.

لم يكن الشيطان الذي يسكنه صامتًا هذه المرة... بل كان صوتًا آخر قد بدأ يتكلم.

لكن هذا الصوت... لم يكن يشبهه، ولم يكن شريرًا.

كان هادئًا، دافئًا، كأنه ذاكرة قديمة.

**

"يوشيرو... لا تكن عبدًا للحقد،"

قال الصوت في داخله.

"قوتك لا تكمن في الظلام الذي يسكنك، بل في النور الذي تتجاهله."

تجمد يوشيرو.

"من أنت؟" سأل داخله.

"أنا... أنت قبل أن تُخنق بنار الانتقام."

**

ترددت كلماته في عقله، لكنه تجاهلها. نهض، وسحب سكينًا صغيرة من جيبه، وبدأ ينحت على الجدار الحجري القريب:

"من يسمع صوت الرحمة وهو يحمل سيف الثأر،

إما أن يكون نبيًا... أو مجنونًا."

**

في اليوم التالي، وأثناء السير، بدأت ميساكي تلاحظ تغيّره.

قالت له فجأة:

"أنت تتحدث أثناء نومك."

توقف يوشيرو.

"ماذا قلتُ؟"

"كنت تردد قصائد... وتتحدث مع شخص غير موجود. كنت تقول له: لا تضعفني... لا تذكرني."

نظر يوشيرو إلى السماء وقال بهدوء:

"ربما هناك من لا يريدني أن أصبح شيطانًا كاملًا بعد."

**

في تلك الليلة، هاجمتهم وحوش من الظلال، كانت تتحرك بلا أرواح، كأن شيئًا ما أرسلها لاختبارهم. رايكا وميساكي واجهوا ببسالة، بينما كان يوشيرو واقفًا بلا حراك، وكأنه ينتظر شيئًا.

ثم رفع يده، وقال بصوتٍ منخفض:

"أيها الظل... ارتجف من ظلي."

وانفجرت الوحوش إلى رماد أسود.

**

بعد المعركة، اقترب رايكا منه وسأله:

"قوتك... ليست شيطانية بالكامل. ما هي؟"

نظر يوشيرو إليه، ثم إلى ميساكي، ثم إلى الظلام المحيط، وقال:

"هي صراع بين شيطان... وحكيم،

وبين الحقيقة... والكذبة التي اخترت أن أصدقها."

**

في نهاية الفصل، جلس يوشيرو يكتب سطرًا جديدًا:

"العدالة بلا حكمة... انتقام.

والانتقام بلا قصيدة... جنون."

2025/04/05 · 18 مشاهدة · 302 كلمة
PUNJAB
نادي الروايات - 2025