كان الطريق نحو الشرق مليئًا بالضباب، غابةٌ يُقال إنها تبتلع من يدخلها، ولا تترك إلا عظامًا صامتة. لكن يوشيرو كان لا يخاف الموت... فقد مات من قبل.
ومع كل خطوة كان يشعر أن الظلال تراقبه، لا من خارج الغابة... بل من داخله.
**
رايكا وميساكي كانا خلفه، يتبعان خطواته بثقةٍ مترددة.
قال رايكا هامسًا:
"هل تلاحظ؟ لا طيور، لا حشرات، لا حياة..."
رد يوشيرو دون أن يلتفت:
"بل هناك طائر... لكن من رماد."
وقبل أن يفهم أحد ما يعني، اهتزت الأرض تحتهم، وسقطوا في فخٍ سحري، دوائر حمراء تتوهج حولهم، وألسنة لهب بدأت تتصاعد.
ميساكي صرخت وهي تحاول كسر الختم السحري:
"هذا سحر محظور! ناري ومظلم بنفس الوقت!"
رايكا حاول استخدام الرياح لكنه فشل، القوة كانت أكبر منه بكثير.
بينما وقف يوشيرو بلا حركة... ينظر إلى وسط الختم.
**
ومن بين النيران، ظهرت فتاة ذات عباءة رمادية، وقناع نصف وجه. ملامحها مغطاة، وصوتها كأنّه خرج من حكاية قديمة.
قالت:
"يوشيرو... لم أتوقع أن نلتقي هنا، بهذه السرعة."
رفع حاجبه بدهشة، لكن صوته كان ثابتًا:
"من أنتِ؟"
قالت وهي تلوح بيدها، فأطفأت النيران بضربة واحدة:
"أنا ظل من ماضيك... وطائر من رمادك."
ثم ألقت إليه قطعة حجر صغيرة عليها ختم غريب—كان يشبه تمامًا ذلك الذي رآه مرسومًا على جثة أحد أفراد عائلة أوتسكا يوم المجزرة.
تجمد الدم في عروقه.
**
"من أين لكِ هذا؟!" صرخ.
قالت بهدوء:
"كنت هناك... يوم سقطت العائلة. ولست وحدي."
ثم اختفت كما ظهرت، تاركة خلفها الرماد يتطاير، والصمت يحل من جديد.
**
ميساكي اقتربت من الحجر، همست:
"هذا... لا يمكن... هذا ختم عشيرة أوتسكا، لكن بنمط محظور... سحر الدم؟!"
قال يوشيرو وهو يحدّق في الأفق:
"هناك من خانهُم من الداخل... والدم هو المفتاح."
**
تلك الليلة، جلس يوشيرو وحده من جديد، وأخرج دفتره وكتب:
"ظهر الطائر... فهل سيحترق من جديد؟
أم سيحملني فوق خيانةٍ لم تنتهِ بعد؟"
ثم رفع عينيه للسماء المظلمة وقال:
"اقتربنا... من الجرح الحقيقي."