أخرج يوشيرو عددًا هائلًا من الظلال، ثم قال بتعويذة سحرية عتيقة، لتبدأ الظلال في الاندماج شيئًا فشيئًا، حتى تشكّلت أربع ظلالٍ عملاقة، كل واحد منها كان يمسك بسيف هائل الحجم، وكل ضربة من تلك السيوف كانت تبعث برياح عاتية تهز الأرض من حولها.
قفز أحد الظلال إلى الأعلى بسرعة خاطفة، وما إن بلغ ذروة السماء حتى اختفى سيفه، ثم هبط على الأرض بقوة مدمّرة، فاهتزت التربة تحت قدميه، وفرّت الكائنات غير القادرة على الطيران من شدّة الرعب.
قال ساجور وهو يعلو في السماء:
"تعويذة سحرية!"
ثم صرخ إلى يوشيرو:
"ابتعد قليلًا!"
فابتعد يوشيرو دون تردد.
نفخ ساجور من فمه نارًا كثيفة أحرقت الأشجار والتهمت الغابة، ثم أطلق نفخة ثانية، هذه المرة من الجليد، لتُطفئ النيران وتُجمّد ما تبقّى من اللهب.
ابتسم يوشيرو وقال بثقة:
"الآن... جاء دوري!"
ابتعد ساجور قليلًا، وقال يوشيرو تعويذته الخاصة، فانطلقت كرتا نار من يديه، ثم قام بدمجهما في كرة نارية أكبر، وما لبث أن امتصّها داخل جسده، ثم نفخها دفعة واحدة، فخرج منها شعاع ناري كثيف أشعل السماء، وأحرق ما تبقّى من الغابات، لتفر الكائنات من الخوف والهلع.
لكن... لم تختفِ جميع الكائنات.
ظلّت بعض المخلوقات الأقوى تقف في مواجهتهما.
صرخ أحد الظلال العملاقة، مطلقًا هالة من الخوف الكاسح، ارتجف لها الهواء، وبدأ حتى ساجور يشعر بالقلق.
فرّت الكائنات الباقية مذعورة.
ولكن...
في ذلك الحين، أيقظت ضجة القتال كائنًا أسطوريًا نائمًا منذ قرون...
طار في السماء طائرٌ ضخم، كان الليل ستاره، له جسد أزرق وجناحان أحمران كالدم. في كل رفّة من جناحيه، كانت الرياح تعصف، والجليد يتطاير من قمم الأشجار، وكانت هالته أشبه بكابوسٍ حي.
صرخ الطائر بصوتٍ غاضبٍ أرعب الأفق.
قال ساجور بفزع:
"لقد استيقظ... طائر الجليد! يجب أن نهرب الآن!"
لكن الطائر لاحظ وجودهما، وانقض نحوهما بسرعة تفوق التصور، كانت كل حركة له كأنها شق للسماء.
قال يوشيرو بثبات:
"لا يوجد مهرب... علينا أن نقاتله!"
لكن ساجور صاح:
"لن نستطيع، الهروب هو الخيار الوحيد!"
انطلق الاثنان بسرعة البرق، لكن الطائر كان يسبقهم، يظهر أمامهم كما لو كان يخرج من العدم.
صرخ صرخة مدوية، خرجت منها موجات من الرعب، حتى أن جيش الظلال الذي كان يحمي يوشيرو تلاشى من شدة الخوف.
قال يوشيرو بدهشة:
"ما هذه القوة الجبارة؟!"
ردّ ساجور سريعًا:
"يجب أن نهرب بكل ما لدينا من طاقة!"
فانطلقا بسرعة لا يمكن لعينٍ أن تلاحقها، كأنهما ضوءان يخترقان الظلام.
التفت ساجور إلى الخلف وقال:
"أعتقد أننا ابتعدنا..."
لكن قبل أن يكمل جملته، صاح يوشيرو:
"احذر! سيطلق شيئًا من فمه!"
نظر ساجور للأمام، لكنه لم يسعفه الوقت، فقد أطلق الطائر كرة نار عملاقة نحوه، لم يتمكن من تفاديها.
في اللحظة الأخيرة، خرجت دائرة سوداء من النار، كانت درعًا من جيش الظلال بأمرٍ من يوشيرو، التفّت حول ساجور، لتحميه وتُخفيه داخلها.
خرج ساجور من النار وهو يلهث، ثم قال:
"شكرًا لك..."
ردّ يوشيرو بثبات:
"لا عليك... والآن، لا خيار أمامنا..."
نظر إليه، ثم قال بحدة:
"يجب أن نقاتل هذا الطائر... لا يوجد مهرب آخر!"