9 - حارس القبر المكسور

الريح كانت تعصف بالأشجار، والعتمة كانت تأخذ المكان في أحضانها. انطفأت النجوم، وكأنها اختفت عن الأنظار، تاركةً السماء مغطاة بظلالٍ كثيفة، لا تذكر أيّ أمل.

في قلب الغابة المظلمة، كان يوشيرو يقف أمام قبر قديم محاط بحجارة مهدمّة، ويخفي سرًا عميقًا تحتها. الأرض التي تحت قدمه كانت مغطاة بطبقاتٍ من الطحالب السوداء، وأصوات خافتة كانت تأتي من الأعماق.

قالت ميساكي بصوت منخفض:

"أنت متأكد من أن هذا هو المكان؟"

لم يجب يوشيرو مباشرة، بل تقدم خطوة أخرى إلى الأمام، ثم ربط يديه وراء ظهره، وهو يفكر.

"هذه ليست مجرد قبور عادية..." قال بصوت منخفض، "بل القبور التي تختزن أرواحاً كانت شاهدًا على أفعال لم تُكتب في الكتب."

**

بينما كان يوشيرو يركع أمام القبر، شعر بشيء غريب يحيط به، شيئًا يشبه السكون الذي يسبق العاصفة. كان القبر كبيرًا ومتهدمًا، وعليه نقشٌ غريب، يشبه النقش على الحجر الذي رأته ميساكي سابقًا في الأثار.

رفعت يده ببطء، وحرك إصبعه على الحواف المتشققة للقبر، محاولةً اكتشاف أي مفتاح خفي. ثم تحركت الأرض فجأة، وفُتحت فتحة صغيرة في الأرض، وأخذت تُخرج دخانًا أبيض.

**

قال رايكا بخوف:

"شيءٌ غير طبيعي يحدث."

فجأة، انفجر القبر بصوتٍ مدوٍ، وظهرت يدٌ هائلة، ملونة بالظلام، تخرج من عمق الأرض، وتتسحب الأشياء من حولها، وكأن الأرض نفسها تحاول استرجاع ما كان قد فُقد.

ظهرت شخصية عملاقة، كانت حارس القبر المكسور. كانت له ملامح غامضة، عيونه مشتعلة بلون الأحمر الداكن، وكان يقف بصمتٍ رهيب، كأنّه أحد أرواح الماضي التي لا تموت.

"من أزعج راحة الأموات؟" قال بصوت عميق، يرن في الأرض تحت أقدامهم.

**

قال يوشيرو بصوتٍ هادئ، وهو يواجهه:

"أنا... يوشيرو، وقد جئت للبحث عن الحقيقة."

**

ضحك الحارس بصوتٍ منخفض وعميق، كأنه يملك أعمارًا من الحكمة:

"الذين يطلبون الحقيقة لا يعون أن الحقيقة قد تكون عبئًا ثقيلًا. لكن أظن أنك جئت تبحث عن ماضٍ... وليس عن الحقيقة."

**

يوشيرو شعر بشيءٍ غريب في صدره، كان ذلك الصوت الذي يهمس في داخله، الآن يهمس بأعلى الصوت:

"اللحظة الحاسمة. اعرف من أنت، واعرف من خذلك."

لكن يوشيرو لم يضعف. نظر إلى الحارس وقال:

"أعرف من كنت، وسأعرف من كنتُ... والآن، سأبحث عن كل من خان."

**

بدأ الحارس يخطو خطوة باتجاههم، وكأن الأرض تهتز تحت قدميه. قال بنبرةٍ قاتمة:

"إذا كنت ترغب في معرفة ما حدث لأفراد عائلتك، فلتبحث داخل عظام القبر. ولكن اعلم أن معرفتك ستكلفك أكثر من ذلك بكثير."

ثم تقدم خطوة أخرى، وهو يرفع يده نحو يوشيرو.

**

فجأة، سمع يوشيرو صوتًا آخر في قلبه، صوتاً لا يستطيع تحمله، لكنه كان واضحًا، يقول:

"الوقت قد حان... تذكر ما فقدته."

**

وفي لحظةٍ واحدة، غمر القبر النور، وأصبح كل شيء ضبابيًا، وانهارت الذاكرة داخل يوشيرو، كأن الزمن نفسه قد انكسر. وعيناه اتسعتا في حالة من الصدمة.

**

داخل هذا الضوء، ظهرت له صورة من الماضي... صورة لعائلة أوتسكا، ولكن هذه المرة، رأى وهو طفل صغير، جالسًا في زاوية، يشاهد الخيانة وهي تحدث.

**

في تلك اللحظة، أدرك يوشيرو الحقيقة:

"لم يكن الجميع خائنًا... بل كان هناك من دُفع للخيانة، ومن كان يراقب وهو عاجز عن الوقوف."

**

ثم تراجع الحارس إلى مكانه، وقال بصوتٍ خافت:

"لقد حصلت على ما كنت تسعى إليه... الآن، اجعل القرار من عندك."

**

عندما عاد يوشيرو إلى واقعه، كان هو وأصدقاؤه يقفون وسط الأطلال المدمرة، بعيونٍ جديدة، وجروحٍ أعمق.

قال يوشيرو بهدوء:

"نعم... القرار الآن يعود لي."

**

ثم، قال وهو يبتسم ابتسامة غامضة:

"لكن أشياء أخرى تحتاج إلى الكشف، وستحتاج إلى مزيد من القوة."

2025/04/05 · 14 مشاهدة · 542 كلمة
PUNJAB
نادي الروايات - 2025